من أعظم مؤشرات الفتنْ سوء العلاقات بين الناس
قال ابن الجوزي في “صيد الخاطر”: (متى تكامَل العقلُ، فُقدت لذَّة الدنيا، فتضاءل الجسم، وقوِي السقم، واشتدَّ الحزن
؛ لأنَّ العقل كلَّما تلمَّح العواقب، أعرض عن الدنيا، والتفتَ إلى ما تلمَّح، ولا لذَّة عنده بشيءٍ من العاجل، وإنَّما يلتذُّ أهل
الغفْلة عن الآخرة، ولا غفلة لكامل العقل، ولهذا لا يقدر على مُخالطة الخلق؛ لأنَّهم كأنَّهم من غير جنسه؛ كما قال الشاعر:
مَا فِي الدِّيَارِ أَخُو وَجْدٍ نُطَارِحُهُ.. حَدِيثَ نَجْدٍ وَلاَ خِلٌّ نُجَارِيهِ
فالزَمْ خلوتَك، وراعِ -ما بَقِيتَ- النَّفسَ، وإذا قلقَتِ النفسُ مشتاقةً إلى لقاء الخلق، فاعْلم أنَّها بعدُ كَدِرَةٌ،
فرُضْها؛ ليصيرَ لقاؤهم عندها مكروهًا، ولو كان عندها شغلٌ بالخالِق، لما أحبَّت الزحمة،
كما أنَّ الذي يخلو بحبيبِه لا يؤثر حضورَ غيره، ولو أنَّها عشقت طريق اليَمَن، لَم تلتفتْ إلى الشام)؛
|