المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( التـواضـــع خُـلُـق الأقـــــويـــاء ...للنقاش؟؟ )


سعد بن حسين
09-12-2004, 11:02 AM
( التـواضـــع خُـلُـق الأقـــــويـــاء ...للنقاش؟؟ )
-
حـين تتحـلى بخلــق التواضـع ، تكـسب كـثيراً ، في دنياك قـبل أخـراك ،
بل يبقى لك هذا الكـسب مستمراً حتى بعد موتك ..
تظل في حـياتك نموذجاً محبباً ، تشتاقه النـفوس ، وتحـبه القلـوب ،
وتبقـى بعد مـوتك ، ذكـرى طيـبة تتردد على الألـسنة ، وتلـهج من أجـلك القلـوب بالدعـاء ..
ولكـن حـين تصـرّ على أن تكـون متكـبراً ، فـإنك لن تضـرّ إلاّ نفـسك ..
نعـم ، قد يخـيل إليك الشيـطان أنك غـدوت ذا شـأن ، وأن حـضورك له مـهابة في القلـوب ، وأن مـنظرك ، غـدا وله سحـره المـدوّي في النفـوس ،
ولكـن ثق تمـاماً : إنما تلك كـلها تلبيـسات إبلـيس ، ليُـزيّن لك طـريق الهلـكة ،
كـما قال تعـالى : ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُـمُ الشَّيْطَـانُ أَعْـمَالَهُمْ )..
ثق أن الوجـوه التي تبتـسم لك _ في حـال تكبـّرك _ تمـقتك في الحـقيقة من كـلية قـلوبها ، وتدعـو عـليك في سرهـا ..
وثـق كـذلك أن المتكـبر في حـقيقته ، إنما هـو ذليل في قـرارة نفـسه ، يشعـر ..!بالنقـص فـيريد أن يداري نقـصه ، بمـظاهر الكـبر ليـس إلاّ...!
أما الإنسـان المـتواضع فـهو عظـيم عـند الله ، وعند المـلائكة ، وعنـد الناس كـذلك .!ثم أن المتـكبر أشـبه شـيء بالـدخان ، يذهـب صـعداً في السمـاء .
ثم يغـيب في الـفضاء ، فـلا تراه العـيون ،بل هـي تتنفـس الصـعداء لغـيابه ..
والمتواضـع أشـبه شـيء بالأرض المبـاركة الطـيبة ، تعطـي الـناس خـيراً كـثيرا . وثمـرات شـتى ، تؤتي أكـلها كـل حـين بإذن ربها ..
فـلا عجـب أن نرى الناس يتعلـقون بها ، ويحـرصون علـيها ، ويقبلـون عليها ، ويقاتلـون من أجلـها ..
المتـكبر في الحـقيقة ، إنسان مـريض نفسـياً ، يتـعالى وهو مـحتقر ، وينتفش وهو ممـقوت ، ويرى نفسـه شـيئاً وهو لا شـيء ،
قد أصـابته آفـة الغرور _ والغـرور ليس سـوى فقاعـة ، قـد تبدو كـبيرة جـداً لكـنها في حـقيقة أمـرها ، هـواء وخـواء ، وأدنى لمـسة لها ، تجعـلها تتفـرقع نــثاراً ..
أما الإنسـان الذي يكـون التواضـع صـفته اللازمـة فيه ، فإنه مخـلوق كـريم على الله ، فاستحـق منه كل تكـريم يلـيق به ،
فقذف محـبته في قلـوب الناس شـاءوا أم كـرهوا ،
فـما ازداد الإنسـان تواضـعاً ، إلاّ زاده الله رفـعة ، ذلك أن خلـق التواضـع درجة عالـية في السـمو الإنسـاني ، خـليقة أن تجـعل هذا الإنسـان متشبـهاً بالمـلائكة في صـفاتها ..
وهل يكـون عـالم المـلائكة إلاّ النـور الخـالص ؟! وهل يكـره النور إلاّ الخـفافيش ..؟!
إذا مـا شـئتَ أن تزدادَ قـدراً ورفعـةً**** فـلِنْ وتواضـعْ واتركِ الكـبر والعـجبا
اعـلم يا عـزيزي ..
أنك حـين تنتفـش بجسـمك كـالديك ، فـوق الآخـرين ، فلـن تكسـب ودّهم واحـترامهم لك ، بل عـلى العكـس من ذلك تمـاماً ،
فالقـلوب _ كل القلـوب _ تحـب من يحـسن إليها ، ويتلـطف معـها ، ويصبر علـيها ، ويتواضـع لها ،
لـذا قيل : الإنسـان عبد الإحـسان .
وقال بعـضهم : عجـبت لمـن يشتري العـبيد بمـاله ، كيـف لا يشـتري الأحـرار بإحـسانه ؟!
وقـالت السيـدة عـائشة رضـي الله عنـها : جُبـلت القـلوب على حـبّ من أحـسن إليها ..
وفـي القرآن الكـريم يأتي تقرير لـهذه القـاعدة :
( هَـلْ جَـزَاءُ الْأِحْـسَانِ إِلَّا الْأِحْـسَانُ ) ..؟؟
والإحـسان هـاهنا ليس هـو الإحسان بالمـال فحـسب ، فتلك صـورة من صـور الإحسـان الكـثيرة ،
ومـاذا يجـدي عند الآخـرين أن تحسـن إليهم بمـالك ، في اللـحظة التي تدوس رؤوسـهم بنعـالك ، وتسـتذل أرواحـهم بتكـبّرك وامـتنانك ؟!
خـير مـنك _ في قـلوبهم _ إنسـان لا يعـطيهم شـيئاً من مال ،
ولكنـه يعطـيهم الكـثير من الحـبّ ، والـحنان ، والبشـاشة ، والمـواساة لـهم ، ومشـاركتهم أفـراحهم وأتراحـهم ،
ونحـو هذه المـعاني الرائعـة التي لا تزال القلـوب جائعـة لها ، متعـطشة إليـها ، محـبّة لكـل من يتحلـّى بها ..
وأخـيراً تذكّر كلـما حـاول الشيـطان أن يزيّن لك أن تتكـبر على الآخـرين :
تذكّـر أنك مخـلوق من نطـفة مـهينة ، لـو رأيتها ، لتـقززت منـها ،
وأنـك ذات يوم كـنت محـمولاً في بطـن ضيق ، بين رفـث ودم ، تتقـلب في ظلـمات يركـب بعضـها بعضاً ،
وتذكـر وأنت تنـتفش بقـوتك _مثـلاً_ أن الـحمار أقـوى مـنك ، وأنك ضعـيف ضـائع ، إذا قـرنت قـوتك إلـى قـوة الفيـل أو قـوة وحـيد القـرن ؟؟!
وتذكّـر وأنت تتشامـخ بجاهـك أو وظيـفتك أنك قـد لا تُـمسي إلاّ فـي طـيات القـبر تحـت التـراب ، وسـاعتها تود ، وتود لـو أنك عـدت إلى الـدنيا ، وتأدبت مـع أهلـها !؟
وتذكـري أيتها الجـميلة أن هـذا الجـمال سـيذوى ويذبل ، وربـما عـصف به مـرض مفاجـئ
فـإذا أنت غـير أنت .. امـرأة مشـوهة دمـيمة ، تعـض بنان الـندم لأنها تكـبرت بجمـالها ذات يوم ، فـأذاقها الله لباس الخـوف ..ولنتذكـّر جـميعا أن الله عـز وجـل لا يحـب المتكبـرين ، بل هـو يلـعنهم ،
ولنتذكـر أن الجـنة لا يدخلـها من كـان في قلبه مـثقال ذرة من كـبر ،
ولنتذكّـر أن المتكـبرين يوم القيامـة يُحـشرون في صـورة الذّر ، يدوسـهم الناس بأقـدامـهم ..
فـيا لـهوانهم يومـها ؟؟! كـالذر يداسـون بالأقـدام !!
فـمن أجـل دنياك أولاً .. ومن أجـل آخـرتك ثانياً .. لا ينبغـي لك أن تتفـرعن متكـبراً على سـواك ..
قلـيـل من التفكـير والتروي والتأمـل سيـدفعك لا محـالة إلى :
أن تتواضـع وتتطامـن ، وتحـمد الله وتشكـره على نعـمة الإسـلام ، وأعـظم بها من نعـمة ..

تواضـعْ تكنْ كالنـجمِ لاحَ لنـاظـرٍ *** عـلى صفحـاتِ المــاءِ وهو رفــيعُ
ولا تكُ كـالدخــانِ يعلـو بنـفـسهِ *** إلى طــبـقاتِ الجــــوّ وهـو وضـيــعُ


هـذا وبالله التوفـيق ، ومـنه العـون ، وإليـه المـنتهى ..
والحـمد لله رب العـالمـين ..

الحب الحب
09-12-2004, 12:08 PM
أخي العزيز سعد بن حسين

جزاك الله ألف خير على هذا الموضوع الرائع

وتقبل مني هذه الاضافة

التواضع أعظم نعمة أنعم الله بها على العبد ، قال تعالى : { فبما رحمة من الله لنتَ لهم ولو كنتَ فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك } آل عمران / 159 ، وقال تعالى : { وإنك لعلى خلقٍ عظيم } القلم / 4 ، وهو قيامه صلى الله عليه وسلم بعبودية الله المتنوعة ، وبالإحسان الكامل للخلق ، فكان خلُقه صلى الله عليه وسلم التواضع التام الذي روحه الإخلاص لله والحنو على عباد الله ، ضد أوصاف المتكبرين من كل وجه .

وللتواضع أسباب لا يكون المسلم متخلقّاً به إلا بتحصيلها ، وقد بيَّنها الإمام ابن القيم بقوله :

التواضع يتولد من العلم بالله سبحانه ، ومعرفة أسمائه وصفاته ، ونعوت جلاله ، وتعظيمه ، ومحبته وإجلاله ، ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها ، وعيوب عملها وآفاتها ، فيتولد من بين ذلك كله خلق هو " التواضع " ، وهو انكسار القلب لله ، وخفض جناح الذل والرحمة بعباده ، فلا يرى له على أحدٍ فضلاً ، ولا يرى له عند أحدٍ حقّاً ، بل يرى الفضل للناس عليه ، والحقوق لهم قِبَلَه ، وهذا خلُق إنما يعطيه الله عز وجل من يحبُّه ، ويكرمه ، ويقربه .

الحب الحب يتمنى لك التوفيق

الصقر20021
09-12-2004, 04:59 PM
أخي سعد بن حسين ..


أدليت وأفضت .. وصفة التواضع هنيئاَ لمن كانت له قريناَ ..

ومن تواضع لله رفعه ..

كما أشكر الأخ الحب الحب .. على تعليقه ..

وأسأل الله أن ينفع بكما ..


تحياتي العطرة ..

أبوفارس
09-13-2004, 01:51 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ العزيز سعد بن حسين بارك الله فيه
كتبت فأجدت - كعادتك - وفقك الله فجزاك الله عنا كل خير

أخي لم تترك مجالاً للنقاش ولكن يكفينا تسجيل الحضور إعجاباً بما خطته أناملك

التواضع صفة الأنبياء والمرسلين ، قال الله عز وجل لنبيه

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } (159) سورة آل عمران

وقال تعالى
{تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } (83) سورة القصص

[line]

والكِبر والإعجاب صفة إبليس عليه لعنة الله

قال تعالى
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } (34) سورة البقرة

وقال تعالى
{وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (36) سورة الأعراف



فالمتواضع تراه دائماً هينا لينا هـاشاً بـاشاً لا تفارق محياة البسمة قريب إلى النفوس يحبه الجميع ويأنس به زملاؤه في العمل واهله في البيت وجيرانه في الشارع والمسجد ،،، ما أجمل التواضع وقد قال فيه نبينا صلى الله عليه وسلم " من تواضع لله رفعه " ما أجملها من رفعه لأن الذي يرفع هو الله عز وجل في علاه .
جعلني الله وإياكم ممن يرفعهم الله في الدنيا قبل الآخره

وعكس ذلك والعياذ بالله المتكبرين ، يبغضهم الله عز وجل ( وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ) فكيف بنا نحن بني البشر ،،،،، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني في واحد منهما فقد عذبته« رواه مسلم. فما أبغضهم على النفس وما أثقلهم تراهم ممقوتين أينما ذهبوا، لا يفارقهم العبوس فلا تعرف البسمة محياهم ؟ وكيف لها أن تعرف ذلك؟ فهي تكلفهم الكثير وتقلل من هيبتهم أمام الناس ، يزدرون الناس ولا يرونهم شيئاً ولكن سيأتي اليوم الذي سيكونون فيه لا شئ وعند الله يجتمع الخصومُ .


اللهم احسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخره

يقول الشاعر :


أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمُ = فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ

والعياذ بالله من أن نصرف العبوديه لغيره عز وجل ولكن هذا دليل على أن من يبذل الإحسان إلى الله الناس يكون قريباً منهم و يصل إلى قلوبهم بل يأسرها ...

سعد بن حسين
09-13-2004, 06:34 PM
أخي الحبيب الفاضل / الحب الحب .... حفـظك الله ورعـاك وأعـانك
بعد أن قـرأت تعـقيبك ، لا يسـعني إلا أن أقـول :

مـا شاء الله تبـارك الله .. مـا شـاء اله تبارك الله . لا قـوة إلا بالله
تعـقيب رائـع ..

وحـقيقة أنا أعـتبره هو الأصـل وموضـوع تفـريع عـنه ..

جـزاك الله كـل خير .. وكـثر الله من أمـثالك ..

وأرجـو أن تتحـفنا بمثل هذه المـعاني الرقـيقة التي ترقـق القـلب ..

.. والأهـم من هـذا وذاك ..

أن تتفـضل عليّ بدعـاء خـالص لعـل الله أن ينفـعني به ..
..
اعـذرني على عـجزي وتقصـيري ..

سلـم لنا يراعـك وجـزاك الله خير الجـزاء وإضافتك الرائعـة التي انـسابت جمـالا في موضـوعي ..


أقـدر لك حـضورك الـذي تكـرر فكـرر فرحـتي ..

لك احـترامي وتقـديري دائمـا
والسلام ختام

سعد بن حسين
09-13-2004, 06:37 PM
أخي الحـبيب الفاضل // الصقر.......... ملأ الله قلبك نورا على نور

شكـرا جــزيلا لمرورك مـن هنا ...
ولقد ســرني أن يكـون هذا المـوضوع نال استحـسانك ..
متابعـتك تسعـدني ..
وتعقـيـباتك تدفعـني إلى مــزيد من العطــاء بعـون الله

سعد بن حسين
09-13-2004, 06:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب الفاضل الأستاذ / ابو فارس
أسـعد الله دنياك بالإيمان وعمّر آخـرتك بالإحـسان ..

كـنت أنتظر هذا الإسـم ليطل علـى موضـوعـي ويمر على حروفي بقلمه الناصـح الموجه ..

كالعاده.. متألق دائماً.
جزاك الله خير على تعقيبك الطيب .
أخي الحبيب :
لاأمـلك إلا أن أدعـو الله لك بظـهر الـغيب :
أن يحـفظك .. ويـبارك فيك .. ويرعـاك .. ويحمـيك من كـل سوء ..
كمـا أسأله باسمـائه الحسنى أن يملأ قـلبك بشـوارق الأنوار
وأن يجـعلك مبـاركا حـيثما كـنت ..
لتغـدو شـامة بين الـناس
كـما أسـأله باسمه الأعـظم أن يجـعل قلـمك نـورا
ويرزقك قلب خاشع وعين دامعه .