منتديات بني عمرو

منتديات بني عمرو (https://forum.baniamro.co/index.php)
-   مواضيع الحوار والنقاش (https://forum.baniamro.co/forumdisplay.php?f=4)
-   -   الـعـذاب لـيـس لـه طـبـقـة ( قـروب إشـراقـة أمـل ) (https://forum.baniamro.co/showthread.php?t=89087)

ابو سعد العمري 03-12-2013 02:03 PM

الـعـذاب لـيـس لـه طـبـقـة ( قـروب إشـراقـة أمـل )
 


{ الـعــذاب لـيـس لـه طـبـقـة }


http://center.jeddahbikers.com/uploa...2995292711.jpg


الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب .
و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر
من سوء الهضم و السكر و الضغط .
و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به ، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق .
و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة .
و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر
فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار .
و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته .
و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات .

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق .

و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب .
فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر .. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية .. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور .

إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب .. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة .
و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب .
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات ..
فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل .. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس
برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات .

و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف .. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله .. و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال .. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله .

و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر .. حيث يكون الشقاء الحقيقي .. أو السعادة الحقيقية .. فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم .
أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل .. و الكل في تعب .
إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف .. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها .
و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت .
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع .
و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكا و الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم .

أما وراء الكواليس ، أما على مسرح القلوب ، أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة .. فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم .. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم .. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين .. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة .. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود .. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق .. يوم لا تنفع معذرة .. و لا تجدي تذكرة .

و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا ، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن .. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم .

أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض ، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع .

فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت .. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك .



( من روائع الدكتور مصطفى محمود رحمه الله وأسكننا وإياه فسيح جناته وغفر لنا و له )


***


منقول مع بعـض التعـديل و الترتيب

الصبر + الشكر + الاستغـفار = السعـادة


تلآآآهيف العمري 03-12-2013 02:27 PM

،

إنتقاء مميز

لـ رآئعه من روآئع [ الدكتور ] مصطفي محمود ، ،
بآرك الله فيك ، أن ذكرتنا بـ هذآ النبع الرقرآق
رحمة الله عليه ~

بُوركت



http://im19.gulfup.com/Azab10.gif

إبراهيم سعيد 03-12-2013 03:17 PM

مصطفى محمود ،،
اسم كبير ، وثقافه محسوبه في الأدب ،،

شكرًا أبو سعد لهذه النافذة ،،،

أبو ريان 03-12-2013 03:32 PM

إذا أجتمع في الطرح روائع كان الإنصات إليه أروع وكسبنا المعرفة بالتأكيد ..
كلام رائع وفقك الله ولك تقديري ..

ابو سعد العمري 03-12-2013 03:52 PM


تراتيــــل 03-12-2013 07:23 PM

ربي يعطيك العآفيه
طرح عآنق السمآء ل روعته
أمتنآني يآ ألق ..

بن ظافر 03-12-2013 07:46 PM

اختيار موفق لهذا النقل الله يعطيك العافية

الكعبية 03-12-2013 10:40 PM

برغم مايقال عن هذه الشخصيه إلا ان بعضا من برامجه كان لها وقعها بالنفس

تقديري لك على نقلك الرائع

ابو سعد العمري 03-12-2013 11:01 PM


هند آل فاضل 03-13-2013 12:04 AM

صدقت والله

كلام راقي جداً


من أجمل ماقرأت اليوم


تقديري لك

ابو سعد العمري 03-13-2013 12:09 AM


بسمةالكون 03-13-2013 09:57 AM


الصبر + الشكر + الاستغـفار = السعـادة


يعطيك العافيه ..

ابو سعد العمري 03-13-2013 01:25 PM


شيخة بني عمرو 03-13-2013 07:25 PM

طرح قيم واكثر من رائع
يعطييييك الف عاااااافيه

الريم الجفول 03-13-2013 09:01 PM

سلم الله أياديك على هذا الطرح القيم والراقي


الساعة الآن 11:55 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir