عرض مشاركة واحدة
قديم 08-28-2006, 09:21 PM   #4
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الجــرح
الجــرح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 656
 تاريخ التسجيل :  Dec 2003
 أخر زيارة : 11-22-2007 (12:07 PM)
 المشاركات : 2,680 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الموسـيقى في الإســلام ..!!



أما من ناحية

الـــــــــمتن: فلنأخذها كلمة كلمة لفظ (يَستَحلونَ):
هذا اللفظ يَقَعُ استِعمالُه في استِباحَةِ الحَرامِ واستِباحَةِ المُباحِ جَميعاً، كما دٌلت عليهِ السنة.
فأما استِعمالُه لاستِباحَةِ الحَرامِ، فبمُواقَعتِه واعتِقادِ إباحَتِه، فإن كانَ اعتِقادُهُ ذلكَ بغيرِ إذن من الشرعِ أو عُذرٍ كتأويل أو جَهل كانَ كُفراً.
ومِن شَواهِدِ استِعمالِه في هذا المعنى، قولهُ:صلى الله عليه وسلم ((اتقوا اللّه في النساء فإنكُم أخَذتُموهُن بأمانِ الله، وَاستَحلَلتُم فُروجهُنَّ بكَلِمَةِ اللّه )) ، وذلكَ أنَ الأصلَ في الفُروجِ التحريمُ، وهذا استِحلال بإذْنِ الشرعِ.
ومن شَواهِدِهِ قولُ أئمةِ السنةِ: (لا نُكَفرُ أحداَ من أهلِ القِبلَةِ بذَنب ما لم يَستحلهُ ).

وأما استِحلالُ الحَلالِ، فإنَّا وَجَدْنا ذلكَ الاستِعمالَ فىِ حديثِ المقدام بنِ مَعدي كَرِبَ، قالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم : "الا هَل عَسَى رَجُلْ يَبلغُهُ الحَدِيثُ عَني، وَهُوَ متكِى على أَريكَتِهِ، فَيَقُولُ: بَينَنا وَبَينَكُم كِتابُ اللّه، فَما وَجَدنا فِيهِ حَلالا استحللناهُ، وَما وَجَدنا فِيهِ حَراماَ حَرمناهُ، وَإِن مَا حَرمَ رَسُولُ اللّه كَما حَرَمَ الله " (حديث صحيح).

فدل الاشِتِراك في استِعمالِ لفظِ (الاستِحلالِ) في استِباحَةِ الحرامِ واستِباحَةِ الحلالِ على أنه لا يدلُ بنَفسهِ على استِحلالِ الحرامِ، إنما تتوقفُ دلالَتُهُ على ذلكَ على دَليلٍ خارجٍ عن نَفسِ لفظِ (الاستِحلالِ). وعليهِ، فلا يصح أن يَقول القائل: دلَّ استِحلالُهم إياها أنها كانَت قبلَ ذلكَ حراماَ، وَيستنِدُ إلى نَفْسِ دلالَةِ هذا اللفظِ.
ولا رَيبَ أنَّ الدليلَ المنفصلَ من الكِتابِ والسنةِ قد تواتَرَ في تَحريمِ الزنا والخَمرِ دون استِثناء، فاستِحلالُها استِحلالٌ لمعلومِ الحُرمَةِ من دينِ الإسلامِ.

كما تَواتَرَتِ السنَنُ في بيانِ حُكْمِ لِباسِ الحَريرِ، غيرَ أنَها فصَّلَت: فأباحَتهُ للإناثِ، وحرمَته على الذكورِ، بل استَثنَت جوازَه للذكورِ للحاجَةِ، كما رَخصَتْ في يَسيرِه، في تَفاصيلَ تُعرَفُ من مَظانها، فالمرأةُ إذا لَبِسَتِ الحريرَ فقدِ استحلتِ الحَلالَ، وليسَ عليها في ذلكَ من بأسِ، والرجلُ إذا استحله لغيرِ علةٍ وكانَ كثيراً فقد استحل الحرامَ.
وإنما فصلنا ذلكَ لان الأدلةَ فصلتهُ، ولم يتعارَض الاستِحلال مع هذا التفصيلِ، ولا رَيبَ أن استِحقاقَ العُقوبةِ لا يكونُ على استِحلال الحَلالِ، فالحَريرُ المستَحَلُ في الحديثِ محَل الكلامِ هُنا هوَ الذي لا يحل لُبسُه، لأن ما يحلُ لُبسُهُ لا يُعاقَبُ عليهِ.
وهذا جَميعُه إنما عَلِمناهُ بدَليلِه المستقلٌ ، ليسَ هوَ حديثَ أبي عامرٍ أو أبي مالك.
والمقصودُ هُنا أن نُدرِكَ أن لَفظَ الاستِحلالِ لا يُفيدُ حُكمَ التحريمِ لذاتِهِ.

دَلالةُ الاقتِران:

وأما التعلقُ بالاقترانِ كدَليلِ على تَحريمِ المعازِفِ، فتعلقٌ ظاهرُ الضعفِ، فإنا نعلَمُ بالضرورَةِ أن الحريرَ لا يَشبَهُ في حكمِهِ الزنا وشُربَ الخمر
فإن قيلَ: دَل السياقُ على أن للمعازِفِ قدراَ من الذَّمٌ في هذا الحديثِ.
قلنا: نَعَم، هذا معنى لا يَتبَغي إنْكارُهُ، فإنَّه سيلى ذكَرَ ترتيبَ العُقوبةِ لهُم على هذا الاستحلالِ الواقعِ منهُم، وفي جُملَتهِ استحلالُهم المعازِفَ.
فلا يصحُّ أن يتخيلَ أحدٌ أنَّ ذكرَ المعازِفِ هُنا كذكْرِ مُباحِ مُطلَقِ الإباحَةِ، فهذا لا يَستَقيمُ مع عَدها أحدَ أسبابِ تَرتيبِ العُقوبَةِ على القَومِ المشارِ إليهم في الحديثِ.

نَعَم دَلالةُ الاقتِرانِ ضَعيفة عندَ جُمهورِ أهلِ الأصولِ، لكنْ هذا لو قالَ قائلْ: لَما قُرِنَت (المعازِفُ) بالزنا والخَمرِ أخذَتْ حُكمَها، فهذا الاسِتدلالُ ضَعيفْ مَردود، فإن النصوصَ قد تَقرِنُ بينَ الأشياءِ المختلفةِ في أحكامِها، أما إذا قالَ القائلُ: لَما اشتَرَكت (المعازِفُ) مع المذكوراتِ كسَببِ للعُقوبَةِ، فإن ذلكَ دال على قَدْر يتناوَلُها من شَبَهِ حُكمِ المذكوراتِ، وهذا الذي نُصوبُه ونقولُ: في الحديثِ علامَةْ على حُكمِ يخص (المعازفَ) هوَ من جِتسِ حُكمِ المذكوراتِ.
ولكن كَما عَلِمنا حُكمَ هذهِ الثلاثِ: الزنا والخَمرِ والحَريرِ، بأدلتها الخاصةِ بها، فلننظُر كذلكَ المعازِفَ، ولنبحَث في أدلةِ الأحكام لا في الأخبارِ عَما سَيقعُ في آخرِ الزمان، على ما يُبينُ المرادَ بما أشارَ إليهِ هذا الحديثُ من حُكمِ المعازِفِ، وكما صَححنا التفصيلَ في الحَريرِ، فَلنَستَحضِر جَوازَ أن يكونَ الشأنُ كذلكَ في المعازفِ.
وأمَا العُقوبَةُ الواردةُ في الحديثِ، فإنها مرتبة على جَمعِ هؤلاءِ الأقوامِ للمذكوراتِ، وليسَ على استِحلالِهم لبعضِها على الانفِرادِ، وهذا ظاهرٌ لا يَتبَغي إنكارُهُ.
قيلَ: مُجردُ تَرتيبِ العُقوبةِ شَرعاً على عَملِ، دَليل على التحريمِ.
قُلنا: هذا صَحيح من حيثُ التأصيلُ لا نُنازعُ فيهِ، ولكنه ضَعيفْ هَهُنا، وذلكَ لأن العُقوبةَ رُتبَت على المجموعِ، ونحنُ نبحَثُ عنِ الحُكمِ لكُل منها على الانفِرادِ.

فَحاصل القوْل في دلالةِ هذا الحديثِ:
أنه أفادَ أن المذكوراتِ تكونُ شِعاراً لأقوامِ، يَستَوجِبونَ بها سَخطَ اللّه فَيَخسِفُ بهِم، وَيمسَخُ منهم اَخرينَ قردةَ وخنازيرَ، ولم يُسَق لبَيانِ حُكمِ شيءِ منها، وإن كانَ قد دلَ على أن لأفعالِهم تلكَ من الأحكامِ ما لا تكونُ معَه مُباحَة، بقَرينةِ ما اجتَمعوا عليهِ من الفَسادِ الموجِب لتلكَ العُقوبَةِ بجُملَتهِ.
فإن قلتَ: أقرْرتَ بأن الحديثَ أشعَرَ بوُجودِ حُكمِ للمَعازفِ ليسَ هُوَ الإباحَةَ، كما لا يكونُ الكَراهَةَ، لأنه أحدُ أسبابِ العُقوبَة في الحَديثِ، فتعينَ أن يكونَ التحريمَ.

قلتُ: يَنبني هذا على تَفصيلِ القول في (المعازِفِ)، وهَل يتعلقُ بها حُكم لذاتِها، أم حُكمُها باعتِبارِها وَسيلةَ؟
استَحضِر ما تقدمَ في الكلامِ على مُطلَق (اللهو) وأنه في الأصلِ على الإباحَةِ، وإنما يَنتقلُ عَنها إلى غيرِها بحَسَبِ ما يُستَعمَلُ له، فإما طاعَة فيتحولُ إلى بابِها، وإما غيرُها فيتحولُ إلى كَراهَةٍ أو تَحريمِ, وسنبينُ ذلكَ عندَ الكلامِ على قولِهِ تعالى: (وَاَستَفزِز مَنِ اَستَطَعْتَ مِنهُم بِصَوتِكَ) الإسراء: 64..
وقولِه تعالى: (و من الناس من يشتري لهو الحديث ليضل به عن سبيل الله بغير علم و يتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) لقمان: 6.
فهُنا لما جامَعَتِ (المعازِفُ) الزنا والخمرَ كانَ ذلكَ قرينةَ على أْنها استُعمِلَت من أولئكَ الأقوامِ المخسوفِ بهم وَسيلةَ للحرامِ وعَوناَ عليهِ وَداعياً إليه، خُصوصاً مع ما هُوَ مَعلومٌ من حالِ من يَجتَمعُ على ذلكَ من الفَسَقَةِ، فهؤلاءِ لا يتمُّ أنسُهُم وَيحلو لَيلُهُم دونَ طَرَبِ السماعِ، بأصواتِ الآلات والغِناءِ المشوقِ إلى الخَمرِ والنساءِ، فهيَ وَسائلُ اتخِذَت لمعصيَةِ الله.

ولا نصححُ القول بلُحوقِ حُكمِ التحريمِ لنَفسِ الآلَةِ ونَفسِ الصَوتِ، لأننا بَحثناُ عنِ الدليلِ الخاص المفيدِ لذلكَ فلم نجِدهُ، وإنما الذي وَجَدْنا الأدلةَ قد وَرَدَت فيهِ اْن (المعازِفَ) كانَت موجودة على عَهدِ التشريعِ، واستِعمالَها كذلكَ في مُناسَباتِ وأحوال مُختلفةٍ ، وكذلكَ الغِناءُ، ولم يَرِد فيها دَليلْ واحد صَريح يُبينُ حُرمَتَها على سَبيلِ الاستِقلالِ، كما وَقَعَ ذلكَ في تَحريمِ الخَمرِ والزنا، وما ادُّعِيَت فيهِ الصَّراحَةُ فهذا الحديثُ أحسَنُه، وقد عَلِمتَ الغايَةَ في دلالَتِهِ، وباقي ما استُدِل به فهوَ دونَه إما دَلالة إن صَح، وإما رِوايةً، وهو الغالبُ.

وإذا صَح لنا التفصيلُ في حُكمِ الحَريرِ حينَ نظَرناهُ مُفرداَ عن المذكوراتِ، فكذلكَ وَجَدنا الكلامَ في (المعازِف) لا يستَقيمُ فيهِ إلا التفصيلُ حينَ بحَثناهُ مفرداَ.
فإن قلتَ: صَححْ دَعواكَ أن استِعمالَ (المعازف) كانَ موجودا في عَهدِ التَنزيلِ.
قلتُ: نَعَمْ، أما (الدف) فهوَ أبرَزُ مَعازِفِهم في الجاهليةِ والإسلامِ، وأدلَّةُ ذكرِهِ كثيرَ:، نَجدُ سِياقَ جُملَةِ منها في تَفصيلِ أحكام هذهِ المسألة.

نـــــأتي للمحظورات واحدة واحدة :
أول ما ذُكر هو (الحر) ، والحر بكسر الحاء وفتح وتخفيف الراء (أي عدم تشديدها) هو الفرج ، والمقصود ارتكاب الفرج بغير حله ، أي يستحلون الزنا .

من الواضح تماما أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يذكر كلامه الزنا ، ولم يذكر معنى ارتكاب الفرج في غير حله . ومع هذا فكل من قرأوا الحديث لم يفهموه سوى بهذا المعنى .

لو أننا أخذنا الحديث على إطلاقه ، لكان لابد لنا أن نأخذ كلمة (الحر) على إطلاقها أيضا ، ونفهم منها أن الحديث يحرم ارتكاب الفرج على الإطلاق ، وليس بغير حله فقط ! هذا المعنى لا مفر منه لو أننا أخذنا بظواهر الكلمات وفهمنا المطلق فقط من المعنى . ولكن مع هذا فقد فهم كل من سمع الحديث أو قرأه المعنى المجازي ، وأنه كناية عن الزنا .ولم يُفهم أنه اللواط أو الاستمناء مع أن في كليهما استحلال للفرج مع اختلاف الحكم لكل منهما ..
لماذا تم فهم أن المقصود هو ارتكاب الفرج في غير حله فقط ؟ هل كان الاعتماد على العقل والمنطق المطلق ، أم بسبب كون تحريم الزنا موجود وثابت في الإسلام من قبل ؟ بالتأكيد لقد لعب دور التحريم المسبق للزنا دورا كبيرا ، بل دورا رئيسيا في هذا الفهم ، ولولاه لكان لابد من أخذ الحديث على المعنى المطلق ، ولكان جماع الرجل وزوجته حراما !

هذا المعنى يتضح أكثر في الكلمة التالية المفترض تحريمها ، وهي كلمة (الحرير) . فالفهم المطلق لهذه الكلمة يُؤخذ منه على أن الحرير حرام مطلقا على أمة محمد . فهل يستقيم هذا الفهم ؟ وهل فهم أحد ذلك من هذا الحديث ؟ بالتأكيد لا ، فجميع المسلمين يعلمون أن الحرير حرام على رجال المسلمين إلى ما كان للضرورة كمن بهم حكمة أو مرض ونحو ذلك ومطلقاً هو حلال على نسائها . فلماذا لم يتم فهم معنى التحريم المطلق للحرير من هذا الحديث ؟ وإنما فهمه العلماء أن الوعيد لمن يلبسه بلا ضرورة من الرجال؟

قد يرد البعض على هذا بالإطلاق والتقييد ، أو بالنسخ ، فيقول أن هذا التحريم مطلق في هذا الحديث ولكنه مقيد على الرجال في حديث آخر . والحقيقة أن القول بهذا يحتاج إلى العديد من الأدلة لإثباته . فأولا يجب إثبات أن تقييد التحريم على الرجال لاحق للتحريم المطلق المفترض في هذا الحديث ، وكذلك يجب إثبات أن الصحابة قد فهموا من هذا الحديث التحريم المطلق للحرير ، وحرموه على نسائهم أيضا ، وهذا ما أعتقد أنه غير وارد بالمرة .

إذن فمن سمع الحديث فهم منه أن الحرير المقصود في الحديث هو الحرير للرجال فقط ، وأنه لا يعني إطلاق التحريم على الرجال والنساء على حد سواء . لماذا تم الفهم بهذا المعنى ؟ مرة أخرى لأنه كان معلوما من قبلها تحريم الحرير على الرجال فقط ، فتم الفهم بناء على هذا العلم المسبق .

ما الذي أريد أن أصل إليه بهذا ؟ ما أريد أن أصل إليه هو أن الصحابة الذين سمعوا الحديث كانوا يعلمون بأحكام الأشياء الواردة في الحديث من قبل ، فكانوا يعلمون بتحريم الزنا ، وكانوا يعلمون بتحريم الحرير على الرجال ، وكانوا يعلمون أيضا بتحريم الخمر مطلقا . فعلمهم بتحريم أي من هذه الأشياء لم يأت ، بل ولم يتأكد بهذا الحديث .

الحقيقة أن هذا الحديث ليس بحديث تشريع من الأساس ، أي أنه لم يأت ليبين حكم الشرع بالتحليل والتحريم في أمور معينة ، فكل ما تم ذكره في هذا الحديث معلوم حكمه مسبقا ، ولم يفد معنى التحريم المزعوم أي إثبات لهذا العلم المسبق ، بل على العكس أتي بما يناقضه .

فإذا لم يكن هذا الحديث حديث تشريع ، فأي حديث هو إذن ؟
هو حديث بيان لحال قوم سيأتون مستقبلا ، يبيحون ما أحل الله . وإباحة ما أحل الله هو المعنى الكلي المقصود من ذكر المفردات المختلفة في الحديث ، فيمكن استبدال بالأشياء المذكورة فيه كلمة ما حرم الله ، ويكون المعنى يستحلون ما حرم الله . إنه وصف لحال مجملة لقوم ، يشربون الخمر ويمارسون الزنا ويلبسون الحرير ويجلسون في مجالس اللهو والغناء . إنه وصف لحال مجملة وليس بتحريم لكل مفردة من المفردات ، والدليل على هذا هو إتيان الحديث بلفظ آخر وهو : (ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها تغدو عليهم القيان وتروح عليهم المعازف) . فنرى أن في هذا اللفظ لم يأت ذكر الحرير ولا الحر ، وأتي ذكر القيان ولم تذكر في اللفظ الأول . فليس مهما كل مفردة من هذه المفردات ، ولكن المهم هو الوضع الكلي لهؤلاء القوم الذين يتحدث عنهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) .

هو حديث لوصف حال هؤلاء القوم ، ثم إن به وعيد لهم ووصف للعذاب المستحق لهم : (فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة) . وهذا الوعيد وهذا الوصف للعقاب المنزل عليهم موجود أيضا في اللفظ الآخر للحديث والمذكور آنفا .

إذن فهو في النهاية ليس بحديث تشريع ، وليس بحديث بيان الحلال من الحرام ، فلم يأخذ منه أحد التحريم المطلق للحر ولا التحريم المطلق للحرير ، بل ولم يؤخذ منه تحريم الخمر أيضا وإنما يؤخذ دائما من نصوص أخرى . فكيف يؤخذ منه التحريم المطلق للمعازف ؟ ولماذا نحمل المعازف ما لم تحتمله باقي الأشياء المذكورة ؟ وإذا كان تحريم الفرج في غير حله يؤخذ من نصوص أخرى ، وإذا كان تحريم الحرير للرجال يؤخذ من نصوص أخرى ، فمن أين يؤخذ تحريم المعازف ؟

ألا يستدعي تحريم ما أحل الله بعضا من العقل وقليلا من المنطق ، بدلا من فقه القص واللصق ؟

باخـــــــــــــــــتصار:

لا يمكن أن تقوم الحجة على أحد بهذا الدليل ..فهو ليس دليلاً تشريعياً قائماً بذاته ..فمثلاً :

لو قلتِ لأحدهم لا تستحل "الحر" فسيقول: أني استحله بعقد زواج ..

ولو قلتِ لأحدهم لا تستحل "الحرير" فسيقول : أني استحله للضرورة أو للنساء

ولو قلتِ لأحدهم لا تستحل "الخمر" فسيقول: استحللته للضرورة أو مكرهاً أو جاهلاً أو متأولاً..

ولو قلتِ لأحدهم لا تسحل "المعازف" فسيقول: لم اتخذها عبادة كما فعل المتصوفون _ما يسمى بالتغبير_ ولم أًضل به عن سبيل الله ..

لاحظي أن هذه المسألة تحتاج تفصيلاً ..ولو سألت شيخاً عن حكم لبس الحرير ؟..فسيقول لك المسألة فيها تفصيل..ومتى ما سمعت أن أي حديث يحتاج لتفصيل..فهذا يعني أن الحديث بذاته لا يقوم به الاستدلال وإنما يقوم الاستدلال بالأحاديث التفصيلية لهذا الحكم ..مثل قوله تعالى ( ولا يغتب بعضكم بعضاً ) فهنا لست بحاجة إلى دليل آخر يفصل هذا الحكم ..فهذا دليل قائم بذاته وعلى ذلك فقسِ..

النقطة الثانية : قوله قوم من والقوم لغة هم جماعة الرجال ولا تشتمل النساء ودليل ذلك من الشعر ما قاله احد المسلمين في حصار حصن خيبر على ما اذكر

أقوم آل حصن أم نساء ..قال تعالى(}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} (الحجرات:11(..فلو كان القوم الرجال والنساء معاً لما وجه الله خطابين لكل منهما على حدة ..

وهنا نتساءل من لفظ هذا الحديث لو أن نساء يستحللن الخمر والزنا هل هذا مباح لهن ؟..لن يقول عاقل نعم ..و أنما يحرم عليهن ذلك.. نقول له كيف علمت؟ ..يقول بأدلة أخرى ..وهذا يكشف لنا مدى ضعف الحديث و أنه لا يقوم به الاستدلال ..
كما أنه قال سيكونون ..وقد علمنا بالمرويات الصحيحة أن الصحابة كانوا لا يرون بالغناء بالأدوات الموسيقية بأس ولا تابعيهم ..فلماذا لم يصدر في تحذريهم ولا حتى دليل واحد 

اخــــتصار الاختصار :

هذا ليس دليلا تشريعيا وإنما هو وصف حال لقوم يستحلون الفرج بلا نكاح , والحرير بلا ضرورة , والخمر بلا إكراه , والمعازف لغير ترفيه ولهو مباح وإنما للإضلال ..والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً


 

رد مع اقتباس