المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البنت السوبر !!


@ البندري @
02-19-2003, 03:57 AM
البنت السوبر !!

اللغة العربية تتراجع معها اسماء الدكاكين واسماء المأكولات لتزحف علينا غزوات اعجمية تقتحم علينا حياتنا وتصبغها بالصبغة الاميركية.. فالقوى السياحية الجديدة تملأ الصحف بأسماء.. الدريم لاند والكورال بيتش وبيفرل هيلز وجولدن بيتش. وتدخل هذه الرطانة قاموسنا اللغوي وتحتله.. ونجد انفسنا نقول.. دادي.. وأونكل.. وتانت.. وبودي جارد.. وكتالوج.. وباسبور.. وسوبر ماركت.. وبون جور.. وباي باي.. وبارتي.. وهاي.. وأوكيه.. وهالو.. وبرافو.. وسوفاج.. وأم بوسيبل. ويجري التشويه والعبث في الالفاظ العربية فنسمع كلمات امثال كماننا يغنيها الجيل الجديد الضائع.. وننسى اننا نفقد بهذا ارضنا التي نقف عليها ونفقد عروبتنا ونفقد قوميتنا ونفقد قيمنا ونفقد خصائصنا.. فلا عجب ان تختفي الشهامة العربية بعد ذلك من الشارع.. وان يختفي الشرف بمفهومه العربي من البيت وان تكون العروسة السوبر في نظر العريس هي مسخ فرانكو اراب.. فهذا هو القالب الجديد الذي يبحث عنه والذي انطبع في ذهنه من رؤية المسلسلات الاميركية والسينما الفرنسية.. وهذا هو معنى التقدم كما اخذه من التلفزيون ومن افلام السينما ومن كبار المخرجين من حملة الاوسكار ونجوم الاغراء من صناع الموضات والاهواء. ونظرة سريعة الى اسماء المحلات في ميدان شعبي مثل ميدان السيدة زينب لا تجد فيه اسما عربيا واحدا وربما عثرت على اسم يتيم كل عشرة محلات.. وهذا هو الوصف الدقيق لحالنا.. اننا نتحول بالتدريج الى ايتام بلا اب وبلا أم.. ونصبح غرباء على ارضنا وفي بلدنا ونفقد حسبنا ونسبنا واصلنا. والمسؤولية تقع على كل واحد فينا ابتداء من وزير التربية والتعليم ونزولا الى حلاق القرية.. والاستعمار الفرنسي ومن بعده الانجليزي ومن بعده الاميركي يحمل معظم الوزر.. ولكن هذا المسلسل الغاشم من الغزو الاجنبي لا يكفي لابراء ذمتنا.. فمصر بموقعها الفاتن والعبقري كانت ضحية لموجات من الغزو بلا عدد ولكن كان الملاحظ دائما انها تطبع الغزاة بطابعها اكثر مما تنطبع هي بهم.. واكثر من دخلوا مصر تمصروا اكثر مما تفرنجنا نحن وهرولنا وراءهم. والتخلف سبب اخر فنحن لم نعد ننتج المعرفة ولم نعد نبدع في العلوم والمخترعات وانما اصبحنا مستهلكين لما ينتج ولما يبدع غيرنا وناقلين لما يخترع الغرب.. فدخلت علينا المخترعات الجديدة بأسمائها.. الراديو والتلفزيون والتلفون والميكروفون والموتور والفريجيدير والانسرماشين والفيديو والكاميرا والكمبيوتر والانتركوم والانترنيت. نحن صناع الاهرامات لم نعد نصنع ساندوتش هامبورجر ولم نعد نخترع كنتاكي. ولولا القرآن ولولا الاسلام لانتهينا.. فالمسجد كان حصنا حصينا لم تستطع هذه الغزوة المفترسة ان تقتحمه.. ولم يظهر مسجد اسمه مسجد الدريم لاند ولا مسجد الكورال بيتش ولا مسجد الباليه رويال.. ولا مسجد التانجو.. وانما هناك مسجد الرحمة ومسجد المغفرة ومسجد قباء ومسجد النور. ولم يدخل علينا الاسلام غازيا.. لم يدخل علينا ليسلبنا كما يظن البعض.. بل دخل ليعيد الينا ما فقد منا.. توحيد نبينا المصري ادريس.. الذي كان يشع على العالم من جامعة أون عين شمس حاليا . وكانت جامعة أون بمثابة اميركا في اشعاعها الثقافي والديني والعلمي في ذلك الزمن القديم.. ونقرأ ان افلاطون جاء من اليونان الى مصر ليتلقى العلم في جامعة أون.. وليقرأ ما كتب في مخطوطاتها وبقي في مصر سنوات يدرس ويتعلم. وما فعله افلاطون فعله كل علماء وفلاسفة هذا العصر.. كلهم جاءوا الى مصر ليتعلموا.. وهذا الكلام تاريخ وحقائق.. وكانت صحف ادريس ضمن ما تحتويه مخطوطات هذه الجامعة المصرية القديمة.. وقد قرأها موسى ودرس ما فيها حينما تبناه الفرعون. وما تبقى من صحف ادريس هو ما يعرف اليوم بكتاب الموتى الذي عثر على بعض بردياته في الاهرامات.. وهو من اجمل ما قيل في التوحيد من تسابيح. نحن اذن بلاد علم وفلسفة وتاريخ.. وحالة الهيافة الشائعة حاليا في ثقافتنا وفي تعليمنا وهذا الانحدار في لغتنا والسوقية في اخلاقنا والسطحية في تفكيرنا هي ظواهر غازية وليست اصيلة.. وهي بقع وقذارات من العالم الغربي اصابتنا اثناء تسكعنا في ازقة نيويورك. والقرآن العظيم في عطائه الالهي آياته التي تمكنت من شغاف قلوبنا هي التي ستحفظ لغتنا العربية الجميلة وهي التي ستحفظ قلوبنا من التردي وهي التي ستروي بقية الاصالة فينا.. انها الحبل الممدود من رحمة الله لانقاذنا. ولهذا تحاول الصهيونية من خلال اميركا ومعوناتها وتوصياتها وضغوطها وعملائها تدمير النظام التعليمي في الازهر وذلك بتخويفنا من الدين وبتشويه الاسلام ودمغه بالارهاب. والتخطيط الان على اتساع العالم هو صناعة وتمويل ارهاب اسلامي مأجور واستخدامه للتنفير والتحذير من الاسلام تمهيدا لشطب فقه الجهاد من العقل المسلم واعتباره اجراما وارهابا ووقفه الجهاد هو بعض ما قام المشرفون في الازهر بشطبه واختصاره من المقررات الجديدة على الطلبة للاسف الشديد . انها معركة حقيقية ومستمرة على جميع الاصعدة.. على المستوى الديني واللغوي والاجتماعي والعروبي والسياسي والعسكري والوطني. ولكنها لن تنجح.. لأن القرآن الشامخ في لغته الرفيع في معانيه التقدمي في تعاليمه السمح في شرائعه الجميل في اياته الموسيقى في ايقاعاته. سوف يقف سدا مانعا يتحطم عليه مكرهم. فعندهم المباني .. وعندنا المعاني. وعندهم علوم الدمار .. (وكان قوم عاد ينحتون الجبال .. وكان عندهم ما هو أبهى من نيويورك .. إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد .. هكذا يقول عنها رب العالمين .. أنها لم يخلق مثلها في البلاد) فذهبوا وذهبت عمارتهم ولم يبق لها أثر .. وبقيت أهراماتنا تدل علينا. تلك عاد التي أسماها القرآن عادا الأولى .. لماذا وصفها بأنها الاولى؟؟!! لابد أننا الآن في زمان عاد الثانية (أميركا). وأنه سيجري على الثانية ما جرى على الأولى. ويقول الساخرون منهم أنتم تنتظرون ربكم ان يفعل لكم كل شيء .. فهو يلهمكم ويعلمكم وينصركم ويداويكم ويشفيكم ويغنيكم .. وقد جعلتم من انفسكم عالة .. بل انتم قوم مهزومون، ولا نرى غرابة في هذا فنحن نشعر يقينا اننا نحيا بالله واننا نرى به ونسمع به ونتنفس به .. وكان نبينا يقول لربه .. بك احيا وبك اصول وبك اجول ولا فخر لي .. انها حقيقة نؤمن بها. فلا علم لنا الا من مدده وهو الذي علمكم فاطغاكم علمكم وأنساكم ذكره. وما النصر والهزيمة الا تداول النهار والليل .. والايام دول .. وما من جبار لم تنتكس رايته. وكم من منتصر في الظاهر وهو مهزوم القلب أمام شهواته وغرائزه .. واقرأوا حكايات مونيكا وكلينتون .. ولماذا استنكرتم أفعال الرجال وهو يطبق افكاركم ويمشي على ناموسكم. أما انها صحوة الفطرة اصابتكم فلم تملكوا الا ان تقبحوا القبيح. ام انها لبسة المكر واساليب التآمر ومكياج الأخلاق تضعونه على وجوهكم في الليل وتغسلونه بالنهار. احترنا فيكم. ويقولون .. نحن لم نقبح فيه الفعل .. بل قبحنا فيه الكذب. - ولما تاب وأناب واستغفر ماذا فعلتم. - انه لم يتب ولا استغفر بل استرسل في الكذب .. انه ممثل عظيم. - وهل مدنيتكم باسرها الا أزياء ومسوح وماكياج واكاذيب واكبرها كذبا تمثال الحرية الواقف على مدخل اميركا .. حرية من وأنتم تستعبدون احرار العالم وتأكلون اموالهم وتنهبون ديارهم وتحتلون ارضهم وهل قامت اميركا الا على انقاض الهنود الحمر الذين أبيدوا عن آخرهم. وقنابلكم على مصنع الشفاء .. التي حرمت الشعب السوداني من الدواء .. أي حرية صنعت. ويستمر الكلام الى الابد .. ويستمر الجدل في كل بيت .. وتستمر مكابرة المكابرين. وإنما أراد الله ان يمتحن الكل وان يختبر القلوب والنفوس حتى نخاع العظام وهو وحده الذي يعطي الحرية للجميع ليفعل كل امرىء ما يحلو له حتى لا يعود لاحد منهم عذر وحتى لا تبقى له ذريعة ولا تعود له حجة .. ثم يهدم ربنا الدنيا ويأتي بعاليها سافلها.. ثم يأتي بالكل أمامه فردا فردا.. ثم يبدأ الكلام المفيد.. وساعتها .. حينما تتعرى النفوس عن احقادها .. لا يعود هناك مخرج فريق في الجنة وفريق في السعير. ولقد كانوا جحيم هذه الدنيا وسعيرها بالفعل حتى وهم فيها.. وكانت النار تنقدح في نظراتهم واللهيب يشتعل في احقادهم. ولقد صدق الشيخ الاكبر ابن عربي حينما تصور ذلك الحوار الخيالي في قاع الجحيم بين هؤلاء الشياطين وبين ربهم .. وهم في ثورتهم يجأرون .. كيف تحكم علينا بهذا يارب. فيقول لهم ربهم.. ما حكمنا عليكم ولكن هكذا كنتم.. فهم أهل الجحيم منذ البداية وهم أهل النار الذين هم أهلها منذ ان وجدوا .. ولكن الهيكل الترابي والبدن الطيني كان يخفي حقائقهم.. وقد تنكروا في هذه الازياء واستتروا في هذه المناصب وتخفوا في هذه الشخوص .. حتى داهمهم الموت فخلع عنهم هذا البهرج واسقط عنهم هذا الثوب الكاذب الزائف. فمتى نسقط عن انفسنا هذا الزيف بايدينا قبل ان يفاجئنا الموت فيعرينا هذه التعرية المخجلة. متى نعود الى مصريتنا والى عروبتنا والى اسلامنا والى لغتنا والى اصلنا متى نلتقط قارب العبور في محيط العولمة الخادع ونكتشف طريقنا الى نفوسنا والى حقائقنا والى تميزنا وانفرادنا وخصوصيتنا. ان العودة الى النفس هي بداية النجاة. ومعرفة النفس هي ام المعارف وبداية الطريق لمعرفة الله. والبنت السوبر لن تصلح لتعمر بيتك.. انها قد تصلح كقطعة ديكور .. أو كورق ملون للحائط .. أو كدمية من السوليفان .. أو فيلم لفرجة ليلة.. ولكنها لن تصلح لرحلة عمر .. لانها فقدت نفسها .. فقدت خصوصيتها. وكل نسخة من نفوسنا خلقها الله كبصمة الاصبع خاصة جدا وشديدة الخصوصية وغير قابلة للتكرار وغير قابلة للعولمة .. فهي ذات ليس لها مثيل في سرها وخصوصيتها .. وهي تلمع وتتألق كالجوهرة كلما حافظت على هذه الخصوصية ولم تذب ولم تتعولم ولم تصبح مشاعا.. والنفوس العظيمة هي التي استعصت على الذوبان وحافظت على البصمة الإلهية الخاصة فيها
د. مصطفي محمود كاتب ومفكر مصري
تحياتي البندري

السفوح
02-19-2003, 07:33 AM
يا بتاع السوبر.....

يعطيك العافيه اختي البندري

لا احد ينكر ما ذكرتي ولكن اقتبس هذه الجمله واقول.....

( فمتى نسقط عن انفسنا هذا الزيف بايدينا قبل ان يفاجئنا الموت فيعرينا هذه التعرية المخجلة)