حياتنا بين إقبال وإدبار ....
نسمع الموعظة البليغة فتهتز لها قلوبنا وتدمع لها عيوننا وتقشعر لها جلودنا ونعاهد أنفسنا على التوبة النصوح والتزام طريق الجادة .. وتمضي أيامنا على هذا الحال حتى نخال أنفسنا ملائكة وأنا قد بلغنا منزلة لم يبلغها أولو الفضل والكمال ثم ما تلبث أن تفتر عزائمنا وتخور قوانا أمام مغريات الدنيا ومحنها فننتكس وننقلب على أعقابنا ونعود إلى ما كنا عليه من غي وهوى ...
أهي طبيعة بشرية ورثناها من أبينا آدم ؟؟؟
نعم ..نجدها في قوله تعالى :
(وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)
ضعف العزيمة صفة لازمة لنا !!!!
بل لم يسلم منها الرعيل الأول خير القرون ولمسوها في حياتهم فأتوا شاكين إلى حبيبهم المصطفى :
( عن حنظلة الأسدي أنه مر به أبو بكر رضي الله عنه وهو يبكي فقال مالك قال نافق حنظلة يا أبا بكر نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار كأنهما رأي العين فإذا رجعنا عافسنا الأزواج والصبية فنسينا كثيرًا قال أبو بكر فو الله إنا لكذلك فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مالك يا حنظلة قال نافق حنظلة يا رسول الله وذكر له مثل ما قال لأبي بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تدومون على الحال التي تقومون بها من عندي لصافتحكم الملائكة في مجالسكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة )...
هذا الحديث عندما اقرأه أجده يجبر بخاطري ويهون علي ألمي من حالي وإن كان لا يسوغ لي غفلتي فالله كما هو الغفور الرحيم فهو صاحب العذاب الشديد ..
هذا هو حالنا حتى وإن أدعينا القوة والثبات إلا أن هذه العزيمة يُكتشَف زيفها أمام محكات الحياة .. ويضل حالنا متأرجحا بين كر وفر وإقبال وإدبار إلى أن يأتينا الأجل ..
أيها النسيان أعطني يدك ، كي أسير في مدن الذكرى معك ....
|