عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2007, 02:12 AM   #2


الصورة الرمزية الرهيب معكم
الرهيب معكم غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6889
 تاريخ التسجيل :  Aug 2006
 أخر زيارة : 10-01-2023 (12:01 AM)
 المشاركات : 3,881 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أفضل الطرق لتنشيط الطالب للحفظ والمراجعة



- القصة :
تعتبر القصة من أهم المنشطات التي تبعد الملل وتغرس القيم وتترك آثاراً واضحة في النفوس ، وهي من مبادئ التربية الإسلامية وقد استخدمها القرآن الكريم استخداماً واسعاً ، وحين يشعر المدرس بملل طلابه وفتورهم فإن بعض القصص المختارة بعناية تعيد إليهم نشاطهم وحيويتهم .
وإذا كانت القصة جذابة فإن الطالب يعايش أحداثها وجدانياً وتستميله عاطفياً فيتأثر بها سلوكياً ، وتصل القيم المراد غرسها إلى نفسه بغير أسلوب الأمر والنهي .
والقرآن الكريم والسنة المطهرة مليئان بالقصص التي تربى عليها الجيل الأول ومن بعدهم ، وينبغي أن تكون القصة مشوقة للطالب ، مناسبة لعمره ، مصوغة بالقالب الذي ينفذ إلى حسه بسهوله ، دافعة إلى الخير والقيم والفضيلة وإلى الهدف المراد تحقيقه منها .
ويختار المعلم قصص أطفال المسلمين من عهد النبوة إلى الوقت الحالي ، وقصص حفظة القرآن ، وقصص بعض حلقات التحفيظ ونحوها ، لتكون القصة باعثة على نشاط الطالب نحو التعلم .

11- الترويح عنه بمداعبته والسماح له باللعب والمرح :
الترويح أمر مشروع في الإسلام ، ولا بد منه بين فترة وأخرى ، ليعيد للنفس نشاطها وحيويتها فتقبل على العمل بجد واجتهاد ، جاء في الحديث (( روحوا القلوب ساعة وساعة )) .
وفي شرح المناوي : قال أبو الدرداء : إني لأجم فؤادي ببعض الباطل – أي اللهو الجائز – لأنشط للحق ، وقال علي  : أجموا هذه القلوب فإنها تمل كما تمل الأبدان .
وكان النبي  يمر على الفتيان يلعبون فيسلم عليهم .
وقد قال إخوة يوسف لأبيهم يعقوب عليه السلام : ( أرسله معنا غداً يرتع ويلعب ) .
وكان النبي  يداعب الصغار ، فعن أنس بن مالك  قال : كان رسول الله  يدخل علينا ولي أخ صغير يكنى أبا عمير ، وكان له نُغَر يلعب به فمات ، فدخل عليه النبي  فرآه حزيناً ، فقال : ما شأنه ؟ قالوا : مات نُغَره ، فقال : ( يا أبا عمير ما فعل النغير؟) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
وينبغي أن يكون كل ذلك موجَّهاً تحت إشراف المعلم ، ولا يكون إلزاماً ولا قسراً ، بل حسب الحاجة وحسب ميل النفوس .

12- الامتحان والإثابة :
من الأساليب التي يمكن للمعلم أن يلجأ إليها لتشجيع الطالب ، أسلوب امتحان الطالب وسؤاله السؤال الغريب أو الصعب – ضمن حدود قدراته – ثم الثناء عليه وإثابته إن أجاب ، وهذا يزيد من ثقة الطالب في نفسه ، ويرى أنه قد عظم في نظر معلمه ، ويشعر أنه محل عناية واهتمام ، وأن جهده مرصود معلوم لدى الآخرين .
عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله  : (( يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ )) قال قلت : الله ورسوله أعلم . قال : (( يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ )) قال قلت : الله لا إله إلا هو الحي القيوم . قال : فضرب في صدري وقال : (( والله ليهنك العلم أبا المنذر )) .
قال النووي : قوله  لأبي المنذر (( ليهنك العلم أبا المنذر )) فيه منقبة عظيمة لأبي ، ودليل على كثرة علمه ، وفيه تبجيل العالم فضلاء أصحابه وتكنيتهم ، وجواز مدح الإنسان في وجهه إذا كان فيه مصلحة ولم يخف عليه إعجاب ونحوه لكمال نفسه ورسوخه في التقوى .
وهذا الامتحان غير الاختبارات النظامية التي تجرى من قبل الجمعية ، ولكن أسئلة متنوعة في ثقافة الطالب التي تكون في حدود إمكانياته ، وذلك كالسؤال عن آية متشابه أو عن كلمة غريبة ، أو عن حكم تجويدي مع ضمان مشاركة الطالب المقصود بالتشجيع في الإجابة والثناء عليه وإثابته ليشعر بإمكاناته وقدراته ويرفع من معنوياته .

13- المحاورة في العلم :
وهذا تتمه لما قبله لكنه يختلف عنه بأنه المعلم هو الذي يشارك الطالب في الإجابة ومن ميزات هذا الأسلوب أن يشترك الطالب في الدرس ويكون جزءاً لا يتجزأ منه .
وكان النبي  يستخدم هذا الأسلوب مع أصحابه ، كما في حديث أبي هريرة : (( أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ، هل يبقى من درنه شيء )). قالوا : لا يبقى من درنه شيء . قال : (( فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا )) رواه البخاري ومسلم .
وهذا الأسلوب يثير انتباه السامعين ، ويشوق نفوسهم إلى الجواب ، ويرسخ العلم في أذهانهم ، ويحضهم على إعمال الفكر ، ويعودهم المشاركة والإيجابية ، ولا شك أن الطالب حين يكون مجرد مستمع فإن ذلك سيؤدي إلى ملله ، أما إن شارك فسيشعر بالنشاط والحيوية .

14- الاعتدال والبعد الإملال ( ) :
كان  يتعهد أوقات أصحابه وأحوالهم في تذكيرهم وتعليمهم لئلا يملوا ، وكان يراعي في ذلك القصد والاعتدال .
عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال : كان ابن مسعود  يذكرنا في كل خميس . فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم . فقال : أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم ، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله  يتخولنا بها مخافة السآمة علينا . متفق عليه .

15- تعويده العادات الحسنة :
على المعلم أن يعود طلابه العادات الحسنة التي تضمن لهم نشاطاً وافراً وعطاءً مستمراً ، فيعودهم الاستيقاظ في وقت مبكر ( في الصيف ) والحفظ قبل موعد الحلقة ، والمراجعة في البيت ، وسرد المراجعة – ولو على زملائهم – وتصحيح الدرس الجديد قبل حفظه ، والحفظ بدون أخطاء ، والتسميع المفاجئ من غير ترتيب ، وذلك كله يشعل النشاط في الطالب ويجعله على أهبة الاستعداد دوماً .
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال : قال رسول الله  : (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع )) رواه أبو داود بإسناد حسن .
وهكذا يأمر النبي  بتربية الأبناء على العادات الحسنة ، وعندئذ يصبح الخير عادة من عادات النفوس تستسيغ فعلها بنشاط ودون كلل أو تعب .






16- غرس حب العلم في نفسه ( ) :
حين يغرس المعلم في نفس الطالب حب القرآن وفضائله ، وفضل أهله وحملته ، فإن الطالب سيكون أكثر إقبالاً على القرآن ، وأكثر تعلقاً به ، وأكثر نشاطاً في حفظه وتعلمه .
وقد كان النبي  يستخدم هذا كثيراً ، فالأحاديث في الفضائل لا تكاد تحصى ، وقد اختصت كتب بجمع أحاديث الفضائل فقط ، والأحاديث في فضائل العلم كثيرة جداً .
عن أبي الدرداء  قال : سمعت رسول الله  يقول : (( من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىً بما يصنع ، وإن العالم ليستغفر له من السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورّثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر )) رواه أبو داود والترمذي .
والأساليب في غرس حب العلم كثيرة ، منها ذكر فضائله ، ومقارنة العلماء بالجهل ، والثناء على العلماء ، وإجلالهم وتقديرهم ، والترحم عليهم ، واتخاذ العلم الشرعي مقياساً في المفاضلة .

17- الربط بالمثل العليا ( ) :
فالتربية على المثل الأعلى والتطلع إليه والإغراء به يحفز الإنسان دائماً للارتقاء بنفسه وبتربيته ليصبح قريباً أو مشابهاً للمثل الأعلى .
وكان النبي  يؤكد على ذلك بقوله : (( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ))
ويقول : (( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) .
وكذلك المعلم ينبغي أن يربط الطالب بمثل أعلى في الخير ، بذكر أقوال السلف وأحوالهم مع القرآن ، ويربطه بمثل أخرى من الواقع من زملائه المجتهدين أو العلماء المعاصرين أو الحفاظ والمقرئين ، وحينئذ يرغب الطالب في الوصول إلى ما وصلوا إليه ، فيثير ذلك في نفسه نشاطاً يدفعه إلى الإقبال على مائدة القرآن .

18- التنويع :
التنويع يدفع السأم ، ويبعد الملل ، ويجدد النشاط ، ويجعل الفكرة المعروضة أدعى للقبول ، وأيسر للفهم .
ونجد أن القرآن الكريم ، والسنة النبوية المطهرة يحفلان بالأساليب المتنوعة لتقريب الفكرة للمخاطبين .
وإذا أخذنا مثالاً من القرآن الكريم على تحريم الزنا ؛ فإننا نجده قد سلك مسالك عدة في ذلك ، فنهى عنه نهياً صريحاً بقوله :  ولا تقربوا الزنا 
ونهى عنه بالتشنيع على مرتكبه بقوله :  الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة  أي أنه إنما يزني بزانية مثله أو مشركة .
ومدح من لا يزنون بقوله :  والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون  .
وذكر قصة يوسف التي تبين شرف العفة وفضلها .
وكل ذلك من شأنه أن يقرر الفكرة في ذهن المخاطب .
وكذلك الطالب ينبغي أن تنوع أساليب التعليم له فمرة بالإلقاء ، ومرة بالسؤال ، ومرة بطلب البحث ، وهكذا ……..

19- استخدام الوسائل المعينة على التعليم :
الوسائل التعليمية هي الطرق والأساليب التي يستعين بها المعلم على إيصال الفكرة إلى أذهان الطلاب .
وهي تعين على الفهم ، وترسخ المعلومة في الذهن ، وتجعل التعلم أمراً مسلياً محبباً إلى النفوس ، وهي تلفت الانتباه وتجذب المتعلمين بما تتضمنه من عناصر جذابة ، وقد استخدم النبي  ذلك في تعليمه للصحابة .
عن عبد الله بن مسعود  قال : خط رسول الله  خطاً مربعاً ، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه ، وخط خطوطاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط ، فقال : ( هذا الإنسان ، وهذا أجله محيط به ، وهذا الذي هو خارج أمله ، وهذه الخطوط الصغار : الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه كلها نهشه الهرم)رواه البخــاري
وقد أكدت دراسة حديثة أن الإنسان يتذكر ما يتعلمه بنسب متفاوتة بحسب الأسلوب الذي استخدم في تعليمه على النحو التالي :
يتذكر الإنسان بنسبة 10 % مما يقرؤه .
يتذكر الإنسان بنسبة 20 % مما يسمعه .
يتذكر الإنسان بنسبة 30 % مما يـراه .
يتذكر الإنسان بنسبة 50 % مما يراه ويسمعه في وقت واحد .
يتذكر الإنسان بنسبة 80 % مما يقوله .
يتذكر الإنسان بنسبة 90 % مما يقوله ويفعله .
ومثال ذلك : أن يشرح المعلم الحكم التجويدي بقوله ، ثم يطبقه بلفظه ، ويستعين باللوح لتوضيحه ، ويطلب من الطلاب استخراجه من المصاحف ، ويطلب منهم نطقه ، ويسمعهم إياه من المسجل ، ويريهم إياه في المصاحف التي تبرز التجويد بألوان مختلفة . وهذا من شأنه أن يثبت المعلومة وأن يثير النشاط ويذهب السأم .

20- الإنصات للمتعلم والحوار الهادئ معه :
وهذا من أفضل الأساليب لتشجيع الطالب ، وحل المشكلات التي يواجهها ومساعدته على الوصول إلى نقاط ضعفه ومعالجتها .
ويتم ذلك من خلال حوار هادئ يجريه المعلم مع الطالب يبين فيه للطالب أنه جاد في معرفة مشكلته ، ويقنعه بذلك دون انفعال أو غضب أو سخرية ، فيحترم مشاعر طالبه ويهتم بها ويظهر قبولها ، وينصت له إنصاتاً تاماً ، ويبدي مشاركته العاطفية لما يقوله بحركات الوجه أو تكرير ما يقوله بالتجاوب معه ، وينتظر المعلم إلى أن يفرغ الطالب كل ما لديه ، فيضع يده على جوهر المشكلة ويسمي الحالة التي يمر بها الطالب : { يأس ، فتور ، إرهاق ، ……… }
ويبين للطالب أنه يشعر بهذا وأنه معذور حالياً ، ويحاول إيجاد حل لمشكلته ، وتقديم النصائح العملية والاقتراحات الواقعية ، مع المتابعة له وإعانته والأخذ بيده ، ملمحاً بالتهديد أن لا عذر لديه إن لم يتحسن.
وهذا له أثر كبير جداً في تنشيط الطلاب ، ولكنه يحتاج مدرساً قريباً من نفوس الطلاب خبيراً بنفسياتهم ، بارعاً في التعامل معهم .

21- الجوائز :
الجوائز من أقوى الدوافع على العمل والإنتاج ، وهي تحفز النفوس ، وتثير الهمم ، وتبعث النشاط .
وحسبنا في بيان ذلك ما وعد الله به تعالى عباده المتقين من جنات النعيم . وقد فصل القرآن الكريم والسنة المطهرة ما للمتقين من جزاء عند الله تعالى تفصيلاً وافياً بأروع أسلوب ، وأبين عبارة ، وأدق وصف ، ليكون دافعاً للمخاطبين إلى العمل الصالح .
وقد بين الله تعالى أنه لا يضيع عنده من عمل الخير مثقال ذرة :  فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره  ،  إن الله لا يظلم مثقال ذرة  .
والقرآن الكريم والسنة المطهرة حافلان بأمثال ذلك .
وكان النبي  يستخدم أسلوب الإثابة ليشجع على أمر من الأمور .
عن عبد الله بن الحارث قال : كان رسول الله  يصف عبد الله وعبيد الله وكثيراً بني العباس ثم يقول : ( من سبق إليّ فله كذا وكذا ) ، قال : فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم
والجوائز الموضوعة من قبل الجمعية بناءً على نتائج الاختبارات لها أثر جيد على الطلاب ، لكن ينبغي أن يكون هناك جوائز أخرى تعطى للمدرس فيوزعها – وفق ضوابط معينة على الطلاب – وفي هذا عون كبير له على أداء مهمته .
وينبغي أن تكون الجائزة لائقة بالطالب ، مناسبة للعمل الذي أنجزه ، وتعطى له على مرأى من زملائه ؛ لتكون أكثر فائدة ، وتكون أفضل كلما كانت فائدتها أكبر على الطالب وعلى من حوله كأن تكون شريطاً دعوياً ، أو مجلة هادفة ، أو أداة نافعة ، كما تكون أحب إلى الطالب حين تمنحه الحرية في الاختيار كأن يُعطى شيكاً يُصرف من المكتبة حسب ما يختاره.

22- البعد عن عوامل التثبيط :
من أهم عوامل التنشيط البعد عن عوامل التثبيط ، ومما يثبط الطالب ما يلي :-
1- إضعاف ثقته بنفسه .
2- التسلط والضرب وكثرة الزجر .
3- أساليب التربية الخاطئة .
4- عدم تقدير جهوده وعدم مكافأته وترك الثناء عليه .
5- دفعه إلى الحفظ بطرق خاطئة كالقول له : حفظك لا يصلح أبداً ، أنت لست حافظاً إذا بقيت على هذه الحال فاذهب وابحث عن مجال آخر .
6- ظلم الطالب وهضم حقه وعدم إنصافه .
7- عدم قبول قوله وعدم الاعتداد برأيه وتسفيهه وتجهيله .
8- ضعف المدرس علمياً وتربوياً ومخالفة القول العمل .

23- الغضب :
هو من أقوى الأساليب في إثارة الهمم وتحقيق الأهداف ، ونقصد بالغضب : الغضب المشروع ، أي الغضب لله عز وجل ، ويلجأ المعلم إلى هذا الأسلوب حين يستنفذ وسائل كثيرة قبله ، فيغضب غضباً يؤدي إلى المقصود فحسب ، شريطة أن يملك زمام نفسه ، ويكون متحكماً في تصرفاته ، واعياً لأفعاله وألفاظه ، دقيقاً في حركاته وعباراته .
عن جابر بن عبدالله  قال : ( كان رسول الله  إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش ، يقول صبحكم ومساكم ) رواه مسلم والنسائي وابن ماجه .
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : خرج رسول الله  على أصحابه وهم يختصمون في القدر ، فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب . وقال: (( بهذا أمرتم أو لهذا خلقتم ؟ تضربون القرآن بعضه ببعض ، بهذا هلكت الأمم قبلكم )) رواه ابن ماجه والطبراني في الأوسط الكبير .
فالغضب المشروع هو أسلوب ناجح لرد الأمور إلى نصابها ، ومنشط قوي يقضي على الفتور الذي مرده إلى الكسل والامبالاة ، وأسلوب لا بد منه حين تستنفذ الأساليب ، لكنه ليس كل شيء كما هو واقع في بعض الحلقات .

24- الإعراض والهجر :
الهجر أسلوب شاق على النفس ، شديد الوقع على الفؤاد ، وهو أكثر الأساليب قسوة خاصة إن عومل به طالب رقيق القلب ، بالغ الحساسية .
فلا يلجأ إليه إلا نادراً ، مع مراعاة أن يكون محكماً ، واضح الهدف ، معلَّل الغاية ، وألا تسقط به الواجبات ، أو تضيع به الحقوق ، كرد السلام وعيادة المريض ونحوها .
وهو يدفع الشخص المهجور إلى العودة أحسن مما كان ، وينشطه نشاطاً يستنفذ فيه قواه ويستخرج كافة طاقاته للعودة إلى الوضع الاجتماعي الطبيعي .
ولنَرَ حال كعب بن مالك  حين هجره المسلمون لتخفه عن غزوة تبوك ، ونهى رسول الله  عن كلامنا ، قال فاجتنبنا الناس ، أو قال تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة . فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد ، وآتي رسول الله  فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ؟ ثم أصلي قريباً منه وأسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي ، وإذا التفت نحوه أعرض عني .
ولنَرَ الأثر الإيجابي للهجر عليه ، وبقاء هذا الأثر طيلة عمره ، قال كعب بعد أن نزلت توبته : فلما جلست بين يديه  قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله . فقال رسول الله  : (( أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك )) فقلت : إني أمسك سهمي الذي بخيبر ، وقلت : يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما بقيت ، فوالله ما علمت أحداً من المسلمين أبلاه الله تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله  أحسن مما أبلاني الله تعالى .
والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله  إلى يومي هذا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله تعالى فيما بقي .
والأسلوبان الأخيران -الغضب والإعراض- هي آخر الأساليب التي يلجأ إليها المعلم بعد نفاد ما بحوزته من أساليب


 
 توقيع : الرهيب معكم



رد مع اقتباس