تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ( حـين تعرف الحكمـة ... ترتاح وتطمـئن )


سعد بن حسين
10-17-2004, 07:31 PM
( حين تعرف الحكمـة ... ترتاح وتطمئن )

-
تسللت الحمى إلى عروقِ هذا الجسدِ الخائرِ ، فوق الفرشِ المتواضعِ ..
ارتجفَ البدنُ كلهُ ، هيبةً لهذا الزائرِ الثقيل ،
الذي لا يدرى هل ستطولُ إقامتهُ أم أنها ستكونُ عابرةً قصيرة ..
ضحكتْ الحمى وهي تسري سريان النارِ في هذه الأوصال التي تئنُ وتتوجعُ ..
ثم همستْ في رثاءٍ وهي تواصلُ زحفها الكبير .. :
أيها الجسدُ الخامل.. !
استعدْ منذ الآن للزلزلة التي ستصيبكَ ،
وتماسك إنْ كنتَ تستطيعُ ، لمطارقَ العذاب أكيلها عليك على مَـر الأنفاس ..!!

تمللْ الجسدُ المريض ، وهو يئنُ أنينهُ المتواصل ،
ثم قال _ وهو يجهد أن يرفعَ جفنيهِ المرتعشين بصعوبةٍ إلى السماءِ ،
وفي نفس اللحظة كان يجهدُ أن يشير بسبابته المرتجفة إشارة التوحيد _ قال :

إلهي … مولاي .. أنت سيدي المتفضلُ عليّ .. وأنا عبدك الذي يحبك ..
إنْ لم يكنْ عليّ غضبٌ فلا أبالي ، بما يصيبني ..
ولكن عافيتك ورحمتك أوسعُ لي ..
يا رب .. إنّ قلبي على أتم اليقين ، أنّ رحمتكَ بي أكبرُ وأعظمُ من رحمتي لنفسي ،
وأنتَ أحنى عليّ ، من حنو أمي وأبي عليّ ..
وهذا الجسدُ المتدثرُ لن يتسخطَ أقداركَ ..
وكيف يفعلْ ؟ وأنى له أن يفعلَ ؟!
وأنت الحبيب المحسن الكريم المتفضل الرحيم الودود ..
جل شأنك وتباركَ اسمك ..؟
أنتَ الذي طالما رأيتني منغمساً في المعصية ، فسترت ،
وحلمت ، وصبرت ، وتجاوزت .. وأحسنت ولطفت ، وأكرمت ..
فلك الحمدُ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما تحب وترضى ..
لك الحمدُ في الأولى ، ولك الحمدُ في الأخرى ..

انكمشتْ الحمى التي كانت تغلي ، انكماشا شديداً أمام حرارة الإيمان هذه ..
حتى كادت أن تصبح برداً وسلاماً على صاحبها ….!!!
الجسدُ المريضُ لا يزال يتوهج بحرارته ..
غير أن الروحَ تزغردُ بما نفحها الله سبحانه من لطائف معرفته ، والرضا بأقداره ..
فلما تلاقتْ روعة المعرفة ، بوهجِ حرارة الحمى ، أحالتْ لذعها لذةً ..!!
( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاءُ ، واللهُ ذو الفضل العظيم )

في ضوء هذه المعاني الرائعة ..
رويت قصص عجيبة في هذا البابِ ، حكاها أصحابُ السير ،
وهم يدونون تاريخَ عظماء هذه الأمة ..
وإليك هاتان الوردتان :
مرضتْ إحدى الصالحات ، فأقبلتْ عليها صويحباتٌ لها يعدنها ليواسينها ،
استقبلتهن باسمة ، وهي تقول :
لولا هذه المصائبُ ..لأتينا يوم القيامة مفاليس …..!!

وتعثر شيخ جليل كان يمشي مع بعض إخوانه وتلامذته ،
فجرحتْ إصبعه جرحا بليغاً ، فأمسك بها ، وهو يتبسم …!!
فسئل عن سر تبسمه .. فقال : تذكرتُ أجرها عند الله فأعجبني …!!!

وفي الحديث الشريف يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
" ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسهِ وولدهِ ومالهِ ،
حتى يلقى اللهَ وما عليهِ خطيئة .."
فها أنت ترى البلاء هاهنا بمثابة النهر ،
يغتسلُ فيه الإنسانُ جيداً حتى لا يدعْ في قلبه شيئا من غبار وأكدار وقذر ..!!
ولا يكون ذلك إلا للمؤمن ..

ومع هذا كله يبقى على المسلم أن يلهجَ دائما
بسؤال الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة ..
ولكنه يوطن نفسه إذا نزل البلاء أن يصبر ويصابر ويتقي الله ..
- -
والله والي التوفيق ..

المسكت
10-17-2004, 08:05 PM
وفقك الله اخوي سعد

لما فيه صلاح الجميع

والفائده للكل
سدد الله على الخير خُطاك

ويجزاك الف خير

سعيد بن عبدالله
10-18-2004, 02:28 AM
حفظك الله اخي سعد
وبارك فيك
ونفع بك
غفر لنا ولك
وجزاك الله خيرا

سعد بن حسين
10-18-2004, 02:37 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحـبيب الفاضل // المسكت......... مـلأ الله قلبك نورا على نـور

شكرا جـزيلا لمرورك من هـنا ...
ولقد سـرني أن يكون هذا الموضوع نال استحــسانك ..
متابعـتك تسعـدني ..
وتعقيـباتك تدفعـني إلى مـزيد من العطـاء بعـون الله
وتراني مشتاق لرئيتك البهية وكل عام وأنت بخير ياصديقي..
لك مني خالص الدعاء

سعد بن حسين
10-18-2004, 02:39 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحـبيب الفاضل // سعيد بن عبدالله......... مـلأ الله قلبك نورا على نـور

شكرا جـزيلا لمرورك من هـنا ... وأشكرك على دعواتك المباركة .
ولقد سـرني أن يكون هذا الموضوع نال استحــسانك ..
متابعـتك تسعـدني ..
وتعقيـباتك تدفعـني إلى مـزيد من العطـاء بعـون الله
لك مني خالص الدعاء

عائض شداد
10-18-2004, 02:45 AM
أحسنت وأجملت أخ سعد ...........
ونسأل الله أن يقسم لنا من اليقين ما يهون
به مصائب الدنيا علينا .................
جزالك الله خيرا ................

سعد بن حسين
10-18-2004, 03:00 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الحبيب / فتى السهوة
..... رحم الله والـديك ورفع الله قـدرك

كلمـاتك المعـطرة الطيبة هـذه ، شهـادة نعـتز بها
فبـارك الله فـيك حـيثما كـنت ..
تحيتي لك وخالص دعواتي