رجوع بلا رجوع
عدتُ بعد سنين… كنت أحسبها لحظات، فإذا بها دهرٌ غيّرني كما غيّر كل شيء حولي. كانت قدماي تلامس تراب الوطن، لكن قلبي تاه بين الأمس واليوم. كل زاوية كنت أحفظها عن ظهر قلب، لكنها بدت غريبة، كأنها تنظر إليّ بعين اللوم: "أين كنتَ كل هذا الوقت؟"
الوجوه تغيّرت، بعضها رحل، وبعضها شاخت، حتى ملامحي في مرآة الشوارع لم تعد لي. الأماكن التي كانت تضجّ بضحكات الطفولة أصبحت صامتة، وكأنها تحتفظ بأسرار من مضى.
أشتاق لأيام مضت، لكنها لم تنتظرني… تقدّم العمر ولم يُبقِ في يدي إلا ذكرياتٍ ترفض أن تشيخ. ظننت أني أعود، لكنني أدركت متأخراً أن بعض الأوطان تبقى في القلب فقط، وأن بعض الطرق لا تعيدنا حقًا، بل تذكرنا فقط بمن كنّا.
|