عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2007, 02:27 AM   #14


الصورة الرمزية الرهيب معكم
الرهيب معكم غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6889
 تاريخ التسجيل :  Aug 2006
 أخر زيارة : 10-01-2023 (12:01 AM)
 المشاركات : 3,881 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: شهادة التاريخ: عقدٌ من حياة صدام ... في ميزان الإسلام



صدام ما بين الدول العربية ودول الجوار ...
لقد كانت علاقات صدام بجيرانه هي الذريعة الكبرى على الإطلاق لضربه، ومحاولة الخلاص منه مرارًا ... فجيشه الكبير يهدد جيرانه !!! وأسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها تهدد جيرانه !!! وغروره وجنون عظمته يخيف جيرانه !!! ويبث الفزع في قلوبهم !!! فما هي حقيقة ذلك في الواقع أولاً ...؟! وما قيمة ذلك في ميزان الإسلام ...؟! وماذا سيسجل التاريخ ؟!
أولا ً: حرب إيران
ربما يقول القائل كما روج الفرس وأبواقهم، في داخل العراق وخارجه ... أن صداما هو الذي أدخل العراق حروبًا متتابعة أولها مع الجارة [ المسلمة ] إيران !
نعم، هكذا يقول كل العرب والمسلمين مع أن الحقيقة على العكس من ذلك ... ولكن لأجل الحقيقة التاريخية نقول إن نسى هؤلاء فلن ينسى التاريخ بأي شيء رد الخميني على رسالة التهنئة التي أرسلها له صدام بإقامة جمهورية إيران الإسلامية ؟
لقد رد عليه بقوله: السلام على من اتبع الهدى ... حتى قال صدام إنه يكفرني ..؟
ألم يعلن الخميني وجوب تصدير الثورة، ووجوب تحرير العتبات المقدسة قبل الحرب ...؟
ألم يبدأ الفرس بتفجيرات في الجامعة المستنصرية وغيرها ؟
ألم يبدأوا باحتلال المخافر الحدودية ؟
فهل الموقف الصحيح هو أن يخلي صدام ما بين الخميني وبين العتبات المقدسة ؟! أم يخلي بينه وبين فلسطين كما قال الخميني: إن الطريق نحو فلسطين يمر عبر النجف الأشرف!
فأحلام الخميني لم تكن بغداد ولا النجف فحسب ... إنما كانت جميع الدول العربية التي في الطريق من النجف إلى فلسطين .
فأين أحدث الحرم والتي ذهب ضحيتها بالمئات ؟ وأين جريمة نفق المعيصم والتي قتل فيها أكثر من 400 نفس مسلمة ؟ وأين جريمة تفجير موكب أمير الكويت ؟ وأين جرائم التفجير التي هزت الكويت في الثمانينات ؟ والعجيب أن الكويت اتهمت فيها إيران صراحة، وبعد الغزو العراقي على الكويت بدأت صحافتها تتهم العراق بتلك التفجيرات . ولاندري كيف يفجرها العراق مع أن الكويت من الداعمين الأساسيين له في الحرب ... ياليت لقومي عقل به يفهمون .... ثم أين القلاقل التي هزت البحرين ولم تنته إلا قبل سنة ونصف فقط [ مؤقتًا ] وكلها عن طريق نظرية تصدير الثورة الخمينية؟ وأين القلاقل التي فعلها الشيعة في شرق السعودية لما فعلوا تفجيرات الخبر وغيرها ؟ وأين ذهبت الجزر الإماراتية الثلاث التي استولت عليها إيران مع أن التاريخ يشهد لها أنها لم تكن إلا إماراتية ؟
والعجيب أن الدول المعنية بالقضية الإيرانية تضحك على شعوبها ؟ فإذا غضبت على إيران ذكرتها بأنها السبب في حرب الخليج الأولى .. وإذا غضبت على العراق قالت أنتي التي هجمتي على دولة إيران المسالمة .. وهكذا تمشي الشعوب وفق خطة يجن منها المجنون قبل أن يعقلها العاقل .
ونحن نسأل من كان راغبًا في الحق: هل كانت الحكمة أن يترك صدام جيوش الخميني تجتاح العراق وتنتقل إلى الكويت والجزيرة والخليج والشام حتى تعانق إسرائيل ليكتمل الحلم التوراتي من الفرات إلى النيل؟!
ومع كل هذا نقول إننا لا نؤيد اتخاذ قرار تلك الحرب أبدًا، ولكن طبيعة الرجل القتالية غلبت كل شيء ... وكان أمر الله قدرًا مقدورا...
نعم، إنه قدر الله وسنة الله في المدافعة ... وإلا أي عراق سيقف أمام خامس قوة في العالم وقد امتلكت أضخم سلاح في الشرق بعد روسيا، خلّفه لها ابن أمريكا الشاه , بالخبراء والقادة ؟! أي رجال سيقفون في وجه رجال عقيدة حمقاء، انطلقوا بذلك السلاح، وبتلك الكثرة الكاثرة، وبأيديهم مفاتيح الجنة، طالبين تحرير الحسين من أسره، والأخذ بثأره، فاندفعت أمواج متتابعة نحو العراق هي أضعاف أمواج المغول .؟
فهل ترون جيش العراق سيصمد لهذه الهجمة لو كان برئاسة فلان وعلان ممن ترون من أصحاب الكراسي، أو برئاسة أي رئيس للعراق سابق ؟
إن الحقيقة تقول أن العلامة الفارقة الفاصلة في رد أخطر هجمة عقدية باطنية في التاريخ المعاصر على الإسلام لم تكن إلا: صدام ... الذي استطاع أن يسخر الشعب العراقي سنة وشيعة لهذه الحرب سواء كان رغبة أو رهبة .
نعم، نقول هذا: وإن خالفناه فيما خالفناه فيه ... إلا أنها حقيقة ... حقيقة ينبغي للمسلمين لو فعلها بوذا لهم لشكروه عليها، ولو دمرت فرنسا الكيان العبري لشكرناها على ذلك، ولقد تفاعل المؤمنون ـ من قبل ـ أعظم التفاعل مع الروم ضد الفرس ... وسجل الله في كتابه العزيز وبشرهم بنصره هو سبحانه للروم، ولكن السؤال: هل كان الروم مسلمين ؟
إن من لم يشكر الناس ... لم يشكر الله، ومن شك في ذلك فليتصور للحظة واحدة فقط وبصدق: ماذا لو اجتاحت إيران العراق وقتها ؟... أي شيء سيقف أمام هذا المد الباطني وأي الدول الأخرى ستثبت أمامه ؟
إن الجيوش الفاتحة لتلك البلاد الإسلامية أمام الهجمة الباطنية لن تكون خارجية فحسب إنها جيوش في الداخل ... من أهل الرفض من مواطني تلك البلاد !
فإذا لم يذكر هذا الفضل بقية الدول المجاورة، أفنترك التاريخ ينساه ؟ أم نترك اليهود يسودونه ؟ أم نترك الباطنيين يلطخونه ؟
ثانيًا: احتلال الكويت
الكويت ... وما أدراك ما الكويت ... يقولون لأجل احتلاله الكويت يحدث اليوم ما يحدث، وصدام هو الذي أتى بأمريكا للخليج أساسًا !
ولا ينبغي لكاتب التاريخ أن يقتطع واقعة معينة من الحياة ليحكم عليها منفردة .. ثم يريد من الأجيال تصديقه فيما يكتب ...! فمما لا شك فيه أن لاحتلال الكويت أسبابه التي لم تعد خافية على أحد، ولا ينبغي أن يجتزأ الناس النظر إلى ردة الفعل العراقية المتهورة، وينسون أساس المؤامرة ... وقضية المؤامرة ليست هنا وهمًا، ولا استنتاجا، بل هي ظاهرة قاطعة قد عجز الكويتيون عن الإجابة عليها، حين عجزوا عن الإجابة على أسئلة صدام الأربع في رسالته التي اشتهرت، برسالة الاعتذار .
قال للكويت في تلك الأسئلة: لقد أعطيتمونا معونات بصورة هبات، وما أن انتهت الحرب حتى حولتموها إلى ديون ثم ديون حالة الأجل، ثم بعتم هذه الديون لأمريكا ... فهل هذا جزاؤنا لما حميناكم ودفعنا بشبابنا ونسائنا تجاه تصدير الثورة الخمينية التي كانت ستنالكم وغيركم ؟!!!
وحاول الكويتيون الإجابة من خلال لقاءات تلفزيونية مع عضو مجلس الأمة محمد جاسم الصقر، ومشاري العنجري .. وغيرهما ... لكنهم في النهاية لم يستطيعوا إنكار هذه الحقيقة فضلًا عن الإجابة عليها ؟
قال لهم: تعلمون حاجتنا بعد خروجنا من الحرب لتقوية الاقتصاد، فأغرقتم السوق بالبترول، ونحن لا نستطيع أن نواكب المعروض لحاجتنا إلى الصيانة والميناء، ولم يستطع الكويتيون إنكار ذلك ...!
قال لهم: أوصلتم سعر البرميل إلى ستة دولارات والتي لن يكون منها إلا زيادة انهيارنا فهل هذا حقنا عليكم ؟!!! ولم ينكر الكويتيون ذلك ...!
قال لهم: كنتم تشفطون النفط من حقولنا ونحن منشغلون بدفع إيران عنكم .. ولم ينكر الكويتيون ذلك ...!
إلا أنهم قالوا أخذنا 25 ألف برميل !!! وهل يعقل خلال هذه السنوات لم يأخذوا سوى خمسة وعشرين ألف فقط ؟!!! ثم أي شيمة عربية أو إسلامية تجعل هؤلاء القوم يستغلون حالة جارهم في الحرب - والتي أتاهم نصيب منها من خلال تفجير موكب الشيخ جابر - من خلال نهب بتروله وثروته ؟!!!
قال لهم: جاء لكم قائد القوات الأمريكية ' شوارسكوف' لغزو العراق بعد ذلك، وعمل معكم خططًا ومؤامرات، وعندنا وثائق تثبت ذلك، ولم ينكر الكويتيون مجيئه في تلك الظروف ...!
إلا أنهم قالوا إنه جاء عابر سبيل ولم يبق في الكويت إلا يومًا أو يومين !!!
لقد قدموا له بطريقة مفاجئة كل هذه الإثارات المريبة ... هذا وهو خارج للتو منتشيًا منتصرًا على إيران ... ومن: إيران ! ... ثم تأتي الكويت وتفعل كل هذا ... ومن: الكويت ؟!
نعم، ومن الكويت ... ؟! وكأنهم قاسوا ردة كل فعل فعلوه، فكانت ردته مثلما توقعوا وربما أكثر ... وكانت الكويت هي المهلكة لصدام وللأمة قبل ذلك .
لقد تذكرنا قصة لاعب مصري نزل إلى أرض الملعب مع منتخب بلاده، وأخذ المسكين الكرة على صدره فضربه لاعب من دولة غربية من خلفه على عجيزته بخفية ـ فيما يبدو ـ فاستشاط المصري فلطمه على وجهه أمام الحكم وأمام الناس، فطرده حكم المباراة فورًا، فخرج مغضوبًا عليه من الحكم، ومن الجماهير المصرية، بل ومن فريقه ومدربه .... وربما من أهل بيته ...!
وبقي اللاعب المصري المسكين مخطئًا في نظر الجميع ـ وهو المطرود المظلوم ـ وبقي الخنزير الغربي هو البريء ! فمن يصدق اليوم عكس ما كان يعتقده وما شاهده بعينه ....؟!
لقد ابتدأنا بالسيئ المسلّم به من التهم في تاريخ صدام أما الوجه الآخر فإنا سنذكره سريعًا حتى لانطيل على قارئنا الكريم .
إن شهادة التاريخ تحكي لنا بعد سقوطه حكاية السودان ونصرته له حينما تقوى قرنق بالخطط الأمريكية والأسلحة والخبراء الإسرائيليين، وزحف من جنوب السودان حتى أصبح على مقربة من الخرطوم، فما أنقذه جيرانه ولا عرب آخرون ولا مسلمون، إنما كان الغوث من صدام حيث فتح جسرًا جويًا عسكريًا إلى السودان، وسيطر طيرانه على سماء السودان، واندحر قرنق إلى أن تخلى عن جميع مواقعه الرئيسية الأولى، واستتب التمكين للسودانيين إلى أن دخل صدام الحصار، وعلى العكس من ذلك فقد وجد الجيش السوداني صناديق أسلحة كتب عليها مصنع دولة عربية مع قوات قرنق النصرانية .. والله إنه الفرق بين الفرقتين ..
ويشهد التاريخ والمؤرخون المصريون المنصفون بأن الطائرات الأولى التي عبرت خط بارليف ودكت الخطوط الإسرائيلية كانت طائرات عراقية ...
ويشهد التاريخ بأن الدولة العربية الوحيدة الحاضرة في حرب اليمن والتي كان لها نصيب الأسد من تحرير اليمن من الشيوعيين وطردهم إلى الأبد حتى عاد اليمنان يمنًا واحدًا هي العراق بالطائرات العسكرية العراقية التي أرسلها صدام مع الخبراء العسكريون لهذه المهمة واسألوا رئيس اليمن، واسألوا رئيس تجمع الإصلاح الشيخ الأحمر .
والعجيب أن أكثر من ثلاث دول عربية أرسلت أسلحتها ودبابتها تناصر الجيش الشيوعي الجنوبي في حربه مع اليمن الشمالي وأرسلوا معهم بعض الخبراء .
وهذه الأردن أعطاها صدام أرضًا طويلة في العراق ... بينما الآخرون يتقاتلون على الحدود ... كما أن صداما أعطاها البترول وجعل نصفه هبة والنصف الآخر بسعر رمزي وفي شكل بضائع ... وهكذا أعطى سوريا البترول .
وفي مقابل كل هذا لم يشترك أي جيش عربي أو إسلامي مع العراق في حربه ضد أمريكا ... بل كان الأمر على العكس من ذلك تمامًا ..
هنا أتوقف .... لأترك حكم التاريخ للتاريخ، وأترك الحكم الشرعي لكم ...
والحكم لله أولاً وآخرًا ...
إن كراهية الحكام للرئيس العراقي المخلوع لم تكن من قبيل الكراهية النفسية وتنافر الطباع الخلقية فحسب، فربما كانت من قبل كذلك، أما بعد ذلك فقد اتخذت مناحي عملية، واتفاقات سرية، ابتدأت بُعيد الانتهاء من الحرب العراقية الإيرانية، وقد تجلت في مؤتمرات الوزراء والقمم الأخيرة هادفة إلى إعطاء أمريكا المبرر لضرب العراق بمباركات من بني الجلدة، حيث يحمّل هؤلاء العراق مسؤولية الحرب من خلال مطالب تعجيزية، وذلك بعدما يئست أمريكا من إقناع شعوب العالم بمبرراتها، جاءت تأخذ وتقدم حجتها للعالم بموافقة العرب على ذلك، وهم أحق النــاس بالعــراق ... قائلة لهم .. ولستم عربًا أكثــر من العــرب ...!
ولقد فاحت الأخبار وظهرت علانية، بأن الجولات التي قام بها بعض الرؤساء إلى الدول الأوروبية المعارضة لضرب العراق ... إنما كانت وساطات تهدف إلى تثنية تلك الدول الرافضة لضرب العراق عن موقفها .... لقد كان هؤلاء يعملون كمراسلين ممتهنين مجانًا عند الإدارة الأمريكية، وجاءت بعد ذلك المكافآت ثمنًا لهم









طلوع البشائر
الذكريات الأليمة .. والواقع الحزين
إن المسلم وهو يقف في هذه المرحلة التاريخية الأليمة ... يقف على أطلال حزينة ..... تحكي ضياع خلافة قديمة ....!
يقف هنا وهو يرى تدرج زوال سلطان أمة ... عن أعظم دار خلافة إسلامية من حيث عمرها، وغزارة إنتاجها، وكثرة علمائها، وسعة امتدادها ...
يقف في لحظة من الزمن ـ وهو واحد من أهل فترتها ـ ليرى تساقط الخلافات الإسلامية تباعًا من الأسفل إلى الأعلى ... تمامًا كما هو ابتداء خلق الإنسان وموته، فالروح ابتدأت من الأعلى وسرت إلى الأعضاء إلى الأسفل، لكن سحبها يبتدئ من الرجلين حتى ينتهي بالرأس ..!
فها هي الخلافة العثمانية قد ذهبت أولًا وهي آخر الخلافات، وجاء اليوم دور بلاد الخلافة التي بعدها ... دار الخلافة العباسية وما كادت بغداد تسقط من هنا حتى ابتدأت أمريكا بتهديد دار الخلافة التي بعدها مباشرة الخلافة الأموية، مع التلميح في حواشي الكلام وعوارضه إلى الخلافة الأولى .... الخلافة الراشدة !
يقف أحدنا في هذه الحقبة من الزمن ـ وهو أحد أبنائها ـ ليقول له التاريخ:
ذق ما ذاق قبلك ممن شهدوا ضياع الخلافة الإسلامية، وشهدوا زوال سلطان الإسلام عن ديار الإسلام ! أم حسبت أنك ستفلت من سنة الله الماضية، القائمة، الدائمة ... وقد فعلت ـ وأبناء جيلك ـ كما فعل المضيعون من قبل وزيادة !
ذق ما ذاقه من شهد نكبة زوال شمس الإسلام عن بلاد الأندلس !
ذق ما ذاقه من شهد زوال الإسلام عن فرنسا وبلاد أوروبا !
ذق ما ذاقه من شهد نكبة الـ 48 من أهل فلسطين !
وأن لك اليوم أن تتجرع مرارة سقوط خاتمة الخلافة الراشدة ومحضن الخلافة الأعظم في تاريخ الإسلام .. بغداد، وبلاد الرافدين ....!
يقف المسلم متألمًا على هذه الأطلال مطأطئ رأسه تارة، مما أصابه من الهوان والمهانة والإهانة، رافعًا رأسه مرة أخرى شاهقًا نحو البعيد متسائلًا:
إلى متى ستبقين يا دار الخلافة تحت سلطان هؤلاء ..... إلى متى ....؟!
ومتى سيتوقف نهم المغضوب عليهم والضالين من ابتلاع بقية بلاد المسلمين ؟
أسئلة متتابعة تحكي مشاهد التاريخ الماضية يجدها المسلم اليوم حاضرة أمام عينيه على بساط هذه الأمة ـ بساط التيه الجديد ـ فلا يدري أحدنا هل سيرى رد الكرة لهذه الأمة أم سيموت وسيكون ممن تطويه سنة الاستبدال ليحرم تذوق ' وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب '، يموت بمرض صدره، وغيظ قلبه ولا يجد دواءه: ' ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم '. يقف أمامها وهو يبكي بكاء الأيتام على مائدة اللئام ... اغرورقت عيناه ثم سالت دمعاته حتى بلت خديه .. وهو يقول إيهٍ عليك أمة مكلومة ...
ومع هذا تبقى الحقائق القادمة .. آتية لا ريب ... قريبة مشرفة على ساح هذه الأمة بإذن الله تعالى .... طلائعها منيرة فواحة طيبة أحيانًا كتباشير الأزهار بمقدم الثمار .. وأحيانًا أخرى مظلمة حالكة كطلائع الفجر قبل انفلاقه ...
إن الدراسة الصحيحة المتكاملة للتاريخ هي التي لا تقتصر على سرد ما مضى من أيام الله، ولكنها الدراسة التي تستخلص العبرة من أيام الله الماضية لأيام الله الباقية ..
الدراسة التي تعد ما أخبر به الوحي من قادم الموعود كما مضى من سالف العهود ...
فما مضى مما شاهده الناس من انتصار الفرس كما بقي مما أخبر الله به من غلبة الروم: ' ألم . غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين .لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله '
وجاء ذلك اليوم الموعود من الله وفرح فيه المؤمنون بنصر الله ... وتحول ـ بعد هذا ـ هذا اليوم بنصره وفتحه وفرحه إلى تاريخ يحكى كيوم من أيام الله تعالى ..
ومن هذا الباب كان تمام فقه الإمام ابن كثير حين ألحق النهاية بالبداية، فجاء كتابه متكاملًا مستحقًا بحق وصف ' البداية والنهاية '
وها نحن في هذه الدراسة التاريخية قد عرفنا البداية .. فماذا بقي عن النهاية ..؟ وكم بقي من النهاية ...؟ وهل سنشهد البشائر الموعودة فنفرح بنصر الله ...؟ لتتحول تلك الأيام الجميلة إلى أيام من أيام الله الماضية .
إن معرفة ذلك لا تتم إلا بدراسة الأخبار الشرعية التي تحققت قطعًا، والأخبار المنتظرة غيبًا وسمعًا ... عندها تقترب الصورة من الاكتمال، ويبدو الموعود من الأحوال، كالمشاهد للعيان من الأفعال، وهذا ما نود دراسته مختتمين هذا البحث به وذلك بتثبيت ما أثبته الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، مستخلصين من مجموع تلك النصوص اقتراب البشائر من الوقوع، ذاكرين الأدلة على هذا الأمل الموعود، والفرح القريب المنشود . مما يختص منها بالعراق فحسب .
الأدلة على طلوع البشائر
المطلع الأول: انحسار الصراع نحونا
من نظر في توزيع الصراع على المساحة الجغرافية على الكرة الأرضية في هذه الحقبة الزمنية من عمر هذه الحياة، وجد حقيقة لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهلها أو الوصول إلى تنزيل صحيح للأدلة الشرعية دون النظر فيها، تلك هي حقيقة انحسار الصراع عن بلاد الكفار إلى بلاد الإسلام ... فإننا شهدنا في عمرنا هذا القصير حركة الصراع بين قوى العالم المتصارعة، وكيف أخذت تنسحب شيئًا فشيئًا عن أطراف الكرة الأرضية مقتربة من ساحة الصراع الختامية ومنها إلى نقطة الصراع النهائية ..
فلقد شهدنا حروبًا باردة وأخرى ساخنة بين تلك الدول البعيدة عنا، ثم ذهبت تلك السخونة منها حتى تحولت إلى باردة وها هي تبرد وتبرد عندهم حتى غدت كتلًا جليدية متجمدة متمثلة في اتحادات دولية وتحالفات أممية قاسمهما المشترك هو الشرك بالله رغم الاختلاف في كل شيء ... وبقي الجزء النافر والمتناثر عن تلك الكتلة هو دول العالم الإسلامي وقاسمهما الوحيد هو التوحيد ...
وإن الأدلة على أن ساحتنا الإسلامية ثم ساحتنا العربية وأخيرًا ساحتنا الشامية هي ساحة الصراع الختامية أدلة لا تقبل المنازعة، فمنها: أحاديث الملاحم الثابت وقوعها في بلادنا ومنها أحاديث المهدي ... ومنها أن الدجال يطوف بالأرض وفي ختام رحلته يعود إلى هذه البلاد ليدخلها، فيمنع من مكة والمدينة والطور والمسجد الأقصى ... ومنها نزول عيسى عليه السلام في بلادنا وعلى نزوله تعلق الأمم آمالها، ودعوى نصرته هي مقصود جميع الأديان في آخر الزمان ... حتى النار التي تخرج فإنها تحشر الناس إلى الشام، فهي أرض المحشر والمنشر ...
وما الحرب على العراق إلا مرحلة من مراحل تحول الصراع إلى هذه البلاد العربية بعد ما كانت ساحته إسلامية أفغانية ولهذه الحرب ارتباطها الوثيق والمستقبلي بساحة الصراع العربية، بل الشامية، إذا ً فإن هذه الحرب أكدت حقيقة شرعية على الواقع وهو دخول الصراع العالمي إلى مرحلته الجديدة وربما الأخيرة، وذلك بدخوله إلى أرض الصراع النهائية، وهي الأراضي العربية، وما إعلان الروم ' أمريكا وبريطانيا ' التهديدات لسوريا إلا إتمامًا لحلقة الصراع وإثباتًا للنصوص واقترابًا من مركز الصراع النهائي ... ألا أنها أرض الشام والله أعلم ....
المطلع الثاني: ابتداء ولادة العصائب
إن هذا ليس كلامًا حماسيًا للاستهلاك وإثارة الغيرة والثورة فينا .. ذلك أن العراقيين هم أسعد المسلمين بالمهدي' هذا قدر الله لهم وأنعم بقدر الله واختياره ودليل ذلك حديث فيه كلام بين التضعيف والتحسين يؤيده أثر صحيح له حكم المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما الحديث فهو ما رواه أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام و عصائب أهل العراق فيبايعونه ...' رواه أحمد وأبو داود والطبراني، والحديث ضعفه جماعة من أهل العلم وحسنه آخرون منهم ابن القيم في المنار المنيف، والحديث يحتمل التحسين لمجموع طرقه .
أما الأثر الصحيح، فلقد ثبت عن سالم بن أبى الجعد قال: 'خرجنا حجاجا، فجئت إلى عبد الله ابن عمرو بن العاص فقال: ممن أنت يا رجل؟ قال: قلت من أهل العراق، قال: فكن إذا من أهل الكوفة فقلت: أنا منهم قال: فإنهم أسعد الناس بالمهدي' والأثر صحيح كما ذكرنا وهذا غيب والغيب لا يعلم إلا بوحي، من هذا الأثر يتبين مكانة أهل العراق بالنسبة لأنصار المهدي، ومكانتهم في التغيير العالمي المنتظر، وعبد الله بن عمرو لم يقل هذا الحديث برأيه، وابن كثير في كتابه القيم ' الفتن والملاحم' قال عن المهدي 'ويؤيد بناس من أهل المشرق ينصرونه، ويقيمون سلطانه، ويشيدون أركانه'.
ولا خلاف بأن أهل العراق بالنسبة للمدينة مشرق، ولا يقال اعتراضا على هذا بأن غير العراق بالنسبة للمدينة مشرق مثل إيران، والجواب ظاهر من نفس الحديث وهو أن ابن عمرو ذكر أهل العراق تحديدًا وهذا يقطع بالمقصود، ثم إن ما جبل عليه أهل العراق طوال التاريخ من النجدة والنصرة، يقول صاحب كتاب عون المعبود شرح سنن أبى داود للعلامة أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادى ما نصه في تفسير كلمة 'عصائب أهل العراق': أي خيارهم من قولهم عصبة القوم خيارهم قاله القاري، وقال في النهاية جمع عصابة وهم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها، ومنه حديث على رضى الله عنه الأبدال بالشام والنجباء بمصر و العصائب بالعراق، أراد أن التجمع للحروب يكون بالعراق وقيل أراد جماعة من الزهاد وسماهم بالعصائب لأنه قرنهم بالأبدال والنجباء انتهى .
فالظاهر والله أعلم أن هذا الظرف هو الظرف الأنسب لولادة العصائب العراقية، فالحافز موجود، والسبب مشروع، وأهل العراق مؤهلون بفطرتهم إلى هذا النوع من التصرف، فترويضهم من قبل الصليبيين أمر محال، كيف وهم من أكثر الناس اشتياقا للجهاد في سبيل الله في كل مكان، ولو لا ما كانت ظروف الحصار ورسوم السفر إلى الخارج لضاقت الساحة الأفغانية بالمجاهدين العراقيين، ولقد أصبح أكثر اسم يتسمى به المواليد الجدد في العراق هو أسامة [زعيم تنظيم القاعدة]، وأصبحت أخبار المجاهدين الأفغان تعلق في المساجد يوميًا ... كما تنشر يوميًا بالصور الممكنة في الصحف الرئيسة للدولة مما لا يوجد له نظير ـ فيما نعلم ـ في البلاد العربية والإسلامية .
ولعل الأيام القليلة القادمة ستشهد ـ والله أعلم ـ أعمال تلك العصائب المباركة المتناثرة على أرض العراق وفي مناطقه، وهذا ما يوحي به الحديث الشريف أنها ليست عصبة واحدة ولا عصبتين إنما هي عصائب عديدة ... وكثرة هذه العصائب يوحي بكثرة العدو وانتشاره، وهذا هو الواقع على أرض العراق ... وأن العصائب العراقية ما تكونت لما قام المهدي أو بأمر المهدي، وإنما هي موجودة بالأساس ... فكان خروج المهدي سببًا لخروجها للبيعة .. ولنصرته .
وهذا لا ينفي أبدًا إمكانية اجتماع أهل العراق على قيادة شرعية تطرد الروم الصليبيين الغزاة عن بلادهم أو أنها تطردهم ثم تجتمع على قائد واحد وتحديد الكيفية لا يعنينا كثيرًا .
المطلع الثالث ـ انتهاء مرحلة حصار العراق :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: 'يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذاك ؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذاك، ثم قال: يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار ولا مدي، قلنا من أين ذاك ؟ قال: من قبل الروم ثم سكت هنيهة، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في آخر الزمان خليفة يحثي المال حثيًا لا يعده عددًا'.
ربما يتساءل البعض: كيف يكون الحصار من قبل العجم كما في الحديث ... والواقع الذي نراه أن الحصار من قبل الروم، كما هو الحال في حصار الشام ..؟
والجواب عن هذا من جهتين: من جهة السبب ومن جهة المنفذ، فإن السبب الحقيقي في حصار العراق هو حربه مع إيران وانتصاره عليها، الذي جعل الكافرين ينصبون له مصيدة الكويت ... فحرب الخليج الثانية إنما هي امتداد لحرب الخليج الأولى مما نتج عنها الثمرة المرتقبة وهي حرب الخليج الثالثة .
ومن جهة أن الروم لم ينفذوا الحصار على العراق إنما الذي ينفذه حقيقة هم إيران وتركيا وبقية دول الجوار، وما كانت الروم إلا مراقب لتنفيذ الحصار كما أنها مراقب لخطوط العرض .
ومن المستبعد أن يكون ثمة حصار آخر يصدق عليه الحديث، بحيث أن العجم يحاصرون العراق، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر حصارًا واحدًا للعراق وواحدًا للشام .
فكم من علامة على نبوته صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم؟ وكم من علامة على اقتراب الساعة؟ وكم من علامة على اقتراب دور العراق الإسلامي العالمي؟
لقد قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل دخول العراق في الإسلام، ففيه علامات عديدة: علامة على إسلامها وعلامة على حصارها وقد وقعت العلامتان، وعلامة على تدهور العملة، وعلامة على ضيق في العيش، وفى الطعام، وعلامة على القهر عليها من خارجها لقوله: ' يمنعون ذاك '، وعلامة على أنه سيشمل العراق جميعا فيه دلالة على ظهور التقصير من الأمة نحو العراق . كما أن فيه استثارة نبوية لهمة المؤمنين في ذاك العصر وفى كل عصر أن يهبوا لنجدة إخوانهم وإلا فما مدلول هذا الإخبار الأليم على نفوس الأخوة المؤمنين نحو إخوانهم، وما سر سؤال الصحابة رضي الله عنهم؟.
إن مما يثير العجب والإعجاب هو تخصيص ذكر حصار العراق، فالأحداث في حياة هذه الأمة المعاصرة كثيرة لكنها لم تذكر كلها، ولو ذكرت فرضًا فإنها لم تحفظ، وكل ذلك بأمر الله تعالى واختياره، أما حصار العراق فيذكر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه التخصيص، ويحفظ في كتاب من أصح كتب الحديث في صحيح مسلم أليس ذلك الحفظ بإرادة الله تعالى ' أليس له من حكمة بالغة'؟.
إن معرفة جميع الحِكَم أمر راجع لعالم الغيب والشهادة وحده، لكن الذي يتجلى أمامنا والله أعلم أن سرّ التخصيص في هذا الحديث أن الحدث حدث دولة وليس فرد، وأنه حدث عظيم في حياة الأمة والأمة معنية به من أوله إلى آخره ... وها نحن نراه وكيف أصبح مرحلة فاصلة في حياة الأمة مرحلة تحول رهيب من حال إلى حال ... بحيث لا يقتصر أثرها على العراق وحده بل يعم الأمة ويعم البشرية جميعًا، ابتداء بحصاره وانتهاء بتتابعاته .
ونحن إذ نذكر هذا فإنما نذكره كحدث وقع، وعلامة نبوية نظنها تحققت ... والبشرية جميعًا عليها شهود، وهم حول العراق قعود ... لكن وقوع هذه العلامة لا يعني انتهاءها وانقضاءها، بل ثمة تتابعات لا يعلم مداها إلا الله تعالى ... فالمذكور هنا هو الحصار، ودام الحصار اثني عشر عامًا، وجاءت بعده جيوش الصليب، وها هي تهم بالانتقال إلى بلاد الشام لتفضي إلى مرحلة أخرى مذكورة في هذه السنة ...
ولكن السؤال كيف تعتبر هذه العلامة بشارة وفيها ما فيها، نعم: إنها بإذن الله بشارة لأنها إذ وقعت ورأيناها علمنا أننا أصبحنا اليوم أقرب ما نكون إلى مراحل النصر على أعداء الله تعالى ... وتعليل ذلك: أن الحياة تسير منطلقة إلى منتهاها، والزمن يمشي يمثله الليل والنهار ... لا يتوقف إلا إلى أجله المسمى ... لكن هذا الزمن ليس له من معلم يتعرف عليه فيه الناس الذين يعيشون فيه ... فجاءت هذه العلامات لأهداف عظيمة منها أنها جاءت تبيانًا للناس موقعهم من عمر الزمن ...؟ أين هم الآن؟
فإذا رأى الناس علامة، علموا أنهم قطعوا مرحلة أو شوطًا بمضي تلك العلامة ... وأصبحوا من الساعة أقرب ... وهذا من هذا الباب .. وهذا بغير شك يدفعنا إلى مزيد من العمل .
المطلع الرابع ـ ابتداء زوال أمريكا :
يقول أبو قبيل: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص وسأل أي المدينتين تفتح أولا ً: القسطنطينية أم رومية ؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق، قال: فأخرج منه كتابًا، قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تفتح أولاً: قسطنطينية أو رومية ؟
فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم 'مدينة هرقل تفتح أولاً'. يعني قسطنطينية. أخرجه الحاكم وهو صحيح
جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي ج3 ص113: 'رومية: هي مدينة شمالي غربي القسطنطينية بينهما مسيرة خمسين يوما أو أكثر وهي اليوم بيد الإفرنج'. وهي اليوم عاصمة إيطاليا.
وفي الحديث فوائد عظيمة:
الأولى: أن هذا الحديث العظيم آية من آيات النبوة ذلك أن القسطنطينية قد فتحت وهي المدينة التي تسمى [إسلام بول] أي مدينة السلام، وقد حرف اسمها إلى [استنانبول] وقد حظي فاتحوها بتزكية رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن فتحها وقع سنة 1453 م على يد السلطان محمد الفاتح رحمه الله تعالى، فلقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في التاريخ الكبير وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ' لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش'.
الثانية: مثلما تحقق الجزء الأول من الحديث فلا بد من أن يتحقق الجزء الثاني منه حتمًا مقضـيًا، كما أن الليل يعقبه النهار وأن النهار يعقبه الليل ... إذًا ففتح المسلمين لعاصمة روما وعد حق وخبر صدق .
الثالثة: هذه علامة ـ والله أعلم ـ على زوال ملك أمريكا وقوتها ووحدتها وسيطرتها وأنها علامة على ظهور نجم أوربا كقوة مسيطرة بديلة لأمريكا ـ والله أعلم ـ .
فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر بلدانًا تدخل الإسلام بأسمائها وذكر أماكن لم يعرفها المسلمون حال الحديث ووقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يذكر هنا 'أن المسلمين سيفتحون أمريكا ولا واشنطن' ولم يذكر أن المسلمين سيغزونها بل ذكر روما أو رومية، وعدم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لأمريكا يعني أنها لن تكون مركزًا للقوة وقت الفتح، كما لم يذكر موسكو وقد كانت قبل ذلك هي الأقوى وهكذا هوت موسكو، وواشنطن على إثرها هاوية بإذن الله تعالى، ولو لم تكن روما هي مركز القوة وبقيت واشنطن هي القوة العظمى كما هو الحال الآن لما كان لفتح المسلمين لروما كبير فائدة، ذلك أنهم لو فتحوها الآن مثلا ًلكان من المقطوع به أن قوة عظمى كأمريكا ستخرج المسلمين من روما، وعلى هذا فإن افتتاح المسلمين لروما كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم إنما يعني سقوط مركز قوة النصارى وعاصمتهم وسقوط ساريتهم ومقر قيادتهم وعواصمهم الأخرى من باب أولى أو أنه سقوط لآخر مدينة عندهم، والله تعالى أعلم .
ويستأنس لهذا الاستنباط بما يحدث الآن من أحداث حيث إن علامات انهيار أمريكا أصبحت ظاهرة بل متسارعة .
لكن كم سيستغرق ذلك ؟


 
 توقيع : الرهيب معكم



رد مع اقتباس