02-05-2013, 06:59 PM
|
#48
|
عضو قدير وصاحب مكانة بالمنتدى
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 15595
|
تاريخ التسجيل : Dec 2008
|
أخر زيارة : 08-18-2015 (09:07 PM)
|
المشاركات :
21,423 [
+
] |
التقييم : 132
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
MMS ~
|
|
لوني المفضل : Maroon
|
|
عقيدته
يرى " الشوكاني " أن طرق المتكلمين لاتوصل إلى يقين، ولا يمكن أن تصيب الحق فيما هدفت إليه، لأن معضمها ـ كما يقول ـ قام على أصول ظنية، لا مستند لها إلا مجرد الدعوى على العقل، والفريه على الفطرة.فكل فريق منهم قد جعل له أصولاً تخالف ما عليه الآخر، وقد أقام هذه الأصول على ما رآه عنده هو صحيحاً، من حكم عقله الخاص المبني على نظره القاصر، فبطل عنده ما صح عند غيره، وقاسوا بهذه الأصول المتعارضه كلام اللّه ورسوله في الإلهيات وما يتصل بها من العقائد، فأصبح كل منهم يعتقد نقيض ما يعتقده الآخر.
ثم جعلوا هذه الأصول معياراً لصفات الرب تبارك وتعالى، فأثبتوا للّه الشيء ونقيضه، ولم ينظروا إلى ما وصف اللّه به نفسه، وما وصفه به رسوله، بل إن وجدوا ذلك موافقاً لما تعقلوه، جعلوه مؤيداً له ومقوياً، وقالوا: قد ورد دليل السمع مطابقاً لدليل العقل، وإن وجدوه مخالفاً لما تعقلوه، جعلوه وارداً على خلاف الأصل ومتشابهاً وغير معقول المعنى، ولا ظاهر الدلاله، ثم قابلهم المخالف لهم بنقيض قولهم، فافترى على عقله بأنه قد تعقل خلاف ما تعقله خصمه، وجعل ذلك أصلاً يرد إليه أدلة الكتاب والسنه، وجعل المتشابه عند أولئك محكماً عنده، والمخالف لدليل العقل عندهم موافقاً له عنده.
من مظاهر هذا التناقض:
ما وقع فيه المعتزلة من مبدأ نفي الصفات، بناء على مبدئهم في التنزيه، وما غلا فيه الأشعرية من الوقوع في التجسيم، بناء على ما ذهبوا إليه من التأويل، والمبالغة في الإثبات.
يقول الشوكاني عن هذه المسائل:
" وإن كنت تشك في هذا، فراجع كتب الكلام، وانظر المسائل التي قد صارت عند أهله من المراكز، كمسألة التحسين والتقبيح، وخلق الأفعل، وتكليف مالا يطاق، ومسألة خلق القرآن، فإنك تجد ما حكيته لك بعينه". لذلك: كان المسلك القويم في الإلهيات، والإيمان بما جاء فيها، هو مسلك السلف الصالح، من الصحابة والتابعين، من حمل صفات الباري على ظاهرها، وفهم الآيات والأحاديث على ما يوحيه المعنى اللغوي العام، وعدم الخوض في تأويلها، والإيمان بها على ذلك، دون تكلف ولا تعسف، ولا تشبيه ولا تعطيل، وإثبات ما أثبته اللّه ـ تعالى ـ لنفسه من صفاته، على وجه لا يعلمه إلا هو، فإنه القائل جل شأنه "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ". فأثبت لنفسه صفة السمع والبصر، مع نفي المماثلة للحوادث في الوقت نفسه.
الإمام الشوكاني قد اعتنق هذا المبدأ، وجعل عمدته في الدعوة إلى مذهب السلف هاتين الآيتين الكريمتين:
أولهما قوله تعالى:
" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".
وثانيهما قوله تعالى:
" يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً".
ففيهما الإثبات والنفي، إثبات صفات الباري ـ جلَّ شأنه ـ ونفي مماثلة هذه الصفات للحوادث، ثم تقييد هذا الإثبات بظاهر ما صرحت به الآيات وأجملته، والزجر عن الخوض في كيفية هذه الصفات. سجل الشوكاني آراءه ومذهبه في ثنايا كتبه المختلفه ولاسيما كتابيه :
"التحف في مذاهب السلف".
"كشف الشبهات عن المشتبهات".
هذا، وقد اعتنق الشوكاني هذا المذهب بعد طول بحثه ومطالعة في كتب "علم الكلام" حتى صرح بأنه لم يعتنق مذهب السلف تقليداً وإنما عن اجتهاد واقتناع ولذلك يقول:
"ولتعلم أني لم أقل هذا تقليداً لبعض من أرشدك إلى ترك الاشتغال بهذا الفن، كما وقع لجماعة من محققي العلماء، بل قلت هذا بعد تضييع برهة من العمر في الاشتغال به، وإحفاء السؤال لمن يعرفه، والأخذ عن المشهورين به، والإكباب على مطالعة كثير من مختصراته ومطولاته، حتى قلت عند الوقوف على حقيقته أبياتاً منها :
وغاية ما حصلته من مباحثي *** ومن نظري من بعد طول التدبر
هو الوقف ما بين الطريقين حيرة*** فما علم من يلق غير التحير
على أنني قد خضت منه غماره *** وما قنعت نفسي بدون التبحر

مذهبه الفقهي
تفقه الشوكاني في أول حياته على مذهب الإمام زيد بن علي بن الحسين وبرع فيه، وفاق أهل زمانه، حتى خلع ربقة التقليد، وتحلى بمنصب الإجتهاد، فألف كتابه : " السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار " فلم يقيد نفسه بمذهب الزيدية، بل صحح ما أداه إليه اجتهاده بالأدلة، وزيف مالم يقم عليه الدليل، فثار عليه أهل مذهبه، من الزيدية، المتعصبون لمذهبهم في الأصول والفروع، فكان يقارعهم بالدليل من الكتاب والسنة، وكلما زادوا ثورة عليه زاد تمسكه بمسلكه، حتى ألف رسالة سماها: " القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد " ذهب فيه إلى ذم التقليد وتحريمه، فزاد هذا في تعصبهم عليه، حتى رموه بأنه يريد هدم مذهب آل البيت، فقامت ـ بسبب هذا ـ فتنة في " صنعاء " بين خصومه وأنصاره، فرد عليهم بأنه يقف موقفاً واحداً من جميع المذاهب، ولا يخص مذهب الزيدية بتحريم التقليد فيه.
هكذا اختار " الشوكاني " لنفسه مذهباً لا يتقيد فيه برأي معين من آراء العلماء السابقين، بل على حسب ما يؤديه إليه اجتهاده، وهذا ما يلحظه القارئ لكتابه " نيل الأوطار " حيث ينقل آراء ومذاهب علماء الأمصار، وآراء الصحابة والتابعين، وحجة كل واحد منهم، ثم يختم ذلك ببيان رأيه الخاص، مختاراً ما هو راجح فيما يقول.
يرى أن الاجتهاد قد يسره الله تعالى للمتأخرين، وأنه أصبح ميسوراً أكثر مما كان في الصدر الأول فيقول:
"... فإنه لا يخفى على من له أدنى فهم، أن الاجتهاد قد يسره الله للمتأخرين، تيسيراً لم يكن للسابقين؛ لأن التفاسير للكتاب العزيز قد دونت، وصارت من الكثرة إلى حد لا يمكن حصره، وكذلك السنة المطهرة، وتكلم الأئمة في التفسير، والتجريح والتصحيح، والترجيح، بما هو زيادة على ما يحتاج إليه المجتهد، وقد كان السلف الصالح، ومن قبل هؤلاء المنكرين يرحل للحديث الواحد، ومن قطر إلى قطر، فالاجتهاد على المتأخرين أيسر وأسهل من الاجنهاد على المتقدمين، ولا يخالف في هذا من له فهم صحيح، وعقل سوي ".

|
|
|