رد: مهارة تدريس القرآن الكريم للنساء
دعوة للتوازن والوسَطِيَّة
فـي الحوافز والتمييز بين المقاصد والوسائل*
إنَّ الغاية الأساسية من افتتاح حلقات القرآن الكريم هي ابتغاء رضوان الله عزَّ وجلّ، والعمل على نشر القرآن في الأمَّة بتخريج حُفَّاظٍ مُجودين له، وحافظات مجودات له وعاملات به.
وإنَّ الحوافز- أو عوامل التشجيع- في هذا المجال ما هي إلاَّ وسائل إضافية مُعينة على الإخلاص في العمل، وعلى النشاط فيه للوصول إلى الغاية السابقة بأقصر زمنٍ وأقل جهد.
ولا ينبغي أن تكون هذه الحوافز - أعني المادية منها - مقاصد لِذاتها، أو غايات يُسعى إليها، وإلاَّ اختلطت الوسائل بالمقاصد لدى الدارسات، ونفَرَ البعض من الاجتهاد إلا بها.
لذا كان لا بد من التوازن والوسطية في الاهتمام بها وفي استخدامها، بحيث تؤدي الغرض منها، فلا تطغى لتصبح المطلب والمبتغى، ولا تُهمل فتؤدي إلى عرقلة السير أو بُطء التقدم.
إنَّ الآثار السلبية المترتبة على زيادة الاهتمام بهذا الأمر لَهِي في نفس الدرجة من الخطورة بالنسبة للآثار الناتجة عن إهماله، فكما أنَّ إهمال هذا الأمر -في أي مجال- قد يؤدي إلى شيء من البطء أو التقاعس في العمل، ومن ثَمَّ الاحتياج إلى مزيد من الوقت والجهد لبلوغ الأهداف، فكذلك زيادة الاهتمام به قد تؤدي إلى بعض النتائج السلبية، ومن جملتها:
1- زعزعة نموّ الإخلاص في نفس الدارسة، بتحول تلك الحوافز المساعدة إلى غايات ومقاصد تشارك المقصد الأساسي والغاية الكبرى وهي طلب رضاء الله سبحانه وتعالى.
2- فقدان الحوافز دورها وقيمتها كوسائل مشجِّعة، لأن الشيء إذا كثر قلَّت قيمته وفقد بريقه.
3- تقاعس الدارسات وفتورهن إذا انقطعت الحوافز ، أو قلّت بعد كثرتها -لأي سببٍ كان-.
عوامل مساعدة في تصحيح مفهوم الحوافز في الحلقة:
إنَّ السبيل لعلاج اختلاط الوسائل بالمقاصد في مسألة الحوافز ولتصحيح مفهومها لدى الدارسات يكون باتباع الأمور التالية:
1- التركيز الدائم للدارسة على الهدف الأساسي والغاية الكبرى من افتتاح حلقات القرآن الكريم( 1 )، وهو إعدادها لتكون حافظة لكتاب الله ، عاملة بما فيه ، ابتغاء مرضاته سبحانه، وخدمةً لدينه وسُنِّة نبيِّه .
2- الإكثار من الحوافز المعنوية، والتي تخاطب ذهن الدارسة وتجذب قلبها، وتولد عندها القناعة الداخلية بقداسة القرآن الكريم ووجوب احترامه، والباعث الذاتي على حفظه وتدبُّرِ ما فيه.
3- التركيز على مفهوم الحوافز المادية والغرض منها، وبيان أَنَّ مَنْ قَصَد بحفظه تلك الحوافز -فقط- وسعى إليها دون ابتغاء مرضاة الله فقد دخل باباً من أبواب الشرك المحبط للعمل.
4- التوازن في الحوافز الماديَّة، فلا إفراط ولا تفريط.
وهذا التوازن ينبغي أن يستوعب جانبين:
الأول : الاعتدال في عدد المرَّات التي تُعطى فيها تلك الحوافز، وعدم الاقتصار على نوع واحد، حتى لا تفقد قيمتها.
الثاني: الاعتدال في القيمة المادية لتلك الحوافز بحيث لا ترخص فلا تغني شيئاً، ولا تثمن كثيراً فيذهب بريقُها بالقلوب والأذهان.
|