الهاشم
08-14-2004, 03:16 AM
( لا ) .. مطلوبه ..!
الزمان : شباط 1982.
المكان : مدينة على خارطة الجسد الجريح .
ضجيج الأليات يملأ سمع المكان .. الموت ينتشر في الأرجاء . الدمار نبت في كل زاوية .. همهمة الجنود ، اختلطت بالغبار الناتج من أنقاض المنازل ، التي دكها القصف ..
كل اللغات محاصره .. إلا لغة الموت ، الموت يتكلم ، ويحيل كلامه إلى تواقيع على جماجم الأطفال ..
الدبابات اتخذت لها ميادين من بطون الحوامل .. الأجنة ( مذنبة ) فبقرت البطون لإيقاع ( العقاب ) اللازم ..!
الدم يتنفس ..
الدم يسيل .. الدم يجري .. يتجمد من الهول .. يموت ..
وأصوات الأوامر :
ـ ابحثوا عن "لا" في كل رأس ..
ـ كل الـ ( لاءات ) مطلوبة ياسيدي ؟!
ـ هاتوا كل "لا" .. كل شيء ماعندا نعم ..!
انهالت الأعقاب على الرؤوس ، دون النظر إلى خانة الجنس أو العمر .
ـ ياسيدي لم نجد أي "لا" .. لعلها انسحبت قبل وصولنا !!
ـ مستحيل أن تنسحب .. المكان محاصر تماما بجيش الشعب ، وبالأجهزة الأمنية الوطنية ..!
ثم .."الله أكبر .. اشهد أن لا إله إلا الله " ..
صاح :
ـ هاتوا تلك الـ "لا" إليّ بها !
ـ ولكن يا سيدي .. إنها ليست ككل الـ "لاءات" التي سحقت !
أيها الحقير .. "لا" .. الزعيم القائد فقط .. هي التي ليست ككل الـ "لاءات"
لا أحد غيره .. لا أحد .
ـ ياسيدي ها أنت تقول "لا " أحد ..فهل هذه أيضا للرئيس ؟!
ـ نعم إن (الأحد) هو الرئيس القائد .. وهذه الـ "لا" تخصه هو ..!
مره أخرى :
"لا إله إلا الله "
ـ ماذا تنتظرون يا كلاب ؟!
انهالت الحمم .. وتدفق الموت .. وخيم الدمار .. كل شيء صار بلا حراك .. إلا الدخان الذي بدأ ينسحب بذهول .. ورائحة الدم التي تهرول في أنحاء المكان كالمجنونة ..
المئذنة سويت بالأرض ..!
ـ الصوت اختفى ياسيدي .. !
ـ احضروا لي تلك الـ "لا".. أفي ظل عدالة الزعيم القائد هناك مكان لـ "لا" ؟!
"نسي الطين ساعة أنه طين فتاه وعربد"
الجرح يكبر .. صار طوله يوما .. يومين .. أسبوعين .. شهرا ..عاما ..
تحامل الجرح على نفسه .. نهض .. نادى مجموعة من الأشباح ..
لم يكن هناك أحد .. ( كان ) هناك أحد ..
تمدد الجرح .. تمدد واستحال لعنة .. غمس إبهامه في بحيرة كبيرة من الدم .. تمتد من الكرامة إلى حقوق الأنسان ..
ركعت الأشباح ..
الإبهام الكبيرة .. طبعت على جبين كل (شبح ) : "عار إلى الأبد "..
البصمة ثقيلة ..
لكن الأشباح استمرت ترقص على الجراح ..
حمل الجرح نفسه .. زحف .. ألقى بنفسه على خشبة التاريخ ..
أغلقت الأشباح الستارة .. والجرح يرفض الحراك ..!
ازيحت الستاره .. ظل الجرح واقفا ..
تراكضت الأشباح ..
علت ..
هبطت ..
تباكت .. صرخت .. أعولت ..
وبقي الجرح واقفا يشير إلى كل الأشباح :
هذا التاريخ لا يغفر .. ولا ينسى ..
الرياض
1402هـ ـ 1983م
د محمد الحضيف
الزمان : شباط 1982.
المكان : مدينة على خارطة الجسد الجريح .
ضجيج الأليات يملأ سمع المكان .. الموت ينتشر في الأرجاء . الدمار نبت في كل زاوية .. همهمة الجنود ، اختلطت بالغبار الناتج من أنقاض المنازل ، التي دكها القصف ..
كل اللغات محاصره .. إلا لغة الموت ، الموت يتكلم ، ويحيل كلامه إلى تواقيع على جماجم الأطفال ..
الدبابات اتخذت لها ميادين من بطون الحوامل .. الأجنة ( مذنبة ) فبقرت البطون لإيقاع ( العقاب ) اللازم ..!
الدم يتنفس ..
الدم يسيل .. الدم يجري .. يتجمد من الهول .. يموت ..
وأصوات الأوامر :
ـ ابحثوا عن "لا" في كل رأس ..
ـ كل الـ ( لاءات ) مطلوبة ياسيدي ؟!
ـ هاتوا كل "لا" .. كل شيء ماعندا نعم ..!
انهالت الأعقاب على الرؤوس ، دون النظر إلى خانة الجنس أو العمر .
ـ ياسيدي لم نجد أي "لا" .. لعلها انسحبت قبل وصولنا !!
ـ مستحيل أن تنسحب .. المكان محاصر تماما بجيش الشعب ، وبالأجهزة الأمنية الوطنية ..!
ثم .."الله أكبر .. اشهد أن لا إله إلا الله " ..
صاح :
ـ هاتوا تلك الـ "لا" إليّ بها !
ـ ولكن يا سيدي .. إنها ليست ككل الـ "لاءات" التي سحقت !
أيها الحقير .. "لا" .. الزعيم القائد فقط .. هي التي ليست ككل الـ "لاءات"
لا أحد غيره .. لا أحد .
ـ ياسيدي ها أنت تقول "لا " أحد ..فهل هذه أيضا للرئيس ؟!
ـ نعم إن (الأحد) هو الرئيس القائد .. وهذه الـ "لا" تخصه هو ..!
مره أخرى :
"لا إله إلا الله "
ـ ماذا تنتظرون يا كلاب ؟!
انهالت الحمم .. وتدفق الموت .. وخيم الدمار .. كل شيء صار بلا حراك .. إلا الدخان الذي بدأ ينسحب بذهول .. ورائحة الدم التي تهرول في أنحاء المكان كالمجنونة ..
المئذنة سويت بالأرض ..!
ـ الصوت اختفى ياسيدي .. !
ـ احضروا لي تلك الـ "لا".. أفي ظل عدالة الزعيم القائد هناك مكان لـ "لا" ؟!
"نسي الطين ساعة أنه طين فتاه وعربد"
الجرح يكبر .. صار طوله يوما .. يومين .. أسبوعين .. شهرا ..عاما ..
تحامل الجرح على نفسه .. نهض .. نادى مجموعة من الأشباح ..
لم يكن هناك أحد .. ( كان ) هناك أحد ..
تمدد الجرح .. تمدد واستحال لعنة .. غمس إبهامه في بحيرة كبيرة من الدم .. تمتد من الكرامة إلى حقوق الأنسان ..
ركعت الأشباح ..
الإبهام الكبيرة .. طبعت على جبين كل (شبح ) : "عار إلى الأبد "..
البصمة ثقيلة ..
لكن الأشباح استمرت ترقص على الجراح ..
حمل الجرح نفسه .. زحف .. ألقى بنفسه على خشبة التاريخ ..
أغلقت الأشباح الستارة .. والجرح يرفض الحراك ..!
ازيحت الستاره .. ظل الجرح واقفا ..
تراكضت الأشباح ..
علت ..
هبطت ..
تباكت .. صرخت .. أعولت ..
وبقي الجرح واقفا يشير إلى كل الأشباح :
هذا التاريخ لا يغفر .. ولا ينسى ..
الرياض
1402هـ ـ 1983م
د محمد الحضيف