الإهداءات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-16-2005, 04:18 AM
الله يعطيك العافيه( كلمة شكر قليله عليك)
الهاشم غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 535
 تاريخ التسجيل : Oct 2003
 فترة الأقامة : 7605 يوم
 أخر زيارة : 06-28-2018 (06:47 PM)
 المشاركات : 5,521 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : الهاشم is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي غوانتانامو.. (ما جاني أمر)..



غوانتانامو.. (ما جاني أمر)..
د. محمد الحضيف

يخطو نحو العشرين، دخل المسجد.. يحمل جرحين: آثار حادث سيارة، خرج منه محطم الساقين.. محطم القلب، على (أحلام) للشباب مبكرة، اغتالها الحادث.. وتداعياته على الجسد و(القلب)..

جرحه الثاني، كان هموم أمة.. حملها صغيرا، وتفتحت (عيون) القلب على واقع بئيس لها.. تخلف وهزائم..

الوجع هذه المرة جاء من أفغانستان..

يتذكره.. كان يوم ثلاثاء، حينما اجتاحت الدبابات الروسية "كابل" في أواخر شهر ديسمبر 1978. كان شتاء قاسيا.. وما زال، ما أطول (شتاءاتنا).. !

بقي ينتظر يوم الجمعة.. (ستهتز) المنابر، لهول الحدث.. هكذا حدث نفسه.. !

وطفق يبحث عن (جامع) يصلي فيه .

كان يريد أن يصلي.. وكان وجعا غائراً.. مكتوما، يصرخ في أعماقه.. يبحث له

عن (فم).. !

أحس.. كأنما دوائر هائلة من الألم تنداح في لجة أعماقه.. آهة حقيقية تتلوى في صدره.. وطوفان رفض عارم يهدر في شرايينه..

يموت.. مثل موج هادر.. يبتلعه الرمل على شاطئ خاو.. مهجور.

بلع ريقه المُرّ، وهو يتذكر مقطعا كان قد سمعه، أول ما بدأ عصفور قلبه الصغير محاولاته الأولى للطيرا..

" بي آهة.. عجزت أبلقى لها فم.. "

قد كبر.. واعتنق القلب(حبا) آخر.. مع حبه الأول، وكبرت الآهة !

ناء القلب.. فوق(حبه) القتيل بحادث السيارة، بحب أمة مهزومة.. فحمل الهزيمة.. واحتمل الجراح .

اتخذ مكانا في الصف الأول، قريبا من الإمام. لم يدر لمَ اختار ذلك المسجد بالذات؟ كان يبحث عمن يطلق الصرخة التي تتحشرج في داخله.. وتكاد، وهي تدق جدران صدره بعنف.. وتركض مجنونة بين قلبه وعقله وحنجرته.. بحثا عن مخرج، أن تمزق أحشاءه .

الصفوف طويلة.. وكل شيء كان داكنا: الإضاءة الضعيفة، لون الفرش، الملابس الشتوية الملونة، ووجوه (المخبرين).. وروحه المثخنة.. المظللة بلون الدم :

أمة تنزف.. وعصفور قلب جريح..

يبلع ريقه المر، ويتراءى له وجه أمه، تقرأ الوجع في عينيه.. ليست تدري من أي الجرحين يشكو !

يتراءى له وجهها.. تصب فنجان القهوة، وتكاد تمد يديها، تلتقط حطام وجع يتصبب من عينيه.. و تردد :





" والله ما خليك وأنت اليوم خالجني.

إما اتلف الروح.. أو آخذ معك سجة..

كثيرا ما سمع منها.. مثل هذا الشعر، الذي يُحدّث عن الألم.. إذ يعذب الروح، ويفريها حتى القرار..

بعض الحزن لا يحتمله القلب..

وبعضه لا يحتمله الجسد..

فيفيض من العيون..

كأنما تريد أن تقول له: أعرف معنى أن يخفق القلب.. يرف عصفوره الصغير بجناحيه !

فتصطخب الجوارح..

لا تدري أي الجرحين يشكو.. !

تخاف أمه من شيئين: أن يفرط عصفور القلب في (التحليق)، فتغرس فيه الصبابة جرح عميق، أو أن يفرط في حب (أمته), فتخطفه ( كتائب) المخبرين !

فيما بعد، حين منحوه الحرية بمكرمة (!!).. قال لأمه :

- كنتِ تخافين !

وتعاقبت أمام ناظريه ومضات لوجهها.. ووجه السجان، و(أربع) مملوءة بصلصلة الحديد، وألوان القضبان الرمادية.. وحذاء المحقق يهوي علىرأسه..

وهامات مغموسة في الذل..

كان يظنه صوتها، ضجيج الحناجر.. صدى الباب الحديدي الضخم، وهو يدقه بقبضته..

حيث تختنق الحرية.. فلا يبقى لها (نفس) مسموع.. إلا صوت قبضة تدق بابا مصمتا..

ماتت دونه كل الكرامات..

سألها :

- ما الفرق بين الهاجس والنبوءة؟

- الآدمية المهدرة..

ظن أنها قالتها.. وهو يقرأ عنوانا لتقرير ملقى على الفراش.. بجانبها !

رأى الباب يُفتح، ويدلف منه. كان نحيلا يتهادى في أربعيناته . اشتمل بمشلحه، وهو يهمّ بصعود درجات المنبر. التفتَ ورءاه.. كان المسجد قد امتلأ. اكتظت الصفوف، فأغلقت الأبواب الأمامية.. لتصد تيار الهواء البارد الذي كان يندفع للداخل.. مؤكدا أنه (ديسمبر)،و(شتاؤنا) الطويل..

الأنفاس الحارة، والملابس الثقيلة، أشاعت الدفء، فبدأت الأجساد تتململ . .

دوي أصوات قراءة القرآن.. خلق شعوراً نقله إلى كابل :

كأن الذي يسمعه.. ليس تراتيل سورة الكهف.. بل عويل الجروح في شتاء مدينة ذبيحة !



الخطبة الأولى بدأت.. تحفز.. وزاد تحديقه بالإمام. المسح على الخفين للمقيم..

أمعن الإمام في حديث الخف و(مواصفات) الحذاء..

وازداد هو تحديقا فيه..

عويل الجرح يزداد..

حرارة المكان تزداد، والأجساد تتململ.. معاطف تخلع، وأعناق تشرئب..

الإمام كان ما يزال مستغرقا في الخف.. يتنقل بين ظاهر الحذاء وباطنه..

التفت.. التقطت عينه مشهد (الأحذية) السوداء اللامعة متناثرة عند البابالخلفي..

والإمام مازال في (الخف..!)

لون الأحذية.. داكن أيضا..

صك ما بين أسنانه، وكتم نفسا حارا ارتفع منه صدره :

سوف يذكر (مأساتهم) في الخطبة الثانية..

الحدث هائل.. لا بد أن يشير إليه..



في الاستراحة بين الخطبتين، أطال الإمام التأمل في الحضور، وبدا أكثر إصرارا على( استثارة) الحاضرين، بتلمس (معاناتهم).. مثلما (فعل) في الخطبةالأولى..! يوم كانت الأجساد تتململ، والأعناق تشرئب.. والملابس الداكنة تحكم الخناق عليها..

والإمام يمعن (.... ).. !

وكلام كثير (يثير) حفيظة الصرخة المخنوقة..

لم يلاحظ الإمام الملابس الداكنة، ولم يفتقد هواء ديسمبر البارد.. كان ملتحفا بعباءته الصوفية الثقيلة، ولم يسمع عن أقدام عارية (بيضاء) أكلها الثلج.. تزحف هاربة من شتاء كابل (الأحمر)..

وكلام يأتي من أعماق قتل (الصقيع) الإحساس فيها..

كان (غارقا) في الخف.. وفي مواصفات الحذاء، فلم يشعر بشيء..



الخطبة الثانية.. المسح على الخفين للمسافر !

حرارة المكان تزداد..

والإمام مازال.. مسترسلا في مسائل الخف..

والعويل اختنق.. تحت الخفين..

الأحذية السوداء اللامعة تراكمت..

وأقدام عارية تتهتك..

و(جورب) الإمام كان سميكا.. متماسكا..

سيدعو لهم في القنوت.. !



ابتدأ الدعاء.. فأصغى بشدة..

دعا لولاة الأمور.. ولأئمة المسلمين..

" اللهم أصلح بطانتهم ".. !









وثوى هو في (غيبوبة)..

يحدق في القضبان، ويدق بابا مصمتا.. يسمع صداه..

ويخاله.. احتجاج هامات مغموسة في الهوان..

الإمام (يمعن).. !

والأحذية تتراكم..



اليوم خرج ليصلي الجمعة..

أمام منصة لعرض الصحف وقف..

قلّب بعض الصحف والمجلات المصفوفة..

صور لرجال في (أقفاص).. وتصريح لـ (شيخ) :

"لا يجوز التعرض للدول والأشخاص ".. !

وكلمة تتكرر كثيرا :

" غوانتانامو.. غوانتانامو.. "

دخل المسجد.. أخذ مكانا في الصفوف الأولى..

ديسمبر مرة أخرى.. و(الغزاة) السود.. !

و(رجال ) في أقفاص.. وصوت يجلده :

غوانتانامو.. غوانتانامو..

وتصريح لـ (شيخ): لا يجوز.. لا يجوز.. !

ينزع بقية من (إنسانية) يتشبث بها.. اقتلعها (الغزاة) من رجال في أقفاص..

تحدث الخطيب عن (زكاة الفطر)..

وسأل الله المطر..

ودعا لـ (ولاة الأمر).. وأئمة المسلمين..

كانت (الأحذية) متراكمة..

ولعاب مثل الحامض.. يتراكم.. يشوي حلقه..

وصوت يجلده :

" غوانتانامو.. ما جاني أمر..

غوانتانامو.. ما جاني أمر..



لا يجوز..! "



محمد الحضيف



 توقيع : الهاشم

الحسن ...
الحمد لله الذي أعادك إلينا...
دمت بين اخوتك...

رد مع اقتباس
قديم 01-17-2005, 09:50 AM   #2


الصورة الرمزية بنوتي
بنوتي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 603
 تاريخ التسجيل :  Nov 2003
 أخر زيارة : 08-18-2010 (12:48 PM)
 المشاركات : 7,762 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي مشاركة: غوانتانامو.. (ما جاني أمر)..



الهاشم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة قرآتها مره ومرتين وثلاث ...
قصة تقشعر لها الابدان وتحس بحزن ييسيطر عليك عندما تقرأها وكأنك في القصة وكأنك جزء منها وممثل رئيسي فيها ..
ولكن تحس بأنك يديك مكبله لا تستيطع ان تحرك ساكنا سوى أن تطلق تلك الصرخة او تلك الآه التي تخرج من صدرك ربما لتخفف عن الألم الذي تحس به



هذا مااستطعت أن اكتبه
سلمت اناملك الهاشم
وجزاك الله ألف خير
تقبل تحياتي
بنوتي العاقلة


 
 توقيع : بنوتي




رد مع اقتباس
قديم 01-19-2005, 03:31 AM   #3
الله يعطيك العافيه( كلمة شكر قليله عليك)


الصورة الرمزية الهاشم
الهاشم غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 535
 تاريخ التسجيل :  Oct 2003
 أخر زيارة : 06-28-2018 (06:47 PM)
 المشاركات : 5,521 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي مشاركة: غوانتانامو.. (ما جاني أمر)..



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنوتي
الهاشم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة قرآتها مره ومرتين وثلاث ...
قصة تقشعر لها الابدان وتحس بحزن ييسيطر عليك عندما تقرأها وكأنك في القصة وكأنك جزء منها وممثل رئيسي فيها ..
ولكن تحس بأنك يديك مكبله لا تستيطع ان تحرك ساكنا سوى أن تطلق تلك الصرخة او تلك الآه التي تخرج من صدرك ربما لتخفف عن الألم الذي تحس به



هذا مااستطعت أن اكتبه
سلمت اناملك الهاشم
وجزاك الله ألف خير
تقبل تحياتي
بنوتي العاقلة

وتستمر الهوه في الاتساع بين الإنسان وذاته...

كل محاوله منه لعقد صلح مع نفسه ... تجد أحدهم ينقض العهود والمواثيق ..

تزداد الهوه اتساعا .. وتزداد الجراح نزفا ..


المتميزه بنوتي...


اسعدني تواجدك الطاهر بمتصفحي ...

دمتي بوافر الود


 
 توقيع : الهاشم

الحسن ...
الحمد لله الذي أعادك إلينا...
دمت بين اخوتك...


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المصور سامي الحاج يصل إلى الخرطوم بعد 6 سنوات في غوانتانامو حـلــ الروح ـــوة المواضيع العامة والإخبارية 4 05-03-2008 05:53 PM
من يبلغ عني هذه الكلمات للأبطال في سجن غوانتانامو @ رسام*القلوب@ مواضيع الحوار والنقاش 5 07-31-2003 02:25 PM
ياضالمه جاني خبر القوبائي عطر الكلمات 0 01-09-2003 09:11 PM
تنصير خمسة أسرى ..في قاعدة غوانتانامو أبوفارس المواضيع العامة والإخبارية 3 12-13-2002 04:00 PM


الساعة الآن 10:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir