![]() |
|
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#11 |
![]() ![]() |
![]()
وأما من قال إنَّها من حين يفتتح الإِمامُ الخطبة إلى فراغه من الصلاة، فاحتج بما رواه مسلم في ((صحيحه))، عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، قال: قال عبد اللّه بن عمر: أسمعتَ أباك يُحدِّث عن رسول صلى الله عليه وسلم فى شأن ساعة الجمعة؟ قال: قُلت: نعم سمعتُه يقول: سمعتُ رسول الله يقول: ((هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجلِس الإِمامُ إلى أن يقضِيَ الإِمام الصلاة)).
وأما من قال: هي ساعة الصلاة، فاحتج بما رواه الترمذي، وابن ماجه، من حديث عمرو بن عوف المزني، قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ في الجُمُعَة لَسَاعَةً لا يَسْأَلُ اللَّهَ العَبْدُ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ آتاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ)). قالوا: يا رسولَ اللّه أيةُ ساعة هِيَ؟ قال: ((حِينَ تُقامُ الصَّلاة إلى الانصِرَافِ مِنْهَا)). ولكن هذا الحديث ضعيف، قال أبو عمر بن عبد البر: هو حديث لم يروه فيما علمت إلا كثيرُ بن عبد اللّه بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده، وليس هو ممن يُحتجُّ بحديثه. وقد روى روحُ بن عبادة، عن عوف، عن معاوية بن قرة، عن أبي بردة عن أبي موسى، أنه قال لعبد اللّه بن عمر: هي الساعة التي يخرج فيها الإِمام إلى أن تقضَى الصلاةُ. فقال ابن عمر: أصابَ اللَّهُ بك. وروى عبد الرحمن بن حُجَيْرَةَ، عن أبي ذر، أن امرأته سألته عن الساعة التي يُستجابُ فيها يومَ الجمعة للعبد المؤمن، فقال لها: هي مع رفع الشمس بيسير، فإن سألتنِي بعدها، فأنت طالق. واحتج هؤلاء أيضاً بقوله في حديث أبي هريرة ((وهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي)) وبعد العصر لا صلاة في ذلك الوقت، والأخذ بظاهر الحديث أولى. قال أبو عمر يحتج أيضاً من ذهب إلى هذا بحديث علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا زالت الشَّمْسُ، وفاءت الأَفياءُ، ورَاحَتِ الأَرْواح، فاطلبوا إلى اللّه حوائجكم، فإنَّها ساعة الأوابين، ثم تلا: {فَإِنَّهُ كَانَ للأَوَّابِينَ غَفُوراً} [الإِسراء: 25])). وروى سعيدُ بن جُبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: الساعة التي تُذكر يومَ الجمعة: ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس. وكان سعيد بن جُبير، إذا صلى العصر، لم يُكلّم أحدا حتى تغرب الشمس، وهذا هو قول أكثر السلف، وعليه أكثر الأحاديث. ويليه القول: بأنها ساعة الصلاة، وبقية الأقوال لا دليل عليها. وعنديَ أن ساعة الصلاة ساعةٌ ترجى فيها الإِجابةُ أيضاً، فكلاهما ساعةُ إجابة، وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخِرُ ساعة بعد العصر، فهي ساعة معينة من اليوم لا تتقدم ولا تتأخر، وأما ساعةُ الصلاة، فتابعة للصلاة تقدمت أو تأخرت، لأن لاجتماع المسلمين وصلاتهم وتضرُّعهم وابتهالِهم إلى اللّه تعالى تأثيراً في الإِجابة، فساعة اجتماعهم ساعةٌ تُرجي في الإجاِبةُ، وعلى هذا تتفق الأحاديث كلها، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قد حضَّ أمته على الدعاء والابتهال إلى اللّه تعالى في هاتين الساعتين. ونظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن المسجد الذي أسّسَ على التقوى، فقال: ((هُوَ مَسجِدُكم هذا)) وأَشارَ إلى مَسْجِدِ المَدِينَة. وهذا لا ينفي أن يكون مسجد قباء الذى نزلت فيه الآية مؤسساً على التقوى، بل كلٌّ منهما مؤسس على التقوى. وكذلك قولُه في ساعة الجمعة ((هي ما بَيْنَ أن يجلس الإمامُ إلى أن تنقضي الصلاة)) لا يُنافي قوله في الحديث الآخر ((فالتَمسُوها آخرَ سَاعَة بَعْدَ العَصْرِ)). ويشبه هذا في الأسماء قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما تَعُدُّون الرَّقوبَ فيكم))؟ قالوا: مَن لَمْ يُولَد له، قال: ((الرَّقوبُ مَنْ لَمْ يُقَدِّم مِنْ وَلَدِه شَيْئاً)). فأخبر أن هذا هو الرَّقوب، إذ لم يحصل له من ولده من الأجر ما حصل لمن قَدَّم منهم فرطاً، وهذا لا ينافي أن يُسمى من لم يولد له رقوباً. ومثله قوله صلى الله عليه وسلم ((ما تعُدُّونَ المُفْلسَ فيكم))؟ قالوا: من لا درْهَمَ له ولا مَتَاع. قال: ((المُفْلسُ من يَأتي يَومَ القيامَة بحًسَنات أمْثَال الجبال، ويأَتي وقد لَطمَ هذا، وضَرَبَ هذَا، وسَفَكَ دَمَ هذَا،َ فَيَأخُذ هذا من حَسًناتَه، وَهَذَا منْ حَسَنَاته)) الحديث. ومثلُه قولُه صلى الله عليه وسلم: ((ليس المسكينُ بهذا الطَوَّاف الَّذي تَرُدّهُ اللُّقْمَةُ واللُّقْمتَان، والتَّمْرةُ والتَّمْرتَانِ، وَلكِنَّ المسْكينَ الَّذي لا يَسْاُلُ النَّاسَ، ولا يُتَفَطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عليه)). وهذه الساعة هي آخِر ساعة بعد العصر، يعظِّمها جميع أهل الملل. وعند أهل الكتاب هي ساعة الإِجابة، وهذا مما لا غرض لهم في تبديله وتحريفه، وقد اعترف به مؤمنُهم. وأما من قال بتنقلها، فرام الجمع بذلك بين الأحاديث، كما قيل ذلك في ليلة القدر، وهذا ليس بقوي، فإن ليلةَ القدر قد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((فالتَمِسُوها في خَامِسَةٍ تَبْقَى، في سَابِعَةٍ تَبقَى، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى)). ولم يجىء مثلُ ذلك في ساعة الجمعة. وأيضاً فالأحاديث التي في ليلة القدر، ليس فيها حديثّ صريح بأنها ليلة كذا وكذا، بخلاف أحاديث ساعة الجمعة، فظهر الفرق بينهما. وأما قول من قال: إنَها رُفعت، فهو نظيرُ قول مَن قال: إن ليلة القدر رُفِعَت، وهذا القائل، إنْ أراد أنَّها كانت معلومة، فرفع علمُها عن الأمة، فيقال له: لم يُرفع علمها عن كُلِّ الأمة، وإن رُفعَ عن بعضهم، وإن أراد أن حقيقتها وكونَها ساعة إجابة رفِعَتْ، فقولٌ باطل مخالف للأحاديث الصحيحة الصريحة، فلا يعول عليه. واللّه أعلم. الحادية والعشرون: أن فيه صلاةَ الجمعة التي خُصَّت من بين سائر الصلوات المفروضات بخصائص لا توجد في غيرها من الاجتماع، والعدد المخصوص، واشتراط الإِقامة، والاستيطان، والجهر بالقراءة. وقد جاء من التشديد فيها ما لم يأتِ نظيرُه إلا في صلاة العصر، ففي السنن الأربعة، من حديث أبي الجَعْدِ الضَّمْرِي - وكانت له صحبة - إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن تَرَكَ ثَلاثَ جُمَع تَهاوُناً، طَبعَ اللَّهُ عَلى قَلْبِهِ)). قال الترمذي: حديث حسن، وسألت محمد بن إسماعيل عن اسم أبي الجعد الضمري، فقال: لم يُعرف اسمه، وقال: لا أعرِفُ له عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث. وقد جاء في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمرُ لمن تركها أن يتصدَّق بدينار، فإن لم يجد، فنصف دينار. رواه أبو داود، والنسائي من رواية قدامة بن وبرة، عن سمرة بن جندب. ولكن قال أحمد: قدامة بن وبرة لا يعرف. وقال يحيى بن معين: ثقة، وحُكي عن البخاري، أنه لا يصح سماعه من سمرة. وأجمع المسلمون على أن الجمعة فرضُ عين، إلا قولاً يُحكى عن الشافعي، أنها فرض كفاية، وهذا غلط عليه منشؤه أنه قال: وأما صلاة العيد، فتجب على كل من تجب عليه صلاةُ الجمعة، فظن هذا القائل أن العيد لما كانت فرضَ كفاية، كانت الجمعة كذلك. وهذا فاسد، بل هذا نص من الشافعي أن العيد واجب على الجميع، وهذا يحتمل أمرين، أحدهما: أن يكون فرضَ عين كالجُمُعَةِ، وأن يكون فرضَ كفاية، فإن فرض الكفاية يجبُ على الجميع، كفرض الأعيان سواء، وإنما يختلِفانِ بسقُوطه عن البعض بعد وجوبه بفعل الآخرين. الثانية والعشرون: أن فيه الخطبةَ التي يُقصد بها الثناءُ على اللّه وتمجيدُه، والشهادةُ له بالوحدانية، ولرسولِه صلى الله عليه وسلم بالرسالةِ، وتذكيرُ العباد بأيامه، وتحذيرُهم من بأسه ونِقمته، ووصيتُهم بما يُقَرِّبُهم إليه، وإلى جِنَانه، ونهيُهم عما يقربهم من سخطه وناره، فهذا هو مقصود الخطبة والاجتماع لها. الثالثة والعشرون: أنه اليوم الذي يُستحب أن يُتفرَّغ فيه للعبادة، وله على سائر الأيام مزية بأنواع مِن العبادات واجبة ومستحبة، فالله سبحانه جعل لأهل كل مِلَّةٍ يوماً يتفرغون فيه للعبادة، ويتخلَّون فيه عن أشغال الدنيا، فيومُ الجمعة يومُ عبادة، وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور، وساعةُ الإِجابة فيه كليلة القدر في رمضان. ولهذا من صح له يومُ جمعته وسلِم، سلمت له سائرُ جمعته، ومن صح له رمضان وسلم، سَلِمت له سائرُ سَنَتِه، ومن صحت له حَجتُه وسلِمت له، صح له سائرُ عمره، فيومُ الجمعة ميزانُ الأسبوع، ورمضانُ ميزانُ العام، والحجُ ميزانُ العمر. وبالله التوفيق. الرابعة والعشرون: أنه لما كان في الأسبوع كالعيد في العام، وكان العيدُ مشتمِلاً على صلاة وقُربان، وكان يومُ الجمعة يومَ صلاة، جعل الله سبحانه التعجيلَ فيه إلى المسجد بدلاً من القربان، وقائماً مقامه، فيجتمع للرائح فيه إلى المسجد الصلاةُ، والقربان، كما في ((الصحيحين)) عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((مَن رَاحَ في السَّاعَةِ الأُولى، فَكَأنما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَنْ رَاحَ في السَّاعة الثَّالِثَةِ، فَكأنَّما قَرَّبَ كَبْشَاً أَقرَنَ)). وقد اختلف الفقهاء في هذه الساعة على قولين: أحدهما: أنها من أول النهار، وهذا هو المعروف في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما. والثاني: أنها أجزاء من الساعة السادسة بعد الزوال، وهذا هو المعروف في مذهب مالك، واختاره بعضُ الشافعية، واحتجوا عليه بحجتين: إحداهما: أن الرواح لا يكون إلا بعد الزوال، وهو مقابلُ الغُدوِّ الذي لا يكون إلا قبل الزوال، قال تعالى: {غُدُوّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: 12]. قال الجوهري: ولا يكون إلا بعد الزوال. الحجة الثانية: أن السلف كانوا أحرصَ شيء على الخير، ولم يكونوا يَغْدون إلى الجمعة من وقت طلوع الشمس، وأنكر مالك التبكيرَ إليها في أول النهار، وقال: لم نُدرك عليه أهل المدينة. واحتج أصحابُ القول الأول، بحديث جابر رضي اللله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((يَوْمُ الجُمُعَةِ ثِنْتَا عشرَة سَاعَةً)). قالوا: والساعات المعهودة، هي الساعات التي هي ثنتا عشرة ساعة، وهي نوعان: ساعات تعديلية، وساعات زمانية، قالوا: ويدل على هذا القول، أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بَلَغَ بالساعات إلى ست، ولم يزد عليها، ولو كانت الساعة أجزاء صغاراً مثل الساعة التي تُفعل فيها الجمعة، لم تنحصر في ستة أجزاء، بخلاف ما إذا كان المُرادُ بها الساعات المعهودة، فإن الساعة السادسة متى خرجت، ودخلت السابعة، خرج الإِمامُ، وطُويتِ الصحف، ولم يكتب لأحد قربان بعد ذلك، كما جاء مصرحاً به في ((سنن أبي داود)) من حديث علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، غَدَتِ الشَّياطِينُ بِرَايَاتِهَا إلى الأَسْوَاق، فَيَرْمُونَ النَّاسَ بالترابيثِ أَو الرَّبَائِثِ وَيُثَبِّطُونَهُم عَنِ الجُمُعَةِ، وَتَغْدُو المَلاَئِكَةُ، تَجْلِسُ عَلَى أبْوَاب المَسَاجِدِ، فَيَكتُبونَ الرَّجُلَ مِن سَاعَةٍ، والرَّجُلَ مِنْ سَاعَتَيْن حتَّى يَخْرُجَ الإِمَام)). |
![]()
الــــــــalwaafiــــــــوافي
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
::: حق الله على العباد ::: لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى | Aboabdalah | الصوتيات والمرئيات الإسلامية وأناشيد الأطفال | 2 | 09-16-2009 01:15 AM |