التاريخ الإسلامي - حالة الأحزاب في اخر العصر الأموي.

التاريخ الإسلامي:

حالة الأحزاب في آخر العصر الأموي،


الجماعية – الشيعة – الخوارج – المرجئة المعتزلة.



(أ‌) الجماعية:

لما انتقل الرسول إلى جوار ربه ، وترك الأمر شورى للعرب ليختاروا من بينهم من يلي أمورهم ، اختلف المهاجرون والأنصار فيمن يولونه الخلافة ، وانتهى الأمر بتولية أبي بكر. ولكن كثراً من العرب ، كالعباس عم النبي وطلحة والزبير ، انضموا إلى علي، وأدى ذلك إلى انقسام الأمة العربية إلى فريقين:جماعية وشيعة.
فأما الجماعية فهم الجمهرة الكبرى من أهل الإسلام ، وهم الذين رضوا خلافة الشيخين أبي بكر وعمر وعثمان من بعهما. ولما استقر الأمر لبني أمية دخلوا في طاعتهم. ومن تاريخ هذه الجماعة الكبيرة يتألف تاريخ الدولة الإسلامية على الحقيقة؛ فأما من عداها فأحزاب ثائرة أو طوائف خارجية ، لم تجتمع على واحدة منها كلمة المسلمين ، ولا كانت لها دولة جامعة ، وإن ملك بعضها ملكاً واسعاً في حقب من التاريخ.

(ب‌) الشيعة:

وأما الشيعة فهم الذين يرون أن الخلافة يجب أن تكون في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قرروا أنها حق لعلي بن أبي طالب ثم لأولاده بالوراثة من بعده.
وقال الغلاة منهم إن الأئمة معصومون، وإن صفا الله سبحانه قد حلت فيهم وتقمصت أجسامهم، وإن من قال بغير ذلك من الفرق الإسلامية – حتى بعض فرق الشيعة – خارجون على الدين. وهللوا على صحة هذا الرأي بأن علياً كان أول من أعتنق الإسلام من الرجال، وأن ما قام به في سبيل رفع منار هذا الدين لا يستطيع أن يبذه فيه أحد من المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم. ونسب الغلاة أيضاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث نشهد بما لآل علي من حرمة، وبما لعلي من حق في الإمامة بعد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.

نشر ابن سبأ مذهب الوصاية الذي أخذه عن اليهودية دينه القديم، بمعنى أن علياً وصي محمد ، وأنه خاتم الأنبياء بعد محمد خاتم النبيين ، وأنهم ناوموا علياً وتعدوا على حقه في الإمامة. كما أخذ عن الفرس- الذين كانوا يحتلون في صدر الإسلام بلاد اليمن موطنه الأصلي – نظرية الحق الإلهي ، بمعنى أن علياً هو الخليفة بعد النبي ، وأنه يستمد الحكم من الله. وبذلك هيأ العقول إلى الاعتقاد بأن عثمان أخذ الخلافة بعير حق من علي وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن الباحث في تاريخ الشيعة في العصر الأموي، ليرى أن موقعه كربلاء (سنة 561 هـ) قد وحدت صفوف الشيعة، وأثارة في نفوسهم الحماسة للأخذ بثأر الحسين بن علي . كما أذكت مأساة كربلاء روح التشيع بعد أن كان رأياً سياسياً نظرياً لم يصل إلى قلوب الشيعة. ولكن التشيع امتزج بعد مقتل الحسين بدمائهم ، وأصبح عقيدة راسخة في نفوسهم ، وانتشر التشيع بين الفرس الذين الفرس الذين تربطهم بالحسين رابطة المصاهرة ، إذ كانوا يرونه أحق بالخلافة هو وأولاده من بعده ، لأنهم يجمعون بين أشرف دم عربي وأنقى دم فارسي.
وقد وجد عبد الله بن الزبير في موقعة كربلاء فرصة سانحة لتحقيق أغراضه السياسة تحت ستار الأخذ بثأر الحسين بن علي ، ٍكما تهيأت الفرصة للمختار بن أبي عبيد الثقفي الري ادعى إمامه محمد بن الحنيفة بن أبي طالب. وكان من أثر ذلك أن انضم إليه التوابون الذين ندموا على ما فرطوا في حق الحسين وعدم إغاثتهم له حتى قتل بينهم ؛ ونابوا مما فعلوا ، ثم تحالفوا على بذل نفوسهم وأموالهم في الأخذ بثأره ، وانضموا إلى المختار بن أبي عبيد ، وحابوا عبيد الله بن زياد والى العراق الذي قتل الحسين بن علي ، وقتلوه. وأتاحت هذه الحروب التي دارت بين جند الأمويين وبين جيوش المختار ، الفرصة لعبد الله بن الزبير وأخيه مصعب للقضاء على المختار والإستيلاء على بلاد العراق والحجاز ومصر.
ومع أن الأمويين قد تغلبوا على ابن الزبير ، فقد فت في عضدهم مقتل الحسين في موقعة كربلاء وجعلهم يعضون بنان الندم.