رد: زواج فيصل بن حسين العمري
الأخوه أعضاء وزوار منتدانا الحبيب لا زلت اشكركم بامتنان بالغ لكل هذه الروح الطيبه التي لمستها من تهانيكم الرائعه
......
حببت ان اصور لكم بعض مشاهداتي عن مدينه القاهره.........
هناك مدن ترتسم في أذهاننا وتبقى كصورة حية نستعيدها كما نشاء وكيف نشاء لأنها تحافظ على وجودها المادي، فهي لا تتغير هكذا فجأة بل تقاوم التغيير بشدة، حتى إنني صرت مؤمنا بأن من خصائص المدينة الجوهرية هو المحافظة على الذات وإبقاءكينونتها ......
القاهرة مدينة المدائن ومحطة العرب الرئيسة نتأفف فيها من كل شيء ونعشق فيها كل شيء. حالة غريبة من التناقض الذي لا نجد له تفسيراً لكنه شعور دائم يرافقنا ونحن في هذه المدينة المترامية الأطراف التي لكل طرف فيها حكاية مختلفة .........
المتعة في هذه المدينة هي البحث في تاريخ النسيج العمراني، فالقاهرة هي عدة "قاهرات" وكل قاهرة لها تاريخها الخاص بها وكل هذه الحكايات الجميلة والمؤلمة في نفس الوقت تصنع مدينة القاهرة العصية على التفسير في مجملهافالتاريخ السياسي للمدينة يفسر عمارتها ومع ذلك فإن العمارة نفسها يمكن قراءتها كلوحة سياسية "كولاجية" تختلط فيها الأحداث وتتداخل فيها التكوينات التي صنعت المدينة لذلك فإن كتابة التاريخ العمراني هي حالة "تشريحية" للمدينة لا تكتفي بقراءة المبنى منفرداً بل في محيطه العمراني وفي فترة ممتدة عبر الزمن، فلا يوجد تاريخ واحد للعمارة بل سلسلة من "التواريخ" فهناك من بنى وهناك من استخدم وهناك من غير وعدل وبدل، لذلك يبقى تفسير المدينة لغزا غامضا وممتعا في نفس الوقت ولعل هذا هو الذي يجعلني أعود لنفس المكان عشرات المرات وكل مرة أجد ما يشدني لنفس المكان الذي رأيته مرات عديدة......
القاهرة مدينة يصعب تخيلها دون هذه "الفوضى المنظمة" التي تعيشها، لا يوجد نظام مروري فيها إلا في مناطق قليلة لكن لا يوجد فيها حوادث عنيفة بل وحتى الحوادث البسيطة قليلة. الزحمة علّمت الناس كيف يسيرون في الطرق الضيقة بحرفية وعلمتهم كيف يحترمون بعضهم البعض ويفسحون الطريق للآخرين، لأنهم يعلمون إن لم يفسحوا الطريق فسوف تتعطل مصالح الجميع........
القاهرة كمدينة تختزن حكايات لا تنضب، كلما اقتربت منها تكتشف المزيد وتزداد يقيناً أن تاريخ المدن هو تاريخ الشعوب وأن لكل مدينة ألف وجه ويمكن رؤيتها بهذه الوجوه جميعا. نحاول أن نكتشف سر المدينة والحقيقة نحن نكتشف بعض أسرارها التي تتجدد وتزداد مع مرور الوقت فكل سر نكتشفه يظهر بعده مئات الأسرار. ربما يكون هذا هو سر جمال المدينة المتجددة التي تصنع تاريخها ومصيرها حسب شروطها هي وليس كما يفرض عليها .. وعبر التاريخ كانت القاهرة هي الصانعة لشخصيتها والمحددة لمصيرها ومازالت تمارس نفس الدور وتحافظ على جوهرها وتجدده حسب مكونها التاريخي والمجتمعي، لذلك لابد أن يكون لنا مع هذه المدينة حكايات جديدة كل مرة فحكاياتها خفيفة الظل مثل خفة ظل كل المصريين الذين يعانون وهم يسكنوها ولا يطيقون فراقها رغم كل معاناتهم فيها ومعها، لأنها بكل بساطة مدينة تسكن كل من تعود الحياة فيها وتجبره على عشقها حتى وإن بدت قاسية........
واخيرا اسف للاطاله والفلسفه ولكم مني كل الرضى واجمل الامنيات
|