اخي فتى الأصفاء
احسنت الاختيار وقد قرأة رائعة شعرية للاديب احمد الفيفي
ويسعدني ان اضعها بين ايديكم والقصيدة بعنوان{بــــــغــــــداد}
بغدادُ ، ماذا أرى في حالِـكِ الظُّلَـمِ *** نجماً يلـوحُ لنـا أم لفحـةَ الحِمَـمِ؟
أرى النواحي وضوءُ النـارِ يلفَحُهـا *** فكيـف تجتمـعُ النيـرانُ بالظُّـلَـمِ؟
بغدادُ ، لا تسكتي .. ردي على طلبي *** وامحي سؤالي الذي أحكيه ملءَ فمـي
بغدادُ ، أين زمانُ العِـزِّ فـي بلـدٍ *** كان السلام به أسمـى مـن العَلَـمِ؟
دارَ السلامِ ، أيا بغدادُ ، هل بعُـدت *** عنك الجحافلُ في يومِ الوغى النَّهِـمِ ؟
بغدادُ ، أين سحابُ المزنِ إذ حكمت *** يَدُ الرشيـدِ بعـدلِ اللهِ فـي الأُمَـمِ ؟
يقولُ أنَّى سكبتِ المزنَ سـوف أرى *** منه الخراجَ .. ويأتينـي بـلا غُـرُمِ
أين الجحافلُ يا بغدادُ ، عـن زمـنٍ *** تخاذَلَ العُرْبُ عن أفعـالِ مُعتصِـمِ؟
قـادَ الجحافـلَ لـم يهنـأ بشربَتِـه *** حتى أتى ثأرَهُ فـي الأنجُـمِ الحُـرُمِ
بالله ، لا تخجلـي واحكـي حقيقتَنـا *** ولتكشفي حالنا .. حالٌ مـن السَّـدَمِ
كتبتُ والحبرُ من نهر الفرات جـرى *** شعراً يُترجِمُ مجداً غاصَ فـي القِـدَمِ
آمنـتُ بالله ربـاً لا شريـكَ لَــهُ *** وكيف يشرِكُ مَن يرنو إلى القِمَـمِ ؟!
بالله يـا نخلـةً مـدَّت جذائـرَهـا *** بين الفراتين في شّـطٍ مـن السَّقَـمِ
هل روَّعتكِ المآسي فوق طينتِهـا ؟ *** وهل سقتـكِ دمـاً تجريـهِ بعـدَ دَمِ؟
وهل تنبـأتِ الأنـواءُ عـن حـدثٍ *** يعيدُ للمجـدِ نَـوءَ السَّعـدِ والحُلُـمِ؟
وهل ستأتي أسودُ العُـربِ يدفعُهـا *** نبضُ الكرامَةِ في قلـبٍ لهـا هَـرِمِ
النارُ نارُك يا بغـدادُ ، فاصطبـري *** فما يفيدكِ بعـدَ الحَـرقِ مـن نَـدَمِ
واستنجدي ببنـي الإسـلامِ إنهمـو *** أُسْدُ الوغى ، وأسودُ الشرك كالعَـدمِ
**
بالله قولي أيـا بغـدادُ ، مـا فتئـت *** يَـدُ المغـولِ تزيـدُ الجـرحَ بالكَلِـمِ
مرت قرونٌ ثمـانٍ والجـراحُ بنـا *** تغورُ من رجسِ ما صبُّوه مـن نِقَـمِ
شمسُ الحضارةِ لم تشـرق بساحتنـا *** من بعدِهـم وغدونـا أمَّـةَ الرَّخَـمِ
تبـاً لمستعصـمٍ لـم يحـمِ دولتَـه *** فاستهدفتها عبيـدُ الرجـس والصنَـمِ
تبـا لمستعصـم كانـت بطانَـتُـهُ *** تُزيغُهُ عـن طريـق الحـقِ والقيَـمِ
فهل يـرومُ مـن الزنديـقِ حكمتَـهُ *** و( العلقمي) جميلَ الـرأي والحُلُـمِ ؟
تبـاً لمستعصـمٍ يلقـاهـمُ فـرحـاً *** ويلتقـي الناصـحَ الصدِّيـقِ بالجَهَـمِ
تبـاً لمستعصـم أضحـت بطانتُـهُ *** تدوسُ فيـهِ كـرامَ الشعـبِ بالجِـزَمِ
تبـاً لمستعصـم أمسـت حواشيُـهُ *** تُشارك الناسَ فـي الأرزاقِ واللُّقـمِ
تباً لمستعصـم أدنـى الحثالـةَ مـن *** عَرشٍ وأبعَدَ أهـلَ الفضـلِ والكَـرَمِ
تبـاً لمستعصـم قـد خـانَ أمتَـهُ *** وسلَّـمَ الحُكـم للأوبَـاش والدَّهَـمِ
تبـاً لمستعصـمٍ أفنـى خزينـتَـهُ *** على الغواني وأهلِ الرَّقـصِ والنَّغَـمِ
تبـاً لمستعصـمٍ يُدنـي العَـدوَّ لَـهُ *** كأنَّهُ صار عن فتـكِ العـدوِّ عمـي
تبـاً لمستعصـمٍ يخشـى رعيَّـتَـهُ *** وآمِـنٌ بيـنَ أعـداءٍ علـى الحُـرَمِ
تبـاً لمستعصـمٍ أهـدى مَدينَـتَـهُ *** إلى المغُولِ وظنَّ الأمنَ فـي السَّلَـمِ
تبـاً لمستعصـمٍ لا يستحـي أبــداً *** ينقـادُ ذلاً مـن الأعـداءِ كالبَـهَـمِ
تبـاً لمستعصـمٍ أبـدى شجاعـتَـه *** علـى الرَّعِيـةِ بالتنكيـل والتُّـهَـمِ
تبـاً لمستعصـمٍ صـارتْ مهمتُـه *** يُشتتُ الجمعَ بالتخريفِ فـي الكَلِـمِ
تبـاً لمستعصـمٍ نامَـتْ عوَاطِـفُـهُ *** وأعينُ الشعبِ لم تغمـضْ ولـم تَنَـمِ
**
بالله قولي أيـا بغـدادُ ، لا رقـدت *** عينُ الجَبَانِ إذا نامَـت عـن الهِمـمِ
واستخلفي الله في عصرٍ لقيـتِ بـهِ *** ذُلَّ المهانـةِ بيـنَ العُـرْبِ والعَجَـمِ
حانَ الوداعُ أيـا بغـدادُ ، فانتحبـي *** فقد أصيـبَ جميـعُ القـومِ بالصَّمَـمِ
حانَ الوداعُ أيا بغدادُ ، قـد نُحِـرَتْ *** رجولـةُ القَـومِ فـي ميـدانِ مُنتقِـمِ
حان الوداعُ .. وعذرُ القـومِ أنهمـو *** لا يقدرون علـى الأرمـاحِ والحُسُـمِ
هذا الوداعُ .. فموتى خيرَ عاصمـةٍ *** مذبوحةً .. ربمـا ماتـتْ بـلا ألَـمِ!
_-_ _-_ _-_
|