سد الوادي
10-02-2012, 11:39 PM
المرأة في الأمثال الشعبية
ما هي صورة المرأة من خلال الأمثال الشعبية؟ كيف حاك الرجل بصفته عنصر الإنتاج الرئيسي،
الذي يقدّم إنتاجه في السوق، وبصفته الأكثر خبرة وتعلماً، وبصفته حامل السيف والمدافع عن الحقيقة،
كيف حاك خيوط هذه الصورة؟
لا يمكن تحليل الأمثال الشعبية المتعلقة بالمرأة بعيداً عن المصدر الخرافي كمنبع،
منه يختار صانع المثل الأدوات والآليات التي تتلاءم ونزعته المتأثرة بالوسط الاجتماعي الذي تربى فيه،
وتمثل تقاليده وقيمه وأعرافه، والتنظيمات الاقتصادية والظروف الاستبدادية التي عاشها
ليصوغ أمثالاً في قالب دقيق محكم معبر مقصود ومحدد كإبداع ثقافي إنساني،
وكمحاولة فكرية تقوم بدور رئيسي في تكوين الثقافة الشعبية، سيما
وأن لكل نظام اقتصادي سياسي منظومة معارفه الاجتماعية.
ولا تتوقف وظيفة الأمثال عند رسم معالم الحياة الاجتماعية ورصد أنماط السلوك الإنساني،
بل تتعداه إلى تقديم نموذج يقتدى به. ولكون المرأة محور الحياة في البيت وخارجه،
فقد تناولتها الأمثال في أدوارها المختلفة انطلاقاً من التهنئة بعيد
ميلادها غير المرغوب فيه سعياً إلى التخلص منها:
"آمنكم الله عارها، وكفاكم مؤنتها، وصاهرتم قبرها"
واعتبر القبر سيد الأصهار. وإذا سلمت من الموت وهو أكرم لها
"دفن البنات من المكرمات"
"موت البنات ستر"
إنها تعيش طفولتها كشيء مهمل تابع كلياً للبيت إلى أن يجري التخلص منها عن طريق الزواج
كعلاقة اجتماعية تضمن سترها وتريح أهلها من شرها.
"العاتق في الدار عار"
"البنت إما رجلها وإما قبرها"
ورغم أن الزواج داخل العشيرة هو النمط الشائع في المجتمعات التقليدية، فالأمثال تحذر منه.
"لا ايسرت ولا اذكرت فانك تدنين البعداء وتلدين الأعداء"
"الأقارب عقارب"
وبقاؤك خارج إطار الزواج الشرعي يسيء إلى المركز الاجتماعي للعائلة
لذا يفضلون الإنفاق عليها وعلى الذي سيكفيهم همها.
"بعِّد أختي عني وخذ غلتها مني"
ورغم التأفف منها والاشمئزاز من مقدَمِها فلابد من الاعتراف بسعة رزقها حينما يتكاثر عددها.
"أب البنات مرزوق"
ويظل شبح الخوف من عودتها إلى بيت أهلها بعد الزواج ولو للزيارة يطاردهم
لذا يفضلون بقاءها في بيت زوجها مكتفين بسماع أخبارها من بعيد.
"زوج بنتك وبعِّد دارها ما يجيك غير خبارها"
وزواج البكر أفضل من زواج الثيب ولو كانت مسنة
"العاتق إلى بارت على سعدها دارت"
والأصل الطيب مرغوب فيه ومقدم على المال لأنه عرض من أعراض الدنيا.
"يا آخذ القرد على مالو يروح المال ويبقى القرد على حالو"
ولا يقتصر الأصل الطيب
على البنت بل يجب أن يتوفر في الأم أيضاً لأن "البنت سرّ أمها".
"خذ البنت من أحضان أمها"
وألغى الرجل دورها الفكري والإنتاجي مركزاً على مفاتنها ومواقع الجمال فيها كموضوع جنسي لا غير.
"ما للنساء والخطابة والكتابة"
هذا التراكم التراثي في شطره الكبير يمسخ شخصيتها ويطبعها
وفق منهج تلفيقي ـ تلطيفي ـ بتناقضات وثنائيات متناغمة
(إنجاب، عقم، خير، شر، قبح، جمال، طاعة، تمرد بكارة…)
استمد منه مشروعيته منذ نشوء "الحمى" ومن العادات والتقاليد والقوانين
التي ضخمت الفروق وبعدت المسافات، مدعمة بثقافة قمعية سلطوية تجبرها إما على التبعية أو الإقصاء!!
أن تكون موضوعاً جنسياً أو لا تكون حسب تعبير هشام شرابي.
فإذا سلَّمنا أن المرأة تخلق المتاعب فلَم لا نسلم أن الرجل كذلك.
وإذا سلمنا أنها مطبوعة على الخيانة والغدر فلم لا نسلم بأنه هو كذلك،
أليست طبيعتها الإنسانية سابقة عن الطبيعة الأنثوية!! فشخصية الإنسان ذكراً كان أو أنثى هي نتاج التنشئة الاجتماعية والثقافية والحضارية،
والتربية التي ننشئ عليها أطفالنا تؤسس للتباين والتمييز بين الجنسين.
من كتاب "المرأة بين الميثولوجيا والحداثة"
ما هي صورة المرأة من خلال الأمثال الشعبية؟ كيف حاك الرجل بصفته عنصر الإنتاج الرئيسي،
الذي يقدّم إنتاجه في السوق، وبصفته الأكثر خبرة وتعلماً، وبصفته حامل السيف والمدافع عن الحقيقة،
كيف حاك خيوط هذه الصورة؟
لا يمكن تحليل الأمثال الشعبية المتعلقة بالمرأة بعيداً عن المصدر الخرافي كمنبع،
منه يختار صانع المثل الأدوات والآليات التي تتلاءم ونزعته المتأثرة بالوسط الاجتماعي الذي تربى فيه،
وتمثل تقاليده وقيمه وأعرافه، والتنظيمات الاقتصادية والظروف الاستبدادية التي عاشها
ليصوغ أمثالاً في قالب دقيق محكم معبر مقصود ومحدد كإبداع ثقافي إنساني،
وكمحاولة فكرية تقوم بدور رئيسي في تكوين الثقافة الشعبية، سيما
وأن لكل نظام اقتصادي سياسي منظومة معارفه الاجتماعية.
ولا تتوقف وظيفة الأمثال عند رسم معالم الحياة الاجتماعية ورصد أنماط السلوك الإنساني،
بل تتعداه إلى تقديم نموذج يقتدى به. ولكون المرأة محور الحياة في البيت وخارجه،
فقد تناولتها الأمثال في أدوارها المختلفة انطلاقاً من التهنئة بعيد
ميلادها غير المرغوب فيه سعياً إلى التخلص منها:
"آمنكم الله عارها، وكفاكم مؤنتها، وصاهرتم قبرها"
واعتبر القبر سيد الأصهار. وإذا سلمت من الموت وهو أكرم لها
"دفن البنات من المكرمات"
"موت البنات ستر"
إنها تعيش طفولتها كشيء مهمل تابع كلياً للبيت إلى أن يجري التخلص منها عن طريق الزواج
كعلاقة اجتماعية تضمن سترها وتريح أهلها من شرها.
"العاتق في الدار عار"
"البنت إما رجلها وإما قبرها"
ورغم أن الزواج داخل العشيرة هو النمط الشائع في المجتمعات التقليدية، فالأمثال تحذر منه.
"لا ايسرت ولا اذكرت فانك تدنين البعداء وتلدين الأعداء"
"الأقارب عقارب"
وبقاؤك خارج إطار الزواج الشرعي يسيء إلى المركز الاجتماعي للعائلة
لذا يفضلون الإنفاق عليها وعلى الذي سيكفيهم همها.
"بعِّد أختي عني وخذ غلتها مني"
ورغم التأفف منها والاشمئزاز من مقدَمِها فلابد من الاعتراف بسعة رزقها حينما يتكاثر عددها.
"أب البنات مرزوق"
ويظل شبح الخوف من عودتها إلى بيت أهلها بعد الزواج ولو للزيارة يطاردهم
لذا يفضلون بقاءها في بيت زوجها مكتفين بسماع أخبارها من بعيد.
"زوج بنتك وبعِّد دارها ما يجيك غير خبارها"
وزواج البكر أفضل من زواج الثيب ولو كانت مسنة
"العاتق إلى بارت على سعدها دارت"
والأصل الطيب مرغوب فيه ومقدم على المال لأنه عرض من أعراض الدنيا.
"يا آخذ القرد على مالو يروح المال ويبقى القرد على حالو"
ولا يقتصر الأصل الطيب
على البنت بل يجب أن يتوفر في الأم أيضاً لأن "البنت سرّ أمها".
"خذ البنت من أحضان أمها"
وألغى الرجل دورها الفكري والإنتاجي مركزاً على مفاتنها ومواقع الجمال فيها كموضوع جنسي لا غير.
"ما للنساء والخطابة والكتابة"
هذا التراكم التراثي في شطره الكبير يمسخ شخصيتها ويطبعها
وفق منهج تلفيقي ـ تلطيفي ـ بتناقضات وثنائيات متناغمة
(إنجاب، عقم، خير، شر، قبح، جمال، طاعة، تمرد بكارة…)
استمد منه مشروعيته منذ نشوء "الحمى" ومن العادات والتقاليد والقوانين
التي ضخمت الفروق وبعدت المسافات، مدعمة بثقافة قمعية سلطوية تجبرها إما على التبعية أو الإقصاء!!
أن تكون موضوعاً جنسياً أو لا تكون حسب تعبير هشام شرابي.
فإذا سلَّمنا أن المرأة تخلق المتاعب فلَم لا نسلم أن الرجل كذلك.
وإذا سلمنا أنها مطبوعة على الخيانة والغدر فلم لا نسلم بأنه هو كذلك،
أليست طبيعتها الإنسانية سابقة عن الطبيعة الأنثوية!! فشخصية الإنسان ذكراً كان أو أنثى هي نتاج التنشئة الاجتماعية والثقافية والحضارية،
والتربية التي ننشئ عليها أطفالنا تؤسس للتباين والتمييز بين الجنسين.
من كتاب "المرأة بين الميثولوجيا والحداثة"