المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة لغوية مع حديث


طالبة العلم
05-21-2017, 11:29 AM
وقفة لغوية مع حديث



قال أبو عبيد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (زُويَت لي الأرض فأريتُ مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أُمتي ما زويَ لي منها) [1].


قال أبو عبيد: سمعت أبا عبيدة يقول: زُوِيَتْ جُمِعَتْ، ويقال: انْزَوَى القومُ بعضهم إلى بعض: إذا تَدانَوا وتضامُّوا، وانزوت الجلدة من النار، إذا انْقَبَضَتْ واجْتَمَعَتْ، قال أبو عبيد: ومنه الحديث الآخر: (إن المسجد لَيَنْزَوِي من النُخامَة كما تَنْزَوِي الجلدة من النار إذا انْقَبَضَتْ واجْتَمَعَتْ) [2].


قال أبو عبيد: ولا يكاد يكون الانزواء إلا بانحراف مع تقبض؛ قال الأعشى:[3] (الطويل)
يَزيدُ يغضُّ الطرفَ دوني كأنما ♦♦♦ زَوَى بين عينيه عليّ المحَاجِمُ[4]


وقف أبو عبيد على الدلالة الأصلية للمادة اللغوية (زوى)، ولم يصرح بالنص عليها، إلا أنه يفهم من قوله أنها: (الانقباض والاجتماع).

وقد شاركه ابن فارس في تعيين هذه الدلالة الأصلية، فقال: الزاء والواو والياء، أصل يدل على انضمام وتجمع [5].


وقد أرجع الشارح إلى هذه الدلالة دلالات بعض الفروع المتولدة عن هذه المادة، وهي:
أ‌) زويت لي الأرض؛ أي: اجتمعت لي وأُريت مشارقها ومغاربها، ومثله قول الأعشى المذكور في البيت (زوى بين عينيه)؛ أي: جمع وقبض، قال ابن الأثير: زويت؛ أي: جمعت، يقال: زويت أزويه زيًّا [6].
ب‌) انزوت الجلدة في النار، إذا انقبضت واجتمعت، قال ابن دريد: وانزوت الجلدة في النار، إذا انقبضت ودنا بعضها من بعض [7].
ج‌) انزواء المسجد من النخامة مثل انزواء الجلد، إذا انقبض واجتمع.

ويمكن تفسير دلالته في فرعين آخرين، هما:
♦ زاوية البيت وذلك لاجتماع الحائطين [8].
♦ الزَّو، ويطلق على المقترنين، قال ابن منظور: الزو: القرينان من السفن وغيرها، وجاء زوًّا، إذا جاء هو وصاحبه...[9].
وعلى ذلك، فإنه يمكن ربط دلالات فروع هذه المادة (زوى) بدلالتها الأصلية التي ذكرها أبو عبيد، وهي (القبض والجمع مع انضمام)، مما يشهد لصحة عدها دلالة أصلية محورية لهذه المادة.

[1] مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة - باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض) (4/2215)، وأبو داود (كتاب الفتن والملاحم - باب ذكر الفتن ودلائلها) (2/499)، والترمذي (كتاب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا في أُمته) (4/472)، والمسند (5/278).

[2] مصنف عبدالرزاق (1/433)، وابن أبي شيبة (كتاب الصلوات - من قال البصاق في المسجد خطيئة) (2/144).

[3] الديوان (ص79) زوى بين عينيه: قبضه، المحاجم: جمع مِحْجَم، وهو ما يحجم به وحجم طرفه عني: صرفه.

[4] غريب أبي عبيد (1/116، 117).

[5] المقاييس (زوى) (3/34).

[6] النهاية (2/320).

[7] الجمهرة (ز و ى) (1/178).

[8] المقاييس (زوى) (3/34).

[9] اللسان (زوى) (4/442).






الالوكة

أبو ريان
05-21-2017, 03:12 PM
أحسن الله إليك وكتب أجرك ..
تقديري ..

عــذبــة الـــروح
05-21-2017, 07:56 PM
جزاكِ الله خيراً