المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين يَدَيْ رمضـان ..


طيف
06-08-2014, 11:43 PM
.. بين يَدَيْ رمضـان ..


= أوَّلُ ما يُوصَى به المُؤمِنُ قبل دُخول رمضان : أن تكونَ عِنده هِمَّةٌ صادِقةٌ
وعَزيمةٌ صادِقةٌ بينه وبين اللهِ عزَّ وجلَّ . يُعاهِدُ اللهَ في قلبِهِ على أنَّه إذا جاءت
أيَّامُ رمضان ولياليه أن يتَّخِذَها وسيلةً لمَحبَّةِ اللهِ ، وطريقًا إلى رحمةِ اللهِ ،
وسببًا في الوصول إلى مغفرة اللهِ . فالعزيمةُ هِيَ أساسُ كُلِّ خيرٍ ، ومنبعُ كُلِّ
فضلٍ . ولذلك وَرَدَ في الحَديثِ عنه عليه الصَّلاةُ والسَّلام أنَّه كان من دُعائِهِ
المأثور أنَّه قال : (( اللهم إنِّي أسألُكَ الثَّباتَ في الأمر ، والعَزيمةَ على
الرُّشدِ )) السلسلة الصحيحة .


= أمَّا الأمرُ الثَّاني ، فالصِّيامُ صِيامان : صِيامٌ كامِلٌ وصِيامٌ ناقِصٌ .
فالصِّيامُ حِفظُ الإنسان لنفسِهِ وجوارحه عن شَهْوةِ الطعام والبَطن والفَرْج .
وكذلك أيضًا حِفظُ الجَوارح عن حُدودِ اللهِ ومَحارم الله . ولذلك ثَبَتَ في
الصحيح عن النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال : (( مَن لمْ يَدَعْ قولَ
الزورِ والعَملَ بِهِ ، فليسَ للهِ حاجَةٌ في أنِ يَدَعَ طعَامَهُ وشرَابَهُ )) رواه البُخاريُّ .
فمَن كان صائِمًا للهِ حقًّا ، صامت جَوارِحُه عن حُدودِ اللهِ ومَحارم الله ،
صام لسانُه عن الغِيبةِ ، وصام لسانُه عن النميمةِ ، وصام لسانُه عَمَّا لا يُرضِي
اللهَ من السَّبِّ والشَّتم . ولذلك شُرِعَ للصائِم إذا سابَّه أحدٌ أو شاتَمَه أن يقولَ :
(( إنِّي امرؤٌ صائِمٌ )) مُتفقٌ عليه . وذلك لكي يُذكِّرَ نفسَه بأنَّه في عُبودِيَّةِ اللهِ
وفي عِبادةِ اللهِ عزَّ وجلَّ .

كثيرٌ مِنَّا يَعلَمُ أنَّ الصائِمَ لا ينبغي له أن يتحدَّثَ في الأمور التي لا ينبغي
الحَديثُ فيها ، ولكن قليلٌ مَن يلتزمُ بذلك ، وقليلٌ مِنَّا مَن يَحفَظُ نفسَه عن
الغَضبِ عن إصابةِ حُدودِ اللهِ عزَّ وجلَّ . ولذلك ليس المُهِمّ أن نسمَعَ الكلمةَ ،
لكن المُهِمّ أن نُطبِّقَ ، والأهَمّ أن نلتزِمَ ، والأهَمّ أن نمتثِلَ ، وإلَّا كانت حُجَّةً
علينا لا حُجَّةً لنا . فالمُهِمُّ أنَّ الإنسانَ يبتعِدُ قَدْرَ استطاعتِهِ في صيامِهِ عن
إصابةِ حُدودِ اللهِ عزَّ وجلَّ ، وأن يستشعِرَ في كُلِّ لحظةٍ من لحظاتِهِ أنَّه
صائِمٌ للهِ عزَّ وجلَّ .

طُوبَى لعَبدٍ صام للهِ لسانُه ، وصام للهِ سَمعُه وبَصرُه وجَوارحًه .
وطُوبَى لعَبدٍ خَتَمَ اللهُ شَهرَه وهو من أكمل الناس صِيامًا ، وكذلك أكملهم قِيامًا .
نسألُ اللهَ أن يَجعلنا وإيَّاكم ذلك الرجل .


= أمَّا الوصِيَّةُ الثالثة : فالصِّيامُ مَدرسةٌ تُذكِّرُ بطاعةِ اللهِ عَزَّ وجلَّ :
أوًّلًا : إذا أصاب الإنسانُ الظمأ وأصابه الجُوعُ والعطشُ ، تَذَكَّرَ أمورًا
تُعينُه على طاعةِ اللهِ ومرضاة اللهِ .

- أوَّل هذه الأمور : أنَّه إذا ظَمِئَ أو عَطشَ ، تَذَكَّرَ بالظمأ نِعمةَ اللهِ عَزَّ وجلَّ
عليه بالعافيةِ . ولذلك كم مِن أُناسٍ في العِزِّ والغِنَى وفي النِّعمةِ وفي الخير الكثير،
ولكن يشاءُ اللهُ عَزَّ وجلَّ أن يَحرمَهم هذه النِّعمةَ ، وأن يَسلبَهم هذه النِّعمةَ !
فكم مِن غنيٍّ لم يتمتَّع بغِناه ! وكم مِن غنِيٍّ تُوضَعُ أمامه ألوانَ الطعام وأصنافُ
الشراب لا يستطيعُ أن يُصيبَ إلَّا شيئًا يسيرًا منها ! وكم مِن مريضٍ وسقيمٍ !
فمَن صام للهِ عَزَّ وجلَّ ، تَذَكَّرَ العافيةَ ، وتَذَكَّرَ المَريضَ الذي هو مَحمِيٌّ عن
طعامِهِ وشرابه . فأوَّلُ ما يلهَجُ به الصائِمُ أن الحَمدُ للهِ على العافيةِ ،
والحَمدُ للهِ الذي عافاني مِمَّا ابتلَى به كثيرًا مِن خَلْقِهِ .

- أمَّا الأمرُ الثَّاني الذي يُذكِّرُ به الصِّيامُ ، ويُعينُ به على طاعةِ اللهِ عَزَّ وجلَّ ،
فإنَّ الصَّائِمُ يتذكَّرُ إخوانَه البائِسينَ ، يتذكَّرُ الأيتامَ والمُحتاجين ، يتذكَّرُ إخوانَه
البائِسينَ والمَحرومين . فالصِّيامُ يَكسِرُ قلبَه ، ويُرقُّ قلبَه ؛ لكي يكونَ حليمًا
رحيمًا بعِبادِ الله ، فيَرحمُ خَلْقَ اللهِ بالإحسان إليهم ، وكذلك ببذل المَعروفِ إليهم .
فقد يُحرِّكُ الصِّيامُ من الإنسان الجُودَ والسَّخاءَ لوجه اللهِ عَزَّ وجلَّ . فكم مِن
صائِمٍ تذكَّرَ أهلَ الجُوع والظمأ بصِيامِهِ ، ودَعاه الصيامُ إلى الإنفاق لوجه اللهِ
واحتساب الأجر عند الله عَزَّ وجلَّ .

- كذلك أيضًا مِمَّا يُذكِّرُ به الصِّيامُ : أنَّ الإنسانَ إذا ظَمِئَ لوجهِ اللهِ وعَطشَ
لوجهِ اللهِ وخَوَت أمعاؤه وأحشاؤه للهِ وفي اللهِ ، كان ذلك مدرسةَ الصًّبر وفيه
إعانةٌ على الصَّبر على طاعةِ اللهِ . وفي ذلك قال بعضُ العُلماءِ رَحِمَهم اللهُ
فيما معنى كلامِهِ : ‹‹ إنَّ اللهَ تعالى يُعوِّدُ عَبدَه المُؤمِنَ الصَّبرَ على شيئين
بالصِّيام : الصَّبر على طاعةِ اللهِ في صِيامِهِ ، والصَّبر عن مَحارم اللهِ
في صَبره عن شَهْوَتِهِ ›› .

فإذا كان الإنسانُ قد مَرَّت عليه ثلاثون يومًا وهو بهذه الحالةِ ، كان ذلك
أدعَى إلى تقويةِ وازع الإيمان في قلبِهِ ؛ بأن يكونَ صَبُورًا على طاعةِ اللهِ ،
صَبُورًا عن مَحارم اللهِ وحُدودِ اللهِ .

- وأمَّا الأمرُ الرَّابِعُ الذي يُذكِّرُ به الصِّيامُ ، فأمرٌ عظيمٌ ، ما تذكَّرَه إنسانٌ إلَّا
أعانه اللهُ على خَيْرَيْ الدُّنيا والآخِرة . هذا الأمرُ الذي يَحتاجُه المُؤمِنُ دائِمًا ،
والذي قد تُلهيه عنه مشاغِلُ الدُّنيا ، وقد تُنسيه إيَّاه فِتَنُ الدُّنيا ؛ ألَا وهو الآخِرة .
فإنَّ الإنسانَ إذا ظَمئَ ، وإذا جاع وعَطِشَ ، تَذَكَّرَ ظمأ يوم الدِّين ، وتَذَكَّرَ النَّاسَ
وهم حُفاةٌ عُراةٌ غُرلًا كيوم وَلدتهم أُمَّهاتُهم ، لا ساقي لهم إلَّا اللهُ ، ولا مُزيلَ لذلك
الظَّمأ في ذلك اليوم إلَّا اللهُ عَزَّ وجلَّ . فذلك أدعَى أن يتذكَّرَ أُخراه ، وأدعَى أن
يُحسَنَ العَملَ في أُولاه . هذه من الأمور التي يستفيدُها المُؤمِنُ من صِيامِهِ للهِ
عَزَّ وجلَّ .

- وفي شهر رمضان ثَمراتٌ أُخرى يَجنيها المُؤمِنُ ؛ مِنها : قيامُ الليل ،
وله حلاوةٌ على المُؤمِن ، وطَلاوةٌ في قلب المُؤمِن ؛ لأنَّ قيامَ الليل هو شأنُ
الصالحين ، ودأَبُ عِبادِ اللهِ المُتَّقينَ . ولذلك ذكرهم اللهُ عَزَّ وجلَّ في كتابِهِ
المُبين ، فقال : (( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ )) الذاريات/17-18 . فقيامُ الليل في رمضان يُعينُ الإنسانَ
على قيام الليل في غير رمضان . وإنَّها لَمِن أشرفِ السَّاعاتِ حينما يتشرَّفُ
الإنسانُ بسَماع كلام اللهِ في بُيُوتِ اللهِ مع عِبادِ اللهِ ، فيَأنَسُ بالأخيار ،
ويَأنَسُ بالصالحين ، وترى تلك المجالِسَ الطيبة المُباركة تجتمِعُ فيها قُلوبُ
المُؤمنين ، وتتآلَفُ فيها على طاعةِ رَبِّ العالَمين في عبادة الليل وقيام الليل .
فعِبادةُ الليل مِن أشرفِ العِباداتِ ، ومِن أحبِّها إلى اللهِ تبارك وتعالى ،
لا يُحافِظُ عليها إلَّا مُؤمِنٌ ، ولا يَحرصُ على المُحافظةِ عليها إلَّا مَن يرجوا
رَحمةَ اللهِ عَزَّ وجلَّ ورضوانَ اللهِ .

- كذلك أيضًا من الأمور التي يَستفيدُها المُؤمنون من شهر رمضان :
تحقيقُ الأُخوَّة في الدِّين ؛ فإنَّ الإنسانَ يرى إخوانَه ، خاصَّةً عند ساعةِ الإفطار،
يرى ذلك المَعْلَم البارز الذي يَدُلُّ على أُخوَّةِ الدِّين ، وعلى تآلُفِ عِبادِ اللهِ المُؤمنين .

وكذلك من أعظم السَّاعاتِ ومِن أجلِّها عِظةً في قلوب المُؤمنين ساعةُ الإفطار،
حينما ترى المُؤمنين قد التصقَت أكتافُ بعضِهم إلى جوار بعضٍ ، وقد تآلَفوا
جميعًا ينتظِرونَ ساعةً واحِدةً ولحظةً واحِدةً ؛ لكي يُصيبوا ما رَزَقَهم اللهُ عزَّ وجلَّ
من طعامٍ وشرابٍ . ليس المُهِمُّ أن يُصيبوا ذلك الطعامَ والشَّرابَ ، ولكنَّ المُهِمَّ أن
يُحِسَّ المُؤمِنُ أنَّ له إخوانًا في الدِّين . فأُخوَّةُ الدٍّين تبرزُ في رمضان ، وترى فيه
عَطفَ الغَنِيِّ على الفقير ، والجليل على الحقير ، وكذلك ترى فيه التَّآلُفَ والتَّراحُمَ
والتَّواصُلَ بين عِبادِ اللهِ .

نسألُ اللهَ العظيمَ ، رَبَّ العرش الكريم ، أن يُبلِّغنا شهرَ رمضان ،
وأن يُوجِبَ لنا فيه العفوَ والغُفرانَ ، وأن يتغمَّدَ موتى المُسلمين برحمتِهِ ،
إنَّه وليُّ ذلك والقادِرُ عليه .

م/ن للفائدة ..

أبو ريان
06-09-2014, 09:38 AM
وصايا ثمينة وفقك الله وكتب أجرك ..
نسأل الله أن يبلغنا رمضان وأن يجعلنا ممن يصومه ايماناً واجتساباً ..
تقديري ..

طيف
06-09-2014, 12:01 PM
اميين.
شكراً لتواجدك..
تقديري.

عــذبــة الـــروح
06-11-2014, 01:41 AM
جزاكِ الله خيراً

سد الوادي
06-16-2014, 12:35 AM
بارك الله فيك وكتب لك الاجر

والمثوبة

ولك تحيتي

ابوفهد العمري
06-18-2014, 01:03 AM
نقل موفق جزاك الله خير .

شموخه
06-19-2014, 06:10 PM
الله يجزاكـِ الخير
سلمت يمناكـِ

بن ظافر
06-19-2014, 06:45 PM
الله يعطيك العافية ولا يحرمك الاجر

ارياام
07-07-2014, 10:44 AM
جزاكِ الله خيراً