مشاركة: قصائد قتلت اصحابها
الشاعر دوقلة المنبجي
هناك عدد من الشعراء الذين قادتهم قصائدهم إلى الموت, ولأن قتل كل شاعر يختلف عن شاعر آخر, وكذلك قصيدته, فإن الأوجع يبقى أكثر دليلاً, وربما الأكثر تأثرا, وخاصة إذا عرفنا أن شاعرنا قد كتب طوال حياته قصيدة واحدة ــ يتيمة ــ وهذه القصيدة كانت ثمنا لحياته, القصيدة القاتلة هنا هي اليتيمة, تلك القصيدة التي ذاع صيتها بهذا الاسم بعد أن سميت بأسماء أخرى كدعد , ولعل تسميتها باليتيمة لكونها وحيدة لا شبيه لها نظرا لقوة سبكها وروعة تشبيهاتها ومعانيها وسلاسة صياغاتها ووضح مقاصدها ، فالقصيدة اليتيمة تضم ستين بيتاً, وهي للشاعر دوقلة المنبجي, وفيها يقول :
هــل بالطلــول لــسائــل ٍ ردُّ
أم هـــل لهـــا بـتكلّم ٍ عهـدُ
دَرَس الجديدُ ، جديدُ معهدها
فــكأنمـــا هــي ريطــة جردُ
من طول ما تبكي الغيوم على
عَـــرَصــاتِهــا ويقهقــه الرعدُ
وتــلُـــثُّ ســـاريـــةٌ وغاديـــةٌ
ويــــكرُّ نحــــسٌ خلفه سعدُ
تـــلــقـــاءَ شــاميــةٍ يمانيــة
لــهــا بــمــورِ تُــرابـها سَردُ
فكست بــواطنها ظواهرهـــا
نــــوراً كـــأن زهـــاءه بـــــرد
فوقفت أسألها ، وليس بهـــا
إلا الــمهـــا ونـــقــانــق رُبد
فتبادرت درر الشؤون عــلــى
خـدّي كـــمـا يتـــنــاثر العقد
لهفي على(دعد)وما حفلت
بـالاً بــحــرِّ تلــهفـــي دعــدُ
بيضـاء قـــد لبس الأديم بها
ء الحسُن ، فهو لجِلدها جِلـــد
ويــزيـــنُ فـــوديها إذا حسرت
ضــافـــي الغدائر فاحمٌ جَعــد
فــالوجـه مثل الصبح مُبيضٌّ
والشعــر مــثــل الليل مسودُّ
ضــدّانِ لـمـا استجمعا حسُنا
والضــدُّ يــظهــر حُسنه الضــدُ
وكـــأنهـــا وسنَــى إذا نظرت
أو مـدنـف لــمَّــا يُفِـق بـــعـــد
بــفتــور عيــن ٍ مــا بهـا رمَدٌ
وبـــهـــا تُــداوى الأعين الرمدُ
وتــريـــك عِـــرنـيـناً يــزيّــنـه
شـمــمٌ ، وخــداً لــونــه الوردُ
وتــجيــل مسواك الأراك على
رتـل ٍ كــأن رضـــابــه الشهـد
والــصـــدر مــنهــا قــد يزينه
نــهــدٌ كــحــقِّ العاج إذ يبدو
والمعصمانِ ، فما يـرى لهمـا
مـــن نــعمــةٍ وبــضاضةٍ زنــد
ولـــهـــا بـنــان لـــو أردت له
عــقـــداً بــكفـــك أمكن العقد
وكـــأنمــا سُـــقيــت ترائبها
والنحـــرُ مـــاءَ الــورد إذ تبــدو
واسترسل في ذكر أوصافها إلى أن قال :
مــا عابها طــول ولا قِــصَـــر
فـــي خلقهــا ، فقوامها قصـد
إن لم يكن وصل لــديك لـنــا
يشفي الصبابة ، فليكن وعــد
قــد كــان أورق وصلكــم زمناً
فــذوى الـــوصــال وأورق الصد
لله أشــواقــي إذا نــزحــــت
دار بـــنـــا ، وطـــواكـــم البعــد
إن تـــتهمــي فـتهامة وطني
أو تــنجــدي ، يكن الهوى نجدُ
وزعمـــت أنـك تضمرين لـنـا
وداً ، فــهــلاّ يــنفــع الــــــودُّ !
وإذا المحب شكـا الصدود ولم
يـــعطـف عليـــه فقتلــه عمد
نختصُّها بالود ، وهي علــى
مــالا نــحــب ، فــهكذا الوجـــد
أو مـــا تــرى طمــريَّ بينهما
رجـــل ألــــحّ بـــهــزلـــه الجـد
ولـــقــد علمــتُ بأننـــي رجلٌ
فــي الصالحــاتِ أروحُ أو أغـدو
سلمٌ على الأدنى ومرحمـــةٌ
وعــلى الحـــوادث هــادن جَلدُ
مـتـجلبــب ثـوب العفاف وقــد
غــفــل الــرقيـب وأمــكـن الوِردُ
ومجانبٌ فــعـل القبيح ، وقـــد
وصــل الحبيب ، وساعد السعد
ليــكــن لــديــكِ لسائـل ٍ فــرجٌ
أو لــم يكـــن.. فليحسن الـردُّ
القصيده للشاعر توبة بن الحمير شاعر إسلامي ، هوى الشاعر ليلى الأخيلية وهويته وكانت شاعره من المتقدمات في الشعر ،لم يقبل ابوها توبة خطيبا لها وزوجها غيره، مات مقتولا سنة 85 هـ
الأبيات
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ......... علي ودوني جندل وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ....... إليها صدى من جانب القبر صائح
ولو أن ليلى في السماء لأصعدت .... بطرفي الى ليلى العيون الكواشح
وأغبط من ليلى بما لا أناله ........... ألا كل ما قرت به العين صالح
فهل تبكي ليلى إذا مت قبلها ........... وقام على قبري النساء النوائح
كما لو أصاب الموت ليلى بكيتها ...... وجاد لها جار من الدمع سافح
==============================
الجندل : الحجارة ، الصفائح :الحجارة العراض تكون على القبور ، زقا: صاح ، الصدى : ترجيع الصوت بمثله .وهنا لعله الطائر الطائر كالبومة المزعوم عند العرب ، يخرج من رأس القتيل ويصيح اسقوني حتى يؤخذ بثاره ، روى في الأغاني أن الاخيليه مرت بقبره ومعها زوجها فقالت: والله لا أبرح حتى أسلم على توبة ، فصعدت على أكمة عليها قبره ، وقالت :السلام عليك يا توبة ، ثم حولت وجهها إلى القوم ، فقالت : ماعرفت له كذبة قط قبل هذه . قالو : وكيف ؟ فقالت : أليس القائل :
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ......... علي ودوني ..........
فما باله لا يسلم عليً كما قال ؟ وكانت إلى جانب القبر بومه كامنه ، فلما رأت الهودج واضطرابه ،فزعت وطارت في وجه الجمل . فنفر ، فرمى بليلى على رأسها فماتت ممن وقتها ودفنت بجانبه
|