عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-2003, 09:58 PM   #5
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية )OPEN~M!ND(
)OPEN~M!ND( غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 163
 تاريخ التسجيل :  Jan 2003
 أخر زيارة : 09-14-2012 (04:27 AM)
 المشاركات : 697 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي




السؤال الذي طرح على الكاتب الفرنسي الشهير مارسيل بروست ..

لماذا تكتب؟

قال : "" لآتعذب! ""

فالكتابة عذاب.. أو شيء من العذاب.. أو بعض العذاب.. المهم أنها عذاب..

فالكاتب يتعذب في انتظار الفكرة .. وعندما تصل الفكرة يغلق الحزن أبوابه.. ويفتح الفرح ذراعيه..


وليس غريب أنك أنت من يطرح السؤال يابلزاك..

بلزاك هذا الكاتب الفرنسي الأصل كان يكتب وهو يضع قدميه في نصف برميل من الثلج .. وعلى

رأسه طاقية من الصوف.. وكأنه يعذب قدميه ويسعد رأسه..

كذلك العقاد كان يكتب وهو مستلق على فراشه وكأنه يقول.. رأس متعب ..وجسد مرتاح!!


لماذا نكتب؟..

السؤال وطرح مهم ومن الضروري أن يكون هاجسا ونستحضره في كل مرة نتأبط القرطاس والقلم

في ساعة حقيقة ومكاشفة وبوح، وتكون أولى عتبات الكتابة، سؤال، وأسئلة أخرى كثيرة تستوقفنا:

لماذا نكتب؟

هل بحثا عن أبواب لفراديس وهمية؟

هل رغبة في التميز.. في التمرد.. في التفرد.. في الشهرة.. هل الكتابة فعل أنطلوجي؟

أم مجرود نزوة عابرة ولحظة انتشاء زائلة؟

أم هي مجرد ترميم لنقص ذاتي؟...

أسئلة ملحة، لجوجة وغير بعيد عنها.. وفي هذه اللحظة بالذات تحط ذاكرتي رحالها وتكشف بين

متاعها وزادها عن حادثة طريفة للشاعر الإنجليزي برناردشو وهو يعلن في ندوة صحفية عن مبادئه

وأهدافه السامية بكل حماس ليفاجأ بتهجم لا متوقع لصحفي يتهمه بالكذب والادعاء وبأنه يكتب فقط

من أجل المال وببرودة دم سأله برناردشو: وأنت لماذا تكتب؟

فأجابه الصحفي: من أجل الشرف..!!

فرد عليه الشاعر بكل مكر: إذن كل يكتب من أجل شيء ينقصه.


هذه الحادثة مثيرة للضحك فعلا!!.. فقط إذا اتخذت في سياق الدعابة والنكتة..

لكن إذا امتطت صهوة الجدية، فستكون مثار اشمئزاز بل مسرحية للضحك والبكاء معا كما يقول

شكسبير!!

لتستوجب مساءلة واقع ثقافي اختلط فيه الحابل بالنابل وتداخلت فيه الحقائق بالأباطيل..

وكثر فيه هواة الطبل والربابة!! كما أصبح يعج بأقلام تتناسل كالفطر ويا ليتها كانت تستقطر

من أقلامها مداد الجد والإبداع والنزاهة والمسؤولية.. وتنثر من أبراجها الهديلية حمام سلم ومهادنة

ومسؤولية..

ولكنها للأسف تسكب على البياض سما زعافا يهشم صورة الثقافة تماما كاختلاط صور الحقيقة

أمام أعيننا.. فآما أن نسلم أسلحتهم بكل هدوء.. وننجرف داخل تيار التلويث والتزييف!!

واما أن نتصدى فيكون مصيرنا القمع والإرهاب وربما الإقصاء..؟!!

وعالمنا العربي سوى الإلكتروني أو القرطاسي يعج بأقلام غرقت في الذاتية متجاهلة كل مصلحة

عامة..أقلام الزبونية والمجاملات والتشهير والسجال الأجوف والتصفيات والمتاجرة بالفضائح الشخصية..

أقلام تسلك كل الطرق لتبلغ شأو الكتابة ظانة أن كل الطرق تؤدي إلى روما!!

أقلام انتهازية.. أقلام جبن وخوف على المكاسب والمصالح الذاتية..!!

أقلام تنتظر كما يقال في المثل العربي «عندما يسقط الجمل تكثر السيوف»: «تنتظر الجنازة لتبدأ في

اللطم والصراخ» رغبة في تلميع صورتها وأقلام ارتشاء مات فيها ضمير الكلمة الشريفة..

أقلام تسعى لنفض الغبار الذي طالما كان يكتنفها.. تبرز في حلبة الصراع للغناء داخل السرب

بكل وقاحة..

تقتنص الفرص لولوج أبواب الشهرة بعدما كانت كالجرذ المذعور تخشى كل مبادرة..

أقلام عقم وركاكة وخشونة وشذوذ، تفتقد لكل حس جمالي أو إبداعي..

تتسلق قمم الغموض من أجل الغموض ذاته..

تنفر منها الأذن بعدما كانت تميل إليها الأسماع وتهيم فيها هياما عذريا..

أقلام نتج عنها كتابات ولكن للأسف لا تجد مكانها بين «الأغراض السبعة» التي ذكرها حاجي خليفة

في كتابه «كشف الظنون»:

«اختراع جديد، إتمام ناقص، شرح غامض، اختصار طويل، جمع متفرق وترتيب مختلط، تصحيح خطأ».

أية كتابة هذه؟

التي ضقنا ذرعا بها ونحن نبحث بينها عن أقلاما لم يمتزج حبرها بدم الخطيئة، أقلاما نزيهة جادة..

أقلام التجاوز والتعالي.. تجاوز الأنا والنرجسية!!

أقلاما عدائية لكل خطابات منبرية جوفاء؟!..
ترفض كل اجترار وتبعية ولا تصيخ السمع لصداها فقط بل لكل الأصداء المحيطة بها..

أقلام الحساسية الإبداعية لا المرضية..

نريد أقلام المبادرة والحياد.. أقلام التفكير الجدلي والاستعراء والبحث والاستقصاء..

أقلام نقد موضوعي لا الاصطياد والإطراء والتقريض رغبة في.....!!

أقلام التغيير كما آمن بها دون كيشوت.. لا أقلام الانحناء للماضي والاحتماء به كأولية دفاعية للاستمرارية..

أقلام التوازن بين كل موروث وآني ومستقبلي..

أقلام الاختلاف والبدائل.. أقلاما تمتد من عمق الصراع الاجتماعي..

أقلام الحوار العقلاني والتفكير المنطقي.. لا التحيز والتعصب والأحكام القطعية الجاهزة والمسبقة..

أقلاما تقرع الحجة بالحجة لا تنزلق في الصراخ والمهاترات..

نريد للكتابة أن تكون تلبية لنداء فيلق من الفوانيس يصرخ رغبة في إضاءة عتمة الفضاءات..

كشأن وفعل وجودي يتصرف بوعي فعلي ومسؤولية تطرد كل أوهام المجد والشهرة كما فعل الشاعر

ديفيني «أنا لا أعرف لماذا أكتب؟ هل للمجد بعد الموت؟ لا يبدو هذا هدفا محتملا، أم هل للمجد في

الحياة الدنيا؟ وهذا ليس أكثر احتمالا، أم للمال؟ إن للمؤلفات مهما تكاثرت فلن أعود منها بطائل، لكنني

بحاجة لكي أقول للمجتمع أفكارا توجد في داخلي، وتريد أن تخرج».

كتابة تكون بردا وسلاما على الأحياء والأموات معا..

تتغيا «الإمتاع والمؤانسة» توقع القارئ في «الحب الصاعق» من أول نظرة أو كما يقول موليير:

«إن قاعدة القواعد كلها هي الإمتاع».


كتابة تسافر بنا في شعاب وأماكن قصية خارج مدارات الشائع والملموس والعياني..

حيث تنسج كينونتها الحقيقية وتستولد صورتها من رحم هذا السفر اللامتناهي وتقيم أنساقا وقيما جديدة.



وفي الختام أود أن أشكر أخي وأستاذي العظيم بلزاك على طرحه لهذا الموضوع القيم..

كما واعتذر منكم على الإطالة..

والسلام عليكم ورحمة الله ..



 
 توقيع : )OPEN~M!ND(


،

إذا أردت التحليق مع الصقور
فلا تضيع وقتك مع الدجاج !


[/CENTER]


رد مع اقتباس