حبيب ال طلحة
03-09-2006, 01:16 PM
خرجت في نفر من هذيل من أهل البصرة ، نريد بادية في أمر طرقهم ، وكان مسيرنا ثلاثاً ، فنزلنا في الليلة الأولى على حي من بني مازن ، فقصدنا بيتاً رحباً فإذا ببابه رجلٌ وامرأةٌ ، وهما صاحبا البيت فسلمنا فردت المرأة السلام ، وحيت وأظهرت بشراً وبشاشة ، وأعرض الرجل وأظهر تبرماً وتضجراً .
فقالت لنا المرأة : انزلوا بالرحب والسعة ، فقال الرجل : ماعندنا موضع لنزولكم ، فقالت المرأة : سبحان الله ! تقول هذا لضيفان قد حلوا بنا ، ووجب حقهم علينا ! انزلوا بارك الله فيكم ؛ فظهر منا ونفور لما سمعنا من بعلها ، فقالت : لا يحشمنَّكم ماسمعتم منه ، فإن له فيما أبداه من ذلك عذراً .
وأمرت أتباعها فأحدقوا بنا وأنزلونا ، وانطلق بعلها كالحاً وجهه كالمغضب ؛ فكثر منه تعجبنا ، إذ لا نعرف ذلك من أخلاق العرب ! ..
وبتنا ليلتنا خير مبيت ، ماتركت المرأة كرامة إلا كرمتنا بها .
وأصبحنا فأخذنا الطريق حتى أمسينا في حيّ آخر ، فقصدنا بياتاً ضخماً ، فإذا ببابه رجل وامرأة ؛ وهما صاحبا البيت ، فسلمنا فردّ الرحل السلام ، وحيَّا وأظهر بشاشة وبشراً . وأعرضت المرأة ، وأظهرت تبرماً بنا وكراهة لمكاننا .
فقال لنا الرجل : انزلوا بالرحب والسعة . فقالت المرأة : وكيف تنزلهم وماعندنا مايصلحهم ؟ فقال الرجل : سبحان الله ! تقولين هذا لضيفان قد حلوا بنا ؛ ووجب حقهم علينا ! انزلوا بارك الله فيكم ؛ فإنّ عندنا الذي يصلحكم ! ..
فظهر منا انقباض شديد لما سمعنا من زوجته ، فقال : لا يحشمنَّكم ماسمعتم من هذه المرأة ، فإن لها فيما أبدته من ذلك عذراً . وأمر أتباعه فأحدقوا بنا وأنزلونا ، ودخلت المرأة البيت مغضبة ، فأطلنا المناجاة فيما بيننا ، نعجب من الأول وزوجته ، ومن هذا وزوجته ونقول : ما في جميع العرب كذلك البيت ، ولا كذلك البيت ! ولو لم نُفد في وجهنا هذا إلا ما شاهدنا من هذا الأمر لكان ذلك فائدة تؤثر وتذكر . وصاحب البيت يتأملنا ويُصغي إلينا .
ثم أقبل علينا ، فقال : من أين خرجتم ؟ قلنا من البصرة . قال : ومتى فارقتموها ؟ قلنا : غداة أمس . قال : فيمن بتم البارحة ؟ قلنا : ببني فلان . فقال : وفي منزل من ؟ فقلنا : في منزل رجل يقال له فلان . قال : فإني رأيتكم تتحدثون بينكم حديثاً تكثرون منه التعجب ، فماذاك ؟
فقلنا : إذن والله تخبرك ، إنه من الأمر كذا وكان كذا ، فقال : قد ظننت ذاك ، أفلا أخبركم بما هو أعجب مما تعجبون منه ؟ قلنا : بلى ! قال : اعلموا - حياكم الله - أن تلك المرأة التي بتم ببيتها أختي لأبي وأمي ، وأن ذلك الرجل أخو زوجتي هذه لأبيها وأمها ، والذي رأيتم من جماعتنا خُلُقٌ جُبلنا عليه ، لا تكلف فيه ! ..
فقلنا : الحمد لله الذي جبلك على أخلاق الكرماء من الرجال ...
فقالت لنا المرأة : انزلوا بالرحب والسعة ، فقال الرجل : ماعندنا موضع لنزولكم ، فقالت المرأة : سبحان الله ! تقول هذا لضيفان قد حلوا بنا ، ووجب حقهم علينا ! انزلوا بارك الله فيكم ؛ فظهر منا ونفور لما سمعنا من بعلها ، فقالت : لا يحشمنَّكم ماسمعتم منه ، فإن له فيما أبداه من ذلك عذراً .
وأمرت أتباعها فأحدقوا بنا وأنزلونا ، وانطلق بعلها كالحاً وجهه كالمغضب ؛ فكثر منه تعجبنا ، إذ لا نعرف ذلك من أخلاق العرب ! ..
وبتنا ليلتنا خير مبيت ، ماتركت المرأة كرامة إلا كرمتنا بها .
وأصبحنا فأخذنا الطريق حتى أمسينا في حيّ آخر ، فقصدنا بياتاً ضخماً ، فإذا ببابه رجل وامرأة ؛ وهما صاحبا البيت ، فسلمنا فردّ الرحل السلام ، وحيَّا وأظهر بشاشة وبشراً . وأعرضت المرأة ، وأظهرت تبرماً بنا وكراهة لمكاننا .
فقال لنا الرجل : انزلوا بالرحب والسعة . فقالت المرأة : وكيف تنزلهم وماعندنا مايصلحهم ؟ فقال الرجل : سبحان الله ! تقولين هذا لضيفان قد حلوا بنا ؛ ووجب حقهم علينا ! انزلوا بارك الله فيكم ؛ فإنّ عندنا الذي يصلحكم ! ..
فظهر منا انقباض شديد لما سمعنا من زوجته ، فقال : لا يحشمنَّكم ماسمعتم من هذه المرأة ، فإن لها فيما أبدته من ذلك عذراً . وأمر أتباعه فأحدقوا بنا وأنزلونا ، ودخلت المرأة البيت مغضبة ، فأطلنا المناجاة فيما بيننا ، نعجب من الأول وزوجته ، ومن هذا وزوجته ونقول : ما في جميع العرب كذلك البيت ، ولا كذلك البيت ! ولو لم نُفد في وجهنا هذا إلا ما شاهدنا من هذا الأمر لكان ذلك فائدة تؤثر وتذكر . وصاحب البيت يتأملنا ويُصغي إلينا .
ثم أقبل علينا ، فقال : من أين خرجتم ؟ قلنا من البصرة . قال : ومتى فارقتموها ؟ قلنا : غداة أمس . قال : فيمن بتم البارحة ؟ قلنا : ببني فلان . فقال : وفي منزل من ؟ فقلنا : في منزل رجل يقال له فلان . قال : فإني رأيتكم تتحدثون بينكم حديثاً تكثرون منه التعجب ، فماذاك ؟
فقلنا : إذن والله تخبرك ، إنه من الأمر كذا وكان كذا ، فقال : قد ظننت ذاك ، أفلا أخبركم بما هو أعجب مما تعجبون منه ؟ قلنا : بلى ! قال : اعلموا - حياكم الله - أن تلك المرأة التي بتم ببيتها أختي لأبي وأمي ، وأن ذلك الرجل أخو زوجتي هذه لأبيها وأمها ، والذي رأيتم من جماعتنا خُلُقٌ جُبلنا عليه ، لا تكلف فيه ! ..
فقلنا : الحمد لله الذي جبلك على أخلاق الكرماء من الرجال ...