الإهداءات


رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 03-28-2005, 06:40 PM
كاتب اسلامى قدير
سعد بن حسين غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 493
 تاريخ التسجيل : Sep 2003
 فترة الأقامة : 8005 يوم
 أخر زيارة : 11-26-2007 (08:20 PM)
 المشاركات : 600 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : سعد بن حسين is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
غرني الشيطانُ فحقرهُ في عيني ...( حسن الظن)..!!



قال الراوي : سمعتُ عنهُ ما شدني إليهِ بقوة ، وذهبتُ أتحسسُ خبره، حتى التمستهُ
في مكانٍ قصيٍ في هذهِ المدينةِ التي ترتجُ بأهلها ، وبكل عجيبة ٍ ! وجدتهُ في مسجدٍ
صغيرٍ يترددُ عليه ، فلما أصبتهُ هناكَ عجبتُ مما سمعتُ ، فقد ملأَ زوايا عقلي وقلبي
بما سمعتُ عنهُ ، ولما رايتهُ لم أجدهُ يملأُ عيني !! فكأنما سقطَ من قلبي فجأة فإذا هو
يرتطمُ بعنفٍ في القاع !!
ما مثل صاحبي هذا إلا كالمعيدي ! الذي قيل عنهُ في أمثالِ العربِ ،
حينَ تسمعُ بهِ تعجبُ به وتجلّه ، فإذا رأيتهُ زهدتَ فيه ! ولذا قيل :
تسمعَ بالمعيدي ، خيرٌ من أن تراه !!

قال الراوي :
وهممتُ أن أنصرفَ دونَ أن أجلسَ إليهِ ، ولا حتى أسلمَ عليهِ ،
غير أن وقتَ الصلاةِ حكمَ عليّ أن أبقى في المسجدِ ريثما أنتهي منها مع الجماعة ..
وجلستُ بحيثُ أرقبُ صاحبي عن بعدٍ ، وكنتُ أسارقهُ النظرَ ،
فإذا هو عاكف على كتابِ اللهِ ، يتأملهُ ويدهُ تداعبُ لحيتهُ ، حتى إذا أقيمتْ الصلاةُ وثبَ إليها بنشاطٍ .
قال الراوي :
وبمجرد أن رفعتُ يدي للتكبيرِ ، قررتُ أن أنسى صاحبي ، وأن أندمجَ مع الآيات التي اسمعها ،
ولقد كان الإمام الشاب ذا صوتٍ شجي ، ونبرةٍ معبرة مؤثر ، يهز القلبَ وهو يتموجُ بصوته مع الآيات ، ليصورها لك تصويرا كأنما ترى المعنى مجسداً ..!
ولقد أفلحَ واللهِ أن يجعلني أنسى صاحبي بالكلية ، بل استطاعَ أن يخلعني من المكانِ كله ،
لا بل من الدنيا بما فيها ، وحلقَ بروحي في فضاءاتٍ رحبةٍ ، وفتحَ بينَ عيني قلبي آفاقاً لا تزالُ تتسع ..

قال الراوي :
لقد أشبهتُ نفسي بالطريدِ الشريد من بلدهِ ، ثم عاد إليها بعد زمنٍ من الغربةِ والكربة ،
لترحبَ به مدينتهُ بما فيها من بشرٍ وشجرٍ وحجر !
ففرحته بهم أشد من فرحةِ قائدٍ يفتحُ بلداً كاملاً ، ليضمهُ إلى غنائمه !!

قال الراوي :
وانتهت الصلاةُ وما راعني إلا وصاحبي يثبُ ليواجهَ جموعَ الناسِ ،
مسلّماً محيياً طالباً منهم الانتظار لدقائقَ لا تزيد ..
ثم ما راعني أخرى إلا وأنا أرى كثيرينَ يتدافعونَ إليهِ ويتحلقونَ حوله ،
ويحيطونَ به إحاطةَ السوارِ بالمعصم ، وتشرئبُ عيونهم بشوقٍ إلى وجههِ ، وينتظرونَ ما يفتحُ اللهُ به عليه ..
وأخذَ يتمتمُ بأذكارِ ما بعد الصلاة ، وعيناه تطوفانِ في وجوهِ الناسِ ،
وكانَ يخيلُ إليَ أن كلّ جارحةٍ فيه، تذكر الله على حدة ٍ !
ثم شرعَ يستفتحُ بآياتٍ تلاها الإمامُ الشاب في صلاته ، وأشجى بها النفوسَ ، وعطرَ بها القلوبَ ،
وشرعَ صاحبنا يتحدثُ في أجواءِ هذهِ الآياتِ ..
لم يكن كلاماً ككلامِ الناسِ ، لا والله ، بل كانَ هذا يصبّ أنواراً من خزائنِ الله ، في هذه القلوبِ التي تصغي إليه الساعة !
وجاء حديثهُ كفلق الصبحِ ، يطلّ على دنيا الناسِ وقد تلبستْ بالسواد ، فيحيلها ضياءً ونواراً ..!
كأنما كان يغرفُ من بحرٍ ، ولما أرادَ الانقطاع سألَ الناسَ هل يكتفي ،
فارتفعت أصواتُ كثيرة بأن يواصلَ ، وعادَ يحلقَ بالقلوبِ في سماواتٍ فسيحةٍ ،
كان كلامهُ طازجاً من قلبِ السماء ..!
وتوقنُ أنك لو عدتَ إلى الآياتِ بعد كلامهِ ، لرأيتَ فيها ما لم تكن تراه ،
ولوجدتَ فيها ما لم تكن تعثرُ عليه ، ولخرجتَ منها بدررٍ ودروسٍ ومواعظ كثيرة ..
وكانَ يتحدثُ ، وكنتُ أبكي ..!

وسر بكائي لا فيما يهزُ بهِ قلبي من المعاني الراقيةِ ،
ولكن سر بكائي أني اسأتُ الظنَ بهِ ، ونفضتُ يدي منه ، وغرني الشيطانُ فحقرهُ في عيني ، لأنه لم يؤتَ بسطةً في الجسم !!!
فكأنما أرادَ اللهُ سبحانهُ برحمتهِ أن يلقنني درساً لا أنساهُ ما حييتُ ، حيثُ ألهمهُ أن يقومَ فيتكلم ،
فيكون كلامهُ خيرَ جوابٍ على خواطري المريضة !
وحينَ انتهى من كلمتهِ كأنما عاد بقلوبنا من رحلةٍ سماوية شائقة ، وبادرَ الناسُ إليهِ يصافحونهُ ،
وكنتُ في أول المبادرينَ ، غير أني لم أكتفِ بمصافحتهِ أ بل عانقته وضممته إلى صدري ،
أحتضنهُ بقوةٍ ، وأنا أتمتمُ في سري بكلماتِ اعتذارٍ واستغفار .

منذ ذلك اليوم تعلمتُ هذا الدرسَ الكبيرَ ، وفقهته جيداً ،
ولا أذكرُ بعدها أني أسأت الظن بمسلمٍ أبداً ..

وربّ مدفوعٍ بالأبواب ، لا يؤبهُ له ،
وهو عندَ الله خيرٌ من جميعِ سلاطين وقادةِ وعلماءِ وشيوخِ ودكاترةِ الأرض كلهم !!!!

والسعيد حقاً ،، والعظيم حقاً ، من رضي الله عنهُ ، وأحبهُ وقرّبه ..!

ويكفي أن نتذكرَ هذا الحديث ولا يغيب عن أعيننا حتى لا نحتقرَ أحداً :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله تباركَ وتعالى إذا أحبّ عبداً نادى جبريلَ ، إن اللهَ قد أحبّ فلانا فأحبهُ ،
فيحبّه جبريلُ ، ثم ينادي جبريلُ في السماء :
إن اللهَ قد أحبّ فلانا فأحبوه ، فيحبهُ أهلُ السماءِ ، ويوضعُ له القبول في أهل الأرض .. ) رواه البخاري ..
وقد رأيت واللهِ كيفَ وضعَ اللهُ القبولَ لصاحبنا هذا في قلوب الناس ..
نسأل اللهَ سبحانهُ أن يكرمنا بما أكرمَ به عباده المقربين ، وأولياءه الصادقين .
اللهم آمين ..



 توقيع : سعد بن حسين

ــــــــــ التوقيع ـــــــــــــ


لاتنسونا من صالح دعاكم

محبكم سعد بن حسين ال عوض الشهري
التنومي سابقاً


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حسن الظن بالله.... ابو ساامي المواضيع العامة والإخبارية 5 03-09-2012 06:54 PM
سوء الظن بالناس.. عــذبــة الـــروح رياض الصالحين 5 06-19-2011 07:21 PM
سوء الظن بالغير فجر مواضيع الحوار والنقاش 14 01-10-2011 06:52 PM
إحسان الظن طيف المواضيع العامة والإخبارية 2 05-24-2010 12:40 PM
حسن الظن بالله الخيال الصوتيات والمرئيات الإسلامية وأناشيد الأطفال 2 09-16-2009 02:09 PM


الساعة الآن 08:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir