طالبة العلم
04-02-2016, 11:32 AM
تفسير الزركشي لآيات من سورة الزلزلة
﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 1]
قال رحمه الله: استنبط الناس زلزلة عام اثنين وسبعمائة من قوله تعالى: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ ﴾ [الزلزلة: 1]، فإن الألف باثنين، والذال بسبعمائة[1].
﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 2]
قال رحمه الله: ومن الأمر بمجاهدة المشركين والمنافقين قوله صلى الله عليه وسلم: «تخرج الأرض أفلاذ كبدها ويحسر الفرات عن جبل من ذهب»[2].
في قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 2]، فإن الأرض تلقي ما فيها من الذهب والفضة حتى يكون آخر ما تلقي الأموات أحياء[3].
وقيل: أخرجت ما فيها من الكنوز، وقيل: يحيى به الموتى، وأنها أخرجت موتاها، فسمى الموتى ثقلاً تشبيهًا بالحمل الذين يكون في البطن؛ لأن الحمل يسمى ثقلاً، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ ﴾ [4] والإخراج متأخر عن الزلزال، وذلك معلوم من قضية الوجود[5].
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7]
قال رحمه الله: جرت مناظرة بين أبي العباس أحمد بن سريج، ومحمد بن داود الظاهري[6]، قال أبو العباس له: أنت تقول بالظاهر وتنكر القياس، فما تقول في قول الله تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾[7]، من يعمل مثقال نصف ذرة ما حكمه؟ فسكت محمد طويلاً وقال: أبلعني ريقي، قال له أبو العباس: قد أبلعتك دِجْلة، قال أنظِرْني ساعة، قال: أنظرتك إلى قيام الساعة، وافترقا، ولم يكن بينهما غير ذلك[8].
وقال: بعضهم وهذا من مغالطات ابن سريج وعدم تصوّر ابن داود؛ لأن الذرّة ليس لها أبعاض فتمثّل بالنصف والربع وغير ذلك من الأجزاء، ولهذا قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾[9]، فذكر سبحانه مالا يُتخيَّل في الوهم أجزاؤه، ولا يدرك تفرقه[10].
وقوله تعالى: ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [الزلزلة: 7]، فنبّه على أن الرطل والقنطار لا يضيع لك عنده[11].
[1] البرهان: معرفة تفسيره وتأويله - في القرآن علم الأولين والآخرين 2/ 117.
[2] حديث: «يوشك الفرات أن يحسر... »، رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الفتن - باب خروج النار، ص/ 1760، رقم الحديث (7119)، ومسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة - باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، ص/ 1323، رقم الحديث (2894).
وأما حديث: «تقيء الأرض أفلاذ كبدها... »، رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الزكاة - باب الترغيب في الصدقة قبل ألا يوجد من يقبلها، ص/ 450، رقم الحديث (1013).
[3] البرهان: بيان معاضدة السنة للقرآن 2/ 92.
[4] سورة الأعراف:189. البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - الاستعارة 3/ 270.
[5] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات - الواو الغير عاملة 4/ 264.
[6] محمد بن داود بن علي الظاهري، العلامة، البارع، ذو الفنون، أبو بكر، كان أحد من يُضرب المثل بذكائه، وهو مصنف كتاب: "الزهرة " في الآداب والشعر، وله كتاب في الفرائض، وغير ذلك، حدث عن: أبيه، وعباس الدوري، ومحمد بن عيسى المدائني، وطبقتهم، وله بصر تامٌ بالحديث، وبأقوال الصحابة، وكان يجتهد ولا يقلد أحدًا، حدث عنه: نِفْطويه، والقاضي أبو عمر محمد بن يوسف، وجماعة، توفي سنة سبع وتسعين ومئتين. (تهذيب سير أعلام النبلاء 1/ 509 رقم الترجمة (2295).
[7] سورة الزلزلة: 7 - 8.
[8] طبقات الشافعية للسبكي 3/ 24.
[9] سورة النساء: 40.
[10] البرهان: هل يجوز في التصانيف والرسائل والخطب استعمال بعض آيات القرآن 1/ 328.
[11] المصدر السابق: معرفة أحكامه - الأحكام المستنبطة من تنبيه الخطاب 2/ 14.
الالوكة
﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 1]
قال رحمه الله: استنبط الناس زلزلة عام اثنين وسبعمائة من قوله تعالى: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ ﴾ [الزلزلة: 1]، فإن الألف باثنين، والذال بسبعمائة[1].
﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 2]
قال رحمه الله: ومن الأمر بمجاهدة المشركين والمنافقين قوله صلى الله عليه وسلم: «تخرج الأرض أفلاذ كبدها ويحسر الفرات عن جبل من ذهب»[2].
في قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 2]، فإن الأرض تلقي ما فيها من الذهب والفضة حتى يكون آخر ما تلقي الأموات أحياء[3].
وقيل: أخرجت ما فيها من الكنوز، وقيل: يحيى به الموتى، وأنها أخرجت موتاها، فسمى الموتى ثقلاً تشبيهًا بالحمل الذين يكون في البطن؛ لأن الحمل يسمى ثقلاً، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ ﴾ [4] والإخراج متأخر عن الزلزال، وذلك معلوم من قضية الوجود[5].
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7]
قال رحمه الله: جرت مناظرة بين أبي العباس أحمد بن سريج، ومحمد بن داود الظاهري[6]، قال أبو العباس له: أنت تقول بالظاهر وتنكر القياس، فما تقول في قول الله تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾[7]، من يعمل مثقال نصف ذرة ما حكمه؟ فسكت محمد طويلاً وقال: أبلعني ريقي، قال له أبو العباس: قد أبلعتك دِجْلة، قال أنظِرْني ساعة، قال: أنظرتك إلى قيام الساعة، وافترقا، ولم يكن بينهما غير ذلك[8].
وقال: بعضهم وهذا من مغالطات ابن سريج وعدم تصوّر ابن داود؛ لأن الذرّة ليس لها أبعاض فتمثّل بالنصف والربع وغير ذلك من الأجزاء، ولهذا قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾[9]، فذكر سبحانه مالا يُتخيَّل في الوهم أجزاؤه، ولا يدرك تفرقه[10].
وقوله تعالى: ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [الزلزلة: 7]، فنبّه على أن الرطل والقنطار لا يضيع لك عنده[11].
[1] البرهان: معرفة تفسيره وتأويله - في القرآن علم الأولين والآخرين 2/ 117.
[2] حديث: «يوشك الفرات أن يحسر... »، رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الفتن - باب خروج النار، ص/ 1760، رقم الحديث (7119)، ومسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة - باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، ص/ 1323، رقم الحديث (2894).
وأما حديث: «تقيء الأرض أفلاذ كبدها... »، رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الزكاة - باب الترغيب في الصدقة قبل ألا يوجد من يقبلها، ص/ 450، رقم الحديث (1013).
[3] البرهان: بيان معاضدة السنة للقرآن 2/ 92.
[4] سورة الأعراف:189. البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - الاستعارة 3/ 270.
[5] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات - الواو الغير عاملة 4/ 264.
[6] محمد بن داود بن علي الظاهري، العلامة، البارع، ذو الفنون، أبو بكر، كان أحد من يُضرب المثل بذكائه، وهو مصنف كتاب: "الزهرة " في الآداب والشعر، وله كتاب في الفرائض، وغير ذلك، حدث عن: أبيه، وعباس الدوري، ومحمد بن عيسى المدائني، وطبقتهم، وله بصر تامٌ بالحديث، وبأقوال الصحابة، وكان يجتهد ولا يقلد أحدًا، حدث عنه: نِفْطويه، والقاضي أبو عمر محمد بن يوسف، وجماعة، توفي سنة سبع وتسعين ومئتين. (تهذيب سير أعلام النبلاء 1/ 509 رقم الترجمة (2295).
[7] سورة الزلزلة: 7 - 8.
[8] طبقات الشافعية للسبكي 3/ 24.
[9] سورة النساء: 40.
[10] البرهان: هل يجوز في التصانيف والرسائل والخطب استعمال بعض آيات القرآن 1/ 328.
[11] المصدر السابق: معرفة أحكامه - الأحكام المستنبطة من تنبيه الخطاب 2/ 14.
الالوكة