[c]نقلــة إلـى زهــور أخـــرى شـذية مـعـطـرة ..
كـان الأصـل أن نواصـل تقديم مخـتارات من حديقـة السنـة النبويـة
في هذا المجــال ..
لكنـا نكتفـي بالـحلقتين السابقتيـن من أحاديث أما الآن …
لننتقـل إلى لـون آخر لعل الله يحـرك به قلوبنـا فيـغمرها ويعمرها بمحبـته ..
( يغمـرها _ بحـرف الغين _ ويعمـرها _ بالـعين __ والـفرق بينهما كـبير !!)
لقد ذكرنا في حلقــة سابقــة :
أن من الأسبــاب الجـالبة للمحبة عشـرة أسباب من بينـها :
تـلاوة القـرآن الكـريم ..
نحـاول اليوم هنـا أن نقـدم نموذجـا على كيف أن القرآن الكريم
يقود إلى محبـة الله تعالى ، ويغـذي القلب الواعـي بنور محبـة الله جل في علاه ..
فلنتـأمل هذه السطـور التي تختصـر موضوعـا كبـيرا كـهذا :
**
فائـــدة جليـلة جــدا :
أيها الحــبيب .. تأمـل خطــاب القرآن الكريم جيدا بكليـة قلبك :
تجد ملكـا عظيمـا لـه الملك كلـه .. وله الحمد كله .. أزمة الأمور كلها بيده ..
ومصـدرها منه ، ومردها إليه ..
مستويا على سرير ملكه لا تخفى عليه خافية في أقطار مملكته ..
عالما بما في نفوس عبيده __ أسـرارهم وعلانيتهم __
منفردا بتدبير المملكة كلـها .. لا يند عنه شيء ، ولا يغيب عنه شيء ..
يسمع ويـرى .. ويعطي ويمـنع .. ويثـيب ويعاقب ..
ويـكرم ويهيـن .. ويخلق ويرزق .. ويمـيت ويحيي ..
ويعلي ويخفض .. ويعز ويذل .. ويكافئ ويعاقب ..
و يقضـي ويدبر .. الأمور نازلة من عنده دقيقـها وجليلـها ..كثيرها وقليلها..
وصـاعدة إليه ، لا تتـحرك ذرة في هذا الكون كله إلا بإذنه ..
ولا تسـقط ورقة الا بعلمـه ..
وتأمـل أيضا كيف تجـده :
يثني ويمـجد نفسه ويحمد نفسه ، ويدعـو إلى حمده..
وينصح عبـاده ويدلهـم على ما فيـه سعادتهم وفلاحهـم وخيـرهم ونجاتهم ..
ويرغبهـم فيه ، ويحـذرهم مما فيه هلاكـهم ..
ويتعرف إليهم بأسـمائه الحسنـى وصفاته العلـيا ..
ويتحبب إليهم بنعمـه وآلائه ، ويعدد نمــاذج منها أعطـاهم إياهـا من غير ســــؤال ..
فيذكرهـم بنعمه علـيهم ، ليعلمــوا أنها لا يستغنون عنه طرفة عين ..
ويأمــرهم بما يستوجبون به تمامها ..
ويحذرهم من نقمه ، ويذكــرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه ..
ومـا أعد لهم من العقوبة إن هم عصـوه ..
ويخبرهـم بصنعه في أوليائه من ألـوان الكرامة والتقريب والنصر
وبصنعه بأعدائه من ألوان المكر بهم والكيد لهم والتنكيل بهم ..
وكيف كانت عاقبة هؤلاء وهؤلاء ..
ويثني على أوليائه بصالح أعمالهم وأحسن أوصافهم ..
ويـذم أعـداءه بسيئ أعمالهم وقبيح صفاتهم ..
ويضـرب الأمثـال ، وينوع الأدلـة والبـراهين ، ويقـص القـصص ..
ويجيب عن شبـه أعدائـه أحسـن الأجـوبة وأمتعـها ....
ويصدق الصـادق ، ويكـذب الكـاذب ، ويقـول الحـق ويهدي السبيل ..
ويدعـو الـى دار الســلام ويذكر أوصافـها وحسنـها ونعيمـها ليهيـج القلوب إليها ..
ويحـذر من دار البـوار ، ويذكر عذابها وقبحها وآلامها ، لينفر منها ..
ويذكر عباده فقرهم إليه ، ، وشدة حاجتهم إليه من كل وجه ..
وانهم لا غنى لهم عنه طرفة عين .. ويذكر غناه عنهم وعن جميع الموجودات ..
وانه الغنى بنفسـه عن كل ما سواه ، وكل ما سواه فقير إليه بنفسه ..
وانه لا ينـال أحد ذرة من الخبر فما فوقها الا بفضله ورحمته ..
ولا ذرة من الشر فما فوقها الا بعدله وحكمته ..
ويشهـد أيضا من خطابه :
عتابه لأحبابه الطف عتاب ، وانه مع ذلك مقيل عثراتهم وغافر زلاتهم ،
ومقيم أعـذارهم ، ومصلح فسادهم ، والدافع عنهم والمحامي عنهم ،
والناصر لهم والكفيل بمصالحهم ، والمنجي لهم من كل كرب ،
والموفي لهم بوعده ، وانه وليهم الذي لا ولى لهم سواه ، فهو مولاهم الحق فنعم المولى ونعم النصير ..
فإذا شهدت القلوب من القرآن الكريم :
ملكـا عظيما رحيما جوادا جميـلا هذا شانـه ، وهذه عجائبه ..
فكـيف لا تحبه ؟؟ وكيف لا تنافـس في القرب منه وتنفق أنفاسها في التودد إليه ..؟؟
وكيف لا يكون أحب إليها من كل ما سواه ، ورضاه آثر عندها من رضا كل ما سواه .؟؟
وكيف لا تلهج بذكـره ليل نهـار .. ويصير حبـه والشـوق إليه والأنس به :
هو غذائها وقوتها ودواؤها .. ان فقدت ذلك فسـدت وهلكت ولم تنتفع بحياتها ابدا.؟!
سبحـان الله … ثم سبحان الله ..!!
ولو أنا ذهبنـا لنذكر الشواهد من القرآن على هذه المـعاني كلها لـطال الموضـوع وامـتد..
والحـقيقة أن القـرآن كلـه هو شواهـد على هذه المـعاني
فعـد إليه وتأملـه وتدبره وابحـث عن هذه المـعاني ثـم انظـر أثرهـا في قلبـك ..
ونكتفي بهاذا القدر ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال والفوز بمحبة الله ورضاه...!
والله الهـادي إلى سـواء السبـيل ..
ومــا توفيقي إلا بــالله ..
bgfgt) bgfgt) [/c]
|