المكان :" في بقعة من هذا العالم "
الزمان :" قبل أن تنتهي الأزمنة "
________________________
هي : صباح الخير ..
هو : أهلا بأجمل صباح .. أهلاً بمن اشتقت لها
هي : إنني على خصامٍ معك و لن أرض حتى تعدني أنك ستنفذ ما أريد !
هو : ما بالك .. ما الذي حدث ؟
هي : حدثني النور ، ووضح لي أنك لم تعد مهتماً بدراستك ، وأنك دائم في غرفتك بين الأشعار والأحلام ؟
هو : ما أرق هذا النور ، ما أوفى هذا الصديق .. أتعلمين أنه غضب مني في ذاك اليوم عندما تحدثنا عن الحب ؟
هي : لماذا .. ؟
هو : ناديته بـ "كاتم الأسرار" .. وأنه "ساعي بريد" .. و ساعي البريد عادةً يجهل ما يحمل من بريد ؟
هي : هل جننت كيف تسمع أعز أصدقاؤك هذا الكلام ؟
هو : كنت أمازحه ، حاولت تغيير الموضوع حيث كان يتحدث عن الدراسة ومللت حواره ؟
كنت أود أن نتحدث عنكِ و عن الحب الذي أعيشه والفرح الذي يضمني ؟
هي : و هل تحاول أن تغير الحوار معي أيضاً .. لن أصالحك حتى تعدني ؟
هو : حسناً لك مني وعداً أن أدرس ،، هل ارتحت الآن ؟
هي : لقد اشتقت لك كثيراً .. ولولا أنك في فترة اختبارات لاتصلت بك كل ساعة بل كل ثانية ؟
هو : كل عام وأنت بخير .. الشهر المبارك سيحل بعد يومين إن شاء الله .
هي : وأنت بألف خير ..
هو : شهر رمضان جميل في كل مكان ..
هي : أرجوك حبيبي اهتم بدراستك ، لا أريد أن أكون سبباً في ابتعادك عن الدراسة ؟
هو : لا تخافي ، وإلى الملتقى ..
اليوم الأول .. وكالعادة .. إفطار الكثير من الأقارب في بيت والده ، ما أجمل أمسيات رمضان .. يلتقي هو وأصدقائه .. بعد صلاة العشاء .. في حديقة الحي .. قلة منهم من كان يحضر صلاة التراويح والأغلبية كانوا يركضون بعد الإفطار مباشرة للاختفاء وسط شجيرات الحديقة التي تتوسط الحي .. يتوارون عن الأنظار .. ويشعلون سجائرهم من بعضهم البعض .. يطفئون عطش النهار بدخان جمر من نار !
كان صاحب الدكان " أبو احمد " عجوزاً تقياً .. يبدأ عمله بعد صلاة التراويح .. اعتاد هذا العجوز رحمه الله أن يمر من وسط الحديقة ليرى هؤلاء المراهقين وكانوا يختفون خلف الأغصان .. لكي لا يراهم يدخنون .. و يمنعهم من دخول البقالة .. مع أنه يبيع علب السجائر في دكانه الصغير . !!
وفي بداية مساء .. والشمس ترسم خيوط غروبها اللامع .. قبل موعد الإفطار خرج إلى الحديقة ..يحرك الدقائق الثلاثون الباقية على الإفطار .. و إذ به يراها عائدة من بيت عجوز فقيرة بالحي لا تبعد عن منزلهم كثيراً .. كانت مسرعة الخطى نحو منزلها .. فاتجه إليها ..
يملأه الشوق الذي لا ينتهي .. وقف أمامها مرحباً .. وكانت متوترة .. يملأ الغضب عينيها .. !!
هو : ما بكِ مستعجلة .. هل هناك شيء ..
هي : لا شيء .. إنني ذاهبة إلى المنزل .. ولا أريد أن أتأخر ..
هو : سأرافقكِ ..
هي : ليس هناك ضرورة لأن ترافقني .. ثم أود منك أن تنسى كل شيء ..
هو : ماذا تقصدين .؟؟
هي : الأفضل النسيان ..
ذهبت مسرعة وبقي كجثة بلا حراك .. هذه حديقته التي نصبوه فيها زعيماً .. قد تحولت إلى غابه مخيفة ، أنكرته زعيماً بعد أن شهدت أوراق شجيراتها على الإعلان الأخـير .. وتلك هي الزهرة التي لا تذبل .. قد ذبلت اليوم في يومٍ ربيعي ماطر .. !!
لم يصدق .. ما سمع من كلمات .. بل كلمتين .. ( الأفضل النسيان ) .. بدأ يسأل الرصيف الذي كان يمشي عليه إلى جانبها ..
راح يسأل جدران المنازل المحيطة .. وأوراق الشجر التي اصفرت فجأة كأن الزمان خريفاً و ليس ربيعاً .. !!
لجأ إلى الصديق الصدوق .. إلى النور .. محتاراً بما سمع .. ناداه .. صرخ به .. ما الذي حدث .. وكيف تنطق بكلامٍ كأنه خنجرٍ غرس في ظهره .. حاول الصديق النور أن يخفف من وطأة ما قالت .. منبهاً إياه أن جميع نساء الحب .. يمرن بمرحلةٍ ما يجربـن قوة الحب لدى من يحبهن ، والممكن أن تكون زهرته لجأت لهذا الأسلوب لتتأكد من حبه .. !!
لم يقتنع .. فـ صديقه لم يرى عيني زهرة السوسن كيف كانتا تنظران إليه عندما نطقت بجملتها المخيفة .. !!
لم يرى كم كانتا تحملان من الحزن والندم والقهر .. فلا يوجد في هذا العالم من يستطع أن يفسر لغة عيون المحب سوى قلب حبيبه !!
نعم عندما تحدثت إليه قبل قليل .. كان كلامها نابعاً من عينيها .. كانت تخاطبه بلغة لا يفهمها إلا هو .. كانت حبيبة جريحة !!
ولكن مما .. ؟ .. فهو لم يخطئ .. فما الذي حدث .. ولماذا اتخذت الزهرة الفتية هذا القرار ؟
أمضى أول الليل في حديقته مع صديقه .. وأكمله وحيداً .. حتى شروق شمس الصباح .. !!
كانت الليالي تمر عليه ثقيلة يابسة رغم قطرات السماء الجميلة التي كانت تغازل وريقات الشجر في الحي !
ما عاد يذهب إلى عمه ويرافقه إلى المسجد المجاور لمنزله .. ما عاد يجتمع مع صحبته تحت الشجر .. لم يعد يهتم بدارسته !!
جاء احد اصدقائه .. يسـأله عن سر ابتعاده عن المجموعة .. يحاول أن يساعده .. قال له : ألسنا أصدقاء منذ سنوات .. ألم تقف معي في كل مشاجرة ولا تسألني من المخطئ إلا بعد أن نشبع الطرف الآخر ضرباً ..
حاول لأيام أن يفهم .. ولم يجب صديقه .. وكان يغير الموضوع .. فهو جنوبي قروي .. لا يمكن أن يقول أنه عاشق !!
-----------------------------------
نكمل .. تحياااااااااتي