ابتدأ الدكتور عبد الغني مليباري النقاش فقال :
( أحب أتكلم عن تاريخ البرمجة اللغوية العصبية لأن لها دوراً في تحديد المسار المستقبلي للبرمجة اللغوية العصبية ، فلقد طورت بين سنة 73و78م وبدأت من شخصين وثلاثة وأربعة وهم الذين شاركوا فيها وطوروها وهكذا انتشرت في العالم الغربي انتشار النار في الهشيم في الثمانيات الميلادية وقد هز هذا كثيراً من الجهات العلمية والذين طوروا البرمجة اللغوية العصبية أناس أفذاذ بالذات منهم باندلر مبرمج حاسب آلي وهو من الناس الأذكياء ولذلك طور هذا العلم في تلك الفترة وطور معه على التوازي أسلوبا لطرحه وبيّنه للناس للاستفادة منه من خلال الدورات ومن خلال الاستفادة المادية نجح هذا الأسلوب في تسويق مفاهيم تشد الناس خاصة أن البرمجة اللغوية العصبية - في ظني - هي عبارة عن بيع للوهم فهو يوهم الإنسان بالسعادة يوهمه بالقدرة يوهمه بالتميز يوهمه بأشياء كثيرة جداً من خلال الإيحاء والتعامل مع ما يسمى بالوعي المعدّل فيوهم الناس بكثير من الأشياء ولقد كان انتشاره كاسحا جداً في الثمانيات ، و أكبر الجهات العلمية تنبهاً له الجيش الأمريكي الذي أمر الأكاديمية القومية لديه وهي أكاديمية تمثل المستشارة العلميّة للأمة الأمريكية فبحثوا في الموضوع وطلبوا بحوث سنة 91و94 وهذه البحوث موجودة على الانترنت وانتهوا في الأخير إلى أن ادعاءات البرمجة اللغوية العصبية كلها غير صحيحة في امكاناتها لتوليد التميز في الانفصال أو القدرة على محاكاة الآخرين .
ولقد بحث البريطاني "مايكل هيت" في كل ما كتب عن البرمجة اللغوية العصبية وأخرج سبعين بحثاً يرضى بقيمتها العلمية وأقر بأن هذه البحوث لا تثبت فرضيات البرمجة مع أنها قد أجرت اختبارات مع أناس أخذوا البرمجة اللغوية العصبية ولم توجد لديهم شيئا ، هذا البحث موجود في كتاب لمايكل هيت وهو يشير بالسبعين بحث العلمي الذي قام به في تقييم البرمجة اللغوية العصبية ، ومعظم الجهات العلمية تركت البرمجة اللغوية العصبية بناءً على هذا التصور .
وفي الساحة العلمية تعد أكبر فئتين التزمت البرمجة اللغوية العصبية واستمرت عليها بعد ذلك هما فئة النيو إيج وهم أصحاب وثنية جديدة وديانة جديدة ولذلك تجد معظم كتب NLP في المكتبات الغربية موجودة ليس في صف علم النفس ولا في الإدارة إنما في صف النيوإيج هذه الفئة الأولى التي تبنت البرمجة اللغوية العصبية ، والفئة الثانية التي تبنت البرمجة اللغوية العصبية هم فئة الشامانين وهم فئة بدأت تنتشر في العالم ، وهي فئة ترى أن قوى النفس هي التي تسير الحياة والتي يجب أن يترك لها فرصة في تسيير الحياة ، طبعا قوى النفس هذه تبدأ بالإيحاء وهو نوع من قدرات النفس وتصعد هذه الأشياء إلى أن تصل إلى استخدام السحر لأن هؤلاء الناس لا يعرفون الغيبيات التي نعرفها فهم يرون أن كل هذه الأشياء بدءاً بالإيحاء ، وبإمكانك أن تصل بالإيحاء إلى التعامل مع الجن والتعامل مع السحرة والسحر وكلها عبارة عن شيء واحد كان ينظر إليها في الماضي نظرة سلبية والآن تغيرت الصورة وصاروا ينظرون إليها بإيجابية . يقولون بالإمكان تسخيرها لخدمة الناس وفي سنة 89 ميلادية لأول مرة الولايات المتحدة الأمريكية تسمح لهذه الطقوس الشامانية حيث كانت في السابق ممنوعة ).
هكذا تكلم الدكتور عبدالغني عن السياق التاريخي ، و ملخص ما قال يندرج تحت النقاط التالية :
1- أن الجهات العلمية الغربية لم ترض عن البرمجة العصبية رغم أنها انتشرت انتشار النار في الهشيم ، و أن هناك أبحاثا معارضة للبرمجة العصبية في الغرب .
2- أن أكبر فئتين تبنتا البرمجة العصبية هما فئة ( النيو إيج ) و ( الشامانيين ) .
وقد تولى الشيخ عوض القرني بداية الرد قائلا :
( أقول يا أخوة إن هذا العلم نشأ في الغرب هذا ليس محل خلاف ، لكنني أنظر إلى العلم كعلم وليس إلى البيئة التي نشأ فيها ، ونحن نعلم أنها في البداية كانت محاولة لدراسة الذين حققوا نجاحات في الحياة في مجالات مختلفة ، لاكتشاف الخصائص المشتركة بين هؤلاء الناس الذين ثبت أن الخصائص المشتركة بينهم مع اختلاف أديانهم ومهنهم وتخصصاتهم متشابهة ، وأن هناك خصائص سلوكية معينة ، ونفسية معينة ، وتفكيرية معينة ، إذا ثبت أنها خصائص مشتركة فيفترض أن لها دورا في النجاح الذي تحقق عند الجميع ، وجاءت الدراسة من هنا ابتداءًا و هذا هو التوجّه الذي كان ، وانطلقت من الحالات السابقة ، وانطلقت من علم النفس ، وبالذات علم النفس السلوكي ، وانطلقت من علوم اللغة ، وانطلقت من الرياضيات ، وإلى الآن يضاف لها إضافات . وكما ذكر الدكتور مليباري أنها انطلقت من أشخاص بعينهم ، ثم بعد ذلك كما أخذها المسلم أخذها الشاماني ، وأخذها الوثني . هي مثل جميع العلوم الأخرى التي نشأت في أماكن معينة ثم أخذها الناس بعد ذلك وأعادوا توظيفها حسب فكرهم وقيمهم وأخلاقهم ، والكلام الذي قيل حتى الآن يظل من الناحية التاريخية وليس فيه منقصة ، فأخذ البرمجة اللغوية العصبية من الناس الوثنيين أو الشامانيين أو غيرهم لا يضر أحداً من الناحية الشرعية ، ولا يقدّم ولا يؤخّر .
• يبقى أمامي حقيقة وهي أنني لست متخصصا في اللغة الإنجليزية لكني سألت العديد من الإخوان عن هذه النظرة الانتقائية في حين أن هناك عشرات البحوث التي أيدت ، ولو لم يكن هذا في بيئة غربية حرة وتناقش فيها القضايا نقاشا مستفيضا ثم بعد هذا النقاش الحر لو لم تؤيد علميا لما انتشرت انتشار النار في الهشيم في المجتمعات الغربية كما قال الدكتور عبد الغني قبل قليل ، و لكانت سقطت تماما رسميا وعلميا . فكيف بعد ذلك نبرر هذا الانتشار عند الناس؟ .
•نعم قد يكون من الناحية التاريخية الغربية هناك محاذير، لكن من الناحية العربية أنا مطلع عليها تماما وملم بها ، و لكن لم يتعرض لها الدكتور، وما يمكن أن يرد عليه من الناحية الغربية فأعتقد أن وجود الأخ خالد فرصة لمناقشة ذلك ) .
ثم عقب الأستاذ خالد عاشور قائلا : ( الحقيقية أنا سمعت كلام الدكتور عبد الغني ولم أجد فيما قاله مأخذا على البرمجة اللغوية العصبية . أنا شخصيا دخلت مكتبات ولم أجد قط كتاب للبرمجة للغوية يباع في قسم النيوإيج إنما يباع في قسم علم النفس العام رغم أني دخلت مكتبات متنوعة سواء في لندن أو في كاليفورنيا وهي كتب تساهم في تطبيقات علم النفس اليومية تساعد الإنسان في قضايا مختلفة لتفعيل ذاته ، وأتمنى أن يطلعني الأخ الدكتور الفاضل على بحوثه التي اطلع عليها في الانترنت أنا ما اطلعت حتى أكون صادقا ، ولكن اطلعت في المقابل على عشرات
الكتب ومئات المقالات التي كتبها متخصصون في البرمجة و في علم النفس واثبتوا أنها قد أثرت تاثيرا إيجابيا ، طبعا لا أزعم انها أثرت في كل شخص ، كما أن الطب لا يؤثر في كل شخص . ولكنها أثرت في كثيرين إيجابيا سواء أكانوا صغارا في السن أو كبارا في السن ، وتطبيقات هذا العلم أصبحت كبيرة جدا في مجال البيزنس ( الأعمال ) وفي مجال الصحة وفي المجال الرياضي والاجتماعي ، ولها تاثيرات إيجابية كبيرة . ) .
وبسؤاله عن هذه المجلات و البحوث ، قال الأستاذ خالد : ( حقيقة أنا لم أحضر أسماء الكتب وإن كان لدي كتب كثيرة في البرمجة اللغوية العصبية واطلعت على مواقع ، أما بالنسبة لتاريخ البرمجة فربما من أحدث الكتب والذي ألفه احد المؤسسين . و حضرت له حديثا ما يقرب من ثلاثة أشهر في برنامج اسمه NLP نيوكود قدم في لندن ، وكان المتحدث هو أحد المؤسسين و تحدث عن أسلاف إن صح التعبير أو أصول البرمجة اللغوية العصبية ثم اشترينا كتابه و قد بنيت الدورة هذه على هذا الكتاب ويسمى ( الهمس في الهواء ) وتحدث فيه عن أصول البرمجة وذكر ثلاث أشخاص ممن لهم تأثير بالغ أو المنبع الذي استقيت منهم ، وهم : صاحب ما يسمى بالتنويم الإيحائي ( ملتون أريكسون ) وشخص آخر كان متخصصا في علم الإنسان ، وثالثهم وهو الأمريكي اليهودي والمتخصص في اللغويات ( نعوم تشوميسكي ) وهو من أشد المعارضين للسياسة الخارجية الأمريكية الدولية ، هؤلاء ذكرهم في كتابه وفي كتب أخرى قرأنا أنه قد استقى من هؤلاء ا البرمجة اللغوية العصبية ) .
بعد هذا عقب الدكتور عبدالغني مليباري بقوله : ( كتب البرمجة اللغوية العصبية موجودة بكثر لكن الذي يهمني 500 كتاب في البرمجة اللغوية العصبية تؤدي منهج واحد و ليس من المهم البحث عن أشياء أخرى ، ارجع للبحوث الرئيسية التي حصلت في الموضوع ، فأنا لا أتكلم عن بحث يقوم به شخص منفرد أو حتى جامعة ، البحوث التي أتحدث عنها قامت بها أكاديميات العلوم وأنا أحب اوضح هذه النقطة أن هناك أكاديميات علوم للطب وللهندسة وللبحث العلمي هذه مستشارة الأمة الأمريكية ولذلك لا تقوم بالبحوث بهدف ربحي او نشر علمي بقدر ما هو فعلا لإعطاء الاستشارة العلمية فهذه البحوث تمثل تجمعات كبيرة جدا من الباحثين في أمر ما
ولذلك بعد 30 سنة على خروج البرمجة للساحة لا تجد من الجامعات من تتبناه إلا في إطار كليات المجتمع البسيط ...... تجد الجامعة الكبيرة المشهورة الوحيدة التي تعطي درجات للبرمجة اللغوية العصبية في الولايات المتحدة هي خاصة بتاد جيمس وهي كلها عن العلوم الباطنية يعني أشياء لا تقبل وغير صحيحة ) .
قال الشيخ عوض القرني : ( الذي اطلعت عليه من البرمجة اللغوية العصبية لا علاقة له بهذا من قريب ولا من بعيد ، لكن ممكن يكون لدينا إنسان قرأ القرآن ودرس السنة وتعلم السحر فهل تقول إن القرآن والسنة لها علاقة بالسحر؟ أو إنسان متخصص في الهندسة أو في الطب واعتنق الديانة الشامانية ، هل نقول أن الهندسة أو الطب لها علاقة بالشامانية؟ هذا تحميل مالا تحتمله البرمجة التي درسناها والتي أملك مذكرات منها لا علاقة لها بهذا لا من قريب ولا من بعيد . هذا أولا وثانيا أنا أقول : البرمجة اللغوية باعتبارها كشف لبعض جوانب النفس الإنسانية المشتركة في البشر جميعا ، أي سياق ثقافي أو حضاري أو اجتماعي ستمارس فيه وتنشأ فيه سيكون توظيفها بناءً على هذا السياق الحضاري والثقافي والاجتماعي . فإذا - مثلا - طبّق لدينا نحن المسلمين –وكما سأثبت إن كان هناك متسع في الوقت - تأصيل لبعض الامور شرعيا ، هل تقول إن البرمجة في العالم كلها شرعية؟ وإنها نزلت بالوحي؟ لا... توظيفها لدينا نحن هنا توظيف إسلامي بسبب ثقافتنا وحضارتنا وسياقنا ، وعندما توظف توظيفا يهوديا أو نصرانياً - مع إنها حيادية - أو شامانيا في سياق ثقافي آخر ، فنأخذ هذه المتعلقة معها وأنها جزء منها؟؟ هذا غير صحيح وإلا رفضنا كل العلوم بلا استثناء ).
د. ميليباري : ( ما أقوله سياق تاريخي تؤكده الشواهد الحية في العصر الحاضر! ) .
|