المعمول

من عادتي في منتدانا انني اميل كثيرا الى المنتدى العام وتندر مشاركاتي في غيره
خاصة منتدى الابتسامات؟ ربما لانني لا اجد المساحة الكافية للكتابة في الابتسامات
واعني ان طبيعة المشاركات الموجودة في الابتسامات تميل الى خلق المواقف والطرف والنوادر
اما انا فميلي الى الواقعية اكثر وبالتالي فان القراء لموضوعاتي في الابتسامات محدودي العدد
ولكن لا مانع ان اذكر لكم هذه القصة التي حدثت لي ولا تخلو ن الطرفة وسوف ابتعد عن الفصحى في السرد

قبل عشرين سنه كان عندنا جيران سوريين وكانوا الله يذكرهم بالخير يسوون المعمول المنزلي بالتمر واللي كان اول مرة نشوفه او نعرفه وطبعا كان بالنسبة لنا مثل الكافيار لا يأكله الا علية القوم
وبحكم ندرته كان لا يصل الينا كأهداء من ذا الجيران الا الندر القليل وطبعا ما يكفي الجميع يعني مثل ما تقولون ذواقة
وبعد السؤال عن ماهيته وجدنا ان مقاديره سهله ومتوفرة وكلها دقيق وتمر وقرفة وزيت وبعض المحسنات او المكملات وطبعا الصنعة
وقبل نهاية الامتحانات في الفصل الاول من احد السنوات في تلك الفترة ارسلت اختي لجارتنا السورية وقلت لها روحي اسأليها عن مقادير المعمول واللي كنا نسميه كعك وعن طريقته
وفعلا ما قصرت راحت وكتبت لها المقادير والطريقة وتقول اذا واجهتكم مشكلة علموني
جابت الورقة واخذتها ورحت قعدت بوجه امي ابغاها تعطيني فلوس علشان اشتري بعض المقادير الغير متوفرة في البيت
وبعد عناء حصلت على المبلغ اللازم واشتريت المقادير وبدأنا بسم الله العمل
طبعا كنت انا الشيف وقتها وجميع اخواني واخواتي معاونين وكنا شغالين ونمني انفسنا بكمية كبيرة هذه المرة من المعمول
اللي يفرم التمر واللي يطحن القرفة واللي يعجن واللي ... واللي ...واللي
بعد تعب وبعد استشارات متوالية من جارتنا السورية وصلنا الى مرحلة حشو التمر ووضع المعمول في الفرن
لكن قبل ذلك اقترحت على الجميع وفي الواقع انه لم يكن اقتراح وانما امر انه يكون حجم المعمول كبير علشان يشبعنا
وقلت ما تفرق هوه هوه
وبدينا في اللف والحشو وكان على ما اذكر حجم حبة المعمول المدور مثل حجم الدونات يا الله الواحد يقدر يشلها
وحطيناه في الفرن ومشينا على تعليمات جارتنا في مدة الطبخ في الفرن ونزلناه وطبعا الحروق انواع واشكال والتعب والخوف والترقب مع فرحة عارمة خصوصا بعد ما شمينا الريحة وكانت فعلا ريحة معمول
حطيناه على جنب وقلنا الين يبرد
طبعا ما تبغون طول الهرجة اللي فعلا طالت
يوم جينا بناكل وكنت حطيت استراتيجية لتوزيع المعمول حسب الجم والسن والجهد الذي بذله كل واحد في التحضير
(( أكيد البعض بيتكهن ويقول بايخ الله يكرم النعمة ))
ابدا والله .. كان كويس يعني اقدر اعطيه 80 % من شغل السورية وكان ابرز عيوبه الحجم الى ما سمح لداخل العجين ينضج
الى الان عادي
زي ما قلت لكم كانت نهاية اختبارات وبداية اجازة وكانت الكمية اللي سويناه كبيرة جدا وكان من المفترض انا نسافر في اليوم الثاني مكة وجدة وبالفعل قمت من زود الحرص اخذت الباقي اللي كان يمثل ثلاثة ارباع الكمية وقفلت عليه في شنطتي ( اللي يشوفني يقول بينسرق مع العلم ما فيه احد في البيت )
بعد اسبوعين رجعنا وصاروخ على الشنطة
وافتح
لقيت المعمول باقي لكن صارمثل اقوى حجر تصلب تماما
وكل اللي قدرت عليه اني تنخشت التمر من جوا
ومشيت على المثل اللي يقول
اذا فاتك اللحم اشرب من المرق

وادري انها سالفة مالها داعي لكن تذكرتها اليوم مع اختي المعاون الاول في تلك الطبخة وحبيت تشاركوني الذكريات
وسلامتكم