خادم الحرمين يوجه بتطوير (جدة القديمة) وتحويلها لمعلم سياحي عالمي

ساءت (أحوال وأوضاع) المنطقة التاريخية في جدة "جدة القديمة" وتشابكت وازدحمت واختنقت وأصبحت في حاجة ماسة إلى يد تمتد إليها تنقذها من هذا الوضع الفوضوي، وهي التي تشكل المركز التجاري الأول للمملكة وتمثل الوجه الحقيقي لسكان مدينة جدة الذين يتمسكون بمنطقتهم التاريخية كما يتمسك الفريق بقشة تنقذه من الغرق، وعاشت مدينة جدة الأسبوع الماضي مع اليد التي امتدت لإنقاذ المنطقة التاريخية من الانهيار الكامل لو استمرت حالها على ما هي عليه من وهن وضعف واختناق وازدحام، ومن تساقط لعدد من مبانيها القديمة وما يهدد هذه المباني من اعتداءات حديثة عند إقامة الأبراج التجارية أو ما يسمى بناطحات السحاب فتصبح عرضة للاهتزاز والسقوط كما حدث أكثر من مرة في الفترة الأخيرة وكما لحق بها من أضرار الحرائق وخلافها فباتت مهددة من أكثر من جانب ومن أكثر من اتجاه بعد ان كانت هي - أساس - مدينة جدة.

المفاجآت السارة

المفاجأة السارة جداً التي أسعدت سكان مدينة جدة وجميع سكان المملكة الذين يزورونها في المناسبات المختلفة تمثلت في توجيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإعداد دراسة شاملة لتطوير المنطقة التاريخية ومعرفة احتياجاتها ومتطلباتها وعمل خطة لحماية آثارها التاريخية والحضارية العريقة من الضياع، إذا استمر مسلسل الاهمال لأكثر من خمسمائة أثر معماري قديم، والمفاجأة السارة جداً للمجتمع الجداوي جاءت من إلى المفاجآت السارة دائماً الملك عبدالله بن عبدالعزيز حيث تم انتداب رئيس الشؤون الخاصة لخادم الحرمين الشريفين إبراهيم الطاسان الذي قام بزيارة لأمانة مدينة جدة واطلع على واقع المنطقة التاريخية للبحث والنقاش حول أفضل الطرق والخطط والبرامج لحماية هذه المنطقة التاريخية وحماية وصيانة ورعاية مبانيها الأثرية ومعالمها وأسواقها من الاندثار والتشويه الذي بدأ ينتقل لهذه المنطقة التاريخية مما شكل خطراً على معالمها وآثارها وأسواقها التي باتت تحتضن كل رديء وتخنق كل أصيل.

وهذه اللفتة التاريخية نحو المنطقة التاريخية هي مصدر سعادة للمجتمع الجداوي وهيئة السياحة، فهما يريان فيها صورة جميلة لما ستؤول إليه هذه المنطقة حينما تمتد إليها عمليات التطوير والتجميل والتحسين والترميم والصيانة فترفع من شأن المركز التجاري الرئيسي للمملكة ومن شأن المنطقة التي تضم أكثر من (500) مبنى وأثر معماري ومن أسواق تاريخية شهيرة ستستعيد بعض بريقها في عمليات التطوير والتجميل والتحسين والترميم والصيانة.


لحظة تاريخية

وبهذا التوجيه من الملك عبدالله ستدخل جدة القديمة في مرحلة تاريخية جديدة ستكون بإذن الله بعدها في وضع ممتاز ينقلها من أخطار الانهيار والاندثار ويعيد إلى شرايينها القديمة حياة جديدة يجعلها في عيون أهلها وسكانها وزوارها ذات مكانة فريدة تجتذب الزوار من كل مكان مفكرين ومؤرخين ومثقفين وسياسيين ومن كل المستويات وهي حالياً تحظى بهذه الزيارات وتلقى اهتماماً يتطلب هذه الخطوات العملية التي بدأت التحرك باتجاهها بعد توجيه الملك عبدالله لتكون قريباً أهم معلم سياحي تاريخي حضاري لعروس البحر الأحمر في عهد الملك عبدالله.

أمين مدينة جدة المهندس عادل فقيه قال: ان الأمانة تعد خطة إعادة تنظيم للمحافظة على المنطقة التاريخية من كل الجوانب وحمايتها من الأخطارالتي تهددها سواء من ضيق أزقتها أو ازدحام تجارتها ودكاكينها وبسطاتها.

وأضاف الأمين ان الوقت حان لطرح وتمويل برنامج متكامل لصيانة وترميم وحماية أكثر من خمسمائة مبنى ومعلم أثري بطرق ووسائل وأساليب وأفكار متطورة وستكون أعمال الصيانة والترميم للمباني الأثرية أولاً وبعدها أو معها ستتم عمليات التنظيم لفك الاختناقات الشديدة التي تعم المنطقة التاريخية بكاملها.


شارع الملك عبدالعزيز

العنوان الرئيسي للمنطقة التاريخية لمدينة جدة هو شارع الملك عبدالعزيز الذي عرف أرقى وأجود وأغلى السلع الأوروبية منذ حوالي سبعين عاماً، فقد شهد هذا الشارع التجاري الرئيسي الأول بيع سلع أوروبية، إنجليزية وفرنسية وألمانية وإيطالية تمثلت في ساعات ومجوهرات وأقمشة وغيرها من السلع الراقية ولم يكن أحد من سكان مدينة جدة قديماً يستغني عن زيارة هذا الشارع سواء بدأ به أو انتهى إليه، بل ان كل أسواق مدينة جدة التاريخية تستفيد من سمعة هذا الشارع ورقيه التجاري وكذلك كل من يأتي من خارج مدينة جدة ومن خارج البلاد يستمتع بزيارة دكاكينه التجارية إلى أن حدث الغزو التجاري لهذا الشارع وما حوله من أسواق تاريخية فاقتحمت السلع الرخيصة والرديئة ممراته وجوانبه والأسواق التاريخية المحيطة به، ففي جانبه البحري المطل على الميناء القديم أو المحيط به انتشرت دكاكين (أبو ريالين) وأبو ثلاثة وأبو خمسة وأبو عشرة.. وتمددت هذه الدكاكين إلى قلب شارع الملك عبدالعزيز فأفسدت تاريخه الجميل أو شوهته، وشارع الملك عبدالعزيز الذي يعتبره كثير من سكان جدة القديمة بمثابة الشانزليزيه السعودي هو أول شارع على مستوى مدن المملكة تتم سفلتته وكان ذلك في وقته يشكل ظاهرة بين شوارع المملكة وما زال هذا الشارع الرئيسي يضم أرقى السلع وأغلاها وأجملها دون منازع وحوله تباع أرخص السلع وأردأها والسلع الراقية والغالية هي التي تتضرر والسلع الرخيصة والرديئة التي تستفيد.

أربع حارات هي عنوانها

والمنطقة التاريخية أو جدة القديمة تمثلها أربع حارات عريقة قامت عليها مدينة جدة هي (حارة البحر وحارة اليمن وحارة الشام وحارة المظلوم).. وتضم هذه الحارات التاريخية أسواقاً ما زالت تسكن ذاكرة الجداويين وزوارهم أكثر من أسماء الحارات نفسها منها سوق الخاسكية وسوق الندى وبينهما سوق قابل هذا من أسفل ومن فوق سوق البدو وباب مكة وبينهما سوق العلوي وسوق باب شريف. وهذه الأسواق ما زالت هي الأسواق الأولى التي تجتذب المشترين من كل الجنسيات وكل الفئات من الداخل والخارج وهي في مناسبة الإجازات والأعياد تزدحم بكل الجنسيات فهنا الأسعار تختلط والسلع تختلط والأذواق تختلط والظروف والامكانات والقدرات الشرائية تختلط والغش يختلط والشطارة في البيع والشراء تختلط لكن تبقى لأسواق جدة القديمة أو جدة التاريخية نكهة ومذاق وبريق يختلف عن غيرها من الأسواق الحديثة كما تبقى لحارات جدة القديمة نكهة ومذاق وطعم يختلف عن غيرها من الحارات إنما المزعج في كل ذلك في الحارات القديمة والأسواق التابعة لها أنها صارت كعنق الزجاجة الدخول إليها صعب والخروج منها صعب والبقاء فيها أكثر من المطلوب صعب فالفوضى التجارية تضرب بشدة في داخل هذه الأسواق من شارع الفقراء والأغنياء إلى سوق الخاسكية عن اليمين وسوق الندى عن اليسار مروراً إلى سوق باب مكة والبدو والعلوي وباب شريف فكل شيء يعرض هنا ومعظمه ولا نريد ان نقول كله من النوع الرخيص والرديء والمغشوش والمقلد والبسطات الأرضية تزيد الوضع اختناقاً وعلى بعد خطوات مخازن ومستودعات تجارية وعروض فساتين وأحذية وأقمشة وملابس جاهزة وكلها تشكل خطراً على المنطقة التاريخية خاصة مع ما تعانيه أصلاً من ضيق في طرقها وممراتها مما يستدعي إجراء عملية تصحيح عاجلة وليست آجلة.