مشاركة: هل كان نيوتن عبقريا أم.................؟
وبمقارنة هذه الأطياف بالطيف الذي يحدثه نجم معين أصبح في الإمكان تحليل مكونات النجم الكيميائية إلى حد ما. ثم دلت الملاحظات الأدق لطيف النجم على السرعة التقريبية لتحركه نحو الأرض أو بعيداً عنها ومن هذه الحسابات استنبط نظرياً بعد النجم. وهكذا تمخض كشف نيوتن لتكوين الضوء وانكساره في الطيف عن نتائج كونية تقريباً في ميدان الفلك.
ولم تتكشف هذه النتائج لنيوتن في ذلك الحين ولكنه أحس (كما كتب لأولدنبرج) أنه توصل " إلى أغرب كشف إلى الآن أن لم يكن أهم كشف في عمليات الطبيعة " فأرسل إلى الجمعية الملكية في بواكير عام 1672 بحثاً عنوانه " نظرية جديدة في الضوء واللون ". وقرئ البحث على الأعضاء في 8 فبراير فأثار جدلاً عبر المانش إلى القارة. وكان هوك قد وصف في كتابه " ميكروجرافيا " (1664) تجربة شبيهة بتجربة نيوتن بالمنشور ولم يكن قد استنتج منها نظرية ناجحة في اللون ولكنه أحس بأن في أفعال نيوتن لفضله السابق غضاً من قدره فانضم غلى بعض أعضاء الجمعية في نقد النتائج التي خلص إليها نيوتن واستمر النزاع ثلاثة أعوام. كتب نيوتن المرهف الحس يقول " إنني مضطهد بالجدل الذي أثارته نظريتي في الضوء اضطهاداً جعلني ألوم حماقتي لأنني ضحيت بنعمة عظمي نعمة هدوء البال جرياً وراء سراب " وحدثته نفسه حيناً بأن " أطلق الفلسفة طلاقاً بائناً لا رجعة فيه إلا ما أفعله إرضاء لذاتي ".
وثارت نقطة أخرى من نقط الجدل مع هوك حول ناقل الضوء.
وكان هوك قد اعتنق نظرية هويجنز التي زعم فيها أن الضوء ينتقل على موجات " أثير ". ورد نيوتن بأن هذه النظرية لا تفر مسار الضوء في خطوط مستقيمة. واقترح بدلاً منها " نظرية الجسيمات أو الدقائق فالضوء سببه إطلاق الجسم المضيء جزيئات دقيقة لا حصر لا تسير في خطوط مستقيمة خلال الفضاء بسرعة 190.000 ميل في الثانية. ورفض نظرية الأثير ناقلاً للضوء ولكنه قبله بعد ذلك وسيطاً لقوة الجاذبية.
وجمع نيوتن مناقشاته حول الضوء في كتابه (البصريات في 1704. ووما له دلالة أنه كتبه بالإنجليزية (في حين كان كتاب المبادئ باللاتينية) ووجهه " إلى القراء الحاضري الذكاء والفهم الذين لم يتضلعوا بعد في البصريات ". وفي نهاية الكتاب وضع قائمة لواحد وثلاثين سؤالاً تتطلب مزيداً من البحث. وكان السؤال الأول إرهاصاً بهذه النبوءة " ألا تؤثر الأجسام في الضوء عن بعد فتنحني أشعته بهذا التأثير وألا يكون هذا التأثير على أشده في أدنى الأبعاد " والسؤال الثلاثون " لم لا تغير الطبيعة الأجسام إلى ضوء والضوء إلى أجسام ".
- أصل نظرية الجاذبية كانت سنة 1666 سنة جنينية لنيوتن. شهدت بداية جهوده في البصريات ولكنه كذلك يقول عن ذكرياته أن شهر مايو " كان مدخلي إلى الطريقة العكسية للفروق المستمرة وفي نفس السنة بدأت أفكر في امتداد الجاذبية إلى مدار القمر.... بعد أن قارنت بين القوة اللازمة لحفظ القمر في مداره وقوة الجاذبية على سطح الأرض ووجدتهما متفقتين تماماً تقريباً... في تلك السنين كانت في ربيع عمري ".
وفي عام 1666 وصل الطاعون إلى كمبردج فعاد نيوتن إلى موطنه وولزثورب طلباً للسلامة.
وهنا نلتقي بقصة لطيفة. كتب فولتير في كتابه " فلسفة نيوتن " (1738): " ذات يوم من أيام 1666 حين كان نيوتن معتكفاً في الريف رأى ثمرة تسقط من شجرة كما أخبرتني بنت أخته السيدة كوندويت فاستغرق في تفكير عميق في السبب الذي يجذب جميع الأجسام في خط إذا مد مر قريباً جداً من مركز الأرض ".
وهذا أقدم ما نعرفه من ذكر لقصة التفاحة. وهي لا ترد في كتب مترجمي نيوتن القدامى ولا في روايته لكيفية اهتدائه لفكرة الجاذبية الكونية والفكرة السائدة اليوم عن القصة أنها أسطورة.
وأرجح منها قصة أخرى رواها فولتير وهي أن غريباً سأل نيوتن كيف اكتشف قوانين الجاذبية فأجاب " بإدمان التفكير فيها " ومما لا ريب فيه أنه بحلول عام 1666 كان نيوتن قد حسب قوة الجذب التي تحفظ الكواكب في أفلاكها وانتهى إلى أنها تتناسب تناسباً عكسياً مع مربع بعدها عن الشمس. ولكنه لم يستطع إلى ذلك الوقت التوفيق بين النظرية وحساباته الرياضية فنحاها
جانباً ولم ينشر عنها شيئاً طوال الأعوام الثمانية عشر التالية.
ولم تكن فكرة الجاذبية بين النجوم جديدة قط على نيوتن. فقد ذهب بعض فلكيي القرن الخامس عشر إلى أن السماوات تؤثر في الأرض بقوة تشبه قوة تأثير المغنطيس في الحديد وما دامت الأرض تنجذب بالتساوي من جميع الاتجاهات فإنها تبقى معلقة في مجموع هذه القوة.
|