المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سائر

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
بالنسبة للمقالة فإن الجهل ينبع منها ...
ويتدفق منها طغيان الحياة المادية ...
وطغيان الفكر المادي عليها ، سببه الانكباب على ثقافتهم ، والاغترار بمقالتهم حول الدنيا التي عشقوها ولم يكن لهم هم سواها ...
والمسلم ينبغي أن ينظر بعين المؤمن التي تنظر بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ...
ولا ينظر بعين أهل الكفر الذين غرتهم الحياة الدنيا وغرهم بالله الغرور ، فأولئك همهم الدنيا وهي جنتهم ، ونحن الدنيا سجن لنا ، والآخرة خير وأبقى ...
سأعلق على بضع كلمات ..
والله إن الدنيا بأسرها لا تساوي العيش من أجلها ...
((إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))
والدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة ..
وهل يستحق شيء لا يساوي جناح بعوضة أن نعيش لأجلها ..
بل تتخلى عنهم .. ولن يأت أحدا من الدنيا إلا ما كتب الله له ، شاء أم أبى ..
وقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم عن الدنيا والتشبث بها فقال : "من كانت الدنيا همه ؛ فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ..." وليست الدنيا تهب نفسها ، بل الله يعجل لمن يريد ما شاء أن يعجل ، فهو الذي يعطي من الدنيا ما يشاء لمن يشاء "من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد" فيعجل لمن يشاء فقط ، ولا يعجل له الدنيا كلها ، بل يعجل ما يشاء .
ومن تشبث بها وأحبها وغرق في حبها فهو مذموم قد أصابه الوهن، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت .
وقد صدق ابن القيم في الفوائد حينما قال : الدنيا لا تساوي نقل أقدامك اليها فكيف تعدو خلفها .
هذه الدنيا لم توصف إلا بأدنى الأوصاف، وصفت: باللعنة، والغرور، والمتاع ، كل هذا جاءنا من الله تعالى خالق الدنيا العليم الخبير .
ويا سبحان الله أصبح ذم الدنيا ممجوجا ، عندما طغت المادية واللذة والمتاع والشهوة على البشرية ..
ومن ذمها من البشر فهو رجعي متخلف ..
والله ربي ورب العالمين هو الذي ذمها ..
بل لكل أجل كتاب ..
ومن أوحى إلى الكاتب أن الموت يخشى ، وممن ؟!! ممن آمن بالله تعالى واتقاه ؟ لا ، بل ممن يستمسك بالجمال .. عجيب وحي إبليس !!
أبطل الشرع التشاؤم ونهى عنه وأحب التفاؤل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه الفأل ...
لكن :
هذه فيها سوء أدب مع الله تعالى ، ومخالفة لطريقة القرآن ..
فالقرآن في الأعم الغالب يكون نفي النقائص عن الله تعالى مجملا ...
وهذا هو الأدب وهو الكمال ..
أما التفصيل في النفي فليس كمالا مطلقا في كل حال ...
فلو دخلت على ملك ، وقلت : أنت لست كالملوك ــ وهذا النفي ــ ثم وصفته بالكرم والجود لفرح فرحا شديدا ..
أما لو قلت له : أنت لا تتفق مع المجرمين ، أنت لا تتفق مع المتشائمين ، أنت لا تحب الزناة ، أنت لست من السكارى ، لغضب غضبا شديدا مع أن هذا حق ، لأنه سيعد هذا الأمر سخرية وتنقصا ..
وفي العبارة سوء أدب آخر ..
نعم ، فيها سوء أدب شديد مع الله تعالى ، وعدم معرفة لقدره وعظمته وكبريائه تعالى ...
كيف نقول : الله يتفق مع المخلوق على كذا أو لا يتفق ؟
الأمر أمر الله تعالى ، والدين دين الله تعالى ، ولا يأمر الله تعالى إلا بما يصلح البشر ...
وليس الأمر تشاورا أو رأيا أو طرحا على طاولة المفاوضات حتى يتفقوا أو يختلفوا !! ولا أظن ملكا سينتظر موافقة زبّال أو كناس أو خباز على أمر حتى يتفقوا ، بل سيأمره الملك وعليه الالتزام ، كما أن الله يأمر وعلينا الطاعة !!
أين الأدب مع ملك الملوك تعالى في علاه ..
إنا لله وإنا إليه راجعون ...
والكاتب في حديثه لم ينظر نظرة المؤمن ، وإنما نظر نظرة الغربي المادي فنقل عنه ، ونسي أن نظرة الغربي مخالفة لما جاء به الله تعالى لما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الجانب ..
والله المستعان ..
عذرا على التأخر فلم أطلع على الرسالة إلا الآن ..
وفقك الله وبارك فيك ..