العودة إلى مناقشة علاقة البرمجة العصبية بالشامانية :
بعد مداخلة الشيخ أحمد ، عاد المتحاورون لمناقشة الشامانية ، و قد بدأ مدير الحوار بسؤال للدكتور عبدالغني مليباري عن حقيقة الشامانية و علاقتها بالبرمجة ، فقال :
( الشامانية استعادة للتصورات الدينية القديمة التي كانت موجودة في القبائل القديمة ، وهي أحد توجهات قد لا تكون مباشرة في النيوإيج لكنها توجهات تبحث عن دين جديد ، ويدّعي الشامانيون أن الديانات السماوية هي سبب الخلافات بين البشر ، و هي سبب الحروب ، ولا بد أن تنبذ كلها ، ونبحث في المناطق الأخرى البعيدة التي لم تدخلها الديانات ، ونبحث عن الديانات الموجودة لديهم ، فوجدوا أن الديانات السائدة هي ما يسمى بالشامانية ، وتتم سيطرة الشامان على بقية أفراد القبيلة عن طريق تقديم العلاجات النفسية والبدنية بل وحتى استخدام طب الأعشاب ، فتجد أنهم يقدمون كل هذا كعلاج بل واستطاعوا أن يجدوا في ذلك ضالتهم . وهذا شيء مستغرب إذ كيف لهذه الفئات المتميزة علمياً ، والتي وصلت لمراحل جيدة في الفهم والبحث العلمي ، أن تتبنى مثل هذه الأفكار التي نستغربها ، لكن المتابع الناقد قد تخف حدة استغرابه إذا مانظر إلى واقع أن أكثر العالم هم من النصارى ، وفكرهم وديانتهم فيها من التحريف ما فيها و الذي لا تقبله العقول ، فمن باب أولى إذاً أن يقبلوا بهذه الأفكار فالشامانيون وقد انطلقوا أيضا من فكرة أساسية وهي النظر إلى الديانات الأصلية القديمة للقبائل القديمة ومن ثم متابعة طقوسهم وأفكارهم من تقرب للحيوانات واستخدام للسحر واستعمال للترانيم و للتنويم والإيحاء ، وبعد سلسلة من المتابعات تم اقتباس هذه الأعمال والتي كان ينظر إليها بنظرة سلبية ، في محاولة منهم لإعادتها بل وإعادة بناء تصور إيجابي لدى الناس إزاء هذه الأعمال وأحد هذه الأشياء ما يسمى بالسحر الأسود ، فقد قال هؤلاء عن هذا السحر والذي يعد أسوأ مرحلة من مراحل السحر : لماذا نسميه سحرا أسودا؟ ، وهوإن كان يعني بالنسبة لنا كمسلمين استعانة بالشياطين فعندهم يحمل اسم السحر الأسود . فقد بدأت محاولات إعادة تشكيل نظرة إيجابية لمواجهة هذه النظرة السوداوية التي قدمتها الأديان عنه ، خاصة وأنه يؤثر كما يقولون في الناس ، فتم بذلك البدء باستخدام هذا السحر فيما يسمونه بخدمة الناس ، وزاد انتشار هذه الظاهرة في الثمانينيات ، وفي نفس فترة انتشار البرمجة اللغوية العصبية ، وهذا الاقتران في حقيقته يقول إن كل منهما وجد الآخر مطية للوصول لنشر هذا النوع من الفهم السقيم ، وهو الفهم الشاماني . والشامانيون الآن يدعون أن كل الأشياء الغير مادية التي تؤثر في الإنسان عبارة عن أشياء إيجابية يمكن إعادة توجيه النظر إليها والاستفادة منها في هذا العصر .
الدكتور القرني موجهاً كلامه للدكتور مليباري: أعد ما قلت من فضلك؟
الدكتور مليباري: ( أقول إنهم يقولون بإمكانية الاستفادة من كل الأشياء الغير مادية أو المشاهدة أو المقبولة عقلاً وكذلك الغيبيات في محاولة لتسخيرها من أجل خدمة أهدافهم الخبيثة . وأما بالنسبة لنا كمسلمين فنحن نعلم يقينا وعقيدة أن هناك عالم غيبي وأن هناك ملائكة وجن وهناك معونة إلهية ونعرف أن هناك سحر وهذه الفئة الضالة تنبذ كل هذه الأمور ، وتعتبرها مجرد قوى نفس ، وبهذا نجح الشامانيون بزراعة هذه المعتقدات ، ولكن بطريقة متقدمة أي أنه في الماضي كان الساحر هو الدجال وهو الإنسان البعيد المنبوذ في المجتمع ، أما الشامانيون الجدد الذين ظهروا على الساحة على أنهم منقذون لمعالجة من لديهم مشاكل فإنهم أكبر مروجين لهذا الأمر . وهم كما قلت وأكرر يعتمدون في أداء عملهم على البرمجة اللغوية العصبية ، وهناك باندلر الذي يعد القائد والعبقري في عالم البرمجة اللغوية العصبية و ( تاد جيمس ) أيضا وهو الشخص المشهور الثاني في عالم البرمجة اللغوية العصبية في الولايات المتحدة الأمريكية ، وهذا الشخص يروج له كثير من الشباب من أبناء هذه البلاد ، ويقومون بأخذ دورات مكثفة لديه ( د.مليباري موضحا وقد تكالبت عليه العيون) .... أنا لا أربط ربطا جازما بأن من يدخل في البرمجة اللغوية العصبية سيدخل إلى الشامانية ، لكن نفس هؤلاء الشامانيين هم الذين يتدرب على أيديهم أبناؤنا وبناتنا المسلمات في المملكة العربية السعودية ، وهذا ما حدث فعلا لأبنائنا وبناتنا الذين ذهبوا ( لتاد جيمس) في القاهرة ، هذا الرجل الشاماني لا يعتقد الشامانية فقط ، بل هو من ناشري الشامانية وهو يستخدم البرمجة اللغوية العصبية ، وهي عبارة عن إيحاءات للترويج لهذا المفهوم ، وهذا يعني أننا نعرض فئة كبيرة من أبناء المجتمع وخاصة من الملتزمين والمتدينين الذين يسهل سقوطهم في هذه الأمور لموجة عاتية من الأفكار التأثيرية المنحرفة على يد أساطين هذا الانحراف بلا وعي منا ولا إدراك لما يجري ، وكلنا يعلم أننا في المملكة كنا نهتدي فقط بهدي واضح وبطريقة صحيحة و سليمة ، و كان لدينا نوع من الضبط في الأمور الفكرية التي تدخل لدينا ، ولذلك لم نعرف لا اليسار ولا اليمين ولم نعرف الشيوعية كطرح موجود في المجتمع ، أما الآن فهذه الفئة من أبنائنا و التي لم تعد إعداداً جيداً للمواجهات الفكرية الضخمة هاهي تتخرج من دورات يقدمها (تاد جيمس) (و ود سمول) ، وهؤلاء الناس إما هم من فئة النيوإيج أو من فئة الشامانيين ، والمشكلة أننا عندما نحاور أبناءنا الذين تدربوا على أيديهم نجد العجب العجاب ، وأنا لدي أدلة كتابية من بعض الأخوة الذين وصلوا إلى مستوى مدرّب وهم يقولون إنهم لا يعرفون سببا لمنع التعامل مع هذه الطاقة ، ونحن نعلم أن الطاقة الكونية عبارة عن تصور ديني ، ولدي بعض الاعترافات الكتابية من بعض الأخوة والذين وجدت في بعض كلامهم أمورا شركية مشابهة لما ذكرت ، مثلا يقولون (الله نور السموات والأرض ) فيقولون إن الله عز وجل عبارة عن طاقة ، ويبدأ بالتبحر في هذا الأمر وهذا يعد اقتباس للمفاهيم والأفكار الغربية ، وهذا سببه خروجنا للغرب والاحتكاك بهؤلاء الضالين ، ومن هنا فأنا أحذر من نفاذ هذه الأفكار إلى كثير من أبنائنا ، فقد يستطيع أهل العلم التمييز ، ولكن عموم الناس قد لا يطلعون على هذه الأمور ولا يدركون خطورتها ولا يستوعبون فهما يتواكب مع أهداف أصحابها . ).
وقد أجابه الشيخ عوض القرني قائلا :
( أنا أقول حفظكم الله لقد قلت في بداية حديثي نحن لا يهمنا الشخص بقدر ما يهمنا الخير الذي يملكه والذي يتلاءم وعقيدتنا وقيمنا ، و عندما كان جيمس أو باندلر يهوديين أو نصرانيين ، ألم يكن إشكالا بالنسبة لهما؟؟؟
د. مليباري مقاطعا : نعم .. لم يكونا يدعوان إليها .
الشيخ عوض القرني مواصلا إجابته : هذا الكلام يا أحبابنا لا علاقة له بالبرمجة ، نحن يهمنا أن نتحدث عن صلب الموضوع ، هل في البرمجة اللغوية العصبية مآخذ أو لا ؟
فأنت قد أخذت تخصصك يا دكتور مليباري على أيدي يهود ونصارى لسنوات عدة ، وقد أشرفوا على رسائلك وسافرت إليهم وأنت ربما تحمل الثانوية العامة .
د.مليباري مقاطعا مرة أخرى : لم يكونوا يدعون لدياناتهم .
الشيخ عوض رادا على تعليق مليباري : لا تستطيع أن تقول بأن جميع الأساتذة لا يدعون إليها ، و قد كان عشرات الآلاف من أبنائنا يسافرون للغرب .
إن السؤال الحقيقي الذي يجب أن تنصب عليه أدوات قراءتنا هو : هل هذه البرمجة بذاتها و التي فيها هذا اليهودي أو النصراني أو الشاماني أو الهندوسي أو المسلم ، هل فيها مآخذ شرعية فنتحدث عنها؟
أما أن يكون شاماني أو يهودي أو نصراني ويقوم بالدعوة لديانته ، فكما قلت سابقا إنك أنت يا دكتور قد درست على أيديهم من يهود ونصارى ، وقد أشرفوا على رسائلك فإن دعوا أو لم يدعوا هذا أمر آخر يحتاج لبحث .
ولعل مما قاله الدكتور مليباري هو أن النفس البشرية في إيحاءاتها سلبيات وإيجابيات ، فنركز على الإيجابيات وننبذ السلبيات ، فهذا الكلام ليس فيه مأخذ وهي عبارة صحيحة .
وعندما يقول الدكتور أن بعض الأخوة يقولون (( ان الله عبارة عن طاقة )) فواجبنا إزاء مثل هؤلاء ألانسكت عنهم وأن نناصحهم ، والسؤال الذي يلي إجابتي هذه هو: هل إن قال شخص او مجموعة إن الله تعالى عبارة عن طاقة ، فهل هذا الكلام يعني أن نحارب الجميع ، هذا مع العلم أن الحديث الذي ذكر هو حديث مرسل ، لم يحدد فيه اسم الشخص حتى نسأله ثم نتثبت من كلامه قبل أن نزعم أنه قال هذا القول ، ثم نناصحه ، ثم نرد عليه .
إنني أود القول يا إخوان إن ما يجري الآن هو تحميل للأمور ما لا تحتمل على الإطلاق ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الحديبية : (( والله لا تسألني قريش خطة رشد إلا أجبتها إلى ذلك )) وقال في كفار يوم بدر : (( إن يكن في القوم خير ففي صاحب الجمل الأحمر )) يعني عتبة بن ربيعة زعيم الكفار.
إن الحق والعدل والإنصاف هو الذي قامت عليه السماوات والأرض ، بل وإنصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم للناقة عندما بركت جنب الحديبية عندما قال الناس : خلعت القصواء قال : ماخلعت وما كان لها بخلق ، ولكن حبسها حابس .
هذا الكلام لو تعاملنا به مع جميع العلوم فإننا سنخسر كثيرا ، وسينسحب تصنيفنا على كل أصحاب العلوم فهذا العلم من أساطينه شخص شاماني ، وذلك العلم يقوم عليه يهودي ، ولم يكن بإماكننا أن نتعلم على الإطلاق .
إنك يادكتور مليباري متخصص في الذرة ، أنتم في الهندسة النووية على الإطلاق درستم على أيديهم ، بل وربما أنك لم تدرس هذا على أيدي مسلمة على الإطلاق ، إن ما تحاول الإشارة إليه في اعتقادي لا يعدو كونه إما مفهوم خاطيء ، أو توظيف عاطفي ، وأنا أربأ بالأخوة أن يتعاملوا بهذه الصورة .
أنا لا أزعم ولا أنفي ولا أقول شامانية أو غير شامانية ، لكن ما أؤكده أنني حين أخذت هذا العلم لم آخذه على أنه من أهل السنة والجماعة ، عندما أخذت هذا العلم لم أكن متلقياً بقدر ما كنت مناقشاً لكل ما يطرح ومحاوراً له فإن كان حقا . أخذت به وإن كان باطلا أعدته من حيث أتى بعد أن أفنده وأقاومه بالحجة .
بعد ذلك أحيل التعقيب للأستاذ خالد عاشور فقال :
( الحقيقة أنا أحب أن أقول إنه قد ورد في كتاب (الجواب الصحيح) كلمة أقف أمامها مدهوشاً ، إذ قال مؤلفها رحمه الله تعالى : ( لقد بالغ النصارى في تكفير اليهود) أي أننا حتى إذا كفرنا ينبغي أن نعطيهم حقهم من الكفر .
وما لمسته من الأخ عبد الغني تحميله البرمجة مالا تحتمله أصلاً ، خاصة ونحن ممن أخذنا هذا العلم من أساتذته في أمريكا ولم نر لا شامانية ولاشيء من هذا القبيل .
لذا فعندما يتحدث عنها الدكتور كون البرمجة علم استفادت منه بعض الجهات المنحرفة ، أو اعتنق أحد رموزه منهجا باطلا فهذا أمر آخر، ولا يقلل من العلم ذاته .
أما إن قدمت الأفكار المنحرفة للناس على أنها هي علم البرمجة اللغوية العصبية ، فهنا أقف معك ، ومن واجبنا حينها أن نرفضها ، ومن واجبنا أن نحمي الناس من أن يخدعوا بها .
لكن السؤال هو عن الشكل الملائم لمنهج الحماية اللازم ، هل من منهج الحماية أن أعمم الحكم وأضع كل هذه الأشياء في سلة واحدة وأسميها سلة الرفض؟! هل هذا منهج للتعامل؟!
إن هذا الأمر يسمى يأسا ، وليس به أي قواعد منهجية في النقد لهؤلاء ، أنا أرى أن هذا ليس أسلوبا صحيحا ، فحتى الحماية لا تأتي بالتعميم والنظرة السوداوية ، إنما يأتي بتوضيح الحقائق .
وأنا معه في فضح ممارسات النيوإيج ، ولكن أن أضع البرمجة في نفس السلة فهذا أمر مرفوض .
ومازلت شخصيا وحتى الآن لم أجد ملامح للعلاقة بين الشامانية والبرمجة اللغوية العصبية ، ولقد ذكرت وسأكرر أنني قد أخذت البرمجة مع أحد المؤسسين القدماء جدا وكان يفد إلينا في نفس البرنامج وقد بقينا معه مايقارب أربعين يوما كاملا في كل يوم 8 ساعات ومع غيره من مدربين ومدربات ، ولم نر سحراً لا من قريب ولا من بعيد , ولم نر شامانية ولا دعوة إلى النصرانية ولا إلى اليهودية ولاشيء له علاقة بالدين .
كل ما قدموه هو ما هي البرمجة وتطبيقاتها العملية ولم نر خلاف هذا أبدا في كل ما حضرته لمدة 40 يوما في أمريكا في كاليفورنيا ، وعلى تنوع الدورات التي أخذت والرحلات التي من أجلها سافرت . ) .
|