#1
|
|||||||
|
|||||||
ما قل ودل
حين تتسلل المشاعر الطيبة إلى قلوب الناس يذوب جليد الكراهية، وتبرض أشجار التواصل بينهم.. مؤتية ثمارها لكل الأفواه الجائعة.. والظمأى.
جهاد النفس قبل جهاد الناس، دون براءة النفس لا يحق لنا توجيه سباب النقيصة لغيرنا.هكذا يأتي مفهوم العقل، وميزان العدل. النية أشبه بالنواة.. بخيرها تُبرض.. وبشرها تمرض.. التربة وحدها تحدد نوع الثمرة.. ومذاقها. الماضي رصيد نحتفظ به في متحف التاريخ.. لابد له من إضافة الحاضر.. والمستقبل.. وإلا تحول إلى ذكرى.. تتآكل مع مرور الزمن تؤنِّب.. وتعذِّب.. وتفزع منها الذاكرة. في داخل كل واحد منا رغم تخطينا عتبات الطفولة هاجس طفولي يسرح بنا.. ويمرح.. يضحك معنا ويضحك علينا.. يشعرنا أننا مازلنا صغارًا بأحلامنا رغم حصاد عشرات السنين. إنه أشبه بالعبث الصبياني الذي لا نقدر على فضحه مخافة الخجل من غيرنا.. ممن لهم نفس المعاناة. ومع هذا الإحساس فإننا لا نخجل فيه في دواخلنا.. ولا نعتذر. الأم تتنفس بحضنها الدافئ.. الأب بكدِّه وكدحه.. المزارع بمنجله.. الطبيب بمشـــرطه.. الفنان من خلال لوحاته.. أو حركاته على صالة العرض.. الثري من خلال رصيده المادي.. المفكر بريشة قلمه.. العالم بكتابه.. ماسح الأحذية بفرشاته.. المُعدَم من خلال رغيف عيشه.. كلهم يتوافقون بأنفاسهم إلا أنهم يتمايزون عن بعضهم بحماسهم وإحساسهم، وهنا يأتي الفارق بين النجاح والفشل.. نار الحرب تمامًا كنار الحب لها وهج إحراق. واحتراق.. لهما نفس الضحايا. والسبايا.. والناجين.. لهما نفس المنتصرين والمهزومين.. للحب واحة.. وللحرب ساحة.. ومن أجل الحفاظ على واحة الحب يقتحم الأحرار ساحة الحرب انتصارًا لدعوة الحياة. أرقى درجات الجنون ذلك المشهد الذي عبَّر عنه أحد خريجي جامعةٍ نزل المجانين بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى. لقد راح يذرع الشارع الطويل المكتظ بالماره رافعًا يديه إلى أعلى يُقرؤهم السلام بصوت جهوري.. لا يستثني أحدًا من سلامه حتى القطط والكلاب والحمير التي يمر بها.. المثير للسخرية أن الكثيرين ممن منحهم سلامه وابتسامته يغمزون لبعضهم بطرف خفيٍّ.. وآخر جليٍّ وهم يضحكون ويتندرون على جنونه. السلام أصبح عملة نادرة حتى على مستوى الكلام.. إنه شيء يثير الغرابة!! بين المهد وبين اللحد جسر رفيع تجتازه خطواتنا مدفوعة بالرغبة في الحياة.. لا ندري متى تنتثر تلك الخطى.. متى تتوقف.. ومتى تسقط.. الأمل لدينا بحجم مساحة الجسر.. والأجل وحده هو الذي يحدد لنا حجم تلك المساحة. ليتَ لنا جلَد الحمار -بفتح اللام- الذي نهزأ به، ووفاء الكلب الذي نوغل في سبِّه. إذن لاستقام الحال عطاءً بلا حدود.. ووفاءً بلا خديعة.. قلت (ليت)، وهل تنفع شيئاً (ليت)؟!! سعد البواردي |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|