![]() |
|
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#20 |
![]() ![]() |
![]()
قالوا: ولأن عدمَ مجامعة الحيضِ للحمل، إما أن يُعلم بالحسِّ أو بالشرع، وكلاهما منتف، أما الأوَّل: فظاهر، وأما الثانى: فليس عن صاحب الشرع ما يدل على أنهما لا يجتمعان.
وأما قولُكم: إنه جعله دليلاً على براءة الرحم من الحمل فى العدة والاستبراء. قلنا: جعل دليلاً ظاهراً أو قطعياً، الأول: صحيح. والثانى: باطل، فإنه لو كان دليلاً قطعياً لما تخلف عنه مدلُوله، ولكانت أول مدة الحمل من حين انقطاع الحيض، وهذا لم يقله أحد، بل أولُ المدةِ مِن حين الوطء، ولو حاضت بعده عدة حيض، فلو وطئها، ثم جاءت بولد لأكثرَ من ستة أشهر من حين الوطء، ولأقل منها من حين انقطاع الحيض، لحقه النسبُ اتفاقاً، فعُلِمَ أنه أمارة ظاهرة، قد يتخلف عنها مدلولُها تخلُّفَ المطر عن الغيم الرطب، وبهذا يخرج الجوابُ عما استدللُتم به من السنة، فإنا بها قائلون، وإلى حكمها صائرون، وهى الحَكَمُ بينَ المتنازعين. والنبىُّ صلى الله عليه وسلم قسم النساء إلى قسمين: حامل فعِدتُها وضعُ حملها، وحائل فعِدتها بالحيض، ونحن قائلون بموجب هذا غير منازعين فيه، ولكن أين فيه ما يدل على أن ما تراه الحامل من الدم على عادتها تصومُ معه وتُصلى؟ هذا أمر آخر لا تَعرُّضَ للحديث به، وهذا يقول القائلون: بأن دمَها دمُ حيض، هذه العبارة بعينها، ولا يُعد هذا تناقضاً ولا خللاً فى العبارة. قالوا: وهكذا قولُه فى شأن عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنه: ((مُرْهُ فَلْيُراجِعْها ثُمَّ لِيُطَلِّقْها طَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَمَسَّها))، إنما فيه إباحةُ الطلاق إذا كانت حائلاً بشرطين: الطهر وعدم المسيس، فأين فى هذا التعرف لحكم الدم الذى تراه على حملها؟ وقولُكم: إن الحامل لو كانت تحيض، لكان طلاقُها فى زمن الدم بدعة، وقد اتفق الناسُ على أن طلاق الحامل ليس ببدعة وإن رأت الدم؟ قلنا: إن النبىَّ صلى الله عليه وسلم قسم أحوال المرأة التى يُريد طلاقَها إلى حال حمل، وحالِ خلو عنه، وجوَّز طلاق الحامل مطلقاً من غير استثناء، وأما غيرُ ذات الحمل، فإنما أباح طلاقها بالشرطين المذكورين، وليس فى هذا ما يدل على أن دم الحامل دم فساد، بل على أن الحامل تخالف غيرها فى الطلاق، وأن غيرها إنما تطلق طاهراً غير مصابة، ولا يُشترط فى الحامل شىء من هذا، بل تطلُق عقيبَ الإصابة، وتطلُق وإن رأت الدم، فكما لا يحرُمُ طلاقُها عقيبَ إصابتها، لا يحرُم حالَ حيضها وهذا الذى تقتضيه حِكمةُ الشارع فى وقت الطلاق إذناً ومنعاً، فإن المرأة متى استبان حملُها كان المطلق على بصيرة من أمره، ولم يعرض له مِن الندم ما يعرِضُ لهن كلهن بعد الجماع، ولا يشعر بحملها، فليس ما مُنِعَ منه نظير ما أُذِنَ فيه، لا شرعاً، ولا واقعاً، ولا اعتباراً، ولا سيما مَنْ علل المنع من الطلاق فى الحيض بتطويل العِدة، فهذا لا أثر له فى الحامل. قالوا: وأما قولُكم: إنه لو كان حيضاً، لانقضت به العِدة، فهذا لا يلزمُ، لأن اللَّهَ سبحانه جعل عِدة الحامل بوضع الحمل، وعدة الحائل بالأقراء، ولا يُمكن انقضاءُ عِدة الحامل بالأقراء لإفضاء ذلك إلى أن يملكها الثانى ويتزوجها وهى حامل من غيره، فيسقى مَاءَ زَرْعَ غيره. قالوا: وإذا كنتُم سلمتم لنا أن الحائض قد تحبل، وحملتُم على ذلك حديثَ عائشة رضى اللَّه عنها ولا يمكنكم منع ذلك لشهادة الحس به، فقد أعطيتُم أن الحيض والحبل يجتمعان، فبطل استدلالُكم من رأسه، لأن مداره على أن الحيض لا يُجامع الحبل. فإن قلتم: نحن إنما جوزنا ورودَ الحمل على الحيض، وكلامُنا فى عكسه، وهو ورودُ الحيض على الحمل، وبينهما فرق. قيل: إذا كانا متنافيين لا يجتمعان، فأىُّ فرق بين ورودها هذا على هذا وعكسه؟ وأما قولكم: إن اللَّه سبحانه أجرى العادة بإنقلاب دمِ الطمث لبناً يتغذَّى به الولد ولهذا لا تحيض المراضع. قلنا: وهذا من أكبر حجتنا عليكم، فإن هذا الإنقلاب والتغذية باللبن إنما يستحكم بعد الوضع، وهو زمن سلطان اللبن، وارتضاع المولود وقد أجرى اللَّه العادة بأن المرضع لا تحيض. ومع هذا، فلو رأت دماً فى وقت عادتها، لحكم له بحكم الحيض بالإتفاق، فلأن يحكم له بحكم الحيض فى الحال التى لم يستحكم فيها انقلابه، ولا تغذى الطفل به أولى وأحرى. قالوا: وهب أن هذا كما تقولون، فهذا إنما يكون عند احتياج الطفل إلى التغذية باللبن، وهذا بعدَ أن يُنفخ فيه الروح. فأما قبل ذلك، فإنه لا ينقلب لبناً لعدم حاجة الحمل إليه. وأيضاً، فإنه لا يستحيل كله لبناً، بل يستحيل بعضه، ويخرج الباقى، وهذا القول هو الراجح كما تراه نقلاً ودليلاً، واللَّه المستعان. فإن قيل: فهل تمنعون من الاستمتاع بالمُسْتَبرأة بغير الوطء فى الموضع الذى يجب فيه الاستبراء؟ قيل: أما إذا كانت صغيرة لا يوطأ مثلها، فهذه لا تحرم قبلتها ولا مباشرتها، وهذا منصوص أحمد فى إحدى الروايتين عنه، اختارها أبو محمد المقدسى، وشيخنا وغيرُهما، فإنه قال: إن كانت صغيرة بأى شىء تستبرأ إذا كانت رضيعة؟ وقال فى رواية أخرى: تستبرأ بحيضة إن كانت تحيض، وإلا ثلاثة أشهر إن كانت ممن توطأ وتحبل. قال أبو محمد: فظاهر هذا أنه لا يجب استبراؤها، ولا تحرم مباشرتها، وهذا اختيار ابن أبى موسى، وقولُ مالك وهو الصحيح، لأن سبب الإباحة متحقق، وليس على تحريمها دليل، فإنه لا نص فيها ولا معنى نص، فإن تحريم مباشرة الكبيرة إنما كان لكونه داعياً إلى الوطء المحرم، أو خشية أن تكون أمَّ ولد لغيره، ولا يتوهم هذا فى هذه، فوجب العمل بمقتضى الإباحة، انتهى كلامه. فصل وإن كانت ممن يُوطأ مثلُها، فإن كانت بكراً، وقلنا: لا يجبُ استبراؤها، فظاهر، وإن قلنا: يجب استبراؤُها فقال أصحابنا: تحرم قبلُتها ومباشرتها، وعندى أنه لا يحرم، ولو قلنا بوجوب استبرائها، لأنه لا يلزم من تحريم الوطء تحريم دواعيه، كما فى حق الصائم، لا سيما وهم إنما حرَّموا تحريم مباشرتها لأنها قد تكون حاملاً، فيكون مستمتعاً بأمة الغير، هكذا عللوا تحريم المباشرة، ثم قالوا: ولهذا لا يحرم الإستمتاع بالمسبية بغير الوطء قبل الاستبراء فى إحدى الروايتين، لأنها لا يُتوهم فيها انفساخ الملك، لأنه قد استقرَّ بالسبى، فلم يبق لمنع الاستمتاع بالقبلة وغيرها مِن البِكر معنى. وإن كانت ثيباً، فقال أصحاب أحمد، والشافعى وغيرهم: يحرم الاستمتاعُ بها قبل الاستبراء، قالوا: لأنه استبراءٌ يحرم الوطء، فحرم الاستمتاع بها قبل الاستبراء كالعِدة، ولأنه لا يأمن كونها حاملاً، فتكون أم ولد، والبيع باطل، فيكون مستمتعاً بأمِّ ولد غيره. قالوا: ولهذا فارق وطء تحريم الحائض والصائم. وقال الحسن البصرى: لا يحرم من المستبرأة إلا فرجُها، وله أن يستمتِعَ منها بما شاء ما لم يطأ، لأن النبى صلى الله عليه وسلم إنما منع من الوطء قبل الاستبراء، ولم يمنع مما دونه ولا يلزمُ مِن تحريم الوطء تحريمُ ما دونه، كالحائض والصائمة وقد قيل: إن ابن عمر قبَّل جاريتَه من السبى حين وقعت فى سهمه قبل استبرائها. ولمن نصر هذا القول أن يقولَ: الفرقُ بين المشتراة والمعتدة: أن المعتدة قد صارت أجنبية منه، فلاً يَحِلُّ وطؤها ولا دواعيه، بخلاف المملوكة، فإن وطأها إنما يحرم قبل الاستبراء خشيةَ اختلاط مائه بماء غيره، وهذا لا يُوجب تحريمَ الدواعى، فهى أشبهُ بالحائض والصائمة، ونظيرُ هذا أنه لو زنت امرأتُه أو جاريتُه، حرم عليه وطؤها قبل الاستبراء، ولا يحرمُ دواعيه، وكذلك المسبية كما سيأتى. وأكثرُ ما يتوهم كونها حاملاً من سيدها، فينفسخ البيع، فهذا بناء على تحريم بيع أمهاتِ الأولاد على عِلاَّته، ولا يلزم القائل به، لأنه لما استمتع بها، كانت ملكه ظاهراً وذلك يكفى فى جواز الاستمتاع، كما يخلو بها ويُحدِّثُها، وينظر منها ما لا يُباح من الأجنبية، وما كان جوابُكم عن هذه الأمور، فهو الجوابُ عن القُبلة والاستمتاع، ولا يُعلم فى جواز هذا نزاع، فإن المشترىَ لا يُمنع مِن قبض أمته وحوزها إلى بيته وإن كان وحدَه قبلَ الاستبراء، ولا يجبُ عليها أن تستُرَ وجهها منه، ولا يحرم عليه النظرُ إليها والخلوةُ بها، والأكلُ معها، واستخدامها، والانتفاعُ بمنافعها، وإن لم يَجُزْ له ذلك فى ملك الغير. |
![]()
الــــــــalwaafiــــــــوافي
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
::: حق الله على العباد ::: لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى | Aboabdalah | الصوتيات والمرئيات الإسلامية وأناشيد الأطفال | 2 | 09-16-2009 01:15 AM |