قصرٌ من ذهب

أبي

إليك أنت وضعت بعض كتاباتي

وإليك أنت ..

سأروي فصول حياتي ..

أعلمُ أنك لا تقرأني ولا تسمعني

ولكني أعلم .. أنك تعلم !!

نعم .. بيننا دائماً .. ذاك الرابط الخفي

والذي لم أستطع سبر أغواره يوماً

وسأبدأ من براءة الطفولة

التي عانقت أيام الصبا

فحكت لها ..

كيف أينعت الورود ..

حتى حكت لها .. كيف تلونت بألوان الزهور ..

قصرٌ من ذهب

شيدتهُ أنت ... لي أنا يا أبي .. لي أنا فقط ..

في ربيع قلبك ..

تمر خلالهُ .. أنهار حبك ..

وينابيع عطفك ..

وتشدو فيهِ طيور حنانك ..

كنتُ يا أبي أعيش في ظلال أمانك ..

ولم أكن أعلم بأن هناك ..

شمسٌ محرقة ..

وأراضي مشققة من الجفاف ..

وسماءٌ خالية من طيور السلام ..!!

وحقائقَ مقلوبة ..

وأكاذيب محبوكة ..

وعقولاً فارغة ..

وقلوباً مكسورة يا أبي ..

مُــر الزمان .. جعلها من دماء الحياة ناضبة ..

فلا الوقت يُحييها ..

ولا الناس ترحمها .. فترويها .. فتعود نابضة ..

لم أكن أعلم أن مشاعر الصيف يا أبي خارج أسوار قصري قاتلة ..

حتى تلاشت الأوهام ..

وتساقطت كأوراق الشجر ..

في فصل الخريف ..

أردتُ العودة إلى قصري ..

نفسي تريد الهروب من الشقاء .....

حتى جاء فصل الشتاء ..

بردٌ قاسي لا يرحم ..

أين مني عيناك ؟؟؟؟ .. نظرة منها بدفء الكون يا أبي ..

أين مني يداك ؟؟ .. فقدت طريقها إلي ..

وتكاثفت الغيوم ..

وتساقطت الثلوج ..

وهبت العواصف ..

وغاب القمر ..

شعرتُ بأني طفلة صغيرة .. خائفة ومذعورة ..

في خضّم بحرٍ كبير ثائـــــر ..

أخذتُ أجري وأصرخ .. وأصرخ .. وأناديك ..

سمعتني يا أبي .. لكنك لم تستطع أن تفعل شيئاً ..

سوى دعوات صامتة من ذاك القلب العليل ..

فاستجاب ربي لدعواتك الصامتة يا أبي ..

وأخذ بيدي ..

وعندها ..

عندها أنا بكيت .. بكيت كما لم أبكي من قبل ..

فاضت عيني من دموع سعادة حقيقية ..

عشتها في كنفه .. يا أبي ..

تذكرتُ غضبه وسخطه وانتقامه ...

فشكوتُ أمري وألقيت بهمومي عليه ..

وتركتُ أمري بين يديه ..

وتذكرتُ رحمته ..

فاستكانت وطابت نفسي إليه ..

وبعدها ..

أشرقت شمسي من خلف الغيوم ..

وهاأنذا ...

سأعود إلى قصري يا أبي ....

وأعلمُ أن قلبك دائماً مفتوح ...

سأعود إليه ..

وسأبقى فيه ..

وإذا تركتهُ أنا .. أتمنى أن تكون فترة بقائي فيه ستأخذني إلى قصرٍ أعظم ..

وإذا تركتني أنت .. فسأخرج هذه المرة من قصري ..

بنورٍ قوي ساطع .. يملأ جنبات نفسي ..

ويمسح من عيني الدموع ..

ويعزز الآمال في نفسي ..

لكنهُ لن يستطيع محو آلامها ..

وحتى ذاك الحين .. سأعود ..

وسأبقى بجوار قلبك الضعيف ..

ما دامت لنا الحياة معاً يا أبي ..



لكل من وصل بعينيهِ إلى هناااا

ألف شكر .. وآسفة طولت عليكم هالمرة .. وسامحوني جميعاً ..

أختكم .... العناااا