المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ..من أهل الجنة من ينظر إلى ربه بكرة وعشية ..


جروح الروح
01-30-2012, 07:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

فهذه وقفة عظيمة مع تفسير آيتين عظيمتين تطير بها القلوب فرحا ورغبة،، نسأل الله أن يكرمنا وأن يعاملنا بما هو أهله سبحانه وبحمده.

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إلى رَبّها ناظِرَةٌ}

-قال السعدي -رحمه الله-

ثم ذكر ما يدعو إلى إيثار الآخرة، ببيان حال أهلها وتفاوتهم فيها، فقال في ‏جزاء المؤثرين للآخرة

على الدنيا: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ } أي: حسنة بهية، ‏لها رونق ونور، مما هم فيه من نعيم القلوب،

وبهجة النفوس، ولذة الأرواح، ‏‏{ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } أي: تنظر إلى ربها على حسب مراتبهم: منهم من

‏ينظره كل يوم بكرة وعشيا، ومنهم من ينظره كل جمعة مرة واحدة، ‏فيتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم، وجماله الباهر، الذي ليس كمثله شيء، ‏فإذا رأوه نسوا ما هم فيه من النعيم وحصل لهم

من اللذة والسرور ما لا ‏يمكن التعبير عنه، ونضرت وجوههم فازدادوا جمالا إلى جمالهم، فنسأل الله ‏الكريم أن يجعلنا معهم.‏

- قال القرطبى -رحمه الله-

قوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة" الأول من النضرة التي ‏هي الحسن والنعمة.

والثاني من النظر أي وجوه المؤمنين مشرقة حسنة ‏ناعمة؛ يقال: نضرهم الله ينضرهم نضرة ونضارة

وهو الإشراق والعيش ‏والغنى؛ ومنه الحديث (نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها). "إلى ربها" إلى ‏

خالقها ومالكها "ناظرة" من النظر أي تنظر إلى ربها؛ على هذا جمهور ‏العلماء. وفي الباب حديث

صهيب خرجه مسلم وقد مضى في "يونس" عند ‏قوله تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" [يونس: 26]. وكان ابن عمر ‏يقول: أكرم أهل الجنة على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية؛ ثم تلا ‏هذه الآية: "وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة" وروى يزيد النحوي عن ‏عكرمة قال: تنظر إلى ربها نظرا. وكان الحسن يقول: نضرت وجوههم ‏ونظروا إلى ربهم.‏

-قال الطبرى -رحمه الله-
‏ إلى رَبها ناظِرَة اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ‏ذلك: أنها تنظر إلى ربها. ذكر من قال ذلك:‏

‏ حدثنا محمد بن منصور الطوسي, وإبراهيم بن سعيد الجوهري قالا: ‏حدثنا عليّ بن الحسن بن شقيق, قال: حدثنا الحسين بن واقد, عن يزيد ‏النحويّ, عن عكرِمة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنظر إلى ‏ربها نظرا.‏

‏ حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق, قال: سمعت أبي يقول: ‏أخبرني الحسين بن واقد في قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ من النعيم إلى رَبّها ‏ناظِرَةٌ قال: أخبرني يزيد النحوي, عن عكرِمة وإسماعيل بن أبي خالد, ‏وأشياخ من أهل الكوفة, قال: تنظر إلى ربها نظرا.‏
‏ حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري, قال: حدثنا آدم قال: حدثنا المبارك, ‏عن الحسن, في قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال: حسنة إلى رَبّها ناظِرَةٌ ‏قال: تنظر إلى الخالق, وحُقّ لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق.‏


‏ حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: حدثنا خالد بن عبد ‏الرحمن, قال: حدثنا أبو عرفجة, عن عطية العوفي, في قوله: وُجُوهٌ ‏يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: هم ينظرون إلى الله لا تحيط ‏أبصارهم به من عظمته, وبصره محيط بهم, فذلك قوله: لا تُدْرِكُهُ ‏الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ.‏
‏ وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنها تنتظر الثواب من ربها. ذكر من قال ‏ذلك:‏
‏ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا عمر بن عبيد, عن منصور, عن مجاهد ‏وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر منه الثواب.‏

‏ قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ ‏قال: تنتظر الثواب من ربها.‏
‏ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن ‏منصور, عن مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر الثواب.‏

‏ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن منصور عن ‏مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر الثواب من ربها, لا يراه من خلقه ‏شيء.‏

‏ حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي, قال: حدثنا أبي, عن أبيه, عن ‏جدّه, عن الأعمش, عن مجاهد وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال: نضرة من النعيم ‏إلى رَبّها ناظِرَةً قال: تنتظر رزقه وفضله.‏
‏ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, قال: ‏كان أناس يقولون في حديث, «فيرون ربهم» فقلت لمجاهد: إن ناسا ‏يقولون إنه يُرَى, قال: يَرى ولا يراه شيء.‏
‏ قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, في قوله إلى رَبّها ناظِرَةٌ ‏قال: تنتظر من ربها ما أمر لها.‏
‏ حدثني أبو الخطاب الحساني, قال: حدثنا مالك, عن سفيان, قال: حدثنا ‏إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي صالح, في قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى ‏رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنتظر الثواب.‏

‏ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا الأشجعي, عن سفيان, عن ثوير, عن ‏مجاهد, عن ابن عمر, قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى ‏مُلكه وسُرُرِه وخدمه مسيرة ألف سنة, يرى أقصاه كما يرى أدناه, وإن ‏أرفع أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى وجه الله بُكرة وعشية».‏

‏ قال: ثنا ابن يمان, قال: حدثنا أشجع, عن أبي الصهباء الموصلي, قال: ‏‏«إن أدنى أهل الجنة منزلة, من يرى سرره وخدمه ومُلكَهُ في مسيرة ألف ‏سنة, فيرى أقصاه كما يرى أدناه وإن أفضلهم منزلة, من ينظر إلى وجه ‏الله غدوة وعشية».‏

‏ وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب القول الذي ذكرناه عن الحسن ‏وعكرِمة, من أن معنى ذلك تنظر إلى خالقها, وبذلك جاء الأثر عن ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏

‏ حدثني عليّ بن الحسين بن أبجر, قال حدثنا مصعب بن المقدام, قال: ‏حدثنا إسرائيل بن يونس, عن ثوير, عن ابن عمر, قال: قال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم: «إنّ أدْنى أهْلِ الجَنّةِ مَنْزِلَةً, لَمَنْ يَنْظُرُ فِي مُلْكِهِ ‏ألْفَيْ سَنَةٍ قال: وإنّ أفضَلَهُمْ مَنْزِلَةً لَمَن يَنْظُرُ في وَجْهِ اللّهِ كُلّ يَوْم مَرّتَينِ ‏قال: ثم تلا: وُحُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إلى رَبّها ناظِرَةٌ. قال: بالبياض ‏والصفاء, قال: إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال: تنظر كلّ يوم في وجه الله عزّ ‏وجلّ».‏

-قال ابن كثير -رحمه الله-
ثم قال تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة} من النضارة أي حسنة بهية مشرقة ‏مسرورة {إلى ربها ناظرة} أي تراه عياناً كما رواه البخاري رحمه الله ‏تعالى في صحيحه «إنكم سترون ربكم عياناً». وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله ‏عز وجل في الدار الاَخرة في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عند ‏أئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها, لحديث أبي سعيد وأبي هريرة وهما ‏في الصحيحين أنا ناساً قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال: ‏‏«هل تضارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب ؟» قالوا: لا, ‏قال: «فإنكم ترون ربكم كذلك».‏

‎ ‎وفي الصحيحين عن جرير قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ‏القمر ليلة البدر فقال: «إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر! فإن استطعتم ‏أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فافعلوا» وفي ‏الصحيحين عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏‏«جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما, وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما, وما ‏بين القوم وبين أن ينظروا إلى الله عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه ‏في جنة عدن}. وفي أفراد مسلم عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة ـ قال ـ يقول الله تعالى: تريدون شيئاً أزيدكم ‏؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا! ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار! قال: ‏فيكشف الحجاب, فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم وهي ‏الزيادة» ثم تلا هذه الاَية {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} وفي أفراد مسلم ‏عن جابر في حديثه «إن الله يتجلى للمؤمنين يضحك» يعني في عرصات ‏القيامة ففي هذه الأحاديث أن المؤمنين ينظرون إلى ربهم عز وجل في ‏العرصات وفي روضات الجنات, وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية, ‏حدثنا عبد الملك بن أبحر, حدثنا ثوير بن أبي فاخته عن ابن عمر قال: قال ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لينظر في ملكه ‏ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه, ينظر إلى أزواجه وخدمه, وإن ‏أفضلهم منزلة لينظر في وجه الله كل يوم مرتين» ورواه الترمذي عن عبد ‏بن حميد عن شبابة عن إسرائيل عن ثوير قال: سمعت ابن عمر فذكره, ‏قال: ورواه عبد الملك بن أبحر عن نوير عن مجاهد عن ابن عمر, وكذلك ‏رواه الثوري عن نوير عن مجاهد عن ابن عمر ولم يرفعه, ولولا خشية ‏الإطالة لأوردنا الأحاديث بطرقها وألفاظها من الصحاح والحسان والمسانيد ‏والسنن, ولكن ذكرنا ذلك مفرقاً في مواضع من هذا التفسير وبالله التوفيق.‏

‎ ‎وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة كما ‏هو متفق عليه بين أئمة الإسلام, وهداة الأنام, ومن تأول ذلك بأن المراد ‏بإلى مفرد الاَلاء وهي النعم كما قال الثوري عن منصور عن مجاهد {إلى ‏ربها ناظرة} قال: تنتظر الثواب من ربها, رواه ابن جرير‎ ‎من غير وجه ‏عن مجاهد وكذا قال أبو صالح أيضاً فقد أبعد هذا القائل النجعة وأبطل فيما ‏ذهب إليه, وأين هو من قوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ‏؟} قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما حجب الكفار إلا وقد علم أن الأبرار ‏يرونه عز وجل ثم قد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏بما دل عليه سياق الاَية الكريمة وهي قوله تعالى: {إلى ربها ناظرة} قال ‏ابن جرير: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري, حدثنا آدم, حدثنا المبارك عن ‏الحسن {وجوه يومئذ ناضرة} قال حسنة {إلى ربها ناظرة} قال: تنظر إلى ‏الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق.‏

-قال البغوي -رحمه الله-
‏"إلى ربها ناظرة"، قال ابن عباس: وأكثر الناس تنظر إلى ربها عياناً بلا ‏حجاب. قال الحسن: تنظر إلى الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى ‏الخالق. أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم الترابي، أخبرنا عبد الله بن أحمد ‏الحموي، أخبرنا إبراهيم بن خزيم الشاشي، أخبرنا عبد بن حميد، حدثنا ‏شبابة، عن إسرائيل، عن ثوير قال: سمعت ابن عمر يقول: "قال رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه ‏وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ‏ينظر إلى وجهه غدوة وعشية، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ‏وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة

طيف
01-30-2012, 07:36 PM
‏وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة

اللهم إجعلنا من أصحاب تلك الوجوه يااارب

بورك قلمك ونفع بطرحك

بن ظافر
01-30-2012, 09:05 PM
الف شكر الله يعطيك العافية ولا يحرمك الاجر

عــذبــة الـــروح
01-31-2012, 02:55 AM
جزاكِ الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكِ آآمين..

ليالي جنوبية
01-31-2012, 08:33 AM
‏وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة

اللهم إجعلنا من أصحاب تلك الوجوه يارب

الله يكتب لك الاجر والثواب على الطرح
وجزاك الله خير الجزاء واثقل الله بها موازين حسناتك

نواااااره
01-31-2012, 04:34 PM
جزاك الله خير

أبو ريان
02-01-2012, 08:47 PM
اللهم لا تحرمنا رؤية وجهك الكريم ..
طرح رائع كتب الله أجرك ..

أميرة الحضور
02-01-2012, 09:10 PM
جزاك الله كل خير ..

جروح الروح
02-02-2012, 02:32 AM
‏وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة

اللهم إجعلنا من أصحاب تلك الوجوه يااارب

بورك قلمك ونفع بطرحك
شاكرة لك حضورك الراقي

جروح الروح
02-02-2012, 02:33 AM
الف شكر الله يعطيك العافية ولا يحرمك الاجر
العفو شاكرة حضورك الراقي

جروح الروح
02-02-2012, 02:34 AM
جزاكِ الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكِ آآمين..
شاكرة لك حضورك الراقي

جروح الروح
02-02-2012, 02:36 AM
جزاك الله خير
شاكرة لك حضورك الراقي

جروح الروح
02-02-2012, 02:40 AM
اللهم لا تحرمنا رؤية وجهك الكريم ..
طرح رائع كتب الله أجرك ..
شاكرة لك حضورك الراقي

جروح الروح
02-02-2012, 02:44 AM
جزاك الله كل خير ..
شاكرة لك حضورك الراقي