مشاركة: هل كان نيوتن عبقريا أم.................؟
وقد نبه كتاب جلبرت " المغنطيس " (1600) أذهاناً كثيرة إلى التفكير في التأثيرات المغنطيسية المحيطة بكل إنسان وقد كتب هو نفسه في كتاب لم ينشر إلا بعد موته بثمانية وأربعين عاماً (1651) يقول: " إن القوة المنبعثة من القمر تصل إلى الأرض وبالمثل فإن القوة المغنطيسية للأرض تعم منطقة القمر وكلتاهما تتجاوب وتتآلف بتأثيرهما المشترك حسب تناسب الحركات وتطابقها ولكن وكان اسماعيلس بوريار قد قر في كتابه (1645) أن جذب الكواكب بعضها لبعض يتناسب تناسباً عكسياً مع مربع المسافة بينهما وذهب ألفونسو بوريللي في كتابه " نظريات الكواكب المديشية " (1666) إلى أن " كل كوكب وتابع يدور حول كرة كبرى في الكون بوصفها مصدراً للقوة تجذب الكوكب وتابعه وتمسكهما بحيث لا يمكن إطلاقاً أن ينفصلا عنها بل يضطران لإتباعهما أينما ذهبت في دورات ثابتة مستمرة " وقد فسر مدارات هذه الكواكب والتوابع بأنها نتيجة القوة المركزية الطاردة لدورانها (" كما نجد في العجلة أو الحجر يدوم في مقلاع ") تقابلها قوة شمسها الجاذبة. وذهب كبلر إلى أن الجاذبية ملازمة لجميع الأجرام السماوية وقدر في فترة من حياته أن قوتها تتناسب عكسياً مع مربع المسافة بينها وكان هذا خليقاً بأن يكون سبقاً واضحاً لنيوتن ولكنه عاد فرفض هذه الصيغة وافترض أن الجذب يتناقص تناقصاً طردياً مع زيادة المسافة. على أن هذه المداخل إلى نظرية في الجاذبية حرفتها عن طريقها نظرية ديكارت في الدوامات التي تكونت في كتلة بدائية ثم عينت عمل كل جزء ومداره.
وقد فكر كثير من المستفسرين اليقظين في الجمعية الملكية تفكيراً عميقاً في رياضيات الجاذبية .
وفي 1674 سبق هوك بكتابه " محاولة لإثبات حركة الأرض السنوية " " إعلان " نيوتن لنظرية الجاذبية بأحد عشر عاماً. قال هوك: " سأشرح نظاماً للكون مختلفاً في تفاصيل كثيرة عن أي نظام عرف إلى الآن متفقاً في جميع الأشياء مع القواعد الشائعة للحركات الميكانيكية. وهو يعتمد على فروض ثلاثة: (أولها) أن كل الأجرام السماوية أياً كانت ذوات قوة جاذبة إلى مراكزها لا تجذب بها أجزاءها فحسب وتحفظها من أن تتطاير منها... بل تجذب كذلك سائر الأجرام السماوية الواقعة في مجال نشاطها... (وثانيها) أن جميع الأجسام أياً كانت التي تحرك حركة طردية وبسيطة تستمر في الحركة قدماً في خط مستقيم إلى أن تحرفها عن طريقها قوة فعالة أخرى... (وثالثها) أن قوى الجذب هذه يشتد فعلها بقدر قرب الجسم الواقع تحت جاذبيتها من مراكزها ".
ولم يحسب هوك في بحثه هذا أن الجذب يتناسب تناسباً عكسياً مع مربع المسافة ولكنه أنهى هذا المبدأ إلى نيوتن - إذا صدقنا رواية أوبري - بعد أن توصل إليه مستقلاً. وفي يناير 1684 شرح هوك صيغة المربعات العكسية لرن وهالي اللذين كانا قبلاها من قبل. فذكر لهوك أن الحاجة ليست إلى مجرد فرض بل إلى إيضاح رياضي يثبت أن مبدأ الجاذبية يفسر مسارات الكواكب. وعرض رن على هوك وهالي جائزة قدرها أربعون شلناً (100 دولار) أن أتاه أحدهما ببرهان رياضي على الجاذبية. ولم يأته البرهان على قدر علمنا.
وفي أحد أيام أغسطس 1684 ذهب هالي إلى كمبردج وسأل نيوتن ماذا يكون مدار كوكب ما إذا تناسب جذب الشمس له تناسباً عكسياً مع مربع المسافة بينهما. وأجاب نيوتن أنه يكون قطعاً ناقصاً (اهليلجاً) ز ولما كان كبلر قد استخلص من دراسته الرياضية لمشاهدات تيكو براهي أن مدارات الكوكب اهليلجية فقد بدا أن الفلك الآن تأيد بالرياضة والعكس بالعكس. وأضاف نيوتن أنه أجرى الحسابات تفصيلاً في 1679 ولكنه نحاها جانباً من جهة لأنها لم تتفق تماماً مع التقديرات السائدة يومها لقطر الأرض والبعد بين الأرض والقمر وأرجح من هذا السبب أنه لم يكن واثقاً من أنه يستطيع تناول الشمس والكواكب والقمر على أنها نقط مفردة في قياس قوتها الجاذبة. ولكن في عام 1671 أذاع بيكار قياسه الجديد لنصف قطر الأرض ولدرجة من درجات خطوط الطول التي حسب أخيراً أنها تبلغ 69.1 ميلاً قانونياً إنجليزياً وفي عام 1672 تمكن بيكار بفضل بعثته إلى سايين من حساب بعد الشمس عن الأرض فقرر أنه 87.000.000 ميل (والرقم الحالي 92.000.000) واتفقت هذه التقديرات الجديدة اتفاقاً طيباً مع رياضة نيوتن في الجاذبية وأقنعه المزيد من الحسابات في 1685 بأن الكرة تجذب الأجسام وكأن كتلة هذه الكرة كلها تجمعت في مركزها. وشعر الآن بمزيد من الثقة في فرضه.
|