المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المخدرات .. و الاختبارات


ابن الإسلام
05-26-2014, 08:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

المخدرات .. و الاختبارات




http://s.alriyadh.com/2011/06/19/img/545591627776.jpg


الشيخ سعد بن عبدالله البريك

أيام حاسمات يعيشها الطلاب والطالبات مثقلة بهموم الامتحانات والاستعداد للاختبارات .
إنها أيام الحصاد وجني الثمار، المجتهد يفوز بثمرة عمله يوم أن اجتهد وثابر وسهر وتعب ، ويتجرع الكسول مرارة تقاعسه ، يوم أن توانى عن المذاكرة وتقاعس عن الحفظ ممنَّياً النفس بأن تكون الأسئلة سهلة والاختبارات يسيرة ، مسترسلاً في وهم كاذب ينتهي به إلى الإخفاق والفشل ، وفاته أن من جاع أكل ليشبع ، ومن عطش شرب ليروى ، ومن تعب نام ليرتاح ، ومن أراد النجاح درس وذاكر وجد واجتهد ، ومن جد وجد ومن زرع حصد . وكما قال الأول :

تريدين إدراك المعالي رخيصة ولا بد دون الشهد من إبر النحل

وقبل دخول قاعة الامتحان يحسُن بكل طالب أن يسأل نفسه : لماذا أدرس ، وما هو الهدف من المذاكرة ، ولماذا أتحمل كل هذا التعب والمشقة؟.هل الدراسة هي للتباهي بين الزملاء والأقران ، أم لأن الدراسة وسيلة للحصول على الوظيفة والعمل؟.

أم لأنها تؤهلني لأن أكون لبنة بناءة من لبنات المجتمع ؟. وهل يليق بي كمسلم أن أهتم بشأني فقط متناسياً هموم أمتي والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :" من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم "؟.
وعلى كل طالب وطالبة أن يجتهد في المذاكرة والأخذ بأسباب النجاح، وأن يجتهدوا في الدراسة ، وأن يصبروا على ذلك ، فإن تعبوا اليوم فغداً راحة كبيرة عندما يحزن الكسالى لكسلهم، ويفرح الفائزون بفوزهم ، فمن شبع اليوم جاع غداً ومن جاع يوماً شبع بعده ، ومن لزم الجد والمذاكرة فاز وأفلح ومن طلب العلا سهر الليالي .

وليس من أسباب النجاح توهُّمُ بعض الطلاب أن تعاطي الحبوب المنشطة يقوي الذاكرة ويمد الجسم بالطاقة والحيوية ، فهذه مصيدة يستغلها بعض ضعاف النفوس ومروجي السموم لنصب شراكهم للطلاب بإقناعهم أن حبة أو حبتين من (الكبتاجون ) تقويهم على المذاكرة والحفظ ، والحقيقة أن من يستجيب لهؤلاء بدأ مشوار الإدمان الطويل الذي قد ينتهي به إلى السجن أو الهلوسة أو الجنون أو الموت المفاجئ .

ولقد بدأ المفسدون بالاستعداد المبكر لموسم الترويج ، لكن توفيق الله وعنايته مكنت الأجهزة المختصة من ضبط أعداد كبيرة من الحبوب المخدرة قبل وصولها إلى السوق لتفتك بالأبرياء من الطلبة والطالبات.
فقد تمكن رجال مكافحة المخدرات من كشف عصابات محلية وضبط مواد مخدرة تقدر بمئات الملايين من الريالات ،

هذا فقط ما تم في الفترة القريبة الماضية ، فما بالنا بحجم المضبوطات على مدار العام ، وما بالنا بما دخل ولم يتم ضبطه؟، لا شك أن الأمر مهول ويبعث على الحذر لشديد والاحتياط الأكيد .
إن حجم الكميات المضبوطة وتوقيت تهريبها يؤكدان أن الطلاب هم الهدف الأول ، في مخطط يهدف إلى تدميرهم ، فضلاً عن الفشل الدراسي والدمار الأسري والانحراف الأخلاقي والإخفاق الاجتماعي.

إن مادة الكبتاجون فضلاً عن كونها مادة مخدرة ، فإن أضرارها الصحية في غاية الخطورة لأنها تحتوي على مادتين هما (الأفدرين) و(الأنفيتامين) ودمجهما سوياً يؤدي إلى إصابة المتعاطي بحالة من الجنون. فقد أكد تقرير طبي أن 48% من متعاطي حبوب الكبتاجون قد يصابون بإعاقة عقلية مستديمة .

ويؤكد أخصائيو الطب النفسي أن حبوب الكبتاجون قد تسبب الوفاة المفاجئة ، فالكبتاجون من المواد المنبهة للجهاز العصبي ويسبب استعماله زيادة في الحركة والنشاط والاستيقاظ لساعات طويلة وأن التوقف عن تعاطيه يصيب الإنسان بالاكتئاب والخمول والكسل والنوم لساعات طويلة. كما أن استعمال جرعات عالية منه تؤدي إلى الإصابة بجلطات القلب، كما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم المفاجئ الذي يصيب المخ بنزيف يسبب الغيبوبة والوفاة ، وقد ينتج عن استعمال جرعات عالية من الكبتاجون الإصابة بنوبات صرع وغيبوبة.
هذا شيء من آثار الكبتاجون الصحية القاتلة ، ولم يقف الأمر هنا بل إن الأخصائيين يؤكدون أن التحاليل أثبتت أن العقل الذي ينبه بالمنشطات تبلغ درجة تحصيله العلمي (صفر) وهذا يؤكد أن الاعتقاد بأن الحبوب المخدرة تنشط الذاكرة هو وهم لا حقيقة له .

ومن هنا فإني أوصي الآباء والأمهات بضرورة الانتباه الشديد هذه الأيام لئلا يقع الأبناء والبنات فريسة الإدمان من حيث لا يشعرون بسبب تعاطي الحبوب المنشطة ، فلمتعاطي هذه السموم أمارات وعلامات منها : السهر المفرط ، احمرار العينين، عدم التركيز الجيد ، قلة الشهية ، إضافة إلى تغييرات أخرى سيشعر بها الوالدان لو أحسنا الانتباه لتصرفات الأبناء.

ولا يجب أن نكتفي بما يقوم به رجال مكافحة المخدرات ونتكل على جهودهم ، بل الواجب أن نكون على يقظة وحذر من كل مروج ومهرب وبائع لهذه السموم ، لأن حماية العقول من عبث العابثين وتخريب المخربين واجب الجميع ، ولذا حرص أعداء هذه البلاد على إفساد شبابها ونحر عقولهم، وقد ظهرت محاولة إفسادهم لشباب المسلمين بضرب كل ميدان ومرفق، بغزو نشطٍ ومكثف من جميع الاتجاهات، ومن كل النواحي الثقافية والأخلاقية والفكرية.

ولعل سلاح المسكرات والمخدرات الذي تفننوا في إرساله إلى مجتمعنا بشتى الصور ومختلف المسميات من أكبر الأخطار المحدقة بنا لأنها تستهدف ديننا وأخلاقنا ومواردنا واقتصادنا ونسيجنا الاجتماعي وأمننا .وليس هذا الكلام من المبالغات ولا من باب التعبئة النفسية والتحفيز المعنوي بل هو حق وواقع ، يتجلى ذلك في أبعاد عديدة :


ـ أولها البعد اجتماعي ، لأن تعاطي المخدرات يؤثر على الحياة الاجتماعية تأثيرًا سلبيًا، فانشغال المتعاطي بالمخدر يؤدي إلى اضطرابات شديدة في العلاقات الأسرية والروابط الاجتماعية. فكم مزَّقت المخدرات والمسكرات من صِلات وعلاقات، وفرقت من أُخُوَّةٍ وصداقات، وشتَّتت أسرًا وجماعات، وأشعلت أحقادًا وعداوات، كما قال تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ} وإن جوًا تنتشر فيه هذه الأدواء والمهلكات لهو جوّ يسوده القلق والتوتر، ويخيم عليه الشقاق والتمزق.


ـ ثانيها البعد الأخلاقي ، لأن الذي يلقي بنفسه في سموم المسكرات يسهل عليه أن يبذل كل غالٍ ونفيس، ويضحي بكل عزيز من أجل الوصول إليها والحصول عليها، حتى ولو كان ذلك من أضيق المسالك وأخطر الطرق، فقد يسرق أو يختلس ، وربما وصل به الأمر إلى التخلي عن كثير من القيم والأخلاق في سبيل الحصول على المخدر .


ـ ثالثها البُعد الصحي ، لأن من يسير في هذا المسلك الوعر تضعف قواه الجسدية والعقلية، ويعجز عن العمل لينقلب عالة على المجتمع ، وقد ينتهي به الحال إلى الإعاقة الكاملة أو التشوه، بعد أن يفقد كل مميزاته الإنسانية من عقل وخلق ، ومقوماته الاجتماعية من عمل مثمر أو وظيفة نافعة أو صناعة رابحة، كما يفقد أهله وعشيرته وأصدقاءه، وفي ذلك ضياع للفرد الذي هو كيان الأسرة ولبنة في قيام المجتمع، وإذا فقدت الأسرة كيانها حل بِها التمزق، فيصبح بناء المجتمع هشًا ضعيفًا، لا يستطيع أن يقف أمام العواصف المعادية والتيارات الوافدة، ويصير فريسة سهلة لأي عدو يتربص به الدوائر.


ـ رابعها البعد الاقتصادي ، فالأضرار الاقتصادية الناجمة عن تعاطي المخدرات كبيرة جدًا ، ذلك أن مدمني المسكرات والمخدرات يشكلون عائقًا كبيرًا في طريق التنمية والتقدم الاقتصادي، إذ يصبحون عبئًا ثقيلاً على عاتق الدولة بما يهدرون من ثروات في أيديهم ، فضلاً عن عدم الجدوى الوظيفية، فلقد أثبتت الدراسات التي قام بِها الباحثون المتخصصون أن تعاطي وإدمان المخدرات يؤثران على إنتاجية الفرد في العمل، من خلال ما يطرأ على الفرد من تغييرات نتيجة للتعاطي والإدمان، وأن هذا التأثير يشمل كَمَّ الإنتاج وكيفَه ، إضافة إلى تكلفة الجهود التي تبذل لمكافحة تهريب وترويج وتعاطي المخدر من حيث تخصيص إدارات مهمتها مكافحة المخدرات والقضاء عليها، وما يتبع ذلك من إنفاق الأموال الطائلة عليها، وتكليف الكثير من الكفاءات للعمل بها، وكان يمكن أن توجه تلك الأموال، وأن تصرف تلك الجهود إلى أعمال نافعة ومهام أخرى تسهم في توفير كثير من الخدمات الأخرى للمجتمع ، ثم علاج المدمنين من الإدمان ثم تأهيلهم ليعودوا لبنات صالحة في المجتمع.


ـ خامسها وأخطرها البعد الأمني ، فالأمر لا يقف عند حدود القبض على مروج أو مدمن ، بل يتعدى ذلك إلى تحقيق قدر كبير من الأمن بكافة أنواعه الحسي والفكري والاجتماعي ، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن انتشار الجرائم وتفشيها في المجتمعات تعود بشكل رئيسي إلى تعاطي المسكرات والمخدرات ، ذلك أن المدمن عادة ما يكون فاشلاً في مجتمعه، عاجزًا عن القيام بأي عمل ينفعه، إضافة إلى أنه يتجرد من الشعور بالمسؤولية، نتيجة تعاطيه لتلك السموم، ومن كان هذا شأنه فإنه سيقدم على طلب المال وتحصيله من أي مصدر، وبأي وسيلة حتى لو استدعى ذلك منه ارتكاب الجرائم بشتى صورها.
كذلك فإن تَهريب المسكرات والمخدرات وترويجها وتعاطيها يؤدي إلى تحريك النزعات العدوانية والإجرامية لدى كل من يتعامل معها، فالمهرب لا يتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم في الحصول على منفذ لإيصال ما لديه من سموم إلى المكان المقصود، كما أن المروج لا يتوقف عن ابتكار أسوأ الطرق والوسائل للوصول إلى فريسته، ولعل تأثيره على الأطفال وحديثي السن كبير جدًا؛ لما يقدمه لهم من إغراءات، ولعدم وعيهم الكافي عن أضرار المخدرات، وعدم معرفتهم بالشخصية التي ينتحلها ذلك المروج، ليوقعهم في وحل التعاطي والإدمان، مما قد يضطر أولئك ـ بعد تناولها والإدمان عليها ـ إلى ارتكاب جرائم السرقات والسطو للحصول على المال الذي يمكّنهم من شرائها والاستمرار في تعاطيها، وفي ذلك زعزعة لأمن واستقرار المجتمع، إضافة إلى إخلال المتعاطي بالأمن العام عند وجوده في الأماكن العامة، كما أن قيادته للسيارة تحت تأثير المخدر يشكل خطرًا عليه وعلى الآخرين .

والأخطر من هذا كله أن مهربي المخدرات لا يتورعون عن التعاون مع أي جهة حتى لو كانت من الأعداء، في سبيل تحقيق أهدافهم ومآربهم، وتحصيل مكاسبهم غير المشروعة .

انطلاقاً من هذه الأبعاد كلها كانت الأمانة الملقاة على عاتق الجميع لمكافحة المخدرات جسيمة ، والأمانة مسؤولية عظيمة أبت الجبال الرواسي أن تحملها ، قال تعالى { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً }.

إن أول ما أوصي به الطلبة بعد الحذر من شرَك المخدرات هو: إخلاص النية لله تعالى وتصحيح القصد ، فالنية إن صلحت صلح العمل كله وإن فسدت فسد العمل كله ، وإن الله تعالى يحيل العمل عبادة بالنية الصالحة ، فمن نام ليتقوى على قيام الليل صار نومه عبادة يثاب عليها ، ومن أكل لكي يقوي بدنه على أداء ما افترض الله أصبح أكله عبادة أيضاً ويؤجر على ذلك ، والطالب الذي يدرس لكي ينفع نفسه وينفع أمته أصبحت دراسته عبادة يُكتب له فيها الأجر الوفير والثواب الجزيل .

كما أوصيهم أن يتقوا الله عز وجل، قال تعالى { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} فمن اتقى الله جعل له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن اتقى الله جعل له من أمره يسرًا، وجعل العسير عليه يسيرًا وأتاه من فضله خيراً كثيراً.

وليحذر الطلبة من الغش والتزوير فإنه خيانة وبئس البطانة، قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ...ومن غشنا فليس منا". رواه مسلم . الغش من قبيح الأخلاق وذميم الخصال ، وهو جريمة في حق النفس يوم أن يمنحها شعوراً مزيفاً بالفوز والنجاح ، وهو جريمة في حق المتجمع لأنه يؤدي إلى تخريج طلاب غير مؤهلين ، مما يضعف المستوى العلمي والثقافي ويؤدي إلى أن يوسد الأمر إلى غير أهله ، قال صلى الله عليه وسلم :" إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".

فاستعن بالله أيها الطالب ، ولا تعجز ، وإياك والغش المحرم فإنه لا خير فيه ولا بركة . ومن نجح بالغش والتزوير ، فليعلم أن الله تعالى سيمكر به إلا من تاب فيتوب الله عليه. وقد أفتت اللجنة الدائمة أن العمل في وظيفة بناء على شهادة تم الحصول عليها بطريق الغش في الاختبارات لا يجوز .

وأوصيهم بالحرص على ما ينفعهم . قال صلى الله عليه وسلم:" احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز ، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان ". رواه مسلم .

وعليهم بتقوى الله والتوبة وترك المعاصي ، فإن ترك المعاصي ينشط الذهن ويقوي الذاكرة . قال الشافعي رحمه الله :

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله يؤتاه عاصي

قال أحد السلف : نظرتُ نظرة لا تحل لي ، فقال لي أحدهم : لتجدن أثر هذه النظرة ، قال فأُنسيت القرآن بعد 40 سنة.

ومما ينشط الذاكرة ويعين على الاستذكار: الترويح عن النفس بالوسائل المشروعة؛ لأن القلوب إذا تعبت أغلقت ، ولا ينبغي للطالب أن يذاكر وهو مرهق ؛ وعليه باعتماد أسلوب التلخيص أثناء الحفظ والمراجعة ، ومعلوم أن " ما حُفظ فَر، وما كُتب قَر.

وإن أفضل أوقات المذاكرة بعض صلاتي الفجر والعصر ، ومما يساعد على تثبيت المعلومات تكرار المراجعة في فترات متفاوتة.
وليحرص الطالب على النوم مبكراً لأخذ قسط كاف من الراحة، ولو لم يتمكن من الانتهاء من المراجعة ، لأن السهر وإجهاد الذهن سبب لنسيان المادة كلها .

وليحذر وسوسة عدوه اللدود : أنت فاشل ، أنت لا يمكن أن تنجح، وليتسلح بالعزم على اجتياز الاختبار ، فإن الإرادة نصف الامتحان واستحضار المعلومات نصفه الثاني .
ولا ينسَ دعاء الخروج من البيت : ( بسم الله ، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أُضل ، أو أَزل أو أُزل ، أو أًظلم أو أُظلم ، أو أجهل أو يُجهل علي ) ، فمن قال ذلك، يقال له : هديت وكفيت ووقيت فتتنحى له الشياطين فيقول له شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي .
وليكثر من ذكر الله عند دخول القاعة فمن ذَكَرَ الله ذَكَرَهُ الله ، قال تعالى {فاذكروني أكركم } ومن ذَكَرَهُ الله وفقه وأعانه وسدده .

وليقرأ الأسئلة بهدوء وتأنٍ ولا يكن همه متى ينتهي من الإجابة. وليسمَّ الله قبل البدء فالتسمية استعانة بالله وفيها بركة .
وليقرأ التعليمات الواردة في ورقة الاختبار ، ثم يقرأ ورقة الأسئلة بدقة وانتباه ، ثم يبدأ بالإجابة على الأسئلة الأكثر أهمية، فإن صَعُب ذلك عليه ، بدأ بالأسئلة الأسهل لئلا يذهب الوقت في التفكير في إجابات الأسئلة الصعبة .

وعليه أن يتأنَّ في الإجابة فالتأني من أسباب التوفيق . عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" التأني من الله والعجلة من الشيطان". رواه النسائي وصححه الألباني. وبعد الانتهاء من الإجابة وقبل تسليم الورقة ، قم بمراجعة إجاباتك بهدوء للتأكد من صحتها ولا يستخفنك من بكَّروا في الخروج فربما استعجلوا أو لم يتمكنوا من الإجابة على كل الأسئلة.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة"، فمن أراد أن يعينه الله في شدته فعليه أن يحافظ على الصلاة المكتوبة في أوقاتها ، وليس في موسم الاختبارات فقط ، ومن أراد أن يتعرف عليه الله في محنته ويعينه على المذاكرة ، فعليه أن يتقي الله في كل لحظة وهمسة ونظرة وكلمة وليس في أيام الامتحانات فقط ، ومن اتقى الله وأطاعه في أيام الاختبارات فقط فإنما يغش نفسه ويخدعها.قال ابن عباس رضي الله عنهما: من خادع الله يخدعه الله . فهل يليق بمسلم أن يُعرض عن ذكر ربه ولا يأتمر بأوامر مولاه إلا إذا شعر أنه بحاجة إليه ، وهو الذي منَّ عليه الصحة والعافية والأمن والرزق والتوفيق.
قال تعالى { وقال ربكم ادعوني استجب لكم } ففي الدعاء والتضرع إلى الله قرعٌ لأبواب السماء ومن داوم على القرع أوشك أن يفتح له . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي ". رواه البخاري. فلا يجب أن يغفل الطلاب عن الدعاء ، والله يحب من عبده أن يلح في دعائه.

كما أن دعاء الوالدين لولدهما مستجاب فليكثرا من الدعاء لأولادهما بالتوفيق والسداد . وليحذرا من التهويل وتضخيم أمر الامتحانات وتحويل الاختبارات شبحاً مخيفاً في أعين الأبناء ، فيدخل الواحد منهم قاعة الامتحان وعلامات القلق والاضطراب على محياه ، وبعض الفتيات تصاب بالإغماء أو بالدوار وبعضهن تنقل إلى المستشفى بسبب شدة الخوف والتوتر .

وعلى المعلمين والمراقبين في قاعات الاختبار أن يخففوا الأمر على الطلبة وأن يحثوهم على التفاؤل وأن يبعثوا الأمل في أنفسهم، بعيداً عن العبارات التي تبعث على التشاؤم والإحباط .
إن كثيراً من الآباء يحرص على توفير الأجواء التي تمكن أبناءهم من المذاكرة والحفظ ، فتراهم يوقفون وسائل اللهو والعبث والمعصية من قنوات وأغاني حرصاً على عدم انشغال أبنائهم فيما لا يرضي الله وأخذاً بأسباب التوفيق ، وهذا تصرف مسؤول وتدبير موفق ، لكن حري بهم ألا يغفلوا عن الأخذ بأسباب التوفيق التي تنجيهم وذرياتهم في الآخرة بحثهم على الطاعات وتحذيرهم من المعاصي ليتحقق لهم صلاح الدارين .

أيها المسلمون : ما أجمل ان نستغل موسم الاختبارات لنتأمل ونتفكر فيما فعلناه استعداداً ليوم الامتحان الأكبر، يوم السؤال عن الصغيرة والكبيرة ، السائل رب العزة والجلال ، والمسؤول هو كل فرد لوحده ومحل السؤال هو كل ما قدمته في حياتك من صغيرة أو كبيرة في يوم يجعل الولدان شيباً، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّم،َ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِه، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ " رواه مسلم .

{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَـٰبيَهْ * إِنّى ظَنَنتُ أَنّى مُلَـٰقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ *فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ *قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ *كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِى ٱلاْيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ *وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَـٰبِيَهْ *وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ *يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ *مَا أَغْنَىٰ عَنّى مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنّى سُلْطَـٰنِيَهْ *خُذُوهُ فَغُلُّوهُ *ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ *ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاْسْلُكُوهُ } .

أبو ريان
05-26-2014, 11:16 PM
موضوع مميّز ومفيد وراقي جداً كتب الله أجرك ..
بما يخص الطلاب فالحذر الحذر وأصدقاء السوء ..
وهنا مقطع فيع تنبيه وإن كان على شكل فكاهي نوعاً ما ..
https://www.youtube.com/watch?v=vaPa27o34qo

سد الوادي
05-30-2014, 10:59 PM
يعطيكم العافية جميعا

والله يحمي ابناءنا ويكفينا وياكم شرها

تحيتي