دخل غرفته بخطوات متثاقلة ضائق الصدر رمى بجسمه المنهك على سريره أخذ يتأمل فيما حوله نظر إلى مكتبته فى زواية الغرفة قام إليها ليقرأ كتاباً يبحر بما فيه من معلومات وينسيه ماهو فيه من التعب والهم وقف يتأمل فى تلك الكتب ...
وإذا به يسمع صوتاً يناديه من بين تلك الكتب ويقول يابني آدم لماذا هذا الهجران لماذا هذا الهجران ؟؟
أخذ يبعد الكتب بيديه بسرعة باحثاً عن مصدر هذا الصوت ويقول بصوتاً عالي أين أنت أين أنت ؟؟
قال أنا من هجرتني وتركتني موجوداً بين هذه الكتب.. ستجدني يابني آدم أنا كتاباً لست مثل هذه الكتب فأنا منزل من رب العالمين على خير من وطأت قدماه الأرض، لم يؤلفني مؤلف ولم يخط حروفي وكلماتي البشر بل فيني الفصاحة والبيان، حفظني الله إلى قيام الساعة، من يعمل بما فيني من الأوامر يسعد ويهنأ ويفوز بالجنة ومن يتركها يذل ويرمى على وجهه في نارجهنم، فيني قصص الأمم السابقة وحوداثهم وقصص الأنبياء ..
فرفع يده على ذلك الرف البعيد وأخذ القرآن الكريم ونظر إليه ثم أجهش بالبكاء، قال :هجرنا تلاوتك والعمل بك فأصابنا الضعف والوهن وأصبحنا نلبس ثوب الخزي والذل والعار..
هجرناك ونحن نعلم أن الفلاح والفوز والسعادة بالعمل بك ..
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( الماهر في القرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران )) أخرجه البخاري ومسلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ))
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (( إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله المتين والنور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن اتبعه لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الترداد اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف)) رواه الحاكم
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الذي ليس في جوفه شيء من القران كالبيت الخرب )) رواه الترمذي
قال أحد الصالحين: "إن هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجى، فليجل جال بصره، ويفتح للضياء نظره، فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور"
__________________
ذكر الامام ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد خمسة أنواع من هجر القران الكريم ( نسأل الله سبحانه وتعالى أن لا نكون منهم ) :
الاول :هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه
الثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قراْه وآمن به
الثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظيه لا تحصل العلم
الرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفه ماأراد المتكلم به منه
الخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به
__________________
اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القران العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا
اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا
اللهم وفقنا للعمل بأوامره واجتناب نواهيه في جميع أعمالنا و أقوالنا وأحوالنا
وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين