فايز العمري
06-19-2008, 10:33 AM
السلام عليكم و رحمة اللـــــــــــــــــــه و بركاته ,,
" عمل شيخ مصري مدرسا بالأزهر ,
و كان لا يعرف من الدنيا إلا الجامع الأزهر الذي يدرس فيه و البيت القريب الذي يسكنه و الطريق بينهما ,
فلما طالت عليه المدة , و علت به السن , و اعتلت منه الصحة , احتاج إلى الراحة , فألزمه الطبيب بها ,
و أشار عليه أن يبتعد عن جو العمل و عن مكانه , و أن ينشد الهدوء في البساتين و الرياض و على شط النيل.
فخرج فاستوقف عربة , و لم تك يومئذ السيارات , و قال له : خذني يا ولدي إلى مكان جميل أتفرج فيه و أستريح .
و كان صاحب العربة (العربجي) خبيثا فأخذه إلى طرف الأزبكية , حيث كانت بيوت المومسات, و قال : يا ولدي لقد قرب المغرب فأين أصلي ؟
خذني أولا إلى المسجد . قال : هذا هو المسجد.
و كان الباب مفتوحا, و صاحبة الدار قاعدة على الحال التي يكون عليها مثلها. فلما رآها غض بصره عنها,
و رأى كرسيا فقعد عليه ينتظر الأذان و هي تنظر إلي, لا تدري ما أدخله عليها , و ليس من رواد منزلها و لا تجرؤ أن تسأله,
منعتها بقية حياء قد يوجد أمام أهل الصلاح حتى عند المومسات , و هو يسبح و ينظر في ساعته , حتى سمع
آذان المغرب من بعيد فقال لها :
أين المؤذن ؟ لماذا لا يؤذن و قد دخل الوقت؟ هل أنت بنته؟ فسكتت.
فانتظر قليلا ثم قال: يا بنتي المغرب غريب لا يجوز تأخيره, و ما أرى هنا أحدا, فإن كنت متوضئة فصلي ورائي , تكن جماعة .
و أذن , و أراد أن يقيم و هو لا يلتفت إليها, فلم يحس منها حركة . قال : مالك؟ ألست على وضوء؟
فاستيقظ إيمانه دفعة واحدة , و نسيت ما هي فيه, و عادت إلى أيامها الخوالي, أيام كانت فتاة عفيفة طاهرة ,
بعيدة عن الإثم. و راحت تبكي و تنشج, ثم ألقت بنفسها على قدميه ....
فدهش و لم يدر كيف يواسيها و هو لا يريد أن ينظر إليها أو أن يمسها.. و قصت عليه قصتها ,
و رأى من ندمها و صحة توبتها ما أيقن معه صدقها فيها , فقــــال :
اسمعي يا بنتي ما يقوله رب العالمين.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله , إن الله يغفر الذنوب جميعا )
جميعا يا ابنتي جميعا , إن باب النوبة مفتوح لكل عاص, و هو واسع يدخلون منه فيتسع لهم, مهما ثقل حملهم من الآثام,
حتى الكفر فمن كفر بعد إيمانه ثم تاب قبل أن تأتيه ساعة الاحتضار , و كان صادقا في توبته,
و جدد إسلامه فإن الله يقبله.
الله يا بنتي أكرم الأكرمين , فهل سمعت بكريم يغلق بابه في وجه من يقصده و يلجأ إليه معتمدا عليه ؟
قومي اغتسلي و ابسي الثوب الساتر , اغسلي جلدك بالماء و قلبك بالتوبة و الندم , و أقبلي على الله و أنا منتظرك هنا , لا تبطئي لئلا تفوتنا صلاة المغرب .
ففعلت ما قال و خرجت إليه بثوب جديد و قلب جديد , و وقفت خلفه و صلت صلاة ذاقت حلاوتها و نقت الصلاة قلبها.
قلما انقضت الصلاة قال لها : هلمي اذهبي معي و حاولي أن تقطعي كل رابطة تربطك بهذا المكان و من فيه ,
و أن تمحي من ذاكرتك كل أثر لهذه المدة التي قضيتها فيه, و داومي على استغفار الله , و الإكثار من الصالحات,
فليس الزنا بأكبر من الكفر , و هند التي كانت كافرة , و كانت عدوا لرسول الله , و حاولت أن تأكل كبد عمه حمزة,
لما صدقت التوبة صارت من صالحات المؤمنات و صرنا نقول : رضي الله عنها .
و أخذها إلى دار فيها نسوة ديِنات , ثم زوجها ببعض من رضي الزواج بها من صالحي المسلمين , و أوصاه خيرا بها . "
,,,,,,,,,,,
عندما قرأت هذه القصة الجميلة , أكبرت في هذا الشيخ حسن ظنه و نيته الطيبة , أحسست بتفاؤله , و حبه لفعل الخير ,
و علمت أننا كثيرا ما نعتقد بأننا محقون في نظرتنا لكثير من الأمور مع أننا لسنا كذلك !
تخيلوا بأنكم أنتم من كنتم مكان الشيخ و أن شخصا " حقيرا " رماكم إلى مثل
هذا المكان المشبوه من دون علمكم , ثم ترون مثلما رأى هذا الشيخ ؟
كيف ستكون ردة فعلكم ؟
شخصيا : في البداية سأشتم الرجل و سأدعو عليه ( لاحظوا الشيخ لم يشغل باله
بما حصل بل اهتم بما هو حاصل الآن !) ,
ثم سأرمي نظرة استحقار لهذه المرأة , و بعدها سأبحث عن شخص ليعيدني إلى حيث كنت ببساطة .
و لن أصنع من الليمون شرابا حلوا , بل سأجعله أكثر حموضة و سأزيده من عندي مرارة !!
,,,
نحن لم نتعلم كيف نكون مؤثرين , كل همنا هو النجاة بأنفسنا ,
و لا نشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا , و أننا كنا خير أمة , نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر ,
بل إننا نعيب على الناصح , و نعتبره يتعدى على حرياتنا الشخصية ,
و نعتقد اعتقادا راسخا بأن محاولتنا لثني أحدهم عن فعل سيء يفعله هو تدخل في
حياته الخاصة , و ضد ( الإتيكيت ) !
,,,
نحن لم نتعلم كيف نحسن الظن في الناس , الشيخ رأى هذه المرأة بمنظرها الخالي من الحياء
و مع ذلك دعاها للصلاة معه , و بإمكاني أن أقول أن ما جعل تلك المرأة تتوب إلى الله
هو حسن ظن هذا الشيخ بها ! تخيلوا معي الآن لو أن الشيخ قام بسبها و نهرها ,
ترى هل كانت ستتوب ؟ لا يمكن لأحد الجزم بأي شيء !
حسن الظن خلق نبيل نفتقر إليه في كثييير من نواحي حياتنا ,
نحن لا نثق بآبائنا و لا معلمينا و لا حكامنا و لا علمائنا و لا حتى أطفالنا ,
نحن باختصار لا نثق بأحد , نعيش في برج عاجي و نعتبر الجميع على خطأ
و نحن فقط على صواب ,
في يوم من الأيام سمعت أختي الصغيرة تحلف كذبا بالله فغضبت كثيرا و قررت أن أواجهها ,
و عندما كلمتها في الأمر أنكرت و حلفت بالله أنها لم تحلف كذبا و بدأت بالبكاء !
أحسست حينها بخطأ جسيم ارتكبته , فأنا باختصار لم أثق فيها !
ثم حاولت بعد ذلك تدارك خطأي و قلت لها بأنني ( متأكدة أنك مستحيل تحلفين كذب ,
بس أنا خفت لأني أحبك و ما أبيك تسويين كذا ) و تأسفت لها و جعلت الخطأ خطأي أنا ,
و منحتها الثقة الكاملة فما حلفت من بعد ذلك اليوم كذبا أبدا !
لنحسن الظن بالناس و سنرى كيف ستكون الأمور خاتما بأصابعنا !
,,,
ملاحظة : القصة منقولة من كتاب بتصرف بسيط .
" عمل شيخ مصري مدرسا بالأزهر ,
و كان لا يعرف من الدنيا إلا الجامع الأزهر الذي يدرس فيه و البيت القريب الذي يسكنه و الطريق بينهما ,
فلما طالت عليه المدة , و علت به السن , و اعتلت منه الصحة , احتاج إلى الراحة , فألزمه الطبيب بها ,
و أشار عليه أن يبتعد عن جو العمل و عن مكانه , و أن ينشد الهدوء في البساتين و الرياض و على شط النيل.
فخرج فاستوقف عربة , و لم تك يومئذ السيارات , و قال له : خذني يا ولدي إلى مكان جميل أتفرج فيه و أستريح .
و كان صاحب العربة (العربجي) خبيثا فأخذه إلى طرف الأزبكية , حيث كانت بيوت المومسات, و قال : يا ولدي لقد قرب المغرب فأين أصلي ؟
خذني أولا إلى المسجد . قال : هذا هو المسجد.
و كان الباب مفتوحا, و صاحبة الدار قاعدة على الحال التي يكون عليها مثلها. فلما رآها غض بصره عنها,
و رأى كرسيا فقعد عليه ينتظر الأذان و هي تنظر إلي, لا تدري ما أدخله عليها , و ليس من رواد منزلها و لا تجرؤ أن تسأله,
منعتها بقية حياء قد يوجد أمام أهل الصلاح حتى عند المومسات , و هو يسبح و ينظر في ساعته , حتى سمع
آذان المغرب من بعيد فقال لها :
أين المؤذن ؟ لماذا لا يؤذن و قد دخل الوقت؟ هل أنت بنته؟ فسكتت.
فانتظر قليلا ثم قال: يا بنتي المغرب غريب لا يجوز تأخيره, و ما أرى هنا أحدا, فإن كنت متوضئة فصلي ورائي , تكن جماعة .
و أذن , و أراد أن يقيم و هو لا يلتفت إليها, فلم يحس منها حركة . قال : مالك؟ ألست على وضوء؟
فاستيقظ إيمانه دفعة واحدة , و نسيت ما هي فيه, و عادت إلى أيامها الخوالي, أيام كانت فتاة عفيفة طاهرة ,
بعيدة عن الإثم. و راحت تبكي و تنشج, ثم ألقت بنفسها على قدميه ....
فدهش و لم يدر كيف يواسيها و هو لا يريد أن ينظر إليها أو أن يمسها.. و قصت عليه قصتها ,
و رأى من ندمها و صحة توبتها ما أيقن معه صدقها فيها , فقــــال :
اسمعي يا بنتي ما يقوله رب العالمين.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله , إن الله يغفر الذنوب جميعا )
جميعا يا ابنتي جميعا , إن باب النوبة مفتوح لكل عاص, و هو واسع يدخلون منه فيتسع لهم, مهما ثقل حملهم من الآثام,
حتى الكفر فمن كفر بعد إيمانه ثم تاب قبل أن تأتيه ساعة الاحتضار , و كان صادقا في توبته,
و جدد إسلامه فإن الله يقبله.
الله يا بنتي أكرم الأكرمين , فهل سمعت بكريم يغلق بابه في وجه من يقصده و يلجأ إليه معتمدا عليه ؟
قومي اغتسلي و ابسي الثوب الساتر , اغسلي جلدك بالماء و قلبك بالتوبة و الندم , و أقبلي على الله و أنا منتظرك هنا , لا تبطئي لئلا تفوتنا صلاة المغرب .
ففعلت ما قال و خرجت إليه بثوب جديد و قلب جديد , و وقفت خلفه و صلت صلاة ذاقت حلاوتها و نقت الصلاة قلبها.
قلما انقضت الصلاة قال لها : هلمي اذهبي معي و حاولي أن تقطعي كل رابطة تربطك بهذا المكان و من فيه ,
و أن تمحي من ذاكرتك كل أثر لهذه المدة التي قضيتها فيه, و داومي على استغفار الله , و الإكثار من الصالحات,
فليس الزنا بأكبر من الكفر , و هند التي كانت كافرة , و كانت عدوا لرسول الله , و حاولت أن تأكل كبد عمه حمزة,
لما صدقت التوبة صارت من صالحات المؤمنات و صرنا نقول : رضي الله عنها .
و أخذها إلى دار فيها نسوة ديِنات , ثم زوجها ببعض من رضي الزواج بها من صالحي المسلمين , و أوصاه خيرا بها . "
,,,,,,,,,,,
عندما قرأت هذه القصة الجميلة , أكبرت في هذا الشيخ حسن ظنه و نيته الطيبة , أحسست بتفاؤله , و حبه لفعل الخير ,
و علمت أننا كثيرا ما نعتقد بأننا محقون في نظرتنا لكثير من الأمور مع أننا لسنا كذلك !
تخيلوا بأنكم أنتم من كنتم مكان الشيخ و أن شخصا " حقيرا " رماكم إلى مثل
هذا المكان المشبوه من دون علمكم , ثم ترون مثلما رأى هذا الشيخ ؟
كيف ستكون ردة فعلكم ؟
شخصيا : في البداية سأشتم الرجل و سأدعو عليه ( لاحظوا الشيخ لم يشغل باله
بما حصل بل اهتم بما هو حاصل الآن !) ,
ثم سأرمي نظرة استحقار لهذه المرأة , و بعدها سأبحث عن شخص ليعيدني إلى حيث كنت ببساطة .
و لن أصنع من الليمون شرابا حلوا , بل سأجعله أكثر حموضة و سأزيده من عندي مرارة !!
,,,
نحن لم نتعلم كيف نكون مؤثرين , كل همنا هو النجاة بأنفسنا ,
و لا نشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا , و أننا كنا خير أمة , نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر ,
بل إننا نعيب على الناصح , و نعتبره يتعدى على حرياتنا الشخصية ,
و نعتقد اعتقادا راسخا بأن محاولتنا لثني أحدهم عن فعل سيء يفعله هو تدخل في
حياته الخاصة , و ضد ( الإتيكيت ) !
,,,
نحن لم نتعلم كيف نحسن الظن في الناس , الشيخ رأى هذه المرأة بمنظرها الخالي من الحياء
و مع ذلك دعاها للصلاة معه , و بإمكاني أن أقول أن ما جعل تلك المرأة تتوب إلى الله
هو حسن ظن هذا الشيخ بها ! تخيلوا معي الآن لو أن الشيخ قام بسبها و نهرها ,
ترى هل كانت ستتوب ؟ لا يمكن لأحد الجزم بأي شيء !
حسن الظن خلق نبيل نفتقر إليه في كثييير من نواحي حياتنا ,
نحن لا نثق بآبائنا و لا معلمينا و لا حكامنا و لا علمائنا و لا حتى أطفالنا ,
نحن باختصار لا نثق بأحد , نعيش في برج عاجي و نعتبر الجميع على خطأ
و نحن فقط على صواب ,
في يوم من الأيام سمعت أختي الصغيرة تحلف كذبا بالله فغضبت كثيرا و قررت أن أواجهها ,
و عندما كلمتها في الأمر أنكرت و حلفت بالله أنها لم تحلف كذبا و بدأت بالبكاء !
أحسست حينها بخطأ جسيم ارتكبته , فأنا باختصار لم أثق فيها !
ثم حاولت بعد ذلك تدارك خطأي و قلت لها بأنني ( متأكدة أنك مستحيل تحلفين كذب ,
بس أنا خفت لأني أحبك و ما أبيك تسويين كذا ) و تأسفت لها و جعلت الخطأ خطأي أنا ,
و منحتها الثقة الكاملة فما حلفت من بعد ذلك اليوم كذبا أبدا !
لنحسن الظن بالناس و سنرى كيف ستكون الأمور خاتما بأصابعنا !
,,,
ملاحظة : القصة منقولة من كتاب بتصرف بسيط .