معلومات جميلة ومفيدة للمبتدئين

محمد.. طالب في الصف الأول ثانوي، يعد من المميزين في جميع المواد الدراسية باستثناء العلوم الشرعية، ويشعر أن عدم تفوقه فيها يعود لرفضه معلمها الذي يبادله نفس الشعور. أفصح ذات يوم لوالده برغبته في الانتقال إلى فصل آخر، وعندما حاول الأب البحث عن أسباب ذلك وعلاجه، تبين له أن المعلم يحظى بقبول واحترام عدد غير قليل من الطلاب، وكذلك أبنه عند باقي المعلمين، لكن فيما يتعلق بهما الاثنين فهناك شيء يرفض اجتماعهما.
هذا النموذج الذي يتكرر على الدوام في المدارس لا يختلف عما يحدث كثيرا داخل جدران البيوت، فهذان الزوجان عبد الله وهناء اللذان احتفلا قبل أيام بمضي عام على زواجهما، يبحثان الآن عبر المقربين منهما كيفية الانفصال دون ضجيج، بعد أن بلغت الخلافات الزوجية بينهما أقصى حدودها، وتعثرت جميع حلول الوفاق والوئام.


هذا التنافر والتلاقي بين الأشخاص يختلف الجميع في تحديد أسبابه ودوافعه، ففي الوقت الذي يرجعه البعض إلى اختلاف الطبائع بين البشر، يرى آخرون أن السبب يعود إلى «العين»، فيما يقذف المغالون منهم باللائمة على الجن الذين ساءهم الاتفاق بين هذين الشخصين.
في السنوات الأخيرة ظهر علم جديد سمي بـNLP يراهن منتسبوه على مقدرته في تحديد أسباب اتفاق واختلاف البشر، وإمكانية تسوية المشاكل التي تنشب بينهم متى ما رغب الطرفان في ذلك، إضافة إلى إمكانية اكتشاف القدرات المخبأة والقوة الكامنة داخل النفس البشرية، والتعرف على الأسرار الدقيقة

أقرأ الحوار التالي

* ما هو الـNLP؟
ـ الـNLP هو مختصر للكلمة الإنجليزية Neuro-Linguistic Programming، التي تعني البرمجة اللغوية العصبية، وهو علم يكشف عالم الإنسان الداخلي وطاقاته الكامنة، ويمدنا بأدوات ومهارات نستطيع بها التعرف على شخصية الإنسان، وطريقة تفكيره وسلوكه وأدائه وقيمه، والعوائق التي تقف في طريق إبداعه وتفوقه، كما يمدنا بأدوات وطرائق يمكن بها إحداث التغيير الإيجابي المطلوب في تفكير الإنسان وسلوكه وشعوره، وقدرته على تحقيق أهدافه، كل ذلك وفق قوانين تجريبية يمكن أن تختبر وتقاس.

* متى بدأ هذا العلم؟
ـ بدأ هذا العلم منتصف السبعينات على يد الأمريكيين جون غرندر عالم اللغـويات، وريتشارد باندلر عالم الرياضيات ودارس علم النفس السلوكي، فيما ظهر في السعودية لأول مرة منذ نحو أربعة أعوام على يد الدكتور يحيى كوشك رئيس مجلس إدارة مركز الأمير ماجد للأبحاث والبدائل الطبية الذي يعد أول من أدخل علوم الطب البديل إلى البلاد.

* على ماذا يستند هذا العلم وإلى ماذا يقود؟
ـ يستند على التجربة والاختبار، ويقود إلى نتائج محسوسة ملموسة في مجالات وموضوعات لا حصر لها، مثل: انسجام الإنسان مع نفسه ومع الآخرين، الحالة الذهنية وكيفية رصدها والتعرف عليها وإمكانية تغييرها، كيفية استخدام حواسنا في عملية التفكير والتعرف على طريقة تفكير الآخرين، تحقيق الألفة بين الناس، كيفية تغيير المعتقدات السلبية التي تعيق الإنسان وتحد من نشاطه، دور اللغة في تحديد أو تقييد خبرات الإنسان، وكيف يمكن استخدامها لإحداث التغييرات الإيجابية، علاج الحالات الفردية كالخوف والوهم والصراع النفسي والوسواس القهري والتحكم بالعادات وتغييرها، تنمية المهارات وشحذ الطاقات ورفع الأداء الإنساني.

* ما تطبيقات البرمجة اللغوية العصبية؟
ـ تمتد تطبيقات البرمجة اللغوية العصبية إلى كل شأن يتعلق بالنشاط الإنساني: كالتربية والتعليم والصحة النفسية والجسدية والتجارة والأعمال والدعاية والإعلان والتسويق والمهارات والتدريب والجوانب الشخصية والأسرية والعاطفية وحتى الرياضة والألعاب والفنون والتمثيل وغيرها.

* وما هي دعائم هذا العلم؟
ـ تعمل البرمجة اللغوية العصبية على أربعة أركان رئيسية، ولا بد منها مجتمعة وبطريقة تكاملية متوازية، إذ لا يغني بعضها عن الآخر، وهي:
1ـ الهدف، وتتمثل في مساعدة الإنسان على معرفة ماذا يريد، وما هو الأنسب له، وتزيل بسرعة وسهولة بالغة كل ما يعتري طريق أهدافه، وتجعله يرى بوضوح قراراته وخطواته التي ينبغي أن يتخذها ويرى آثارها ونتائجها المتوقعة.
2ـ الحواس، كل ما يدركه الإنسان ويتعلمه ينفذ عبرها، لذلك تعمل البرمجة على تنميتها وشحذ طاقاتها وقدراتها لتكون أكثر كفاءة وأفضل أداء في دقة الملاحظة وموضوعيتها.
3ـ المرونة، أساس أي تطور أو تغيير أو نجاح، فبقدر ما نمتلك من مرونة في التفكير والسلوك بقدر ما نستطيع السيطرة والتحكم في كل الأوضاع.
4ـ المبادرة والعمل، وهي حجر الزاوية الذي لا بد منه، فإذا لم تصنع شيئا فإنك لن تحقق شيئا.

* ما فائدة علم البرمجة؟
ـ هناك العديد من الفوائد التي يمكن أن يجنيها الإنسان من هذا العلم في مقدمتها الفوائد الذاتية، وتتمثل في اكتشاف الذات وتنمية القدرات، صياغة الأهداف والتخطيط السليم لها، بناء العلاقات وتحقيق الألفة مع الآخرين، اكتشاف البرامج الذاتية والعادات الشخصية وتعديلها نحو الأفضل، تحقيق التوازن النفسي خاصة فيما يتعلق بالأدوار المختلفة للإنسان.

* كيف يمكن الحصول على هذا العلم؟

ـ يكون ذلك بحصول الشخص على دورة تسمى هندسة النجاح، مدتها 30 ساعة بمعدل 5 أو 6 أيام، يمنح بعدها المشارك شهادة الدبلوم.

* ما المواضيع التي يتعلمها المتدرب؟
ـ أهم ما يتعلمه الشخص من هذا العلم معرفة أنماط الناس الغالبة، مؤشرات الحالات الذهنية والشعورية للمقابل، استحضار الحالات الإيجابية وإرساؤها، علاج الحالات والمشكلات، التخطيط العميق للنجاح.

* ما أنماط الناس حسب تصنيف البرمجة؟
ـ تصنف البرمجة الناس إلى أصناف باعتبارات مختلفة، ولكل منهم استراتيجية معينة في التفاعل والاستجابة للمؤثرات الداخلية والخارجية، وبالتالي يمكن أن نعي منبع تصرفات الناس ونعرف أقرب الطرق لتحقيق الألفة معهم وكسبهم والتأثير الإيجابي بهم، مثال ذلك: تصنيف الناس بحسب جوانب الإنسان الثلاثة إلى (فكري، سلوكي، شعوري)، أو بحسب تغليب الحواس لديهم إلى (صوري، سمعي، حسي)، أو بحسب إدراكهم للزمن وتفاعلهم معه (في الزمن وخلال الزمن)، أو بحسب أنماط الاهتمامات لديهم (من يهتم بالناس، من يهتم بالنشاطات، من يهتم بالأماكن، من يهتم بالأشياء، من يهتم بالمعلومات، من يهتم بالوقت، من يهتم بالمال)، أو بحسب مواقع الإدراك (من يعيش في موقع الذات، من يعيش في موقع المقابل، من يعيش في موقع المراقب)، أو بحسب الأنماط السلوكية (اللوام، المسترضي، الواقعي، العقلاني، المشتت)، كما يمكن تصنيفهم حسب البرامج العقلية إلى (من يميل إلى الاقتراب ومن يميل إلى الابتعاد، وصاحب المرجعية الداخلية وصاحب المرجعية الخارجية، من يبحث عن العائد الداخلي ومن يبحث عن العائد الخارجي، من يميل إلى الإجمال ومن يميل إلى التفصيل، صاحب دافع الإمكان وصاحب دافع الضرورة، من يفضل الخيارات المفتوحة ومن يفضل الطرق المحددة، من يعيش في الماضي أو الحاضر أو المستقبل). مع ملاحظة أن لكل نمط من هذه الأنماط مؤشرات مختلفة تدلنا عليه من أبرزها السمات الجسدية والسلوكية، واللغة الكلامية، وهما أقوى مؤشرين للتعرف على هذه الأنماط.

* ما المهارات التي يحصل متدرب دورة النجاح؟
ـ يتعلم المتدرب مهارة التحكم في ما يستحضر من ذكريات وتوظيف ذلك إيجابيا من خلال ما يسمى بالإرساء، بحيث يستطيع استحضار حالات التحفز والنجاح والإيجابية والتفوق والسعادة حينما يشاء، فيؤثر ذلك إيجابا على وضعه الحالي، كما يمكن محو الذكريات السلبية والتجارب البائسة من ذاكرته وإضعافها ليزول أو يضعف تأثيرها السلبي عليه.

* ما أكثر المجالات استفادة من البرمجة؟
ـ تتميز البرمجة اللغوية العصبية بأنها ذات تأثيرات ايجابية على جميع القطاعات، ولكن يظل مجالي التربية والتعليم وبناء العلاقات الثنائية والأسرية بشكل خاص من أهمها.

* لماذا؟

ـ لأن البرمجة في المجال التعليم تهتم في كشف كل ما نحتاجه لنجاح العملية التربوية على اختلاف أنماط وأعمار المستهدفين بها، كون أساليبنا التي نمارسها تعلم أكثر مما تربي، وتركز على المعلومة أكثر من المهارة، وهذا خلل تتجاوزه البرمجة اللغوية العصبية، لكن دارس البرمجة اللغوية العصبية يستطيع أن يكون أكثر فاعلية وقدرة على اختيار الأسلوب الأنسب لكل حالة، نظرا لفهمه للتقلبات والأحوال النفسية المختلفة، وإتقانه لمهارات واستراتيجيات التعامل مع كل حالة. أما في مجال العلاقات الأسرية فإن البرمجة تعمل على إفهام المتدرب كيفية فهم الآخر وتحقيق الألفة والانسجام معه، وبناء العلاقات الجيدة والروابط المتينة التي تراعي الخصوصية لكل واحد منهم.

* متى يصبح الشخص مؤهلا للقيام بالتدريب؟
ـ بعد حصول المتدرب على دورة هندسة النجاح يحصل على دورتين تخولانه ليكون مساعد ممارس وممارس، مدتهما 90 ساعة، بواقع 16 ـ 20 يوما، يمنح من يتجاوز مرحلة مساعد ممارسا شهادة معتمدة من المدرب نفسه، فيما يمنح من تجاوز مرحلة الممارس شهادة بعد نجاحه في اختبار الممارس.

* ما أهم المواضيع التي يتلقاها المتدرب في هذه المرحلة؟
ـ أهم المواضيع هي: أنماط الاهتمامات البشرية، الاتحاد والانفصال، الأنماط السلوكية، علاج الفوبيا، مقدمة عن بعض البرامج العقلية، بناء المستقبل الجذاب، التعميم والحذف والتشويه والتغيير، الأنظمة التمثيلية الثلاثة، نظرية التعلم، العقل الواعي والباطن، مستويات التعلم الأربعة، مقدمة عن المعتقدات، الخطوات الست للحوار مع أجزاء النفس، تفكيك الذكرى السلبية، تقنية النسيان.

* هل يكتفي المتدرب بهذه الدورات أم هناك المزيد؟

ـ يجب على كل متدرب الحصول على الدورات الأولية أكثر من مرة، لأنه كلما اختلف المدرب أكتسب المتدرب مهارات أفضل. أما بالنسبة للدورات المتقدمة فهناك دورة اسمها دورة الممارس المتقدم، وهي وفقا لشروط الاتحاد العالمي ينبغي ان تأخذ بعد أن يقضي الممارس فترة ستة أشهر من التطبيق والممارسة، على أن يقدم ملخصا لمنجزاته خلال تلك الفترة.

* ما مدة الدورة وأبرز علومها؟
ـ مدة دورة الممارس المتقدم 140 ساعة تدريب، على مدى 24 يوما تقريبا، يحصل المشارك فيها على شهادة الممارس المتقدم من الاتحاد العالمي INLPTA ، وأهم مواضيعها: تفضيل الأسلوب الإنساني، التسويات المنطقية العصبية، استخراج الغاية بدقة من العقل الباطن من خلال الصفات الجوهرية وعبر التسويات المنطقية العصبية، سلم القيم الواعية واللاواعية، تنمية القدرات الحسية، نسف العادات القهرية، التنويم الإيحائي ومراحل الشرود، العلاج بالتنويم، البرامج العقلية العليا.
وبعد أن ينهي الممارس المتقدم ساعات الدورة وقبل أن يحصل على الشهادة يشترط تقديم مشروع نمذجة متكامل ومطبق ومدروس التأثيرات، فإذا نجح في هذا المشروع يحصل على شهادة الممارس المتقدم.



* كم بلغ عدد الممارسين لهذا العلم في البلاد؟

ـ أعتقد أن عددهم في السعودية أصبح بالمئات، ولكن ما يميز الواحد عن الآخر هو عدد الدورات التي يحصل عليها كي يتمكن من الإلمام بدقائق هذا العلم، وللمعلومية فقد حصل الدكتور إبراهيم فقي وهو أحد الرواد في هذا المجال والذي أخذت العلم على يديه أكثر من 21 مرة لدورة هندسة النجاح الأولية.

* هل هناك اعتراضات على هذا العلم؟
ـ على الرغم من انتشار هذا العلم بشكل كبير، إلا أنه لاقى اعتراضا من بعض المختصين لعدة اعتبارات منها: التخوف من تصادم العلم بالدين، والتخوف من الاستغلال، وعدم الثقة بالمزاعم الكثيرة التي يطرحها بعض المدربين كمن يزعم أنه يشفي الأمراض ويصنع المستحيلات، كذلك لقصر مدة التدريب، فالشخص من الممكن أن يكون ممارسا بعد تجاوزه فترة لا تزيد عن 20 يوما، وهو أمر يرفضه المدربون المتمرسون.
وختاما أعتقد اليوم أنه ليس هناك فن من الفنون ينشأ إلا وللبرمجة اللغوية العصبية يد في تطويره، والسبب في ذلك تلك الحركة القوية التي يقودها أكثر من مليون ممارس في العالم، كلهم يرون في أنفسهم التطوير والعطاء والقدرة والاستطاعة.