المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لمحات من التوجيه اللغوي للقراءات السبع في سورة المنافقين


طالبة العلم
05-03-2018, 12:20 PM
لمحات من التوجيه اللغوي للقراءات السبع

في سورة المنافقين



هذه لمحاتٌ سريعة لتوجيه القراءات السبع الواردة في سورة المنافقين، مع محاولة ربطها بالمستوى اللغويِّ الذي تنتمي إليه:
1- قال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [المنافقون: 4].
قرأ قُنبل عن ابن كثير وأبو عمرو والكسائي: ﴿ خُشْبٌ ﴾ بسكون الشين، وقرأ الباقون ﴿ خُشُبٌ ﴾: بضمِّ الشين [1].


التوجيه:
من قرأ: ﴿ خُشُبٌ ﴾، فعلى أنه الأصل في الجمع، فهو جمع (خَشَبة)؛ مثل: أَسَد وأُسُد، والضمُّ لغة أهل الحجاز.
ومن قرأ: ﴿ خُشْبٌ ﴾، فقد استثقل توالي ضمَّتين فسكَّن تخفيفًا؛ فهما لغتان بمعنًى واحدٍ.
يدخل هذا الاختلاف تحت (المستوى الصوتي)، وعلى وجه التحديد (حذف الصائت).

2- قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المنافقون: 5].
قرأ نافع: ﴿ لَوَوْا ﴾ بتخفيف الواو الأولى، وقرأ الباقون:﴿ لَوَّوْا ﴾ بتشديد الواو[2].


التوجيه:
قرأ نافع: ﴿ لَوَوْا ﴾ بتخفيف الواو، فيصلح للتقليل والتكثير، ويُقوِّي هذه القراءةَ قولُه تعالى في آل عمران: ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ ﴾[آل عمران: 153]، وفي سورة النساء: ﴿ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ ﴾ [النساء: 46]، فـ(اللَّيُّ) مصدر (لوى).


ومن قرأ: ﴿ لَوَّوْا ﴾ بتشديد الواو، على معنى التكثير؛ أي: لووها مرة بعد مرة.
يدخل هذا الاختلاف تحت (المستوى الصوتي)، وعلى وجه التحديد (بين الأفعال المجردة والمزيدة).

3- قال تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10].
قرأ أبو عمرو: ﴿ وأكُونَ ﴾ بالواو بعد الكاف، ونصب النون، وقرأ الباقون:﴿ وَأَكُنْ ﴾ بغير واو، وجزم النون [3].


التوجيه:
من قرأ: ﴿ وأكُونَ ﴾ بالنصب، عطَفَه على لفظ (فأصَّدَّقَ)، فكلاهما منصوب بأن مضمرة، والتقدير: فأن أصدقَ وأن أكونَ.


ومن قرأ: ﴿ وَأَكُنْ ﴾ بالجزم، عطَفَه على موضع (فأصَّدَّقَ) قبل دخول الفاء، فجواب التمنِّي إذا كان بغير فاء ولا واو فهو مجزوم، فالموضع نفسه يُجزم، وذلك مثل قولك: أخِّرني أصدقْ، فلما كان (أصَّدَّق) في موضع جزم، عُطف (أكُنْ) على موضعه.
والاختلاف هنا ينتمي إلى المستوى النحوي: (الاختلاف في علامات الإعراب).

4- قال تعالى: ﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 11].
قرأ أبو بكر عن عاصم: ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ بالياء، وقرأ الباقون:﴿ تَعْمَلُونَ ﴾بالتاء [4].

التوجيه:
من قرأ: ﴿ تَعْمَلُونَ ﴾، فعلى الخطاب لجميع الخلق، فالله عز وجل خبيرٌ بما يعمل الناس جميعًا.
ومن قرأ: ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾، فعلى الغيبة، ويُؤيِّده قوله في الآية نفسِها: ﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا ﴾ ؛ "لأن النفس، وإن كان واحدًا في اللفظ، فالمراد به الكثرة؛ فحمل على المعنى"[5].

[1] ينظر: التيسير في القراءات السبع (171).

[2] يُنظر: التيسير في القراءات السبع (171).

[3] يُنظر: التيسير في القراءات السبع (171).

[4] ينظر: التيسير في القراءات السبع (171).

[5] الحجة للقراء السبعة (6 /294).








الألوكة

عــذبــة الـــروح
05-03-2018, 06:14 PM
جزاكِ الله خيراً

أبو ريان
05-08-2018, 10:22 PM
أحسن الله إليك وكتب أجرك ..
تقديري ..