![]() |
|
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#11 |
![]() ![]() |
![]()
فصل
فى قضائه صلى الله عليه وسلم فى الصداق بما قلَّ وكَثُرَ وقضائه بصحة النكاح على ما مع الزوج مِن القُرآن ثبت فى ((صحيح مسلم)): عن عائشة رضى الله عنها: كانَ صَدَاقُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم لأَزواجه ثنتى عشرة أوقية ونشَّاً، فذلك خمسمائة. وقال عُمَرُ رضى الله عنه: ما عَلِمْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَكَحَ شيئاً مِن نسائه، ولا أَنْكَحَ شيئاً مِن بناتِه على أكثرَ مِن ثِنتى عشرةَ أُوقية. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. انتهى. وفى ((صحيح البخارى)): من حديث سهل بن سعد، أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال لرجل: ((تَزَوَّجْ وَلَوْ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ)). وفى سنن أبى داود: مِن حديث جابر، أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ أعْطى فى صَداقٍ مِلءَ كفيه سَويقاً أوْ تَمراً، فَقَدِ اسْتَحَلَّ)). وفى الترمذى: أن امرأةً مِن بنى فَزارة تزوَّجت على نعلينِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((رَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ ومَالِكِ بنعلين))؟ قالت: نعم، فأجازه. قال الترمذى: حديث حسن صحيح. وفى مسند الإمام أحمد: من حديث عائشة رضىَ الله عنها، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَة)). وفى ((الصحيحين)): أن امرأةً جاءت إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسولَ الله، إنى قد وهبتُ نفسى لكَ، فقامَت طويلاً، فقال رجل: يا رسول الله، زَوِّجْنِيهَا إن لم يَكُن لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىءٍ تُصْدِقُها إيَّاهُ))؟ قال: ما عندى إلا إزارى هذا، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّكَ إنْ أَعْطَيْتَها إزَارَكَ جَلَسْتَ وَلاَ إزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئاً))، قال: لا أجد شيئاً، قال: ((فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ))، فالتمس فلم يَجِدْ شيئاً، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((هَلْ مَعَكَ شىء مِنَ القُرْآنِ))؟ قال: نعم سورةُ كذا وسورةُ كذا لِسور سماها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((قَدْ زَوَّجْتُكَها بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآن)). وفى النسائى: أن أبا طلحة خطب أُمَّ سُلَيْمٍ، فقالت: واللَّهِ يا أَبَا طلحة، ما مِثْلُكَ يُرَدُّ ولكنَّك رجلٌ كافِر، وأنا امرأةٌ مسلمة، ولا يَحِلُّ لى أن أتزوَّجَك، فإن تُسْلِم، فَذاك مَهْرِى، وما أسألك غيرَه، فأسلَمَ فكان ذَلكَ مَهْرَهَا. قال ثابت: فما سمعنا بامرأةٍ قَطُّ كانت أكرمَ مهراً من أمِّ سُليم، فدخل بها، فولدت له. فتضمن هذا الحديثُ أن الصداق لا يتقدَّر أقلُّه، وأن قبضةَ السويق وخاتمَ الحديد والنعلينِ يَصِحُّ تسميتُها مهراً، وتَحِلُّ بها الزوجة. وتضمَّن أن المُغالاة فى المهر مكروهة فى النكاح، وأنها مِن قلة بركته وعُسره. وتضمَّن أن المرأةً إذا رَضِيت بعلم الزوج، وحِفظه للقرآن أو بعضه مِن مهرها، جاز ذلك، وكان ما يحصُل لها من انتفاعها بالقرآن والعلم هو صَداقها، كما إذا جَعَل السيدُ عِتْقَها صداقَها وكان انتفاعُها بحريَّتها ومُلكها لرقبتها هو صداقَها، وهذا هو الذى اختَارته أمُّ سليم من انتفاعها بإسلام أبى طلحة، وبذلِها نفسها له إن أسلم، وهذا أحبُّ إليها من المال الذى يبذُلُه الزوجُ، فإن الصداقَ شُرِعَ فى الأصل حقاً للمرأة تنتفع به، فإذا رضيت بالعلم والدِّين، وإسلام الزوج، وقراءته للقرآن، كان هذا من أفضل المهور وأنفعها وأجلِّها، فما خلا العقد عن مهر، وأين الحكم بتقدير المهر بثلاثة دراهم، أو عشرة من النص؟ والقياس إلى الحكم بصحة كون المهر ما ذكرنا نصاً وقياساً، وليس هذا مستوياً بين هذه المرأة وبين الموهبة التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم وهى خالصة له من دون المؤمنين، فإن تلك وهبت نفسها هبةً مجردة عن ولى وصداق، بخلاف ما نحن فيه، فإنه نكاح بولى وصداق، وإن كان غير مالى، فإن المرأة جعلته عوضاً عن المال لما يرجع إليها من نفعه، ولم تهب نفسها للزوج هِبةً مجرَّدَةً كهبة شىء من مالها بخلاف الموهوبة التى خصَّ الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، هذا مقتضى هذه الأحاديث. وقد خالف فى بعضه من قال: لا يكون الصداقُ إلا مالاً، ولا تكون منافع أخرى، ولا علمه، ولا تعليمه صداقاً، كقول أبى حنيفة وأحمد فى رواية عنه. ومن قال: لا يكون أقلَّ مِن ثلاثة دراهم كمالك، وعشرة دراهم كأبى حنيفة، وفيه أقوال أخر شاذة لا دليل عليها من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس، ولا قولِ صاحب. ومن ادعى فى هذه الأحاديث التى ذكرناها اختصاصَها بالنبى صلى الله عليه وسلم، أو أنها منسوخة، أو أن عملَ أهل المدينة على خلافها، فدعوى لا يقومُ عليها دليلٌ. والأصل يردُّها، وقد زوَّج سيدُ أهل المدينة من التابعين سعيدُ بن المسيب ابنتَه على درهمين، ولم يُنكر عليه أحد، بل عُدَّ ذلك فى مناقبه وفضائله، وقد تزوَّج عبد الرحمن بن عوف على صداق خمسة دراهم، وأقرَّه النبى صلى الله عليه وسلم، ولا سبيل إلى إثبات المقادير إلا من جهة صاحب الشرع. فصل فى حكمه صلى الله عليه وسلم، وخلفائه فى أحد الزوجين يجد بصاحبه برصاً أو جنوناً أو جذاماً، أو يكون الزوج عِنِّيناً فى ((مسند أحمد)): من حديث يزيد بن كعب بن عُجرة رضى الله عنه، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تزوَّجَ امرأةً من بنى غِفَار، فلما دَخَلَ عَلَيْهَا، وَوَضَعَ ثوبَه، وقَعَدَ على الفِراش، أبصَرَ بِكَشْحِهَا بياضاً ؛ فامّازَ عَنِ الفِرَاشِ، ثم قال: ((خُذِى عَلَيكِ ثِيَابَكِ،)) ولم يأخذ مما آتاها شيئاً. وفى ((الموطأ)): عن عمر أنه قال: أَيُّما امْرَاَةٍ غرَّ بها رجُلٌ، بِها جُنُونُ أَوْ جُذامٌ أوْ بَرَصُ، فَلَهَا المَهْرُ بما أصَابَ مِنْهَا، وصَدَاقُ الرَّجُلِ عَلى مَنْ غَرَّهُ)). وفى لفظ آخر: ((قضَى عمر فى البَرْصاء، والجذماء، والمجنونة، إذا دخَل بها فَرَّقَ بينَهما، والصَّداقُ لها بمَسِيسِه إياها، وهو له على وَلِيِّها)) وفى سنن أبى داود: مِن حديث عِكرمة، عن ابن عباس رضى الله عنهما: طلَّق عبدُ يزيد أبو رُكانة زوجتَه أمَّ رُكانة، ونَكَحَ امرأةً مِنْ مُزِيْنَةَ، فجاءت إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: ما يُغْنِى عَنِّى إلاَّ كَما تُغْنِى هذِهِ الشَّعْرَةُ لِشَعْرَةٍ أَخَذَتْها مِنْ رَأْسِها، فَفَرِّق بينى وبينَه، فأخذت النبىَّ صلى الله عليه وسلم حَمِيَّةُ، فذكر الحديثَ. وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم قال له ((طَلِّقْها))، ففعل، ثم قال: ((رَاجِع امْرَأَتُكَ أُمَّ رُكَانَةَ))، فقال: إنى طلقتُها ثلاثاً يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: ((قَدْ عَلِمْتُ، ارْجِعْهَا))، وتلا: {يَأَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]. ولا عِلَّة لهذا الحديث إلا روايةُ ابن جُريج له عن بعض بنى أبى رافع، وهو مجهول، ولكن هو تابعى، وابنُ جريج من الأئمة الثقات العدولِ، وروايةُ العدل عن غيره تعديلٌ له ما لم يُعلم فيه جرحٌ، ولم يكن الكذبُ ظاهراً فى التابعين، ولا سيما التابعين مِن أهل المدينة، ولا سيما موالى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولا سيما مثل هذه السنة التى تشتد حاجةُ النَّاس إليها لا يُظن بابن جريج أنه حملها عن كذَّاب، ولا عن غيرِ ثقة عنده، ولم يُبيِّنْ حاله. وجاء التفريقُ بالعُنَّةِ عن عمر، وعثمانَ، وعبدِ الله بن مسعود، وسمرةَ بنِ جندب، ومعاويةَ بن أبى سفيان، والحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة، والمغيرة بن شعبة، لكن عمر، وابن مسعود، والمغيرة، أجَّلُوه سنة، وعثمان ومعاوية وسمرة لم يؤجِّلوه، والحارث بن عبد الله أجَّلَه عشرة أشهر. وذكر سعيدُ بن منصور: حدثنا هُشيم، أنبأنا عبدُ الله بن عوف، عن ابن سيرين أن عمرَ بنَ الخطاب رضى الله عنه بعثَ رجلاً على بعضِ السِّعَاية، فتزوَّج امرأةً وكان عقيماً، فقال له عمرُ: أعْلَمْتَها أنَّكَ عَقِيمُ؟ قال: لا، قال: فانطلق فأعْلِمْها، ثم خيِّرها. وأجَّلَ مجنوناً سنة، فإن أفاق وإلا فرَّق بينه وبين امرأته. فاختلف الفقهاءُ فى ذلك، فقال داود، وابنُ حزم، ومَنْ وافقهما: لا يُفْسَخْ النكاحُ بعيب ألبتة، وقال أبو حنيفة: لا يفسخ إلا بالجَبِّ والعُنَّةِ خاصة. وقال الشافعى ومالك: يُفْسَخُ بالجنونِ والبَرَصِ، والجُذامِ والقَرَن، والجَبِّ والعُنَّةِ خاصة، وزاد الإمام أحمد عليهما: أن تكونَ المرأة فتقاءَ منخرِقة ما بينَ السبيلين، ولأصحابه فى نَتَنِ الفرج والفم، وانخراقِ مخرجى البول والمنى فى الفرج، والقروح السيالة فيه، والبواسير، والنَّاصور، والاستحاضة، واستطلاقِ البول، والنجو، والخصى وهو قطعُ البيضتينِ، والسَّل وَهو سَلُّ البيضتين، والوجء وهو رضُّهما، وكونُ أحدهما خُنثى مشكلاً، والعيبِ الذى بصاحبه مثلُه مِن العيوب السبعة، والعيبِ الحادث بعد العقد، وجهان. وذهب بعضُ أصحابِ الشافعى إلى ردِّ المرأة بكُلِّ عيبٍ تُردُّ به الجاريةُ فى البيع وأكثرُهم لا يَعْرِفُ هذا الوجهَ ولا مظِنَّتَه، ولا مَنْ قاله. وممن حكاه: أبو عاصم العبادانى فى كتاب طبقات أصحاب الشافعى، وهذا القولُ هو القياس، أو قولُ ابن حزم ومن وافقه. وأما الاقتصارُ على عيبين أو ستة أو سبعة أو ثمانية دون ما هو أولى منها أو مساو لها، فلا وجه له، فالعمى والخرس والطرش، وكونُها مقطوعة اليدين أو الرجلين، أو إحداهُما، أو كونُ الرجل كذلك من أعظم المنفِّرات، والسكوت عنه من أقبح التدليس والغش، وهو مُنافٍ للدين، والإطلاق إنما ينصرف إلى السلامة، فهو كالمشروط عرفاً، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه لمن تزوج امرأة وهُو لا يولد له: أَخْبِرْهَا أنَّكَ عَقِيمٌ وخيِّرْهَا. فماذا يقول رضى الله عنه فى العيوب التى هذا عندها كمالٌ لا نقص؟ والقياس: أن كُلَّ عيب ينفِرُ الزوجُ الآخر منه، ولا يحصُل به مقصودُ النكاح مِن الرحمة والمودَّة يُوجبُ الخيارَ، وهو أولى مِن البيع، كما أن الشروطَ المشترطة فى النكاح أولى بالوفاءِ مِن شروط البيع، وما ألزم اللَّهُ ورسولُه مغروراً قطُّ، ولا مغبوباً بما غُرَّ به وغُبِنَ به، ومن تدبَّر مقاصد الشرع فى مصادره وموارِده وعدله وحِكمته، وما اشتمل عليه مِن المصالح لم يخفَ عليه رجحانُ هذا القول، وقربُه من قواعد الشريعة. |
![]()
الــــــــalwaafiــــــــوافي
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
::: حق الله على العباد ::: لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى | Aboabdalah | الصوتيات والمرئيات الإسلامية وأناشيد الأطفال | 2 | 09-16-2009 01:15 AM |