حـــور
06-07-2010, 09:34 PM
لا شك عندي بأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد قال للرجال حوله : " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوابينهم في المضاجع " !
وأنّ هذا التوجيه النبوي الكريم يشِفُّ بأنّ الأساس التربوي إنما يقع على كاهل الأب في المقام الأول أو البدهي !
وأنّ هذه المسئولية تلتزم بها الأم في حالة غياب الأب ( حياً أو ميتاً ) ، فيما أنها – في حالة وجود الأب وقيامه بدوره - تُساعده بالقيام بهذا الدور ، وتقدم معه الرعاية والحنو وسائر منتجات الوجدان .
العرب تعرف ذلك أحسن المعرفة ؛ ولذا قال قائلهم :
وينشأ ناشئ الفتيان فينا /// على ما كان عوده أبوه !
ولذا وجدنا في السيرة النبوية العطرة بأنّ كفالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في طفولته وبادئ شبابه إنّما قد تنقلت بين الرجال من أهله ( جده وعمه ) ؛ فيما لم ينل من هذا التكليف شيء من عمّاته الأخريات !
وقد ظل رجالات العرب يحوطون الذكور من أبنائهم : بالتعليم ، والتعويد ، والتهذيب : إما بالحزم أو القوة أو بالعطف والتلطُف .
ومن قصص ذلك أنّ الصحابي الزبير بن العوام قد أشهد ابنه عبدالله - رضي الله عنهما - لمعركة اليرموك وهو ابن عشر سنين ؛ فكان هذا الابن بعد ذلك قاتلاً لملك البربر ( جرجير ) : وذلك في تونس ( الحمراء ) يومئذ !
ومن عجائب ما قد مرّ بي أنّ بعض الأسر الحاكمة حين يرغب بعض حكامها بإظلام شخصية أحد أبناء عمومته الصغار ؛ لئلا يتولى الحكم من بعده ... أقول : كان يجعل تربيته ونشأته بين النساء ، حتى يسقط من اعتبار الناس بتصرفاته وآرائه فيما بعد !
وعلى أية حال ؛ فإنّ العرب كانت تنتشل أبناءها من مجالس النساء ، وترى في كثرة مجالسة الذكر للنسوان أمراً معيباً به ؛ خوفاً عليه من التصاق صفات النساء فيه : بلْه قد كانت الصغيرات في بلادنا يلفظن ويرفضن الولد الذي يهوى اللعب معهن ؛ فيُنشدن له قائلات ومعيرات : " الولد مع البنات : بطته شوكه ومات " !
ومن شواهد نفرة النساء من ذلك ما قد رواه المؤرخ الأديب خير الدين الزركلي من أنّ الأميرة نورة بنت عبدالرحمن آل سعود – شقيقة الملك عبدالعزيز – قد كانت تحرض أخاها في الكويت لأن يسترد ملك آبائه وأجداده ، قائلة له عن الوسيلة والسلم لذلك : " لا تكثر من الجلوس مع أمك أو زوجتك ... ولا تندب حظك مثل النساء " !
تقول ذلك وهي امرأة ؛ لأنّ الأنثى تكره في الرجل خصائص الأنوثة – تماماً مثلما ينكفئ الرجل عن الأخرى المسترجلة !
المؤسف مطالعته أو النظر إليه : هو ما قد سمعناه مؤخراً عن نية وزارة التعليم في إرسال أبنائنا إلى " الحرملك " !
هذا القرار الذي سيعمل مع خط سابق سيوازيه ( الابتعاث ) في تغيير نظرة المجتمع للاختلاط : لتتعود قمة الهرم التعليمي وقاعدته على مبدأ الاختلاط !
لو أنّ وزارة التربية والتعليم فكرت ( فقط ) بالعواقب النفسية الوخيمة على الطالب بسبب هذا القرار : لكان ذلك يكفيها لأن تصرف النظر عن هذا القرار العجيب ... وتعالوا معي :
الطالب الذي يبدأ حياته في حجر أمه ؛ ثم يُرسل لروضة مختلطة تتولى تعليمه فيها امرأة ، ثم بعد ذلك ينتقل إلى تعليمٍ أولي مختلط – أيضاً – يمتد به إلى العاشرة من عمره ؛ ثم بعدها يُفاجئ تكوينه النفسي والسلوكي والاجتماعي دون سابق تهيئة أو إنذار : بمرحلة أخرى مغايرة : يظهر فيها الرجل لأول مرةٍ بحياة هذا الطالب من خلال ( المعلم ) : فبالله عليكم : أليست هذه مرحلة انتقالية فجائية للطالب : هو في غنى عنها : نفسياً وعاطفياً ؟!
نعم هو في غنى عن هذا الارتباك البيئي والسلوكي ؛ إذْ أنّه بعد خمس سنوات فقط : سيتعرض لارتباك آخر جديد هو " المراهقة " ؛ فلِمَ نجمع على هذا المسكين بمرحلتين في أول حياته وعمره الاكتسابي ؟!
ثم ماذا عن الهدر الاقتصادي لو قيل " نجحت التجربة ، ويلزم تعميمها " ؟!
نحن نعلم بأن البنية التحتية للتعليم العام السعودي : قد قامت منذ نشأتها وقبل عقود من الآن : على مبدأ الفصل بين البنين والبنات ! بل وعلى ضرورة أن تكون مدارس البنات بعيدة عن مكان وإقامة مدارس البنين : فهل سنحتاج إلى إنشاء مدارس خاصة جديدة : بطول المملكة وعرضها لهذا الشأن غير الضروري ولا الهام ؟! – فضلاً عن كونه مفسدة دينية وتربوية !
ماذا – أيضاً - عن حالة الارتباك الاجتماعي التي تسعى الدول المتحضرة إلى تجنبها أو المرور بها ؟! فهناك صخب شارع سيحدث : نحن في غنى عنه فيما لو قد حدث تعميم هذه التجربة – وهذا هو المأمول من طرحها أصلاً - !
لماذا يهيئ هؤلاء الفرصة كاملة لحرمان البنت السعودية من التعليم بعد أنْ حرموها قبل ذلك من فرصة التطبيب والتمريض : حين فرضوا فيهما الاختلاط ؟!
إنّ أكبر نجاح شعبي قد حققته الدولة السعودية في عقودها السابقة : إنما يتمثل في ثقة شعبها بها ، ومن أنها تمثل الإسلام ومقرراته ؛ ولذا قال الأمير محمد الفيصل حكمةً سياسية رائعة أعجبتني ، وهي في قوله مُستلهماً العِبَرَ من سقوط الشاه : " ولنا فيمن خرَجَ عن إرادة شعبه عبرة في تجربةِ شاهِ إيران . فعندما خرجَ على شرعهم خرجوا على شرعيّته وأخرجوه ، ثمّ عادوا إلى شرعهم من جديد " ا . هـ .
فلم جرعة الألم هذه يا لبراليون ؟!!
وأخيراً ؛ فيقول الملك عبدالعزيز : " إنّ البلاد لا يُصلحها غير الأمن والسكون " !
فالسكينة السكينة !!
اختكم حور العمري
وأنّ هذا التوجيه النبوي الكريم يشِفُّ بأنّ الأساس التربوي إنما يقع على كاهل الأب في المقام الأول أو البدهي !
وأنّ هذه المسئولية تلتزم بها الأم في حالة غياب الأب ( حياً أو ميتاً ) ، فيما أنها – في حالة وجود الأب وقيامه بدوره - تُساعده بالقيام بهذا الدور ، وتقدم معه الرعاية والحنو وسائر منتجات الوجدان .
العرب تعرف ذلك أحسن المعرفة ؛ ولذا قال قائلهم :
وينشأ ناشئ الفتيان فينا /// على ما كان عوده أبوه !
ولذا وجدنا في السيرة النبوية العطرة بأنّ كفالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في طفولته وبادئ شبابه إنّما قد تنقلت بين الرجال من أهله ( جده وعمه ) ؛ فيما لم ينل من هذا التكليف شيء من عمّاته الأخريات !
وقد ظل رجالات العرب يحوطون الذكور من أبنائهم : بالتعليم ، والتعويد ، والتهذيب : إما بالحزم أو القوة أو بالعطف والتلطُف .
ومن قصص ذلك أنّ الصحابي الزبير بن العوام قد أشهد ابنه عبدالله - رضي الله عنهما - لمعركة اليرموك وهو ابن عشر سنين ؛ فكان هذا الابن بعد ذلك قاتلاً لملك البربر ( جرجير ) : وذلك في تونس ( الحمراء ) يومئذ !
ومن عجائب ما قد مرّ بي أنّ بعض الأسر الحاكمة حين يرغب بعض حكامها بإظلام شخصية أحد أبناء عمومته الصغار ؛ لئلا يتولى الحكم من بعده ... أقول : كان يجعل تربيته ونشأته بين النساء ، حتى يسقط من اعتبار الناس بتصرفاته وآرائه فيما بعد !
وعلى أية حال ؛ فإنّ العرب كانت تنتشل أبناءها من مجالس النساء ، وترى في كثرة مجالسة الذكر للنسوان أمراً معيباً به ؛ خوفاً عليه من التصاق صفات النساء فيه : بلْه قد كانت الصغيرات في بلادنا يلفظن ويرفضن الولد الذي يهوى اللعب معهن ؛ فيُنشدن له قائلات ومعيرات : " الولد مع البنات : بطته شوكه ومات " !
ومن شواهد نفرة النساء من ذلك ما قد رواه المؤرخ الأديب خير الدين الزركلي من أنّ الأميرة نورة بنت عبدالرحمن آل سعود – شقيقة الملك عبدالعزيز – قد كانت تحرض أخاها في الكويت لأن يسترد ملك آبائه وأجداده ، قائلة له عن الوسيلة والسلم لذلك : " لا تكثر من الجلوس مع أمك أو زوجتك ... ولا تندب حظك مثل النساء " !
تقول ذلك وهي امرأة ؛ لأنّ الأنثى تكره في الرجل خصائص الأنوثة – تماماً مثلما ينكفئ الرجل عن الأخرى المسترجلة !
المؤسف مطالعته أو النظر إليه : هو ما قد سمعناه مؤخراً عن نية وزارة التعليم في إرسال أبنائنا إلى " الحرملك " !
هذا القرار الذي سيعمل مع خط سابق سيوازيه ( الابتعاث ) في تغيير نظرة المجتمع للاختلاط : لتتعود قمة الهرم التعليمي وقاعدته على مبدأ الاختلاط !
لو أنّ وزارة التربية والتعليم فكرت ( فقط ) بالعواقب النفسية الوخيمة على الطالب بسبب هذا القرار : لكان ذلك يكفيها لأن تصرف النظر عن هذا القرار العجيب ... وتعالوا معي :
الطالب الذي يبدأ حياته في حجر أمه ؛ ثم يُرسل لروضة مختلطة تتولى تعليمه فيها امرأة ، ثم بعد ذلك ينتقل إلى تعليمٍ أولي مختلط – أيضاً – يمتد به إلى العاشرة من عمره ؛ ثم بعدها يُفاجئ تكوينه النفسي والسلوكي والاجتماعي دون سابق تهيئة أو إنذار : بمرحلة أخرى مغايرة : يظهر فيها الرجل لأول مرةٍ بحياة هذا الطالب من خلال ( المعلم ) : فبالله عليكم : أليست هذه مرحلة انتقالية فجائية للطالب : هو في غنى عنها : نفسياً وعاطفياً ؟!
نعم هو في غنى عن هذا الارتباك البيئي والسلوكي ؛ إذْ أنّه بعد خمس سنوات فقط : سيتعرض لارتباك آخر جديد هو " المراهقة " ؛ فلِمَ نجمع على هذا المسكين بمرحلتين في أول حياته وعمره الاكتسابي ؟!
ثم ماذا عن الهدر الاقتصادي لو قيل " نجحت التجربة ، ويلزم تعميمها " ؟!
نحن نعلم بأن البنية التحتية للتعليم العام السعودي : قد قامت منذ نشأتها وقبل عقود من الآن : على مبدأ الفصل بين البنين والبنات ! بل وعلى ضرورة أن تكون مدارس البنات بعيدة عن مكان وإقامة مدارس البنين : فهل سنحتاج إلى إنشاء مدارس خاصة جديدة : بطول المملكة وعرضها لهذا الشأن غير الضروري ولا الهام ؟! – فضلاً عن كونه مفسدة دينية وتربوية !
ماذا – أيضاً - عن حالة الارتباك الاجتماعي التي تسعى الدول المتحضرة إلى تجنبها أو المرور بها ؟! فهناك صخب شارع سيحدث : نحن في غنى عنه فيما لو قد حدث تعميم هذه التجربة – وهذا هو المأمول من طرحها أصلاً - !
لماذا يهيئ هؤلاء الفرصة كاملة لحرمان البنت السعودية من التعليم بعد أنْ حرموها قبل ذلك من فرصة التطبيب والتمريض : حين فرضوا فيهما الاختلاط ؟!
إنّ أكبر نجاح شعبي قد حققته الدولة السعودية في عقودها السابقة : إنما يتمثل في ثقة شعبها بها ، ومن أنها تمثل الإسلام ومقرراته ؛ ولذا قال الأمير محمد الفيصل حكمةً سياسية رائعة أعجبتني ، وهي في قوله مُستلهماً العِبَرَ من سقوط الشاه : " ولنا فيمن خرَجَ عن إرادة شعبه عبرة في تجربةِ شاهِ إيران . فعندما خرجَ على شرعهم خرجوا على شرعيّته وأخرجوه ، ثمّ عادوا إلى شرعهم من جديد " ا . هـ .
فلم جرعة الألم هذه يا لبراليون ؟!!
وأخيراً ؛ فيقول الملك عبدالعزيز : " إنّ البلاد لا يُصلحها غير الأمن والسكون " !
فالسكينة السكينة !!
اختكم حور العمري