عرض مشاركة واحدة
قديم 06-10-2017, 04:28 PM   #8
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الأميرة
الأميرة غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 30869
 تاريخ التسجيل :  May 2017
 أخر زيارة : 06-22-2017 (12:27 PM)
 المشاركات : 206 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وقد اختلفت مسالك الناس في هذا الحديث:


فرده قوم من القدرية لما تضمن من إثبات القدر السابق.


واحتج به قوم من الجبرية، وهو ظاهر لهم بادي الرأي حيث قال: فحج آدم موسى، لما احتج عليه بتقديم كتابه، وسيأتي الجواب عن هذا.


وقال آخرون: إنما حجه لأنه لامه على ذنب قد تاب منه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.


وقيل: إنما حجة لأنه أكبر منه وأقدم. وقيل: لأنه أبوه. وقيل: لأنهما في شريعتين متغايرتين. وقيل: لأنهما في دار البرزخ وقد انقطع التكليف فيما يزعمون.


والتحقيق: أن هذا الحديث روي بألفاظ كثيرة بعضها مروي بالمعنى، وفيه نظر.


ومدار معظمها في "الصحيحين" وغيرهما على أنه لامه على إخراجه نفسه وذريته من الجنَّة، فقال له آدم: أنا لم أخرجكم، وإنما أخرجكم الذي رتب الإخراج على أكلي من الشجرة، والذي رتب ذلك وقدره وكتبه قبل أن أخلق، هو الله عز وجل، فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة إلى كثر من أني نهيت عن الأكل من الشجرة فأكلت منها، وكون الإخراج مترتباً على ذلك ليس من فعلي، فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنَّة، وإنما كان هذا من قدر الله وصنعه، وله الحكمة في ذلك. فلهذا حج آدم موسى.


ومن كذب بهذا الحديث فمعاند؛ لأنه متواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه، وناهيك به عدالة وحفظاً وإتقاناً.


ثم هو مروي عن غيره من الصحابة كما ذكرنا.


ومن تأوله بتلك التأويلات المذكورة آنفاً، فهو بعيد من اللفظ والمعنى، وما فيهم من هو أقوى مسلكاً من الجبرية.


وفيما قالوه نظر من وجوه:


أحدها: أن موسى عليه السلام لا يلوم على أمر قد تاب عنه فاعله.


الثاني: أنه قد قتل نفساً لم يؤمر بقتلها، وقد سأل الله في ذلك بقوله: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ}.


الثالث: أنه لو كان الجواب عن اللوم على الذنب بالقدر المتقدم كتابته على العبد، لانفتح هذا لكل من ليم على أمر قد فعله، فيحتج بالقدر السابق فينسد باب القصاص والحدود. ولو كان القدر حجة لاحتج به كل أحد على الأمر الذي ارتكبه في الأمور الكبار والصغار، وهذا يفضي إلى لوازم فظيعة. فلهذا قال من قال من العلماء، بأن جواب آدم إنما كان احتجاجاً بالقدر على المصيبة لا المعصية.


والله اعلم


 

رد مع اقتباس