فتوى الشيخ العبيكان وما أثارته من جدل حول حكم الطبل والزير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد :.
أطلعت على العدد ( 1579)من جريدة الوطن ليوم الثلاثاء 12ذو الحجة 1425هـ على ما كتبه محرر جريدة الوطن بابها / سليمان عسكر بعنوان ( فتوى للعبيكان تحسم الجدل حول استعمال (( الزير ))
وأقول وبالله التوفيق ومنه نستمد العون والتسديد :- قال المحرر (( سلمان عسكر )) هداه الله , حسم الشيخ عبد المحسن العبيكان الجدل الذي يثيرة البعض عند استخدام أدوات خاصة بتأدية ألعاب شعبية في الأفراح والمناسبات العامة , حيث أصدر فتوى تجيز استخدام الدف والطبل المعروفة محلياً بــ ( الزير والزلفة ) في ظل معارضة فريق متشدد لاستخدامها :-
ولي مع ما ذكره هذا المحرر إشارات :-
أولاً :- فتوى الشيخ العبيكان لم تحسم الجدل وإنما أثارته لأنها مخالفة للنصوص الشرعية ولما قرره كبار أهل العلم كما سيأتي بيانه :-
ثانياً / قول المحرر ( في ظل فريق متشدد لاستخدامها ) كأنه يصور المعارضين بأنهم على غير هدى , وأقول إن المعارضين على وفق النصوص الشرعية وفتاوى كبار العلماء كما سيأتي بيانه , وإنما هي كلمات لإخفاء الحقائق العلمية ...
ثالثاً / قول المحرر ( الدف والطبل ) المعروفة بـ ( الزير والزلفة ) فيه خلط ظاهر وتفسير باطل .
• أما ( الطبل ) فهو المعروف في (المنطقة الجنوبية ) بالزير وهو المغلق من الجهتين ..
• أما ( الدف ) فهو مغلق من جهة واحدة .
• وأما ( الزلفة ) المعروفة في ( الجنوب ) فليست دفاً , لأنها مغلقة من جهة ومن الجهة الأخرى يغلق نصفها ويضاف إلى ذلك أنها توضع على بطن من يضربها , فتكون بمثابة الطبل , لذلك فهي تثير صوتاً يضرب بخلاف ( الدف ) الذي لا يحرك مشاعر السامعين ولذلك لا ترغبه النساء فتأمل
وسيأتي بيان الفتوى التي تحرم ( الزلفة ) هذه .
• وأما فتوى فضيلة الشيخ عبد المحسن العبيكان حفظه الله _ فلي معها وقفات _ :-
*الوقفة الأولى :- الاستدلال بحديث رقص الحبشة في المسجد على جواز ضرب الطبل غير مسّلم . فليس فيه ضرب الطبل ولا غيرة وإنما هو رقص مجرد بالحراب فقط , فلماذا أقحم الطبل في هذا الحديث ؟!!!!!
*الوقفة الثانية :- الاستدلال بما أخرجه الطبراني . في قصة هبار وتحسين الألباني له , ليس بسديد وذلك أن
الحديث ضعيف وفيه قال الألباني (( وجملة القول أن هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف لاضطرابه .
وجهالة بعض رواته , وضعف آخرين منهم ))
والذي يظهر لي والله أعلم أن الألباني إنما أراد تحسين لفظ ( أشيدوا النكاح , أشيدوا النكاح .هذا نكاح لا سفاح ) ... بالشواهد لا أصل القصة التي فيها ذكر ( الطبل ) ولعل تحريم الألباني لضرب الطبل يؤكد هذا مع معارضة قصة ضرب الطبل للأحاديث الصحيحة التي تحرمه وسيأتي ذكرها ,
ومما تجرد الإشارة إليه أنه ورد في طرق حديث هبار أنه ضرب في بالدف ( وهذا اضطراب ) ...
والعلامة الألباني رحمه الله يرى تحريم ( الطبل ) وقد صحح حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله حرم علي – أو حرم – الخمر , والميسر , والكوبة , وكل مسكر حرام ) .
وحسن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الله عز وجل حرم الخمر والميسر والمزر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام ))...
وقال العلامة الألباني رحمه الله : ومما يحسن ذكره في ختام تخريج هذه الأحاديث المحرمة للطبل أن الإمام أحمد قد أشار إلى صحتها , فروى الخلال في كتابه (( الأمر بالمعروف )) (ص26) عنه أنه قال : وأكره الطبل , وهي الكوبة . نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أشار إلى صحته الحافظ بن حجر في التخليص (4/202) بتخريجه عن الصحابة المذكورين : ابن عباس وقيس بن سعد بن عبادة انظر
< تحريم آلات الطرب > للألباني ( ص 32—36) ...
*الوقفة الثالثة : ما نقلة الشيخ العبيكان عن الشيخ ابن باز رحمه الله أنه قال : ( الأصل الحل ولم يرد دليل على التحريم وهناك حديث أباح الدف والطبل ولعلك تبحث عن سنده )...
مخالف لما يفتي به الشيخ رحمه الله , فإنه يفتي بتحريم ( الطبل ) ويمنع ( الدف ) إلا للنساء ولعل ما ذكره الشيخ العبيكان إنما كان مدارسة من الشيخ وليست فتوى , وانظر إلى فتوى سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في المجلد الثالث من فتاوى إسلامية ص 185.
وجاء في الفتوى ( أما الطبل فلا يجوز ضربه في العرس بل يكتفى بالدف خاصة ) كما أن لسماحة الشيخ فتوى أخرى مع اللجنة الدائمة تحرم ذلك أيضاً وسيأتي ذكرها ....
*الوقفة الرابعة : ما ذكره الشيخ العبيكان من أن فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين _ رحمه الله _ أفتى بجواز العرضة وأنه حضر عرضة في القصيم , فإن العرضة في القصيم ليس فيها إلا ضرب ( الدف ) وليس فيها ضرب ( الطبول ) ومن المعلوم أن فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله يحرم ضرب ( الطبل ) حتى للنساء , أنظر إلى فتاواه رحمه الله في المجلد الثالث من فتاوى إسلامية ص 186.
وجاء في الفتوى / أن يكون الضرب بالدف وهو ما يسمى عند بعض الناس بـ ( الطار ) وهو مفتوح من وجه واحد , لأن المختوم من الوجهين يسمى ( الطبل ) وهو غير جائز . لأنه من آلات العزف , والمعازف كلها حرام إلا ما دل على حله وهو ( الدف ) حال أيام
العرس ...
*الوقفة الخامسة : فتوى الشيخ العبيكان تعارض فتوى كبار العلماء , كما أنها تعارض فتوى أكبر صرح للفتوى في بلاد الحرمين الشريفين وهي اللجنة الدائمة للإفتاء , فإن اللجنة الدائمة للإفتاء تحرم ( الدف ) للرجال فضلاً عن ( الطبل ) .
انظر الفتوى رقم (5067) المجلد من فتاوى اللجنة الدائمة وفيها
( أما إذا كان إعلان النكاح بما لا يجوز شرعاً , من ضرب الرجال ( بالدف ) ورقص رجال أو نساء , أو عمل تمثيليات , أو استعمال آلات لهو , كأجهزة الموسيقى وسائر المعازف, فذلك غير جائز ولو كان كال من الرجال والنساء على حده )
وانظر إلى فتوى اللجنة رقم (12700) المجلد من فتاوى اللجنة , وفيها ( وأما ما ذكرت من إحضار ( المزلف ) لا يجوز
, المبلغ الذي يدفع إليه حرام . ولا يجوز دفعه ولا أخذه ) و ( المزلف ) هو يضرب الطبل أو الزلفة .
وانظر إلى فتوى اللجنة رقم ( 1577 ) من فتاوى اللجنة المجلد ( 19 ) وفيها ( لا يجوز للرجال دق الطبول في المناسبات من ختان وغيره , لأن هذا من اللهو المحرم , وإنما يستحب للنساء ضرب الدفوف في مناسبة الزواج إعلاناً للنكاح ) .
وانظر إلى فتوى اللجنة رقم ( 18524 ) التي تحرم فيها ( الزلفة والزير ) المعروفة في الجنوب , وجاء فيها ( هذه الأعمال المذكورة في السؤال أعمال منكرة , لا يجوز فعلها ولا إقرارها , لما اشتملت عليه من المعازف المحرمة ) ...
وبعد هذا كله , هل ما زالت فتوى الشيخ العبيكان حاسمة للجدل كما زعم المحرر ؟ لا أظن ذلك .....................
ولعل فضيلة الشيخ العبيكان _ أثابه الله _ يعيد النظر في فتواه , فليس عيباً أن يتراجع عنها
أسأل الله التوفيق للجميع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول للفائدة0 ( 0 ) نظــــــــــــــــــــــــام
|