هل فقط لحوم العلماء مسمومة ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد :

لفت انتباهي ما يقال وما يردد حول كلمة (( لحوم العلماء مسمومة )) فبحثت قدر جهدي المقل وعلمي اليسير لاعرف مصدر هذه الكلمة وحاولت الاستفادة من (( قوقل )) وياليتني لم ابحث فيه فلقد وجدت فيه ما يدمي القلب مما وصل اليه حال المسلمين من سب بعضهم بعضا واحتقار بعضهم بعضا ولعن بعضهم بعضا وما يكيله بعضهم لبعض من الشتم والسباب مما يدل على جهل مطبق وحقد دفين وجهل بامور الدين والانحياز لفيئة دون الاخرى بعيدا عن الدين الحنيف . ووجدت ان كل يغني على ليلاه غيبة ونميمة وبهتان وزور ولاحول ولا قوة الا بالله العلي القدير .
وجدت بعد البحث انه ذكرها ابن عساكر في كتابه (( تبيين كذب المفتري " ( ص 29 )) ولكن صار حولها خلاف وسؤ فهم .ولكن يجب ان نعرف ان ذكرنا للمسلم وهو غائب سواءا كان عالم او غيره تعتبر غيبة له .
قال تعالى :
{ يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم } .
والرسول نهى عن ذلك، وأخبر أن: (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، قيل: يا رسول الله، فإن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته). وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رأيت ليلة أسري بي قوماً لهم أظفار من نحاس يخدشون بها وجوههم وصدورهم، فقلت يا جبرائيل من هؤلاء؟، قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم) .
من هنا يتبين لنا جميعا ان لحوم جميع المسلمين ممنوعه ومحمية ومسمومة وليس لفيئة عن اخرى وانما الغيبة كاملة متكاملة للجميع وفي حق الجميع حرام ومنهي عنها .
قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخُلِ الإيمانُ قلبُهُ، لا تغتابوا المسلمين، ولا تَّتبعوا عوارتِهم، فإنهُ من تتبعَ عورة أخيه المسلم تتبعَ الله عورتَه ومن تتبع الله عورته، يفضَحه ولو في جوف بيته )

قال صلى الله عليه وسلم: (اتدرون من المفلسُ؟ قالوا: المفلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أُمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا، وأكَل مال هذا، وسفك دم هذا وضرب وهذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فَنيتْ حسناتُه قبل أن يُقضَي ما عليه أُخذ من خطاياهم فَطُرِحَت عليه ثم يُطرح في النار)
مما سبق يتبين ان الغيبه واحتقار الناس واستصغارهم علماءا كانوا او عامة هي المنهي عنها بنص الكتاب والسنة .

ومما لاشك فيه ان للعلماء فضلا وقدرا عند الله وان من الواجب علينا احترامهم وتقديرهم فهم ورثة الانبياء وهم اهل علم وصلاح وهم مجتهدون افنوا اعمارهم في طلب العلم الشرعي فمن حقهم علينا الاحترام والتقدير بعيدا عن الغلو وبعيدا عن الانتقاص فهم بشر مثلنا غير معصومون من الخطاء والزلل وهم من اجتهادهم يمكن ان يحدث خلاف لما كانوا يصبون اليه فلماذا احتقارهم وانتقاصهم ؟؟ .
هم اهل فضل واهل علم شرعي والانتقاص منهم انتقاص من العلم الذي يحملونه .
وهذه مقولة للشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه :

ولذلك كانت غيبة العلماء أعظم بكثير من غيبة غير العلماء، لأن غيبة غير العلماء غيبة شخصية إن ضرَّت فإنها لا تضر إلا الذي اغتاب والذي قيلت فيه الغيبة، لكن غيبة العلماء تضرُّ الإسلام كلَّه ؛ لأن العلماء حملة لواء الإسلام فإذا سقطت الثقة بأقوالهم، سقط لواءُ الإسلام، وصار في هذا ضرر على الأمة الإسلامية.

وهنا نقاط يجب التنبه لها حول فضلهم :
من كتاب الشيخ ناصر العمر
(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون).
ويقول سبحانه:
(إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء).
ويقول جل وعلا:
(وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم).
وأولو الأمر كما قال العلماء هم العلماء، وقال بعض المفسرين أولو الأمر الأمراء والعلماء.
ويقول جل وعلا:
(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير).
وروى البخاري عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
(من يرد الله به خيرا يفقه في الدين).
قال أبن المنير كما ذكر أبن حجر:
( من لم يفقه الله في الدين فلم يرد به خيرا).
وروى أبو الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:
(فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة القدر، العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهم، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر).
وهو حديث حسن أخرجه أبو داوود والترمذي والدارمي.
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة كما قال الإمام الشيخ عبد الرحمن أبن سعدي رحمه الله:
(أنهم يدينون الله باحترام العلماء الهداة).
قال الحسن:
(كانوا يقولون موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار).
وقال الإمام الأوزاعي:
(الناس عندنا أهل العلم ومن سواهم فلا شيء).

فلنتقي الله في انفسنا وفي علمائنا وفي عامة المسلمين وخاصتهم اما ان نقول خيرا او فلنصمت وان لا تعتدي على احد بالقول سواءا كنا نحبه او كنا نكرهه لان عاقبة هذا الفعل سوف تكون علينا في ديننا ودنيانا واخرانا .
هذا ما استطعت جمعه هنا والله من وراء القصد وهو الهادي الى سواء السبيل .