تلقـيت خطـابات كثيرة من اساتذة , ومن باحثين , وما لاعدد لـهم من القرّاء طوال حياتي الأدبيـه . ولكن هناك رسائـل جميله بديعه . ولم اكن اتوقعها .

خـطاب من طه حسين يلفت نظري الى ان اتواضـع - فالذي اعلـمه قليل والذي لا أعلمـه كثير جداً . أي انه يجب عليّ الاّ أقـول انا على صواب .. وانت مـخطأ . وكـانت عبارات جميـله جداً من طه حسين وفي غاية الرّقه !

وخطـاب من أسـتاذي العقـاد يقول فيه : "يا مولانا إن الشخص الذي يقف امام القـاضي ويقسم : علة ان يقول الحق ولا شي غير الحق , فـصحيح هذا القسم , ولكـن ( كلّ الحق ) ليس صحيحاً . ولا أحـد يـعرف كل الحق ! الله فقـط هو العالم بكل الـحق ! "
أيّ ان اتواضع مرة اخرى . وأدهشني جداً ان يرى كل من طه حسين والعقـاد انّي لست متواضعـاً . وعـدّتُ الى ما كنت عليه وانا شـاب صغير . فأجد ان عباراتي شديدة الحماسه وتقـطع بأنني اعرف وانني على صواب وحدي !.

أمـا ارق رسالة تلقيـتها وانا طالب فهي من الأب انستاس ماري الكرملي وهو احد رجال الدين المسيحيين العراقيين . وكـان يكتب في مجلتي ( الرسالة و الثقافه ) .. وكانت رسالته في غاية اللطف والرقـه والعلم . وادهشني انه يظن انني كـاتب كبيـر او بـاحثٍ مثله ... ولم أكـن الاّ طالباً قرأ مقالهُ فكتبت تعليقاً مخالفاً لرأيـه . فـجائتني منه رسالة يناقش فيها ما كتبت لـه في غاية اللطف والرقه والتــواضـع . وانـه يختلف معي في الرأي وإخـتلافـه في الرأي جاء في غـاية الأدب .. وكأنـه يعتذر لي على انه لا يستطيع موافقتي الرأي .

إذاً لابد أن أتـواضـع امام الذي لا أعـرفـه وما أكـثره وما أعـمقه ومـا أبعـده .!


* انـــيس منصــور